ديمقراطية إسلامية: تفاؤل محدود
دانييل بايبس
2011-02-14
في أعقاب اعتزال مبارك والتوقعات ببناء الديمقراطية
في مصر يتساءل الكثيرون ويخشون اذا كان الاسلام يتناسب والديمقراطية.
والجواب هو نعم، يوجد لهذا احتمال، ولكن مطلوب عمل صعب كي يحصل هذا.
الواقع
الحالي بعيد عن التشجيع. في هذه الاثناء في الدول العربية يسيطر الطغاة في
الغالب. الخبراء في الشؤون الاسلامية والشرق الاوسط يشيرون الى أنه
باستثناءات معينة الاسلام في الدول العربية ينتمي الى التقليل من الحقوق
السياسية للمواطنين.
من السهل على المرء ان يقفز من هذا النمط الفكري
الى الاستنتاج الاشوه في أن الاسلام نفسه ملزم بأن يكون هو سبب المشكلة.
ولكن مراجعة اعمق تدل على ان تطورات تاريخية معينة هي التي أدت الى ان يسود
في معظم الدول العربية الدكتاتورية، الفساد، الوحشية والتعذيب. ليس القرآن
والاحاديث الاسلامية هي المذنبة في ذلك. وبتعبير آخر الاسلام ليس
ديمقراطيا في روحه، ولكن هكذا كان الحال ايضا بالنسبة لكل دين سابق.
وبالضبط مثلما تحولت المسيحية الى جزء من المسيرة الديمقراطية، فان بوسع
الاسلام ان يفعل ذلك ايضا. التغيير ليس سهلا وهو يستدعي زمنا وتدخلا من
عناصر عديدة، ثقافية، اجتماعية، سلطوية وتكنولوجية. الارتقاء الذي طرأ على
الكنيسة الكاثوليكية التي كانت قوة رجعية في العصور الوسطى الى أن اصبحت
جزءا من النظام الديمقراطي، بل وليس بشكل مطلق في كل مكان، جرى على مدى 700
سنة. اذا استغرق هذا للمسيحية 700 سنة من الصعب التوقع ان يحصل هذا
للاسلام بشكل اسرع.
كي يشجع رجال الدين المسلمون المسلمين على المشاركة
السياسية في اللعبة الديمقراطية فانهم ملزمون بتغيير هائل، ولاسيما تجاه
الشريعة، مدونة القوانين الاسلامية التي تتضمن اليوم اساس الافكار المناهضة
للديمقراطية التي تفرض ارادة الرب فوق ارادة وحقوق الانسان، تفوق المسلمين
على من ليسوا مسلمين وتفوق الرجال على النساء. باختصار، الشريعة لا تتناسب
والحياة الحديثة بشكل عام والديمقراطية بشكل خاص إلا اذا ما دحرت تماما ـ
مثلما عمل اتاتورك في تركيا ـ او يعاد تفسيرها من جديد من قبل رجال الدين.
ولكن
من المهم أن نفهم بان الاسلام يتغير كل الوقت، وعليه من الخطأ التفكير بان
ما كان هو ما سيكون. حسن حنفي من جامعة القاهرة وصف القرآن بانه
'سوبرماركت يمكن لكل واحد أن يأخذ منه ما يريد ويتجاهل منه ما لا يريد'.
الطريق،
في كل الاحوال، طويل. اليوم، اغلبية الحركات الاسلامية تكافح بالذات
لتكييف حياة القرن الواحد العشرين مع حياة القرن السابع، وليس العكس، وفي
واقع الامر تكافح كي تحيي الشريعة وتطبقها بتشدد استثنائي على الشعوب
العربية، دون صلة بما تريده الاغلبية. الاسلاميون الحاليون يرون في
الديمقراطية كفرا واقصى ما يستعدون له هو استغلالها كي يصلوا الى الحكم.
خلاصة
الأمر، هذا منوط بالمسلمين. مع الكثير من الجهد وما يكفي من الوقت يمكن
للمسلمين ان يعيشوا بديمقراطية مثل الغرب، ولكن في هذه المرحلة الاسلاميون
لا يزالون عائقا في طريق اكتساب القيم الديمقراطية. وعليه فبالنسبة لنجاح
الديمقراطية في مصر، وكذا في اماكن اخرى في العالم الاسلامي، التفاؤل
النظري والمبدئي عندي مخلوط بالتشاؤم المسنود الى الواقع الراهن.
'مدير منتدى الشرق الاوسط ـ جامعة ستانفورد
اسرائيل اليوم 14/2/2011