هل يكتب المثقفون للمثقفين
...و الكتاب للكتاب .. و الشعراء للشعراء ؟ أم هم يكتبون حتى يتسنى لعامة
الناس قراءة كتبهم وتذوق شعرهم والتمتع به ؟ .
من الملاحظ أن الكثير من الكتابات الحديثة بدأت تأخذ منحى فوقي ... فتتكاثر
فيها الزخرفات اللفظية ، والألفاظ الصعبة ، والكلمات الفخمة ... مما
يجعلها صعبة الفهم على الشخص العادي ،والذي لم يولد وبيده كتاب ، يقول عبد
الرحمن منيف في ( رحلة ضوء ) : " إن الكاتب يحاول إظهار براعته الشعرية
تحديداً في اختيار الألفاظ ، ثم في بناء الجمل.....و كأن هدفه أن يثبت
لأقرانه الكتاب أولا....معرفته ثم تفوقه باللغة, بغض النظر عن قدرة مثل هذه
الصنعة على تقديم شخصيات أو أحداث من دم أو حياة " ، إذن هل هناك كتابة
شعبية ... وكتابة راقية ؟
إذا أردنا أن نوصل معلومة لقارئ ، هل نستخدم فيها جملاً وكلمات يصعب عليه
فهمها .. كما في المسلسلات المكسيكية المدبلجة ؟ أم نخاطبه بأسلوبه ..
ومنهجه؟ يقول غازي براكس في كتابه ( فن الكتابة الصحيحة ) : " التعقيد
اللفظي يتأتى من كون التركيب لا يدل بوضوح على المعنى المقصود ... مثل هذا
الغموض نراه كثيراً في الكتابات الحديثة" .
يطالب الكاتب يحي حقي بإعطاء اللغة حقها دون تكلف ... ويطلب استحداث
الأسلوب العلمي الذي يتميز بطلب الحتمية والدقة والوضوح ، وشرح حقي مفهوم
الحتمية بقوله : " أن يختار كل لفظ بدقة ليؤدي معنى معيناً ، بحيث لا
يمكنك أن تحذفه أو أن تضيف له لفظاً آخر " ، ويطالب بعدم استعمال ألفاظاً
عائمة ... معانيها غير محددة ... وموضوعة في مكانها بلا سبب ، فمثل هذه
الألفاظ تخل بالمعنى ، وتشل قدرة القارئ على التفكير الناضج المحدد، ولكنه
يشترط أن يكون الكلام بسيطاً بحيث إذا عزفت على العود ألا تسمع الناس خبطة
الريشة ... وإذا كتبت ... لا تسمع القارئ صرير القلم .
وأخيراً قال باولو كويلو- مؤلف رواية ( الكميائي ) والروائي الشهير : "
لغتي بسيطة مباشرة ... أتعمد التقشف بها ، لأن وراء كل تعقيد ... فراغ مرعب
يتوهمه الأغبياء عملاً عبقرياً " ، إذاً لمن نكتب ؟ للناس العامة ؟؟ أم
للمثقفين و المتثاقفين والنقاد ؟