لقد كنت شابا مثل شباب مصر الآن... عشت أيام الإنكسار والإحتلال وأيام العبور والنصر والتحرير، أسعد أيام حياتي يوم رفعتُ علم مصر فوق سيناء". إنها "الحدوتة" التي تلاها الفرعون الأخير على الشعب، والتي تحوّلت في غضون ساعات من "حدوتة" لم تنطوِ على الشعب المصري، إلى "حقيقة" تطوي صفحات الحكاية.. وتغيّر أبطالها!
إنها من الحكايات النادرة جدًّا التي تحافظ على مضمونها رغم تغيّر أبطالها. فمبارك لم يخطئ في السرد، إنما أخطأ في الصياغة. ومن نعته بالمنافق لم يكن على صواب تامّ، لأن مبارك تلعثم!
إنه ذلك الخطأ البسيط في اختيار الضمير المناسب الذي جعل من الحكاية الفعلية "بدعة" من الدرجة الأولى. وتطلّب الأمر "ثورة" لتصحيح الخطأّ!
ثورة لإعادة الضمير المناسب إلى الحكاية، وثورة لإعادة إحياء الضمير الغائب منذ أكثر من 30 عامًا عنها.
وكذلك، تطلّب الأمر أكثر من 30 عامًا لكي تنتقل الحكاية من صيغة الأفعال الماضية المعيبة، إلى صيغة أفعال المضارع المشرّفة. فشباب مصر الآن، الأبطال الفعليّين للحكاية، يستعيدون حق النشر، ويوزّعون على الشعوب العربية كافّة طبعة جديدة منقّحة.
طبعة جديدة نقّحتها الثورة البيضاء، وصحّحت أخطائها، وطَوت صفحاتها، وغيّرت أبطالها. وقرأت مطلعها على مسمع من شاء أن يسمع، ومن أبى أن يسمع، حتّى بات صوتها يوقظ كل ضمائر الغائب: "نحن شباب مصر الآن.. عشنا أيام الانكسار والاحتلال، وأيام العبور والنصر والتحرير، وأسعد أيام حياتنا اليوم، نرفع فيه علم مصر إكرامًا للأبطال".
هي من الحكايات النادرة جدَّا التي يتسنّى لأبطالها كتابة سطورها.