والتاريخ الحقيقي هو نضال الشعوب وصراعها الطبقي حيث يفتتح( البيان الشيوعي) والذي كتبه ماركس وانجلس ( إن تاريخ كل مجتمع إلى يومنا هذا لم يكن سوى تاريخ نضال بين الطبقات ) ، فكان ظهور البرجوازية الثورية وقتها المولودة من رحم الإقطاع بعد أن تحول الإنتاج الزراعي من وسيلة للغذاء والشبع إلى مواد أولية للصناعة كالغزل وإنتاج الزيوت و الوقود الزيتي ، فتحولت هذه الحرف من موطنها الريفي الإقطاعي إلى المدينة فالعمل هذا يتطلب إلى ارض صناعية خالية من الأراضي الزراعية، لكنها كانت تحت رحمة الإقطاع المورد لها والمهيمن عليها كونه يمتلك المادة الأولية وهي في نفس الوقت أداة إنتاج للمعامل المستحدثة كغزل القطن والصوف وتخمير البذور والعنب لإنتاج الخمور ، فكانت هناك طبقة استغلت من قبل الإقطاع وهم أصحاب الحرف هذه وأصحاب المصانع الصغيرة المساقة بعصا الإقطاعي فكانت طبقة برجوازية نشأت من الإقطاع فمن حرفيي القرون الوسطى نشأت عناصر المدن الأولى ، ومن هؤلاء السكان المدنيين خرجت العناصر الأولى للبرجوازية وتناثرت في المدن لكنها استمرت مرتبطة بالإنتاج الإقطاعي المهيمن مما حدا بها إلى الانتفاض بعد أن قوى عودها واستطاعت أن تهزم السيطرة الإقطاعية بزيادة الإنتاج على حساب زيادة ساعات العمل التي وصلت إلى 14 ساعة في اليوم و7 يوم في الأسبوع وتحت ظروف قاسية فا شترت موارد الريف وإنتاجه وتحولت إلى طبقة مهيمنة تمتلك زمام المدن وتديرها كمجالس برلمانية وسلطة تنفيذية فبيدها القوة الاقتصادية وبيدها السلطة وجاء اكتشاف أميركا والطريق البحري حول شواطئ إفريقيا الذي قدم للبرجوازية ميدانا جديدا للعمل ، وفتح أسواق الهند والصين والتبادل مع المستعمرات، وتعدد وسائل التبادل ، وتدفق البضائع بوجه عام ، كل هذه العوامل دفعت التجارة والملاحة والصناعة إلى الأمام بقوة وأمنت بذلك نموا سريعا للبرجوازية النامية في المجتمع الإقطاعي الآخذ في الانحلال واضحي الريف مهزوما وتحت سيطرتها ، و باستغلال العمالة الفقيرة التي لا تمتلك سوى جسدها وجهدها العضلي متمثلة بالعمال والشغيلة كما ذكرت أعلاه كانت عواملا" لهزيمة الإقطاع متحولة إلى طبقة قامعة للإنسان فاقدة لثوريتها ولتخرج من رحمها طبقة تحاول النهوض للدفاع عن حقوقها وجهدها المسلوب مع تغريب الإنتاج من جهدها العضلي إلى جيب الرأسمالي , لذا وكما يوضح البيان الشيوعي أن المجتمع البرجوازي الذي نشأ على أنقاض المجتمع الإقطاعي لم يقض على التناحر بين الطبقات ، بل أقام طبقات جديدة واوجد ظروفا جديدة للاضطهاد وإشكالا جديدة للنضال ، إلا أن ما يميز عصر البرجوازية هو انه جعل التناحر الطبقي أكثر بساطة فالمجتمع اخذ في الانقسام أكثر فأكثر إلى معسكرين فسيحين متعارضين ؛ إلى طبقتين كبيرتين ، العداء بينهما مباشر وهما البرجوازية والبروليتاريا عكس العهد الإقطاعي الذي نجد المجتمع فيه على مراتب ودرجات متفاوتة ، ففي روما القديمة نجد النبلاء ، ثم الفرسان ، ثم العامة ، ثم الأرقاء . وفي القرون الوسطى نجد الإقطاعيين الأسياد ، ثم الإقطاعيين الأتباع ، ثم المعلمين ، ثم الصناع ، ثم الاقنان ، ونجد تقريبا داخل كل طبقة من هذه الطبقات مراتب ودرجات خاصة
وكانت السلطة الدينية هي السلطة الرسمية لدى الإقطاعي تشرّع جرائمه وتدعم مطامعه وتنهي من يثور بوجهه كما سحقت ثورات الفلاحين في أوروبا وعلى يد جند الكنيسة متهمين إياهم بالهرطقة ، أو ثورات الشرق كثورة الزنج والقرامطة والصفارين وغيرها والذي حاربها وقوضها الخليفة متمثلا بالملك كسلطة دنيوية وخليفة الله على الأرض كسلطة دينية , ولم نسمع يوما أو قرأنا في كتاب ما إن السلطة الدينية وقفت مع المسحوقين في وجه السلطة المتنفذة أبدا"، إذ كانت السلطة الدينية دوما الواجهة الشرعية المشرعنة لجرائم وسرقات السلطة وواجهة مادية حقيقية للقمع باسم ممثل السلطة الدينية كالبابا أو سلطة الخليفة الدينية في قمع كل من يهز عرش السلطة حيث يذكرنا التاريخ بمحاكم التفتيش سيئة الصيت التابعة الكنيسة في أوروبا القرون الوسطى ، واستعباد الزنوج بعد اختطافهم من قراهم الساحلية في أفريقيا ،
والسبب في ذلك يعود إلى فقدان المفهوم الديني إلى مصداقيته بعد ظهور مبدأ الاستغلال الجماعي للطبقات المسحوقة في المجتمع المدني الناشئ حديثا من الترحال البدوي البربري ، فالدين كآيديولوجيا لا يتناول الإنسان أصلا" كمحور للحياة والوجود بل يتناول القوة الغيبية التي يراد بالإنسان إطاعتها وهي بالتالي كالإقطاعي تهدد الإنسان إن لم يطع وترحمه إن أطاع .. وبما أن الإقطاعي هو من يمثل هذه القوة الغيبية لذا كان لابد لأن يطاع وان لم يطع كان سوطه على جسد المتمرد عقابا سماويا" ،
من هذا المبدأ كان الدين بإيديولوجيته السلطوية الغيبية حليفا" للسلطة المادية القمعية المتربعة على عرش المجتمعات
الخميس ديسمبر 03, 2009 4:03 pm من طرف ابو مروان