عار على اوباما.. باع مبارك
ياعيل باز ميلاميد
2011-02-07
باراك اوباما هو زعيم ذو أيديولوجيا. وعليه فقد انتخب
ليكون رئيسا للولايات المتحدة، وعليه فان ولايته الثانية موضع شك.
ايديولوجيا الكفاح من أجل حقوق الانسان، المساواة، الديمقراطية، تقويض
أنظمة ظلام تعذب المواطنين وتلقي بهم الى السجن فقط لانهم عارضوا النظام،
ليست وصفة ناجحة لنجاح سياسي. هكذا هو الحال في الولايات المتحدة، هكذا هو
ايضا عندنا.
صحيح حتى الان نحن نفضل رئيس وزراء بلا ايديولوجيا أو اجندة
مرتبة وبنيوية، مع صفر رؤيا قيادية يقودنا نحوها. فقط استطلاعات وعناوين
رئيسية في الصحف هي التي تقرر السلوك. وعليه فذات يوم يقررون شيئا ما وفي
اليوم التالي بعده يقلبون الامر رأسا على عقب. اعتدنا على عدم وجود طريق،
ولم يعد بوسعنا أن نقبل غير ذلك.
التقزز والقرف العميق يبعثهما فينا
زعيم العالم الحر الذي وقف ضد مبارك ومع ملايين المتظاهرين ضده ممن ملوا
الحكم الفاسد الذي يقيمه رئيس مصر منذ ثلاثين سنة، في ظل تثبيت قوى
المخابرات الظلامية. فمن هو مرشد الكشافة، اوباما هذا؟ ما الذي يجعله فجأة
علانية مع مظاهرات مواطنين مستنزفين، محبطين، عديمي المستقبل؟ فهو لا يفهم
شيئا في ما يجري في الشرق الاوسط. يأتينا بقيمه الى الحي الاكثر تعقيدا،
ويعتقد أنه يمكن ان يديره على هذا النحو. وفضلا عن ذلك فانه لا يبدي اي
تضامن مع الرجل الذي يقمع بيد عليا مواطني دولته منذ عشرات السنين. وبدلا
من أن يسانده يبلغه بان عليه أن يترك الساحة وينصرف. أهذا رئيس هذا؟ ان هذا
عار على الرجل الاقوى في العالم.
وكأننا نهتف على رؤوس الاشهاد بان
الدولة فقدت كل ذرة ايديولوجيا، ذرة قيم، ولكن ما نريده نحن حقا هو الا
يشوش لنا العقول بتلك الايديولوجيا وبتلك القيم. دعونا من كل شيء. اعطونا
'استقرارا' كي نتمكن من مواصلة المشاهدة بهدوء للقزم في برنامج 'الاخ
الاكبر'. لا تغيروا لنا شيئا. لا علاقاتنا مع السلطة الفلسطينية، التي لا
بد ستأتي لا سمح الله الى محادثات السلام، بل وربما الى تسوية شاملة ستطلب
منها تنازلات عن 'اراضي الاباء والاجداد'. أجننتم؟ لمن توجد القوة للبدء
الان بالتنازلات والاتفاقات والتسويات؟ فما الضير في ما هو موجود الان؟
اوباما
جاء الى البيت الابيض كي يغير انظمة العالم. هذا لا يعني انه ينجح في ذلك
كثيرا، ولكن واضح تماما انه وفقا لمذهبه الفكري الواسع والصحيح جدا، لا
يمكنه أن يؤيد حسني مبارك ولا ابنه جمال ايضا. من هو فؤاد بن اليعيزر، الذي
يركض نحو كل ميكروفون ويبكي على صديقه الطيب، الاب الاول لحكم الخوف
والرعب، الرجل الذي حصل على مئات ملايين الدولارات من الولايات المتحدة كي
يحسن معيشة ابناء شعبه، ولكن القليل جدا من كل هذا وصل حقا الى الشعب. ولكن
فؤاد يواصل التفكير بان انصراف الرجل هو خسارة عظمى. اما الادارة
الامريكية بالمقابل فتعتقد ان انصرافه هو مصلحة كل دول العالم الحر، وانه
محظور عليه ان يؤيد الدكتاتوريين في أي مكان في العالم.
ليست محبة
اسرائيل هي التي جلبت مبارك الى علاقاته الطيبة مع اسرائيل، بل المصالح.
هكذا ينبغي أن يكون. استمرار وجود اتفاق السلام بيننا وبين مصر هو مصلحتهم
بالضبط مثلما هو مصلحتنا. وعليه، فهناك احتمال كبير في أن كل من يقف على
رأس الامة المصرية سيواصل الاحتفاظ به. اسقاط حكم مبارك يمكن ان يؤدي الى
انعطافة ايجابية في الشرق الاوسط، قد تحقق اختراقا مع الفلسطينيين. فمزيد
من التحول الديمقراطي لدولة مثل مصر هو مصلحة اسرائيلية لا تقل عنه مصلحة
امريكية. عشرات ملايين المصريين الفقراء والجوعى هم مادة متفجرة، لحظـّنا
انفجرت في وجه مبارك، بدلا من ان توجه ضد اسرائيل، مثلما كان الحال دوما في
الماضي. ولعل هذا ايضا سياق تفكير الادارة الامريكية، وعلى رأسها اوباما،
التي انطلاقا من خليط من الايديولوجيا والمصالح معنية حقا بوجود مسيرة
سلمية بين اسرائيل والفلسطينيين؟ لعله يرى مصالح الولايات المتحدة بشكل
مختلف عما يراها فؤاد؟ وربما، فقط ربما، من المجدي ان ننصت ايضا له قبل ان
نسير وراء الغضب والهزء من جانب الصديق الاسرائيلي للطاغية من مصر.
معاريف 7/2/2011