حين يؤبن شهداء الوطن الـمهـدي الـكــرّاوي -
guerraoui@gmail.com في بساطة التفاصيل، يسهل على المرء فهم أعقد المعادلات السياسية... وحيرة المغاربة اليوم من عناد حكام الجزائر وتضخم عقدة المغرب لدى جنرالاتها، الذين يضعون في أجندتهم معاداة المغرب والاغتناء بصفقات التسلح والتمتع بعائدات النفط والغاز في الأرصدة السويسرية،... هؤلاء علينا فهم درجة انزعاجهم من كل ما هو مغربي إلى أقصى الحدود، بدءا من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي لم يشر مرة واحدة، ومنذ توليه رئاسة الدولة، ضمن بياناته الرئاسية الرسمية المنشورة في موقع رئاسة الجمهورية، إلى اسم مدينة وجدة كمكان لازدياده!؟ ولعله بالتأكيد رئيس الدولة الوحيد في العالم الذي لا يكشف رسميا وعلنيا عن مكان ولادته.
كل المؤشرات تفيد اليوم، أكثر من الأمس، بأن حكام الجزائر من الجنرالات مرتاحون في لعبتهم ضد المغرب، بل الأكثر من ذلك أنهم ألفوا هذا العناد الذي لا يكلفهم شيئا على المستوى المالي، طالما أن عائدات النفط والغاز في الجزائر بلغت أرقاما خيالية، حيث وصلت إلى 400 مليار دولار في ظرف 9 سنوات، من عام 2000 إلى سنة 2009، فيما صرفت هي على البوليساريو، منذ المسيرة الخضراء حتى اليوم، 200 مليار دولار فقط، مع أن فترة الإنفاق طويلة بحيث امتدت 35 سنة!!... كأنها صرفت عليهم «بوكادييوس» مع عصير «لافوكا» أمام كل تلك الأموال الخيالية من عائدات النفط والغاز من العملة الصعبة، ومع ذلك يتساءل السذج عندنا: لماذا تحابي إسبانيا و«الجزيرة» دولة بوتفليقة؟
إن أكثر الأسلحة المدمرة والملوثة للسياسة والإعلام في عالمنا المعاصر هي براميل النفط والغاز،... والجزائر تحسن بيع هذا السلاح لإسبانيا، وأكثر شيء يخيف ويفزع الإسبان ويطير النوم من عيونهم هو حين تلوح وزارة الطاقة الجزائرية برغبتها في رفع أثمان بيع الغاز حسب أحوال الطقس السياسي للمنطقة وارتباط ذلك بنزاع الصحراء،... حينها تفضل مدريد، بدعم من صحافتها وأحزابها اليمينية المتطرفة، أن تبقى شوارعها وأحياؤها مضاءة وعلبها الليلية في الجنوب مشتغلة على أن تنصف المغرب في نزاعه مع الجزائر والبوليساريو. في الجزائر اليوم، هناك تحول مثير لدى الطبقة السياسية التي ملت لعبة «الضاما» و«الغميضة» التي اعتاد جنرالات الجيش لعبها مع المغرب بورقة البوليساريو وحقوق الإنسان. وقبل يومين، انتفض القيادي الإسلامي علي بلحاج على قادة النظام الجزائري واستفسرهم عن سر سكوتهم عن المجازر الحقيقية التي تقع يوميا في أفغانستان وباكستان وفلسطين والعراق واكتفائهم بما يقع في العيون التي «ما حدث فيها، عند المقارنة مع ما حدث في الجزائر، يكاد يكون نقطة سوداء في جلد ثور أبيض»، بتعبيره.
بلحاج طالب الجنرالات في الجزائر بالكشف عن المقابر الجماعية لحوالي 17 ألف مختطف جزائري عوضا عن البحث على جثث وهمية سقطت في أحداث العيون، وطالب ممثل الجزائر في الأمم المتحدة، عوضا عن الدعوة إلى إجراء تحقيق بشأن وضعية حقوق الإنسان في الصحراء المغربية، بفتح تحقيق في جرائم النظام الجزائري في حق أبنائه منذ انقلاب 1992 الذي خلف 30 ألف أرملة ومليون يتيم، أي 3 مرات عدد الصحراويين في المغرب وتيندوف