وضعت صوركم فوق سريرى لأنهى يومى بمطالعة وجوهكم الطاهرة وعيونكم النقية
التى اغتالتها رصاصات الغدر، كما اغتالت أحلامكم من قبل، سأبدأ يومى بالنظر
إليكم حتى لا أرتكب ما يزعجكم فى قبوركم التى تنعمون فيها براحة لا نحلم
بها نحن حتى وإن تخلصنا ممن قتلكم، سأطهر عقلى يومياً بذكراكم وأنتم الذين
تبرعتم لحريتنا بأرواحكم دون أن يطلب منكم أحد.
لن نسمح لسارقى الثورة والفاسدين والمحبطين والجبناء والمتخاذلين أن ينالوا
منا ومنكم، فتقلق أجسادكم فى القبور، ويتقلبون هم فى نعيم الحرية التى لم
يكن لهم يد فيها إلا بكل شر.
سأذبح بالمنطق كل من يستكثر عليكم لقب "الشهداء" بحجة "فئتان اقتتلا
وكلاكما فى النار"، بينما هم فئات تجلس أمام التليفزيون تتابع مشاهد قتلكم
وضربكم وسحلكم وذبحكم وتكافئكم بالدعاء عليكم، لأنكم "موقفين الدنيا" بينما
أنتم من حركتموها، يا من دافعتم عن الأهل والعرض والمال والوطن.
سأبلغكم يومياً بأخبار الثورة وبمن هربوا بعد أن أطلقوا الرصاص عليكم وبمن
ذهبوا بعد أن نهبوا أموالكم وبمن استقاموا خشية من أن نثأر لكم، وبمن
تحولوا عن قذارتهم القديمة وأمطرونا كلاماً معسولاً عنا وعنكم وعن المستقبل
معهم أيضاً، وسيأتى اليوم الذى أبلغكم فيه أننا تخلصنا من كل هؤلاء بعد أن
اغتسلت مصر برحيق دمائكم.
سأفرش بيدى على قبوركم ورود ثورتكم وحياتنا الجديدة، ورود قوامها دستور
حقيقى وانتخابات نزيهة ورئيس شرعى وبرلمان غير مزيف وخبز وحرية وكرامة
إنسانية، مثلما هتفتم قبل أن يسكتكم قناصو الغدر.
سأحضر لكم كتب التاريخ لتشاهدوا صوركم تقفون فيها بشهامة ونبل، كما كنتم
ساعة الاغتيال، قبل أن أتراجع وأتذكر أن القبر يحول بينى وبينكم فالموتى لا
يشاهدون الصور.
ستذكر لكم مصر أيامكم فيها وتذكرون أيامها فيكم يا من صنعتم لها أياماً
حقيقية بعد أن كانت تتخبط فى الضباب والسراب وأنتم "الورد اللى فتح فى
جناين مصر"