شهداء الجولان
رأي القدس
2011-06-06
ان يتوجه مواطنون، سوريون وفلسطينيون، الى حدود هضبة
الجولان المحتلة، رافعين الاعلام، في مظاهرة سلمية للتذكير بالاحتلال،
والتأكيد على حق العودة، فهذا امر منطقي كان يجب ان يتكرر كل عام طوال
السنوات الاربع والاربعين الماضية، ولكن ان تطلق القوات الاسرائيلية
الرصاص الحي على المتظاهرين العزل وتقتل حوالي العشرين منهم بدم بارد،
فهذه مجزرة يجب ان تدان من جميع دول العالم.
ربما يجادل البعض، بان
السلطات السورية التي سمحت بهذه المظاهرة، وفي مثل هذا التوقيت، ارادت
تحويل الانظار عن عمليات القمع التي تمارسها لاخماد الاحتجاجات الداخلية
المطالبة بالاصلاح والتغيير، وهي عمليات اودت حتى الآن بأرواح ما يقرب من
الالف انسان، وهذا الجدل ينطوي على الكثير من الصحة، ولكن يجب الا ننسى،
او نتناسى، الاجرام الاسرائيلي الذي لا يتورع عن سفك دماء العرب في كل
فرصة متاحة، معتمداً على تواطؤ المجتمع الدولي، والدول الغربية الداعمة له
على وجه التحديد.
فمن المؤسف ان الادارة الامريكية التي تدعي حرصاً على
حقوق الانسان، باستثناء حقوق الانسان العربي عندما تنتهك من قبل اسرائيل
واجهزتها الدموية القمعية، لم تنظر الى مجزرة الجولان الا من العين
الاسرائيلية عندما عبرت عن 'انزعاجها العميق' تجاه 'احداث' الجولان واتهمت
دمشق بتشجيع الصدامات مع اسرائيل.
مارك تونر المتحدث باسم وزارة
الخارجية الامريكية قال بالحرف الواحد 'اننا ندين ما يبدو انه محاولة من
الحكومة السورية للتحريض على الاحداث ولتحويل الانتباه عن مشاكلها
الداخلية'، مضيفا 'انه من حق اسرائيل كدولة ذات سيادة ان تدافع عن نفسها'.
المتحدث
الامريكي لم يبد اي تعاطف مع العشرين شهيدا الذين سقطوا برصاص الجنود
الاسرائيليين، بل عمل على تبرير هذه المجزرة عندما اكد على حق اسرائيل في
الدفاع عن نفسها، وهو انحياز فاضح للقتل، وتشجيع على المزيد منه، من دولة
تدعي دعم الحريات ونشر قيم العدالة والديمقراطية.
ان مثل هذا الموقف
المخجل للادارة الامريكية يجعلنا نشك في كل ادعاءاتها الكاذبة حول حقوق
الانسان، والانتقائية الاستفزازية التي تتعاطى من خلالها مع هذا الملف
الانساني، فهؤلاء الشهداء الذين سقطوا برصاص الجيش الاسرائيلي هم بشر
ايضا، ولهم احبة، وادانة من سفك دماءهم هو اقل ما يجب ان تقدم عليه اي
دولة، ديمقراطية كانت ام ديكتاتورية.
السلطات السورية التي دفعت بهؤلاء
الى الحدود، بعد صمت استمر لاكثر من اربعين عاما، كان يجب ان توفر الحماية
لهؤلاء على الاقل، ولا نقول بارسال الدبابات، وهو مطلب مشروع، حتى لو ادى
ذلك الى صدامات مع الاسرائيليين، فهؤلاء مواطنون سوريون وفلسطينيون وحماية
ارواحهم مسؤولية الدولة التي شجعتهم على التدفق الى حدود بلادهم المحتلة.
ننحني
اجلالا لكل هؤلاء الشهداء الذين لبوا نداء الزحف نحو الحدود، ليواجهوا
النيران الاسرائيلية، ويذكروا الكثيرين اين يوجد العدو الحقيقي لهذه
الامة، ونحن على ثقة بان عشرات الملايين من العرب والمسلمين سيفعلون
مثلهم، لو جرى فتح الجبهات فعلا، وانطلاقا من نوايا وطنية حقيقية، ويقيننا
ان هذه الجبهات ستفتح حتما، في يوم قريب، عندما يستعيد المواطن العربي
كرامته وحريته ويتحرر من انظمة القمع والطغيان.