** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 الماركسي الذي انتهى صوفياً

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نابغة
فريق العمـــــل *****
نابغة


التوقيع : المنسق و رئيس قسم الفكر والفلسفة

عدد الرسائل : 1497

الموقع : المنسق و رئيس قسم الفكر والفلسفة
تعاليق : نبئتَ زرعة َ ، والسفاهة ُ كاسمها = ، يُهْدي إليّ غَرائِبَ الأشْعارِ
فحلفتُ ، يا زرعَ بن عمروٍ ، أنني = مِمَا يَشُقّ، على العدوّ، ضِرارِي

تاريخ التسجيل : 05/11/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2

الماركسي الذي انتهى صوفياً Empty
30072010
مُساهمةالماركسي الذي انتهى صوفياً

الوجه الطافح بالجداول يجفل
الآن بعمق



(ملف في مئوية ولادة و.ه. أودن 1907-1973)

تحرير
أمال نوّار

ظلّ يطارد الكمال
وشِعره سهل الفهم،
عرف
الحماقة الإنسانية كظاهر يده،
كان مهووساً بالجيوش والأساطيل،
إذ
يبتسم
ينفجر المسؤولون من الضحك،
و إذ يبكي يموت الأطفال في الشوارع.
("نقش
على ضريح" و. ه. أودن)


الماركسي الذي انتهى صوفياً

(بريطانيا تحتفل بالذكرى المئوية لولادة ويستان هيو
أودن)

عابد إسماعيل
(سوريا)
الماركسي الذي انتهى صوفياً W-h-audenبدأ الشاعر
الإنكليزي ويستان هيو أودن مسيرته الشعرية ماركسياً، ثائراً، يؤمن بالصراع
الطبقي، والتمرد ضد المؤسسة الاجتماعية والسياسية، والتبشير بقيام الثورة
وإحداث التغيير، وانتهى به المطاف، صوفياً مسيحياً محافظاً، يرى الخلاص في
الانزواء الروحي. بيد أنّ هذا التذبذب بين الماركسية والصّوفية لم يمنع
أودن من الالتزام بجماليات القصيدة التي أرادها أن تتجاوز فكرتها، وتتخطّى
إطار التزامها الأيديولوجي. فقصيدته ظلّت وفية لهاجسها الفني، تجمعُ بين
النقائض، وتقيمُ حواراً مع العالم، ببعدَيه الروحي والمادي. في بداياته
أظهر أودن تأثراً واضحاً بشعر توماس هاردي، القائم على نظرة تشاؤمية للمصير
الإنساني، وافتتاناً ببلاغة جيرارد مانلي هوبكنز، التي تبطّنها رؤيا
مثالية للعالم، وانبهاراً بالأميركي الشهير ت. س. إليوت، وبخاصة قصيدة
«الأرض الخراب»، التي ظهرت عام 1922 وكانت بمثابة الحدث الشعري الذي خلخل
تاريخ الشعرية الأنكلو- ساكسونية. كما أحبّ أودن قدرة الشاعر الأيرلندي
ويليام بتلر ييتس على معالجة قضايا فلسفية وصوفية في قصائده الغنائية، لكنه
انتقد ميله إلى الصنعة، واستقطابه لرمزية معقّدة في كتبه الأخيرة. وقد
رثاه بقصيدة شهيرة، تكشف عن شعور مزدوج بمديونية سيكولوجية وجمالية، وتعترف
بالقصيدة الرّمزية التي أسّسها ييتس على أنقاض الحساسية الرومانسية.
تركز قصائد أودن على تفاصيل صغيرة، ملموسة وحميمة، لكنها أيضاً كونية من
حيث أنها تستلهم ظواهر طبيعية كبرى - جبال، فيضانات، صحارى، سهوب جليدية -
وتتعامل معها كإشارات إلهية لحاجات الإنسان الروحية. وقد جمع باقتدار بين
النزعة الكلاسيكية والحساسية الحديثة. فمن جهة، ابتعد أودن عن الأسلوب
المنمّق، والبلاغة العالية، وظلّ محافظاً على شفوية نقيّة وجارحة، ومن جهة
أخرى عرف كيف يحافظ على بنية القصيدة التقليدية، ويوظّف الإيقاع الخارجي
والداخلي لخدمة الحركة الدلالية للمعاني. لكنّ مفرداته ظلت مزيجاً بديعاً
من المحسوس والمجرّد. فالشعر بالنسبة إليه «لعبة معرفية» بامتياز، تسعى إلى
استكشاف عوالم الذات. من هنا ابتعدت لغته عن الزخرفة المفرطة، ونأت بنفسها
عن الحذلقة التعبيرية، التي وسمت الشعرَ الرومانسي من قبل. فالفنّ الحديث
برأيه يجب أن يتّصف بالقسوة والحيادية، عبر فضحه الزيف الأخلاقي
والاجتماعي، وإسقاط الأقنعة. وكان أودن يعارض أولئك الشعراء الذين يبذلون
جهداً قسرياً للظهور كشعراء، مثل ييتس نفسه الذي سعى إلى «فكرنة» القصيدة،
واستدراج اللاهوت إلى بؤرة الرّمز الشعري. والشيء ذاته ينطبق على شللي الذي
اعتبر الشعر بمثابة التشريع غير الشرعي للجنس البشري. لقد أراد أودن أن
يقدّم نفسه بشكل أكثر تواضعاً، وأقل طموحاً. ذات مرة اعترف في قصيدة له
بأنه يفضّل الكتابة على «الطريقة الرفيعة القديمة/ ومن قلبٍ يرتعش»، غير أن
روح العصر فرضت عليه أن يكتب بأسلوب تجريبي، تهكّمي، وداكن. إن اهتمامه
باليومي والعادي، والشفوي، منح جملته نبضاً ودفئاً. وإذا كان الذكاء ميزة
الشعر الحديث، فإن أودن من أكثر شعراء عصره فطنة، حيث استطاع أن يذوّب
مفردات علمية وصوفية ودينية في أتون قصيدته. وأدرك، بوجه خاص، أهمية إعادة
صياغة الاستعارات الدينية في عالم يتميز بالقلق والشكّ، متجنباً الوقوع في
مصيدة الحساسية الرومانسية، المثالية واللاعقلانية. وما زال نقاد كثر يرون
في شعره صلة الوصل الأقوى مع قيم عصر التنوير، وامتداداً لعقلانية عصر
النهضة. ولا غرابة أن يصفه صديقه الشاعر لويس ماكنيس بأنه أعظم شاعر
إنكليزي تبشيري (didactic)، بعد ألكسندر بوب (1688-1744).

سيرة شاعر
الماركسي الذي انتهى صوفياً W-h-auden-1ولد
ويستان هيو أودن عام 1907 في مدينة يورك، شمال إنكلترا، وهو الابن الثالث
لطبيب معروف. عام 1908 شغل والده منصب المفتش الطبّي، وأستاذ الصحة العامة
في جامعة برمينغهام. هذه الخلفية العلمية أثّرت في وعي الطفل باكراً، إذ
كان يتلقّف كتب أبيه، ويقرأ فيها، ثم يتباهى أمام زملائه بالمعلومات
الغريبة التي كان يحفظها عن ظهر قلب. في أشعاره اللاحقة، ظلّ أودن محتفظاً
بلمسة تعليمية خفيفة، دفعت إليوت للقول: «مملٌ أن نرى هذا الإفراط في
الوعظ، والميل إلى شرح كل شيء». تلقّى أودن تعليمه في جامعات خاصة عدّة،
قبل أن يلتحق بجامعة أكسفورد. خلال أعوامه الثلاثة الأولى في الجامعة، بدأ
بكتابة قصائده الأولى، وجمع أفضلها في ديوان سماه (قصائد)، ظهر عام 1928،
وساهم صديقه الشاعر الإنكليزي ستيفن سبندر بنشره. وذاع صيته، حينئذ، كمثقف
يساري، يسوّق لنظريات ماركس وفرويد. وقد رفض إليوت في البدء نشر كتابه
الأول، في دار فابر آند فابر، التي كان يعمل مديراً لها. في الطبعات
اللاحقة، قام أودن بمراجعات قاسية لهذه القصائد، معدّلاً الكثير منها.
وقامت دار فابر نفسها بنشر معظم كتبه لاحقاً، بدءاً من ديوان "الخطباء"
الصادر عام 1930، ثم ديوان "إسبانيا"، عام 1937، الذي شهد تحوّلاً نوعياً
في فكر أودن، الذي راح يشكّك بالتزامه بالماركسية، بعد مساندته للجمهوريين
في الحرب الأهلية الإسبانية. بعد هذا التحوّل في الرؤيا، ظهر ديوانه "على
هذه الجزيرة" عام 1937، ثم ديوان "وقت آخر" عام 1940، الذي وظّف فيهما أودن
استعارات مضغوطة ومكثفة، وبدا فيهما الهاجس السياسي أخفّ وطأة. ظهر ديوانه
"الرجل المزدوج" عام 1941، وأعقبه ديوان "في هذه الأثناء" عام 1944 الذي
ضمّ قصيدتين طويلتين هما «في هذه الأثناء» و«البحر والمرآة»، التي تسلّط
الضوء على انكفاء أودن إلى الدين الكاثوليكي، وتحوّله بالتدريج إلى مفكّر
ديني، تحت تأثير فلسفة كيركيغارد. وتعتبر قصيدة «البحر والمرآة» دراما
رمزية آسرة، يستلهم فيها الشاعر شخوص مسرحية شكسبير "العاصفة"، حيث
«بروسبروا» يمثل العقل الواعي، و «آرييل» الخيال المبدع، و «كاليبان»
الحاجات المادية للكائنات السّاقطة. أما ديوانه "عصر القلق"، الصادر عن دار
فابر، عام 1947، فنال جائزة بوليتزر المرموقة للشعر، وتلاه ديوان "ترس
آخيل" عام 1956، ثم ديوان "حول المنزل" عام 1965، الذي بدا فيه أودن أكثر
نضجاً على الصعيد الفني، وقدّم قصائد عالية الإتقان والذكاء، تصف منزله في
فيينا. ثم ظهر ديوان "مدينة بلا جدران" عام 1969، وحصل على جائزة كتاب
الشعر الوطني، في بريطانيا، تلاه، بعد وفاته، ديوان "شكراً للضباب" عام
1974، الصادر عن دار راندوم هاوس.
بعد تخرّجه من جامعة أكسفورد عام 1928، سافر الشاعر إلى ألمانيا، وكانت
تلك بمثابة البداية لسلسلة رحلات رفدت أشعاره بروح الكشف والمغامرة. فمعظم
قصائده تحيل إلى رحلة ما، في الزمان والمكان والثقافة، وتكشف عن نزوع
للتغيير. في برلين، الأكثر ليبرالية من لندن، تعرّف أودن على نظريات عالم
النفس الأميركي هومر لين، التي تركت أثرها في بعض قصائده. كان لين، مثل جان
جاك روسو، يرى أنّ الحضارة الحديثة شوّهت المشاعر الفطرية النبيلة، عوضاً
عن التسامي بها. أما الأثر الكبير الآخر فهو فرويد، الذي كتب أودن فيه
مرثية فاتنة إبان وفاته عام 1939. وكان أودن قد تزوّج، عام 1935، من ابنة
الكاتب الألماني ثوماس مان، التي لم يلتق بها إلا في يوم زفافه، وغاية
الزواج هو حصول هذه الأخيرة على جواز سفر بريطاني. لكنهما سرعان ما افترقا
كأنهما لم يلتقيا أبداً.
خلال حقبة الثلاثينات والأربعينات، استطاع أودن أن ينتزع الإعتراف به
كأحد أهم شعراء جيله، الذي ضمّ أيضاً لويس ماكنيس، وسيسيل دي لويس، وستيفن
سبندر. عام 1939 غادر إنكلترا إلى الولايات المتحدة الأميركية، وقرر المكوث
هناك في شكل نهائي. وأصبح مواطناً أميركياً عام 1946. ويمكن عقد مقارنة
سريعة بينه وبين إليوت في هذا السياق، إذ كلاهما رفض العيش في وطنه الأم.
فإليوت غادر أميركا نهائياً ليصبح مواطناً إنكليزياً عام 1927، بعد إعلانه
الانتماء إلى كنيسة إنكلترا، وهذا ما فعله أودن لاحقاً، بعد ارتداده إلى
الكنيسة الكاثوليكية، وإن ظلّ إيمانه مشوباً بريبة مبطّنة، وبدا شعوره
الديني أقلّ تصوفاً من إليوت. وإليوت غادر أميركا بحثاً عن النظام والتقليد
وقوة التراث، ورآه متجسداً بشعراء القرن السابع عشر الميتافيزيقيين
(metaphysical) مثل جون دَن وكراشو وهربرت، في حين أن أودن، عبرَ المحيط في
رحلة عكسية، باتجاه أميركا، بحثاً عن التنوع والمرونة والتجديد، وأقام في
مدينة نيويورك، وتعرّف إلى شوارعها ومقاهيها وأرصفتها، واقترب من جيل
«البيت» الشهير.
كتب أودن النثر والشعر والدراما والأوبرا بروح جمالية عالية، ولم يكن
لينافسه أحد من أبناء جيله، واحتلّ مركزه كأحد أكبر الشعراء الإنكليز في
عصره، وإن أخذ عليه خصومه استلهامه نزعة ميتافيزيقية متعالية في شعره
المتأخّر، ما أفقده بعضاً من نضارته ووهجه. لكن أودن ظلّ حريصاً على جذوة
الشكّ التي ميّزت قصائده الأولى. إذ لطالما شكّك، كعاشق بديمومة الحبّ، حتى
في أكثر قصائده عاطفيةً، ولطالما شكّك بجدوى الشعر ذاته، حتى في أوج شعوره
بالمتعة الفنية. وعلى رغم أن الكثير من قصائده تبنّت قضية التغيير،
واستشرفت الكثير من الأحداث السياسية والإجتماعية، لكنه ظلّ يصرّ على أن
الشعر لا وظيفة له خارج دائرة كونه شعراً. عام 1962 اقترح في مقالة بعنوان
"الشاعر والمدينة" فصل السياسة عن الشعر، قائلاً: «إنّ جميع النظريات
السياسية، القائمة على تشابهات مستقاة من صياغات فنية، محكومة بالتحوّل إلى
نوع من الطغيان، إذا ما حاولنا وضعها قيد التطبيق». وإذا كانت قصائده
الأخيرة قد انحرفت إلى التجريد، واستلهمت الخطاب الديني الصوفي في شكل
واضح، إلا أنه ظلّ يرفض الربط بين الشّاعر والكاهن، وظلّ يعتبر الشعر فناً
قائماً بذاته ولذاته، يسعى إلى تحقيق المتعة الجمالية.
عام 1972، عاد أودن من نيويورك إلى أكسفورد، ولم يمكث فيها طويلاً،
وغادرها إلى فيينا، حيث توفي فيها في 29 أيلول (سبتمبر)، عام 1973، إثر
نوبة قلبية حادّة. في قصيدة له بعنوان "ترانيم المأتم"، يتخيّل أودن لحظة
موته، ويكتب مرثية ذاتية يقول فيها: «أوقفوا جميعَ السّاعات/ اقطعوا خطّ
الهاتف/ امنعوا الكلبَ من النباح على عظمٍ سائل/ أخرسوا البيانو/ وبضربة
طبلٍ مكتومة/ أخرجوا التابوتَ/ وأفسحوا الطريقَ للمشيعين».

الحياة - 03/08/07

في تأبين و. هـ. أودن

ديريك ولكوت

(الجزر الكاريبية)
(1930-...)

(عن الإنكليزية): ترجمة صبحي حديدي
(سوريا / فرنسا)

I
الماركسي الذي انتهى صوفياً Deareekلا ريب في أنّ هذا
الوجه الطافح بالجداول
يجفل الآن بعمق، ويشمئزّ
من نفاياتنا الجليلة،
ويقطّب
حاجبيه حيال هذه المهزلة الممجِّدة
التي تحاول تعزيز ذاتها، بأبيات
ورعة
مثلما هي مَلِقَة.
لكنها قد تنقذنا، نحن الذين لممنا شملنا
رغماً عنها، على مقاعد
كَنَسية لامعة
في هذا المساء الخريفي؛
كما الخرائط تتذكّر البلاد،
والطلعة تعرف الرجلَ، وكما يطلّ وجهه
على تضرّعنا.
نسمات الصوّان المصدوعة والمنبسطة كبعض الأرض في لوحات جيوتو(1)،
تناسب
هذا المذبح؛
الفم المفترّ عن ابتسامة ساخرة، المتقوّس بالألم
والأعين
السحلية التي تنطق بشعارها:
النقائض تتنافى.
في وسع الوجنات المتشققة أن تسقي
بالملح المعدنيّ ظمأ عروق الأرض
في
البيد الجائعة،
وكما تنهض الأجنحة الصغيرة كي تتأمّل
حقلها الذي
تحبّ، يسارع سهلها المغطّى بالأخاديد
إلى إخفاء مدائحنا.
ولسوف تعثر حناجر أخرى على البهجة
في كلّ ما خلّف جسدُ
الخالد
أودن
في «كيرشستيتن» (2) المضاءة
بالشموع
وبعد قرون على قيامها بتحرير صانِعِها
من الزمن وعبئه؛
فما نرعاه اليوم
هو وجهنا نحن أيضاً، ذاك الذي ضربه ضياء
هذه
الدعوة الغريبة؛
الآن إذْ نغادر الكنيسة المعتمة هذه
ونقف على أرصفة
الليل
لنرقب الورقة
الساقطة مثل ساروف (3)
يرسم القوسَ
الذي خطّه مصباح الشارع، ثم نحثّ الخطى
صوب خبايا
المستقبل
وخطوات أقدامنا تردّد الصدى في الدروب
المظلمة، وتنتخب ظلّه
ليصاحبنا
في المسير.
عِشْقه، حتى عشق أدوات
المطابخ ذات الأزرار التي نعرف
أنها تهدّيء
مخاوفنا،
وذلك التوقير لمشاهد التدبير المنزلي الصغيرة
التي حوّلته
إلى
هوراس "إيست فلليج" (4)
الأمريكي.
الخريف أوان اندلاع الحروب الصغيرة
والهجمات السكرى، سماؤنا تدور
مع
المعدّات الفاحصة الدوّارة؛
وأنت، يا مَن تغادر أيّ حفل عند التاسعة،
عرفتَ
أنّ الحرب، كالنَظْم الصاخب،
علامة صريحة على سوء السلوك.
والآن، إذْ تلتقط صحون الاستقبال
ما تبثّه القمم الصوتية
من خُطَب
نارّية عصماء،
نحتفظ لأنفسنا بخطبتك، بصوت
من الطبيعة، لكنه مشتبك
بالأسلاك
هادىء وهوراسيّ (5).
يدور كالدوّامة حول قبورنا الجوفاء،
كالثلج، كالغبار الذي يهمس به،
وها
هو الآن يراقص
ضوءه الخافت، مراوغاً الرسوم،
أمّا سرّ مجيئه وغيابه
فما
من نظام يجيب عنه.
صوتك كان الأبعد في العثور
على مدى حلمنا الفاسد،
على المجاعة،
والغزو،
صوتك الذي أصغى إلى ما يتردّد في الأرض المحروقة
أسفل
غلافها، إلى جدول الشفاء
وإلى نبع، ونافورة.

II
يقول التلميذ لمعلّمه: يا سيدي، مراثيك تدرّبنا
على ألا نرى في الموت
امتياز المضجرين،
وأن نرى الفرح حتى في الرعويات الحزينة
أنت الذي
تقتلع التحيات كما يُقتلع الغلاف الخشن
وعلى أنّ البهجة دفينة في
محاكاة صوت عظيم،
وأنّ الموتى هم محرّرو نصوصنا الحقيقيون.
هذه
الدهشة كانت
اكتشاف الفتى للفتك، حيث يدلف المرء
إلى جُزُر هي أقطاب
الأرض المتقابلة
ل "الإنكليزية" و"المناخ" و"التاريخ" و"العِرْق"،
الباحثة
عن المكنون في تلك الصور
التي تمثّل ناصية نُسالة الكتّان
المنسدلة
على وجه فَرَسي
ينحني لإشعال عود ثقاب في مشهد من رواية رعب،
والرسائل
شيفرة سرّية للجواسيس
والموادّ الساقطة أرضاً، وبرقيات التآمر.
بعد
حين يكون الطقس في ذلك الوجه المتشقق
قد اختار، كالقدّيس، العقم الجوهري
والحجارة
ذات الربيع الواحد، والصوت الواعظ
والرؤية الأكثر غبشاً، والنظرة
المتفرسة الأشبه بقطب الشمال.
الملاّح أوّلاً، ثمّ الكاهن، فطائر
الطيهوج
الذي ينفش ريشه خيلاء آن تفضّل أنت
المداس المنزلي الخفيف
على الأحذية الضيّقة.
لم تترك لنا سوى "النظام" وصلواته،
العالم الذي
يضبطه "السلوط" المقيم
منؤذ بدء الحشرات؛ الآن تسلل النثر العظيم
إلى
ِشعْرنا، والنحل الذي شرب الشمس
امتصّ آخر قطرات الصيف في وردة
إنكلترا
المستَنْفَدَة المؤجّرة كالضِيَع،
ولكن تبقّت له أقاليم الأرز المصفحة
بالمياه،
والغبن الواسع وسع آسيا. اللاجئون
يحتشدون في ابياتك،
وشاحنات المواشي المحتومة
تتدافع كمقطوعات الشِعْر في الاصداء
المُذْنِبة.
وإذْ ترقب أنت انتشار الأكاذيب الصدئة
والآلات المعطلة،
والتفاخر الكاذب المتحضر
من البوّابات الحجرية إلى السياج الكهربائي
والأسلاك الشائكة،
فإنّ أبياتك تميط اللثام عن ذلك كلّه، فنسمع الصرخات
في
غمرة نعيب الغربان المخنوق، وفي الغبار الذي يتعالى
من الأخاديد
المهجورة، ثمّ نبصر الأعين
التي تحمل آثار أقدام الغراب، في المنحدرات
كما في الندوب،
في الهضاب الصغيرة، حين تنطوي أخطاء ما نعانيه
داخل
خارطة تجربتنا الحديثة (6).

III
في عالم الصمت المسطّح الذي أنت فيه
تنغلق شقوق الأرض
التي صنعتها
الخطبة. وطائر زمّار النار
يرسم هامش الشاطىء.
وفي الأقاصي البعيدة، في مياه أشدّ خشونة،
تتكسّر الأمواج، وتطير
مثل
فتات أبيض تقذفه قطّاعة ورق،
مثل سُحُب من الفرشات.
سريعاً، من حقول التندرا الصافرة،
سيتبع الإوزُّ قوسَ الأرض
ثمّ
يعثر بدقّة على جزر الهند التي يريد
وسط الظلام العابق برائحة الجير،
والسنونو المدوَّن كالعلامات الموسيقية
على فواصل الأسلاك،
تُجمع
حناجرُه المُضْمَرة
على أنّ العالم باقٍ على حاله.
اشتقاقاتنا يا معلّمي
ما تزال معتمدة على صَفْقِ
الأجنحة التي
تَهَبُ قالبَها
إلى أبجدية مسمارية
بينما تحتدم همهمة القطّاعات
خلل أصيل النيون،
والأزرار
الإلكترونية تحرس زواج الأرض
من قمر راكد عاقر؛
ولكن، لا "السِّماك الرامح" (7) الجاثي
ولا زُحَل بهمهمته المرئية
مَن
يقود على اسطواناتنا
جوقة أغنية الزفاف.
كلما ازداد تحليق سفينة الفضاء
صوب رفّها النيوتوني
سمعنا المزيد
من المحادثة
التي يخضّبها الآدميّ في سريرته،
ورغم اشتراكك في معرفةٍ
يبدو صمتُها جائراً،
ورغم هذا العصر الذي
نسمّيه عصرك،
فإنّ صوتك هو محطّ وثوقنا.
ذات مرّة، في حجرة اجتماعات خشبية،
محاذية للشوارع الكولونيالية
الساكنة،
كانت تراتيل ويسلي (Cool المرفوعة
هي الحبال الصوتية في
حناجر عمّال المناجم؛
كان إيمانها هادئاً كأحطاب الغابة
ومتواضعاً كالخشب.
وحقيقتها،
كما تقول ذاكرتي،
محسوسة أكثر ممّا هي مفهومة؛
في الغدر كما في الإتحاد،
ورغم خطل الإمبراطورية
خضعتُ لعمادتي
الأولى
هناك، على اللسان الإنكليزي.
ذلك كان الخسران
الذي حوّل الامتلاك إلى بهجة،
ولقد تعلّمتُ شعركم
مثلما
تعلّمتُ المزمور ودرس الإنجيل.

IV
الشفق، والحمام الذي يرتطم
على قباب سان مارك (9)
يفزعنا بما
يملكه من نَسَق
في منافذ النار المستضيئة بالشمس،
يشفق الظلّ ذو المداس
على الأفاريز التي يجوسها
ويلتمع بأغنية
شمعون: Nunc Dimittis (10)
فالمدينة ما
تزال تحبّه.
أيتها الحِرْفة، غريبة الأطوار في اختيارها
لغم واحد ينطق باسمنا
جميعاً،
ويا أيها الضوء الذي لا ينكره ظلام،
ويا أيها الفضاء العصيّ
على الاختراق،
ثبِّتوا وسط الكواكب
الشرارة التي نحتفي بها ها هنا،
ذات الصبر
السيّار كالأبراج
إذْ يتلو صلاته الأرضية،
لكي تكون المدينة عادلة
والبشريةُ
بشرَ الخير.
يتحرّك المركب المحشوّ بالصدأ
في رياح إيست ريفر (11)
وأفواه
جميع الأنهار ساكنة،
ومصبّاتها
تلتمع باليقظة التي تَهَبُ الصانع
صنعةَ
الطمأنينة.

واصلْ أيها الشاعر حتى آخر قاع الليل

و. هـ. أودن
(انكلترا / أميركا)
(1907-1973)

(عن الإنكليزية): ترجمة أمال نوّار
(لبنان /
أميركا)

في ذكرى و. ب. ييتس

(رحل في كانون الثاني 1939)

I
الماركسي الذي انتهى صوفياً W-h-auden-2قد غاب طي
موتى الشتاء:
الغدران كانت متجمّدة، المطارات شبه مهجورة،
والثلج
شوّه التماثيل العامة؛
قد غار الزئبق في فم النهار إذ يزول.
على أيّ
الآلات اتفقنا
يوم مماته كان يوماً مظلماً بارداً.
بعيداً من مرضه،
الذئاب واصلت الجري عبر الغابات الدائمة الخضرة،
النهر
الريفي لم تغوه أرصفة الموانىء العصرية؛
بألسنةٍ نادبة
خُبِّىءَ
نبأُ موت الشاعر عن قصائده.
لكن بالنسبة إليه،
كان هذا مساؤه الأخير
ليكونَ فيه هو نفسه.
مساءٌ
من ممرضات وشائعات؛
مقاطعات جسده تمرّدت،
ساحات عقله لبثت خاوية،
الصمت
اجتاح الضواحي،
تيار شعوره انقطع؛
قد أصبح هو نفسه المعجبين به.
الآن موزعٌ هو بين مئة مدينة،
وبرمّته ممنوحٌ لعواطفَ غير مألوفة،
كي
يجدَ سعادته في غابةٍ من نوعٍ آخر
وليُعاقََبَ وفق قوانين ضميرٍ غريبة.
كلمات
الرجل الميّت
تحوّلت داخل أحشاء الأحياء.
لكن مع ما يَسِمُ الغد من أهمية وجلبة
عندما كالوحوش يزأر الوكلاء
على أرض البورصة،
والفقراء يطوون على آلام ٍ مما اعتادوه كفايةً،
وكلّ
واحد في خليّة نفسه شبه مقتنع بحريته،
هي بضعة آلاف سوف تفكّر بهذا
اليوم
مثلما الواحد يفكّر بيومٍ أتى فيه
فعلاً مغايراً قليلاً.
على
أيّ الآلات اتفقنا
يوم مماته كان يوماً مظلماً بارداً.

II
كنتَ ساذجاً مثلنا، موهبتكَ نجتْ منها جميعاً:
أبرشية النساء
الثريّات، الفساد المادي، نفسُك.
إيرلندا المجنونة دفعتكَ بأذاها إلى
الشعر،
اليوم لاتزال إيرلندا على جنونها وطقسها،
ذاك أنّ الشعر لا
يؤدّي إلى تحقيق شيء:
إنه ينجو في وادي انفطاره
حيث لن يرغب المدراء
الإداريون بممارسة تأثيرهم قط،
ليتدفقَ جنوب مزارع العزلة والأحزان
الناشطة
والمدن الفجّة التي نؤمن بها ونموت فيها؛
إنه ينجو من طريقةِ
صنيعٍ، من فمٍ.

III
الأرض تستقبل ضيفاً مكرّماً:
وليام ييتس يُوارى الثراء.
دع المركب
الإيرلندي يرسو
خالياً من أشعاره.
في كابوس الظلمة
كلابُ أوروبا كلّها تعوي
والأمم الحيّة تنتظر
كل
منها معزول داخل كراهيته.
عارٌ فكريّ
يحدّق إلى كل وجهٍ بشري،
وبحِارُ الرثاء
ترقدُ
محبوسةً
ومتجمّدة في كل عين.
واصلْ أيّها الشاعر
واصلْ حتى آخر قاع الليل،
بصوتك غير المتكلّف
الذي
لايزال يحضّنا
على المرح.
بزراعتك الشعر
ربِّ كرْماً من اللعنة
غنِّ عن الإخفاق البشري
بنشوةٍ
من الأسى.
في صَحَارَى القلب
دع النبعَ الشافي ينبجس،
في سجن أيامه،
علّم
الإنسان الحرّ
كيف يُحسن الثناء.

1939

لن يكون هناك سلام
رغم أنّ طقساً لطيفاً مشرقاً
يبتسم مجدداً
فوق مقاطعة اعتباركَ
الذاتي
مستردّاً ألوانه،
فإنّ العاصفة قد بدّلتك:
أنتَ لن تنسى
أبداً
الظلمة َ طامسة ً الأمل
الريحَ الهوجاء متنبئة ً
بانهيارك.
عليكَ أن تحيا مع معرفتك.
قبلك، في ما وراءك، وخارجك،
ثمة آخرون
في
غيوبٍ غير مقمرة لم تسمع بها قط،
هم مؤكداً ممن سمعوا بك؛
كائنات
غير معروفي العدد والجنس،
ولا يحبونك.
ماذا فعلت لهم؟
لا شيء؟
"لا شيء" ليس جواباً:
سوف تتوصّل إلى
الإقتناع
كيف ستتمالكُ نفسكَ عن ذلك؟
بأنكَ فعلت، بأنكَ فعلاً
ارتكبتَ جُرماً ما؛
سوف تجد نفسكَ متمنياً لو تستطيع إضحاكهم،
سوف
تتوق إلى صداقتهم.
لن يكون هناك سلام...
قاوِمْ، ثم ببسالةٍ هائلة كالتي تملكها،
وبكل
حيلة مجرّدة من الشهامة تعرفها،
دعْ ضميرك يستنيرُ مستقرّاً على هذا:
قضيتهم،
إنْ كانت لديهم واحدة،
هي لا شيء بالنسبة إليهم الآن،
إنّهم يكرهون
لأجل
الكراهية.

1956

أغنية عن الغيلان
يا رفيقي الصغير، أنتَ مضحك،
تراجعْ قبل أن تنتهي خاسراً قميصك:
إمض
ِ إلى أمّكَ، غَسّ*
هؤلاء
الذين يتعارضوننا
ينالهم الأذى.
المَنْقبَة الحَسَنة، تلغو الزوجات المسنّات،
بأنها دائماً تكسبُ
معركةَ الختام.
عزيزي،
يا عزيزي!
الحياة تماماً كما تتبدّى،
الحبّ
قد ينتصر في الكتب،
لا هنا.
نحن لا نمازحك،
نحن نؤكد لك:
هؤلاء الذين ركبوا هذه الطريق قبلك
ماتوا
بقسوة.
ماذا؟ لاتزال تائقاً بشدّة إلى عراك؟!
حسناً، أنتَ بلا ريب
مَنْ افترى على نفسه.
احترسْ!
مفعمٌ بالأمل دوماً، ألستَ كذلك؟
لا
تكنْ.
ها الليل يهبط، وليس هو بوقتٍ طويلٍ بعد:
لن ترى الفجرَ قط،
لسوف
تتمنى لو لم تولد
وكيف!

1963

نزهات سيراً على القدمين
أختارُ الطريقَ من هنا إلى هناك
حين أتوفّرُ على شائعةٍ مخزية
أنقلها،
أدواتٍ أعيدها أو كتبٍ أعيرها
إلى أحدٍ ما في الطرف الآخر.
العودة في ما بعد، رغم أنّ خطواتي
تعود لتتطابق وسابقتها إصبعاً
بإصبع،
تبدو معها الطريق جديدة برمّتها
الآن، وقد أُنجِزَ ما كنتُ
في صدده.
لكني أتفادى عودةً كهذه
عندما أمضي في نزهةٍ سيراً على القدمين
بغية
التنزه فقط:
ما تتضمنه من تكرار
يولّد التباساً يستحيل جلاءُه.
أيّ ملاك صالح أو طالح
أمرني الوقوفَ تماماً حين فعلت؟
ماذا كان
ليحدث لو أني تقدّمتُ
كيلومتراً إلى الأمام؟
كلاّ،
عندما تمَلْملٌ في النَفْس
أو ركامُ سُحُبٍ
يستدعي نزهةً
على القدمين،
فإنّ السبيلَ الذي أختاره يمتدّ ملتوياً
لينتهي حيث
بدأ.
يوصلني إلى البيت، هذا المسار المنحني
دونما حاجتي إلى الإنقلاب
عائداً إلى الوراء،
ولا هو يترك الخيار لي
لتحديد طول مسافة نزهتي.
مع هذا، فإنه يشبّع حاجةً معنوية
عبر تحويل السلوك إلى صنيع،
ذلك
أني كنتُ احتفظتُ بالبوصلة في صندوقها
إلى حين دخولي بابي الأمامي
مجدداً.
القلب، خائفاً من مغادرة صَدَفته،
أيضاً يحتاج إلى قطع مسافة مئة
يارد
بين مكان إقامتي وكل طريق عام على أنواعه،
Tمشكّلةً كذلك عندما
تنضمّ، مستقيمةً الحرف
Qالحرف ومستديرةً
مجيزةً لي في المطر أو
الصحو
اعتبار الدربين برمّتهما دربي؛
دربٌَ لن يسلكه جوّال
حيث
الدَعَسَات المطبوعة فيه
والتي لا تتطابق وحذائي،
كانت تبحث عني،
والأرجح،
خلّفها شخصٌ ما
أحبُّه.

1958

النهار ، يوليو 2007

نقش على ض ريح
( قصائد للشاعر و . ه. أودن )

(عن الإنكليزية): ترجمة عباس منعثر
(العراق)

توطئة
الماركسي الذي انتهى صوفياً W-h-auden-3يعتبر و. ه.
اودن من أكثر الشعراء تأثيرا وأهمية من بين شعراء عصره الذين يلقبون بجيل
اودن نسبة إليه. يقارنه بعض النقاد بإليوت من حيث الأثر والشهرة. في الفترة
الممتدة حتى الحرب العالمية الثانية أصدر اودن :

  • قصائد 1930 : تحليلات نقدية للحياة المعاصرة.
  • الخطباء 1932 : مجموعة قصائد.
  • رقصة الموت 1933 : دراما هجائية.

وبالتعاون مع كريستوفر اشروود ( الناقد والروائي والصديق الحميم ) أصدر
المسرحيتين الهجائيتين :

  • الكلب تحت الجلد 1935.
  • صعود F6 1936 .

وأصدر : " انظر أيها الغريب ". من خلال رحلته مع الشاعر لويس ماكنس،
أصدر " رسائل من الجزيرة 1937 " وهي مزيج من الشعر والنثر. أما رحلته مع
اشروود إلى الصين فقد أنتجت " رحلة إلى الحرب 1939 ". حسب اودن- في هذه
الفترة من حياته - على اليسار السياسي؛ لكنه لم يتحدث بلسان ماركسي بحت.
كان متعاطفا - لبعض الوقت - مع وجهة النظر الاشتراكية للعالم. وبحلول الحرب
العالمية الثانية رحل إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث درس وحاضر في
معاهد وجامعات عديدة ثم أصبح مواطنا أمريكيا هو وصديقه اشروود. وبذلك بدأت
مرحلة جديدة من تفكيره ونتاجه. لقد هجر وجهة النظر اليسارية وتبنى زاوية
نظر اقرب إلى المسيحية وأنتج :

  • وقت آخر 1940.
  • الرجل المزدوج 1941 : وهي استبصار مرهق لثنائية الخير والشر
    والجسد والروح معبر عنها بطريقة فريدة وماهرة.
  • مجموعة قصائد 1945.
  • عصر القلق 1947 : أهم أعمال هذه المرحلة وحازت على جائزة بوليتزر
    للشعر.

وبذلك انتقل اودن من المرحلة النقدية الاجتماعية الاحتجاجية، والتي يظهر
تأثير أفكار التحليل النفسي والماركسية واضحا فيها إلى الأعمال المتأخرة
التي ترك فيها أفكاره السابقة وتمثلت ب ( عصر القلق ودرع أخيل و تكريم
لكيلو و عن البيت ).
غالبا ما يعقد النقاد المقارنة بين اودن والشاعر
الرومانسي ( بيرون ) ذاتي النزعة والمتحمس للحرية والمطالب بها لنفسه أكثر
من مطالبته للآخرين. والفرق أن اودن القرن العشرين لا يملك إيمان بيرون
شاعر القرن التاسع عشر. وهو لا يرى أن عالما جديدا سيأتي مثلما آمن بيرون ،
لذا أطلق أسئلة شبه فلسفية شبه دينية، ولذا تشوش شعره بالقلق والخوف. امسك
اودن بتوتر وقلق وشك مرحلة ما قبل وما بعد الحرب العالمية الثانية، واشترك
أيضا في ردود الفعل الجديدة التي ميزت الثلاثينات والأربعينات من القرن
العشرين. يرى النقاد أن مساهمة اودن الرئيسة تكمن في إدخال المصطلحات
العلمية والكلمات الشعبية والارتقاء بها شعريا، وكذلك ولوج المواضيع
الدينية، الفلسفية، السياسية والنفسية في آن، وبطريقة حديثة تماما- فقد وسع
اودن حلول مواضيع كهذه في الشعر توسيعا كبيرا.
إن غنى نصوصه الهجائية
جعلت موقعه في الشعر الإنكليزي مثبتا بين الهجائيين أكثر من الغنائيين أو
الدراميين أو المتفلسفين من الشعراء. وهو يعتمد على أسلوب الكتابة
التلغرافية التي يحذف فيها أدوات الربط والأفعال أحيانا ولا يلتزم حرفيا
بالقواعد النحوية، ويستعيض عن بعض الكلمات بالتنقيط ( الفارزة بخاصة )
ويعتمد الجمل المركبة والمعقدة. وقد ارجع احد النقاد اعتماد اودن الأسلوب
التلغرافي وتعمده الغموض والتعقيد إلى تقصده أن يوصف بالعمق، وهي من أهم
أسباب صعوبة شعره وتعدد الطبقات فيه وحضور الاجتهاد في ترجمته. وبالإضافة
إلى اشتغاله على المجاز واللعب والتداخل في التراكيب واستثماره للأساطير (
العامة لحضارة المؤلف والخاصة التي ينحتها ويخترعها )، والاشتغال على الرمز
واستكناه الوجود البشري الغامض عبر لغة تستقصي الغموض… وبما أن اودن يراجع
كتاباته في كل مرحلة وبما انه يغير النصوص التي كتبها باستمرار، فان هذه
المختارات ( التي اختارها المؤلف نفسه ) قد تعرضت هي الأخرى للتغيير، فيها
قصائد أعاد كتاباتها كليا وفيها قصائد أجرى عليها تغييرات طفيفة، مما أغمض
بعضها على الفهم، وان عمق أثرها الإيحائي وخلصها من ضغط المرحلة نزوعا نحو
تقصيها المستقبلي… الخ من مسببات تعدد قراءة النص وانفتاحه التأويلي، فان
اودن يعتمد في كثير من نصوصه على التداخل والإحالة. يعتمد على الكتابة التي
تحذف الزوائد من النص وتتخذ من الفارزة والاستفهام عنصر التنقيط المتكرر
وربما الوحيد أحيانا، مما يؤثر في معنى التركيب ودلالة الجملة والدلالة
الكلية للقصيدة في نهاية المطاف - الذي سيؤثر في قراءة الجو العام للقصيدة
ومن ثم جودة ترجمتها. هي مغامرة خطرة أن تترجم لاودن، للصعوبات أعلاه
وغيرها، لكن ضرورته للقارئ تدفع المغامر، كما قال اودن، إلى المبتغى :
فوقك
أسراب الإوز تطير
نحو أهدافها الآن،
والغدران، تحت الجليد السميك،
تجري
إلى محيطاتها .
فاترك حيرتك المظلمة البليدة
وتعال إلى مبتغاك.

المترجم

***

مشهد بحري
أيها الغريب،
انظر إلى تلك الجزيرة الآن
فالضوء الزاحف
يكشف
المشهد لإمتاعك،
قف، أيها الغريب، هادئا وصامتا،
وراقب هدير البحر
المترنح
وهو يتسكع مثل نهر،
عبر تيارات الهواء.
قف على مرتقى
الحقل الصغير،
حيث يساقط الحائط الطبشوري رغوات،
ويضرب المد السلاسل
البحرية
المختفية تحت الماء.
قف وانظر إلى اللوح الخشبي
محمولا
على ظهر الأمواج
الطرية المتكسرة،
انظر إلى النورس وهو يستقر
على
قمة المنحدر، للحظة،
ثم يطير.
وبعيدا، كالبذور الطافية،
انظر إلى
السفن
وهي تؤدي مهمة ملحة ما.
هذا المشهد المتكامل
سيدخل ذاكرتك
وسيتحرك فيها
كما تفعل الغيوم
التي تعبر الصيف ومرآة الميناء الآن
مخترقة
الماء المتئد.

أغنية ميراندا
حبيبي لي كوحدة المرايا
كإخلاص الفقراء والحزانى للملك الطيب،
وكرقدة
التلال الخضر بالقرب من النهر دائما.
خلف الشجرة المسنة
قفز الرجل
المتشح بالسواد
تشقلب وهرب ملوحا :
حبيبي لي كوحدة المرايا.
صوت
عال
أطلقته العرافة،
وجسدها العجوز يذوب في الضوء
كما يغادر
الماء الينبوع
وكرقدة التلال الخضر بالقرب من النهر دائما.
على مفترق
الطرق،
صلى الأزلي لأجلي،
وانهمرت دموع البهجة مبددة :
حبيبي لي
كوحدة المرايا.
أيقظني حبيبي بقبلة،
بلا ندامة،
فأشرقت الشمس على
الأشرعة والعيون والحجر،
أشرقت على الأشياء كلها،
كرقدة التلال الخضر
بالقرب من النهر دائما.
ولكي نخلد تقلبات البستان،
تحلقنا كالأطفال
في دائرة الرقص،
فهو لي كوحدة المرايا
وكرقدة التلال الخضر بالقرب من
النهر دائما.

أغنية يوم الحساب
في صندوق كبير من غبائهم الضخم
خلط الزمن - الذي يزيف كل فرد
ويصدئ
كل قفل -
قيصر وطائر التم والسحلبية،
ومن اجل المزاح :
رمى
بالمفتاح بعيدا.
في شقوق الصندوق
يسخر السيل من الأنبياء
الذين
يتلاشون مع مرور الأيام :
يصنعون فائدة من كل صرخة،
قناعا لا يرتديه
احد الآن،
ولغة غبية تصعق الشعراء
الذين لا يفقهون سوى التورية.
يستقر
الصمت على الساعات،
والأمهات الممرضات، بسبابة حكيمة،
يشرن إلى سماء
تتلون بلون الشمس الغاربة،
وفي وادي الذئاب
تلمع ماسورة مسدس.
ذات
مرة، صنعنا ذيولا،
والآن، فات أوان الطيران،
ذات مرة،
أنا وأنت
فعلنا
ما لا ينبغي فعله،
وبين الصخور الوعرة
تتأهب الخسّة للانقضاض.

أغنية
أطلق، يا أمير البحار، جناحيك
للرفرفة البطيئة المتحفزة،
حتى يسهو
سمك السلمون
العجوز الحكيم فتنقضّ عليه.
سوداء هي الأعماق
التي
تغلف أساطيلك البراقة،
يا أمير البحار،
وابيض هو رأسك تماما.
باستغراق،
اقرأ، أيها الرسول،
آثار ( ستندال ) المفضلة لديك،
فالأقاليم
البعيدة ضائعة
والفرسان غير الحليقين
يتجرعون الخمرة المعتقة
في
مشرب ( كوتيكس )،
حيث رقصت في الأيام الخوالي.
لا تلتفت،
ولا
تراقب الحبيبين
المنتشيين بساعة حظهما هذه
الواقفين على الجسر بين
أملاكك؛
فليس الأمر بمختلف
في بهاء ذاكرتك أو قوتها،
يا أمير
البحار.
قوتك ومهارتك
غير قادرتين على فعل شيء،
لن تغير قناعتهم
ولن
تعرقل هجوم الأرواح المنتقمة
التي بملامحها المروعة،
في مكان ما،
تترصدهم
الآن.

أغنية
هادئة وحميمة
تلك الأميال الشاسعة،
شواطئ الحنين البيض
تمتد
بعيدا،
وومضة المعرفة
تملا أيامنا كلها،
وتضيء العالم الصغير بين
اذرع المحبين.
الغابة تصحو للتو
ينتهكها الصمت :
النعسان يخطف
الكنز المخبأ
ويهبط الصمت الأخضر
على ظلال الرموش الناعسة
وتكشف
البسمة.
ها هو يعود حيا !
ولد التائه في أعالي البحر
على سفينة
محطمة عائدة إلى الوطن :
يحترق الماضي البليد الجاف
في نار التمجيد،
ونحن
- على مر الحياة - لن تفترق أبدا.

الباكية على مفترق طرق
أيتها الباكية على مفترق طرق
هل التقيت، في الغسق،
حبيبك، مع كلاب
الصيد
وعلى قفازه ألباز؟
بالرشوة
اسكتي الطيور التي على الأغصان
عن
التغريد،
وترقبي الشمس اللاهبة
حتى يحين الليل.
بلا نجوم هي
ليالي الرحيل
وموحشة ريح الشتاء
تعدو بالرعب أمامك
تم تتألم
خلفك.
اندفعي حتى تسمعي
هدير البحر السرمدي،
ورغم أن البحر عميق
ومر
فستغطسين فيه.
منهكة تكابدين في أعماق البحر
باحثة في حطام
السفن
عن المفتاح الذهبي،
وتجدينه.
واصلي السير إلى نهاية
العالم
ثم امنحي الحارس المرعب قبلة
واعبري الجسر المتمايل
فوق
الهوة.
تنتصب أمامك القلعة المقفرة
مستسلمة للارتياد،
ادخليها
وتسلقي السلم ألمرمري
وافتحي الباب الموصد.
اجتازي قاعة الرقص
الفارغة الصامتة،
لا خطر عليك ولا خوف،
وحالما تزيلين خيوط العنكبوت
عن المرآة،
تشاهدين وجهك فيها.
خلف خشب السنديان ابحثي،
وصلت
مهمتك إلى منتهاها،
وحين تجدين المطواة هناك،
اغمديها في قلبك
الزائف.

السؤال
من السهل، عليك، في لقاء أو ما شابه،
أن تسال السؤال الصعب
وأنت
لا تملك سوى
لمحة بسيطة من المعرفة.
من السهل أن تسال السؤال الصعب
عن
دروب هؤلاء وأفعالهم،
فذلك أسهل ما تستطيعه
إرادتك المشوشة.
إلا
أن الجواب صعب
وصعب عليك تذكره،
أكان على الدرجات أم على الساحل،
ومهما
تصغي الآذان للكلمات،
مهما تراقب العيون من حركات التوضيح
فلا ثقة
لها بما تعلمته
عن كيفية أداء تلك الأشياء.
وبإهمال الرؤية والإصغاء
يصبح
النسيان سهلا،
إذ لا يبقى في الذاكرة
سوى طريقة التذكر
سوى
التذكر بطريقة أخرى فقط.
لا تتبقى
سوى الكذبة المثيرة بشكلها الغريب

فأنت خائف
من تذكر ما أهملته السمكة
وكيف هرب الطير،
وفيما
إذا أطاعت الخراف.
إلى أن تصبح السمكة،
يصبح الطير،
تصبح الخراف،
شبحية،
حين
تفقد ذاكرتك،
والأشباح ستعيد ثانية ما يسبب الألم.
حينها يلتمس
الخوف السماوات العاصفة،
تلتمس البرودة الماء،
والطاعة تلتمس السيد.
أيمكن
لذاكرتك أن تحيي
ذكريات الدرجات والساحل،
ذكريات الوجوه، ذكريات
أمكنة التلاقي،
هل سيحيا الطير
وتغطس السمكة
وهل ستذعن الخراف؟
هل
ستذكر ذاكرتك كل ذلك؟
أيستطيع الحب أن يتذكر
السؤال والجواب
أيستطيع
الحب استعادة ما صار
مظلما وغنيا ودافئا ؟
أيستطيع ؟

تحت الصفصافة الحزينة
تحت الصفصافة الحزينة
لا تعبس أيها العاشق،
فحلمك سيتحقق،
فيم
تفكر إذن؟
موقفك الكئيب والمنعزل
يبرهن على برودتك.
قف، إذن،
واطوٍ خريطة دمار.
عبر العشب الداكن
تقرع الأجراس
لأجل ذكرياتك
الحزينة
التي لا يتطلبها الحب.
فلٍمَ يحب الأحياء ويذعنون للفقدان
وأيديهم
متشابكة ؟
مع ذلك، تقدّم أيها العاشق وستنتصر.
فوقك أسراب الإوز
تطير
نحو أهدافها الآن،
والغدران، تحت الجليد السميك،
تجري إلى
محيطاتها.
فاترك حيرتك المظلمة البليدة
وتعال إلى مبتغاك.

حلم
رغم انقضاء الليل،
تبقى الأحلام متشبثة بالمكان،
تحشرنا في جحور،
مهملة
كنهاية سكة القطار،
مزدحمة بالكآبة أسرتها،
التي على إحداها انعزلنا
في
زاوية بعيدة.
لم توقظ همساتنا الساعات،
قبلنا بعضنا وكنت مسرورا بك،
ومثل
غيرنا
رقدنا بعيون عدائية
اثنين اثنين على كل سرير منعزل،
وأذرعنا
تطوق بعضنا
هامدة وحزينة بغموض.
فأي ذنب مخبأ
أي شك مهملك
انك،
بغير خجل،
فعلت ما لم أتمن قط:
اعترفت بحب آخر،
وأنا الضحية،
مذعنا،
أحسست
بأنني غير مرغوب فيه،
ومضيت بعيدا.

صلاة ليلية
اجعل هذه الليلة حبية،
أيها القمر، وباركني
وأنت تنظري من الأعالي

بعين واحدة،
يال الروعة :
حبيبك بقربك
والأصدقاء في كل مكان.
بألق
صاف
طوّق غياباتنا
لتكون هجعاتنا بريئة
مباركة بالفضاءات
الخالدة
بالتلال البيض، والأعماق البهية.
وحين تفرقنا الظروف
امنح
الكل غفرانك
ذلك أننا قد نلتقي في الأحلام
لنتحدث، لنتداعب
بالقرب
من الموقد الدافئة
وتيارات الهواء الباردة.
هذه الليلة،
مخافة أن
لا يشرق نجم،
في الظلام،
وحيدا في الفراش،
استيقظ
وأنت تستمع
إلى غضبه الشديد
مبتهلا لو أن غرامه
قد تلاشى.

ضراعة لاريل
غن، يا أريل، غن،
رقيقا وهادرا،
بلا بغضاء،
بعيدا عن الماء
الكسول.
غن مشرقا،
وأنت تطلع من الشجرة الناعسة،
أغنية مبهجة
موبخة
للقلب المغتاظ.
اصدح بأغنية أكثر رقة
من هذا العالم القاسي،
والإله
عديم الشعور.
غن بروعة و اشراقة العزلة،
بروعة واشراقة الحياة
والموت،
غن، أغنية هادئة، للإنسان،
اعني لي،
غن الآن، واعني
دائما،
بالحب أو بدونه،
ومهما يعني ذلك :
يسلك أريل الممر الصامت
المؤدي
إلى عدم الاطمئنان.

في أسطورة
اقتحمي معه،
هذه الأساطير يا حبيبة،
ولأجله
خذي على عاتقك
كل
ما في الأسطورة من غرائب:
إذعان البطل لمتطلبات البطولة،
فكوني
مثله، يا حبيبة،
مخلصة للمتطلبات تلك.
وإذا رغب بتهدئة سقامات قلبه
فعليه
أن يجتاز تلك البحار المتآكلة،
كما يفعل الدلفين،
وكالثعلب الماكر
الذي يتصيد بين الصخور،
اهمسي في أذنه بالعبارة الشائعة
التي تغبط
الحراس هناك،
وعندما تتعقبك الطيور العملاقة
عبر المستنقع الأزرق
عودي
حقيقية ثانية،
واطلعي من فخذيه
كما يطلع الجواد الصغير،
ورشيقة
كالريح
احمليه بعيدا
حتى يتهلل مبتهجا
وحتى تجتازان الحراس.
أخيرا،
عندما
تنجلي تلك المخاطر
التي عبرتماها
وينفد توقه للأسطورة،
قفي يا
حبيبة
على حافة الخيال :
طالبي بما تستحقين،
قدمي رقبتك للضربة
البغيضة
من سيفه الكاره،
ذلك أن عينيه، وهو يلتفت إلى الخلف،
ستنظران
بدهشة إليك،
بحثا عن الخلاص الذي يريده،
ساعتها
يكون قد حرر حبك
الإنساني
من الوهم.

كآبات المبكى
فوق الخلنج
تخمد الريح الرطبة
ثمة قمل في سترتي
وزكام في
انفي.
يساقط المطر مدمدما
علي، أنا جندي الجدار، ولا ادري لم.
يزحف
الضباب الشفيف
فوق الصخرة الرمادية القاسية.
فتاتي في ( تنكريا )،
وأنا، هنا، أنام وحدي.
بالقرب منها
يتسكع ( اولوس )
الذي لا وجهه
أحب، ولا وسائله.
أما ( بسو) فرجل مسيحي،
انه يعبد السمك.
لا
يهتم بالقبلات إذا حصل على ما يرغب.
في يوم ما
أعطتني ( مكنني )
خاتما،
رميته بعيدا،
ما أريده هو فتاتي، ما أريده هو اجري.
لو
أصبح قرصانا بعين واحدة،
لن افعل شيئا سوى التحديق بالسماء.

كانيميد
من على عرشه
نظر ( كانيميد ) بحنكة
إلى الشاب المتواضع
الذي
يرعى الغنم،
وأرسل حمامة،
فعادت وحدها؛
لكن الشاب غفا
على
أنغام الموسيقى التي تحب.
( كانيميد )
كان قد رسم مستقبل الشاب :
سيفرض
الواجب عليه بالقوة،
سيحب الحقيقة آنفا،
وسيرد العرفان.
لقد سقط
عقابه.
لم تتحقق رغبات ( كانيميد )
فقد ضجر الشاب من حديثه
وفغر
فمه وصفر
وتلاعب بوجهه،
ليتملص من متطلبات الأبوة.
لكن رغبة
التحليق مع العقاب
ما فتئت تتملكه
حيث هام وحلم
وتعلم طرقا شتى
في القتل.

قصيدة قصيرة
أيها الرجل المتيم، الفاحم كالليل،
اتبع حبك عبر التلال المضببة،
فقنديلك
مطفأ وكل الحجيرات هادئة،
طارد من اجل قلبها ولا تفقده،
فالأحد مر
سريعا.
يا ( كيت )
لا تطيري متعجلة
فالاثنين يأتي عندما لا يقبل
احد أحدا :
كوني رخاما لسخامه، ولسواده بياضا.

نقش على ضريح
ظلّ يطارد الكمال
وشعره سهل الفهم،
عرف الحماقة الإنسانية كظاهر
يده،
كان مهووسا بالجيوش والأساطيل،
إذ يبتسم
ينفجر المسؤولون من
الضحك،
و إذ يبكي يموت الأطفال في الشوارع.

كيردومدي
يجيء قطار غريب من الجنوب،
ثمة ازدحام حول حاجز قطع التذاكر،
ثمة
وجه لا يتلقاه المحافظ بالأبواق والأشرطة :
الغموض المحيط بفمه
يجمع
بين الذعر والرأفة.
يتساقط الثلج،
وممسكا حقيبته الصغيرة
خرج
رشيقا كي يلوث المدينة.
ربما وصل توا مستقبلها المرعب.

القانون مثل الحبّ
و.ه. أودن

(عن الإنكليزية): ترجمة أديب كمال الدين
(العراق)
الماركسي الذي انتهى صوفياً W-h-auden-4القانون،
يقول البستانيون، هو الشمس
القانون هو الشيء الوحيد الذي يطيعه كلُّ
البستانيين
غداً، البارحة، اليوم.

القانون هو حكمة الشيوخ
يوبخ
الأجدادُ الواهنون بحدّة،
فيخرج الأحفاد لساناً ذا صوت عالي الطبقة:
القانون
هو أحاسيس الشباب.

القانون، يقول الكاهن مع نظرة كهنوتية
شارحاً
للناس اللاكهنوتيين:
القانون هو كلمات كتابي الكهنوتي
القانون هو
منبر وعظي وبرج كنيستي.

القانون، يقول القاضي وهو ينظر نظرة ازدراء
متكلماً
بوضوح وصرامة شديدة:
القانون هو كما قد قلتُ لكَ من قبل
القانون هو
كما أفترض انكَ تعرف
القانون هو، فقط، دعني أشرحه لك مرّة أخرى
القانون
هو القانون.

مع ذلك، فالقانون، يكتب علماء القانون الثابتون،
ليس
بالخطأ ولا الصحيح
القانون هو الجرائم
المعاقبة في الأمكنة والأزمنة
القانون
هو الملابس التي يرتديها الرجال
في أيّ وقت، في أي مكان
القانون هو
صباح الخير ومساء الخير.

يقول آخرون: القانون هو قدرنا
يقول
آخرون: القانون هو دولتنا
يقول آخرون، يقول آخرون:
القانون قضى نحبه
القانون
قد ولّى.
ودائماً تصيح الجماهير الغاضبة الصاخبة
بغضب شديد وصراخ
شديد:
القانون هو نحن
وكذلك، دائماً، يصيح الأبله اللين العريكة
بتؤدة انه: أنا.

إذا كنا، يا عزيزي، نعرف اننا نعرف
ليس بأكثر
مما يعرفون عن القانون
إذا كنت أعرف ليس بأكثر منك
ما الذي ينبغي
علينا وما الذي لا ينبغي
ما عدا ذلك المتفق عليه
بسعادة أو بتعاسة
ذلك
ان القانون هو
وذلك ما يعرفه الكلّ
ولذلك يعتقدونه عبثاً.
تعريف
القانون ببعض كلمات أخرى.
بخلاف الكثير من الرجال
أنا لا أستطيع
القول ثانية بأنّ القانون
ليس بأكثر مما يستطيعون
فنحن نقمع الرغبة
الكونية لنخمن
أو ننزلق من مكانتنا الخاصة إلى حالة لا مبالاة
رغم
انني أستطيع، على الأقلّ، أن أقيّد
فراغك وفراغي إلى حالة جبن
إلى
حالة شبيهة بالجبن
فنحن سنتباهى على كلّ حال:
القانون مثل الحبّ،
أقول
مثل الحبّ لا تعرف أين ومتى
مثل الحبّ لا نستطيع أن نفرضه
بالقوة
أو نطيّره
مثل الحبّ نحن، دائماً، نبكي
مثل الحبّ نحن،
نادراً، ما نستمر.

شاعر مجدد في الحركة الشعرية الانكليزية... حياته
ومثليته وخيانته

(في مئوية الشاعر الانكليزي الامريكي ويستان هيو أودن)


ابراهيم درويش

و.ه. أودن وصديقه كريستوفر إيشروود
الماركسي الذي انتهى صوفياً W-h-auden-5في
الثلاثينات من القرن الماضي، كان ويستان هيو أودن شاعرا مهما في الحركة
الشعرية البريطانية. سافر كثيرا، وطاف العالم، وكان كما وصفه معاصروه شاعر
الشباب الانكليزي، واجتازت شهرته الاطلنطي. كان صوت الشباب وصوت المتحمسين
اليساريين، ونظرا لهذه الشهرة خصصت مجلة نيو فيرس عام 1937 عددا مزدوجا له
ولشعره، ولم يكن الذين شاركوا في مديح اودن متفقين على هذه الشهرة، إذ كان
هناك عدد من الذين شكوا فيه وفي اخلاصه. وكان الشاعر المعروف توماس ديلان
قد شارك بنص غامض، حيث قال انظر الى شعر اودن كما انظر الى النظافة.
المعرفة والممارسة قائمة على تحليل متحيز لفوضى النظام المعاصر، ويتعلق
بالحفاظ على الصحة وتشجيعها، العلوم النظيفة وقلع الماليخونيا، في بعض
الاحيان انظر الى شعره على انه تعبير ع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الماركسي الذي انتهى صوفياً :: تعاليق

نابغة
رد: الماركسي الذي انتهى صوفياً
مُساهمة السبت يوليو 31, 2010 7:00 am من طرف نابغة
شاعر الفرنسي أندريه فيلتير واحدا من أهم شعراء فرنسا في الفترة الراهنة،
لكننا يجب الاعتراف بأنه واحد من أشهرهم وأكثرهم حضورا، على الأقل، على
الساحة
الإعلامية. فمنذ أن أسس مجلة «كارافان» عرف كيف يخط مسارا، جعله
يتبوأ
في ما بعد إدارة سلسلة «شعر» الصادرة عن منشورات «غاليمار» الفرنسية،

التي تعد من أهم سلاسل الشعر في العالم. ويجب هنا القول، إن هذه السلسلة
عرفت
منذ أن استلمها اتساعا وانفتاحا لم يكونا موجودين من قبله، إذ أصبحنا
نرى
فيها بكثرة، أسماء شعراء غير فرنسيين، بل لنقل إنه كان السبب الرئيس في
إفساح المجال للشعر العربي بالدخول إلى هذه السلسلة، حيث نجد فيها اليوم
أسماء
محمود درويش وأدونيس
 

الماركسي الذي انتهى صوفياً

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» انتهى جدل الخلافة في مصر
» انتهى الحجيج.. فهل اقتربت الحرب؟! عبد الباري عطوان
» ابداع من عالم انتهى
» انتهى الكلام! الياس خوري
» يا مبارك انتهى دورك.. انصرف صحف عبرية

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: تـــــــــاء التأنيث الـــــمتحركة زائر 745-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: