موجة
تفاؤل بتأجيل القرار الاتهامي لما بعد الأعياد ... تمهيداً لتسوية سياسية
متكاملة
منظومتا
الباروك وصنين: العدو يرصد كل لبنان وبعض سوريا
نصر الله يؤكّـد أن لا فتنـة سـنية شـيعية ... والحريري يرحّب ويتـوقع
إيجابيات قريبـة
عكست أجواء الساعات الثماني والأربعين الماضية
حدوث تطور سياسي مفاجئ في مسار الاتصالات العربية والدولية المتعلقة
بلبنان، الهادفة الى إيجاد تسوية لموضوع المحكمة الدولية وقرارها الاتهامي
الذي بات في حكم المؤجل الى ما بعد السنة الجديدة، تبعاً لمصادر دبلوماسية
عربية في بيروت ولوزير خارجية العراق هوشيار زيباري الذي أعلن من نيويورك،
وبعد مشاركته في جلسة مشاورات لمجلس الأمن حول العراق، واجتماعه بنائب
الرئيس الأميركي جو بايدن، عن وجود توجه لتأجيل صدور القرار من الشهر
الحالي الى موعد لاحق «بسبب مطالبات حتى لبنانية»، وذلك من ضمن توجه أميركي
للتهدئة في موضوع الملف النووي الايراني!
وفيما تكتمت أوساط رئيس
الحكومة سعد الحريري وقيادة «حزب الله» حول العناصر التي استجدت، وفرضت
مناخ تهدئة ترجم سريعاً في إعلام «المستقبل» ومواقف قياداته، ولا سيما
«الصقور» منهم، قالت مصادر لبنانية واسعة الاطلاع لـ«السفير» إن التشاور
السوري السعودي قطع شوطاً كبيراً جداً وهناك إيجابيات ستبدأ بالظهور
تدريجياً، ورفضت الإجابة على سؤال حول ما اذا كان ما نشهده هو مجرد هدنة
أعياد، واكتفت بالقول «الأمور في مواقيتها»، مشيرة الى أن قيادات لبنانية،
لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، تتابع تفاصيل المسعى العربي وتشارك في تقديم
الأفكار الى الجانبين السعودي والسوري.
وتزامنت هذه الأجواء مع تطورين
بارزين سياسياً، تمثل الأول في تقديم الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن
نصرالله خطاباً هادئاً ومتكاملاً وشاملاً، في العاشر من محرم، جازماً أن
محكمة مسيسة وتشترى وتباع وتستخدم في المطابخ الدولية ضد المقاومة «ستذهب
أدراج الرياح»، مطلقاً مجموعة «لاءات» أبرزها «لا لاستهداف المقاومة، ولن
تكون فتنة سنية شيعية في لبنان».
أما التطور الآخر، فتمثل في التعاطي
الهادئ من قبل رئيس الحكومة سعد الحريري مع خطاب نصر الله، حيث نقل عنه
نواب كتلة «المستقبل»، مساء أمس، ارتياحه لمضمونه وللخطوات الإيجابية التي
قطعها المسار العربي للحل في لبنان.
تفاصيل منظومتي
صنين والباروك
في
غضون ذلك، تكشفت لـ«السفير» وقائع جديدة متعلقة بالإنجاز النوعي للجيش
والمقاومة المتمثل في الكشف عن منظومتي تجسس للمراقبة والرصد في أعالي صنين
والباروك، أبرزها أن منظومة التجسس في أعالي صنين، عبارة عن صخرتين، واحدة
مزودة بكاميرات تصوير تغطي لمسافة 20 كيلومتراً وتقرب الهدف المنشود الى
حدود المتر الواحد، والأخرى عبارة عن ركائن، اي بطاريات تزود الكاميرات
بالطاقة وتؤمن هذه التغذية لسنوات طويلة». وتبين أن هذه المنظومة تحتوي على
خمسة أجزاء:
1- نظام بصري.
2- نظام إرسال الصورة والبث عبر الأقمار
الصناعية.
3- نظام استقبال إشارات التحكم، أي التشغيل عن بعد.
4-
نظام إدارة التحكم بالمنظومة.
5- نظام التغذية بالطاقة.
وقال مصدر
معني لـ«السفير» إن «مهمة هذه المنظومة كشف أهداف بعيدة المدى وتحديدها
بشكل دقيق، وتحديد إحداثيات لأهداف أرضية وإرسالها عبر الأقمار الصناعية او
بالطائرات لتسهيل ضربها، وهي تغطي كامل السلسلة الشرقية والمناطق
المجاورة، وكل ما يحدث في هذا النطاق ينقل مباشرة عبر النظامين البصري
وإرسال الصورة، (كل منطقة الحدود اللبنانية ـ السورية شرقاً بالإضافة إلى
معظم سهل البقاع).
وحول منظومة التجسس في الباروك، كشف المصدر انها
«اكثر تعقيداً من الناحية التقنية، واستغرق الوصول إليها وكشفها وتفكيكها
حوالى 18 ساعة، بسبب وجودها في منطقة وعرة ومغطاة بالثلوج، اذ اضطرت
الوحدات العسكرية التابعة للجيش اللبناني الى شق طريق بواسطة الآليات
المجنزرة حيث تم اكتشافها على جرف صخري يعلو 1715 متراً عن سطح البحر،
وتبين أن هذه المنظومة تكشف معظم العاصمة والضاحية الجنوبية بالإضافة الى
الخط الساحلي بين صيدا وبيروت، والبقاعين الغربي والأوسط وصولاً الى بوابة
المصنع والمناطق السورية وعدد كبير من مدن وبلدات وقرى الجنوب، وصولاً الى
الحدود مع فلسطين المحتلة».
وأوضح المصدر أن منظومة الباروك هي ايضاً
عبارة عن صخرتين وهميتين مزروعيتن في المنطقة المذكورة، حجم كل صخرة حوالى
المتر مكعب: الاولى تحوي جهازاً الكترونياً مهمته التقاط الاتصالات وبثها
من وإلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما ان مهمته تغذية محطات اخرى مزروعة
على الأراضي اللبنانية كمحطة وسيطة، مما يدل على ان هناك محطات اخرى تم
زرعها وتتغذى منها، وهذا الجهاز يحتوي على سبعة هوائيات، خمسة منها موجهة
باتجاه موقع العدو الإسرائيلي في رويسات العلم (في مزارع شبعا اللبنانية
المحتلة)، وإثنان موجهان نحو البقاع الغربي وباتجاه الاراضي السورية. وهذا
الجهاز من صنع إسرائيلي، إذ أن الإشارة موجودة بوضوح على القاعدة التي
تحمله والقواعد التي تحمل الهوائيات، وهو جهاز معقد يجري العمل لمعرفة
كيفية عمله وإمكاناته وقدراته والمعطيات التي يقوم بإرسالها واستقبالها.
أما الصخرة الثانية فهي عبارة عن ركائن للتغذية تكفي لتأمين الطاقة
للجهاز لعدة سنوات وهي بحالة جيدة (تفاصيل ص3).
نصر الله: نرفض الفتنة
في
هذه الأثناء، أعلن السيد حسن نصر الله في خطاب عاشوراء، الذي القاه امام
المسيرة الجماهيرية الحاشدة والمزدوجة التي نظمها حزب الله في الضاحية
الجنوبية انطلاقاً من مجمع سيد الشهداء وصولاً الى ملعب الراية، أمس الأول،
«ان المحكمة الدولية، او المؤامرة الجديدة بالعنوان الدولي وبالقرار
الاتهامي تستهدف لبنان والمقاومة»، وقال: «نحن نرفض أي اتهام ظالم لنا أو
لغيرنا، ونحن سنسقط أهداف هذا الاتهام، لقد أسقطنا بعض أهداف هذا الاتهام
وسنسقط بقية أهدافه».
وشدد على اننا لن نضعف ونَهِونْ ونجبن ونتراجع
ونخضع ونستسلم، وسنحمي مقاومتنا وكرامتنا، وبلدنا من الفتنة والمعتدين
والمتآمرين بأي لباس أو عنوان أو اسم كانوا أو أتوا، وقال: في يوم انتصار
الدم على السيف أقول إن مؤامرة المحكمة الدولية ستذهب أدراج الرياح كما كل
المؤامرات السابقة.
وأعلن نصر الله «اننا نؤكد التزامنا وحرصنا على
بلدنا الغالي لبنان وعلى وحدته الوطنية، وعلى العلاقة السليمة والإنسانية
والوطنية والأخلاقية بين جميع مكونات شعبنا، بطوائفه ومذاهبه واتجاهاته».
وقال
إننا نعلن رفضنا اية فتنة بين المسلمين وخصوصاً بين الشيعة والسنة، ونعلن
حرصنا الدائم على مواجهة أي شكل من أشكال الفتنة والتي يجب أن نواجهها
جميعا، لأنها اليوم مشروع أميركا وإسرائيل لأمتنا، ونحن خلال كل السنوات
الماضية مع كل ما حملت من عذابات ومن تحديات ومن خطابات استفزازية لم نلجأ
يوماً إلى الخطاب المذهبي أو إلى التحريض الطائفي، لأننا لا نؤمن لا بهذا
الخطاب ولا بهذا التحريض، بل نعتقد أن من يلجأ إلى التحريض الطائفي
والمذهبي هو ضعيف، يلجأ إلى المكان الخطأ.
وحول التهديدات الإسرائيلية
قال نصر الله إنها لا ترهبنا ولا تخيفنا ولا يمكن أن تمس إرادتنا. لقد
انتهى الزمن الذي كنتم تهددوننا فيه أو كنتم تخيفوننا فيه أو كنا نشعر فيه
بالضعف والوهن. المقاومة هزمت كل جنرالات العدو وهي ستهزمهم في الأيام
الآتية (ص 4).
الحريري متفائل
الى ذلك، عبر الرئيس سعد الحريري عن
رغبته في تجديد الحوار مع «حزب الله»، وقالت مصادره إنه نفى أمام بعض من
التقاهم ما قيل بأنه كان يعلم بمضمون القرار الاتهامي او انه ابلغ أحداً
بذلك.
وبحسب المصادر فإن مقربين من الحريري كشفوا بأنه سعى جدياً في
الفترة الاخيرة لتأجيل القرار الاتهامي الى ما بعد انتهاء العام الحالي،
وربما حتى آذار المقبل، وأشار هؤلاء الى انه ارسل موفداً شخصياً وثيق الصلة
به اكثر من مرة الى نيويورك لمتابعة الموضوع عن كثب، وللوقوف على كل
المستجدات المتصلة بالمحكمة والقرار الاتهامي.
وخلال ترؤسه، امس، اجتماع
نواب كتلة المستقبل، عبر الحريري عن ارتياحه للخطاب الأخير للسيد نصر
الله، مكرراً موقفه حول عدم علمه لا بمضمون القرار الاتهامي ولا بموعد
صدوره «وما أستطيع قوله إننا سنعرف بالقرار.. فقط عند صدوره».
ونقل عن
الحريري تأكيده خلال الاجتماع على المسعى العربي السوري السعودي، وشكره
للجهود التي يبذلها كل من الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس بشار
الأسد. وأبلغ نواب كتلته بأن هناك تقدما يشوب المسعى العربي وبدأ يثمر
إيجابياً، وتجلى ذلك في بعض النتائج التي بدأت تظهر، ومنها تراجع الخطاب
السياسي المتشنج. إلا أن الحريري لم يوضح ماهية هذا التقدم (ص2).
فرنسا
تدفع مخصصاتها للمحكمة
ومن نيويورك، أفاد مراسل «السفير» خالد داود
بالتقرير الآتي:
عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن «قلقه»
من التصريحات المتبادلة في لبنان بشأن المحكمة الخاصة بلبنان، وشدد على
ضرورة السماح لها بمواصلة عملها ودعمها بحكم أنه تم إنشاؤها بموجب قرار
صادر من مجلس الأمن. وفي مؤتمره الصحافي الختامي لعام 2010، قال بان كي مون
رداً على سؤال لـ«السفير» حول مدى تخوفه من تأثير عمل المحكمة على
الاستقرار الداخلي في لبنان ومدى قبوله للجهود الإقليمية المبذولة، خاصة من
قبل سوريا والسعودية، إن المحكمة تعمل بناء على «قواعد قضائية مستقلة ولا
يجب السماح لأي طرف التدخل في عملها أو إصدار أحكام مسبقة بشأنها». وأضاف
أنه «من الضروري أن يحترم المجتمع الدولي نزاهة المحكمة الخاصة بلبنان».
وعبر
بان في الوقت نفسه عن قلقه من «تصاعد اللهجة الخطابية بشأن المحكمة
الخاصة». وقال «هذا أمر غير مرغوب فيه.» وأوضح أنه يناقش الموقف الخاص
بلبنان مع كافة الأطراف المعنية بلبنان ومع قادة دول المنطقة «والكل يدعم
المحكمة الخاصة بلبنان. ومن المهم تقديم ذلك الدعم لكي يتمكن القضاة وفريق
الادّعاء من تنفيذ المهام التي كلفهم بها مجلس الأمن».
الى ذلك، أعلنت
البعثة الفرنسية لدى الأمم المتحدة أمس عن تبرع باريس بمبلغ مليوني دولار
أميركي لصالح المحكمة الخاصة بلبنان، متبعة خطوات الولايات المتحدة
وبريطانيا بهذا الصدد. وقال بيان البعثة إن «فرنسا دفعت مساهمتها في
ميزانية المحكمة الخاصة بلبنان لعام 2011. وتبلغ قيمة هذا المبلغ 1,5 مليون
يورو، وهو ما يجعل إجمالي الدعم المالي الذي قدمته فرنسا للمحكمة منذ
إنشائها بقيمة 4,5 ملايين يورو.» وأضاف البيان إن «هذه المساهمة تعكس دعم
فرنسا القوي لعمل المحكمة الخاصة بلبنان». وحث البيان «كل الأطراف على
احترام ولاية المحكمة الخاصة بلبنان، والسماح لها، من أجل مصلحة لبنان
والمنطقة بأكملها، بمواصلة عملها بشكل مستقل وفي جو من الهدوء. ويجب على
المجتمع الدولي مواصلة منح المحكمة الدعم السياسي والمادي»