اوباما غرس سكينا في ظهر مبارك
نداف هعتسني
2011-02-09
تثير الازمة المصرية خواطر مفهومة من تلقاء نفسها
تتعلق بعدم قدرة دولة اسرائيل على الاعتماد على اتفاقات مع جهات عربية وعلى
التزامات الغرب.
تعلمت اسرائيل درسا حاسما تبين في نطاقه مرة اخرى انه
لا أحد نعتمد عليه ولا يجوز المخاطرة. لكننا اذا تجاوزنا المفهوم من تلقاء
نفسه، فان سلوك اللاعبات العالميات يفضي الى استنتاجات أبعد مدى.
تبين
ايضا ان المعايير الدولية المنافقة التي سادت منذ منتصف القرن العشرين قد
انهارت. إننا نواجه عالما ليست له قيادة عالمية وليس له قادة ذوو تفوق
اخلاقي انه عالم جديد فاسد.
ينبع التوصل الى هذا الاستنتاج قبل كل شيء، من الدرس المؤلم الذي تعلمه حسني مبارك وسائر المعتمدين على مائدة الولايات المتحدة.
لا شك في أن مبارك طاغية فاسد لا شرعية له. ولا شك ايضا في انه في العالم
الذي يحدد فيه مقدار الديمقراطية وطهارة المعايير والشرعية العامة مَن هم
الحكام، لا مكان فيه لمبارك. إن النظام الامريكي الحالي يعامل مصر في
الاسبوعين الاخيرين وكأننا نعيش في هذا العالم. بيد ان الامريكيين يثبتون
بهذا مبلغ انهيار مقياس التلون والخيانة.
في حين يغرس اوباما سكينا في
ظهر حسني مبارك، استضاف في البيت الابيض الطاغية الكبير رئيس الصين، هو
جنتاو، متملقا. انه نفس جنتاو الذي شارك في الاضطهاد في ميدان تيانين من،
والذي يسجن الحائز على جائزة نوبل للسلام ليو شيابو، والذي ليس عنده أي
احترام للحرية وطهارة المعايير. وفي الآن نفسه أزال اوباما التوتر مع
فلاديمير بوتين الذي أبطل الديمقراطية النسبية في روسيا، ونفذ مذبحة شعب في
الشيشان، والمتهم بالقضاء على صحافيين منتقدين، والذي جعل روسيا اوليغركية
فساد.
من المثير ايضا المقارنة برد اوباما على محاولة الثورة التي تمت
في ايران قبل سنة. في حين كانت طائفة آيات الله تذبح جمهور المتظاهرين،
اكتفى البيت الابيض بتحفظات مهذبة منضبطة. كان مبارك سيكون سعيدا لو حظي
بالمعاملة التي حظي بها احمدي نجاد. يوجد شيء ما يأسر القلب في محاولة أن
تُطبق على العالم كله معايير الديمقراطية الغربية. لكن المساواة هي أحد
المبادىء الديمقراطية الأساسية. وفي قضية مصر يبلغ التمييز والقياس المزدوج
الرقم القياسي لجميع الأزمان.
لا يمكن أن يُطلب التحول الديمقراطي
والاستقامة من الضعفاء والطغاة الذين هم في ازمة فقط. ولا يمكن أن تُشمل
نظم حكم فتاكة كالايراني والكوري الشمالي والسوري وغيرها في عائلة الشعوب.
إن الفكرة الاخلاقية في ادارة السياسة الدولية طبقها اول مرة مصدر إلهام
باراك اوباما ألا وهو الرئيس الامريكي وودرو ولسون، الذي انشأ عصبة الامم
بعد الحرب العالمية الاولى. انهار هذا الجسم في عصر هتلر لكنه أُنشىء باسم
آخر بعد الحرب العالمية الثانية، ويحظى في اطاره من يحتقرون المساواة
بالشرعية والعدل والاخلاق. لم يعد يحل لعب هذه اللعبة. لا مكان
للديمقراطيات الغربية واسرائيل، مع ايران وكوريا الشمالية وسورية. ولا مكان
ايضا للعب ألعاب تلون انتهازية مع الصين وروسيا.
بخلاف ريح الكآبة التي
تهب على الصحف، لسنا متأثرين لسقوط مبارك ولا حتى لانهيار الاتفاقات مع
مصر. ففي الحاصل العام سيتم تمزيق صورة 'السلام' عن وجه الهدنة الهشة
الباردة التي تم احرازها باتفاقات كامب ديفيد. ومن الجيد ايضا أن تم تمزيق
نقاب النفاق عن وجه سياسة البيت الابيض واوروبا. طُلب الينا أن ندفع أثمانا
تُعرض وجودنا للخطر ضحية تثبيت الاستقرار الموالي للغرب المزيف هذا. حان
وقت ان نعرف قواعد اللعب الحقيقية ونلعبها بحسب ذلك.
معاريف 9/2/2011