شهداء الوطن بشرى ايجورك -
bouchra_ijork@yahoo.fr إلى روح شهداء العيونلا شك أن جراح مدينة العيون أدمت قلوب كل المغاربة، وما حدث لإخواننا شهداء الوطن من رجال الدرك الملكي والقوات المساعدة والوقاية المدنية بمخيم «أكديم إيزيك» سيظل دينا في رقابنا ما لم نستعد كل شبر محتل من هذا البلد، وما لم نضمد جراح المملكة من غدر الداخل والخارج، طعنات الجيران ونهب السماسرة وتنكر الخونة.
لا أحد يجرؤ على التشكيك في وطنية المغاربة، فقد برهنوا عند كل محك على أنهم أبناء بررة لهذه الأرض، يلومونها ويهجرونها ويسخطون عليها أحيانا، لكنهم يحبونها حد الموت. والمفارقة الغريبة أن البسطاء من أبناء هذا الوطن الكادحين ممن لم يدللهم الزمن ولم يرأف بحالهم مسؤولونا ممن يحترفون ترتيب الكلام والسطو على الكراسي وتوارث الوزارات.. هم أول من يضمه ويحميه ويفديه بالروح والدم، ولعله درس بليغ يجب أن يعيه كل من يعتقد أن الوطنية مهنة أو راتب شهري أو نياشين فوق معطف، أنها أبلغ وأعظم وأعمق بكثير من مجرد شعارات زائفة نرددها كل عيد وطني، أو لافتات مليئة بالأخطاء نعلقها جنبات الطرقات والأزقة..
الوطنية إحساس بعمق الهوية والانتماء، حب لا مشروط محفور في الذهن، دم يغلي في الشرايين، تضحية لا تساوم وقدسية لا تداس ولا تهان ولا تستباح.
ما حدث في العيون لا ينسى بسهولة لأن أبناء لنا قتلوا بوحشية هناك من أجلنا نحن، شباب في زهرة العمر قدمهم الواجب الوطني قرابين للوطن، شهداء ضحوا بأرواحهم دون خوف أو تراجع من أجل البلاد، قتلوا بسلاح الغدر والتآمر وبسبب سوء تدبير مشكلة المخيم. وللأسف، كما هو الحال دائما، لم نسمع بمسؤول استقال بسبب ما حدث، أو أن أحدهم اعتذر إلى المغاربة عن الأخطاء التي ارتكبت، أتمنى أن تنهج سياسة الإقالة مادام هؤلاء لا يختارون أبدا كرامة وسمو الاستقالة.
أحيانا يتعذر علي النوم فأطيل النظر في السقف، أتساءل كم من الناس مستعدون حقا أن يضحوا من أجل أمر ما.. دين، وطن، قضية، إحساس، مبدأ، رسالة،..
كم من السياسيين الذين يقطبون جبينهم ويصرخون ويزمجرون مستعدون للموت من أجل الوطن، ومن أجل ما يرددونه من مبادئ وقيم..
أسئلة كثيرة تعيدني إلى نفسي، فأسألها فلا ترد.. فحينما يكون الإيمان قويا تصبح الروح مستعدة لتفدي كل غال، الدين والوطن والمثل.
شهداء الوطن أبناء هذه البلاد الذين رووها بدمائهم، أحبـّتنا الذين مهما قلنا في حقهم لن نفيهم شجاعتهم وتضحيتهم، أبطال تشرف الوطن بسيرتهم وأسماءهم فلنلقنها لصغارنا كي لا ننسى..
فنحن ننسى سريعا.