المغرباعداد : ميلود الرحالي- باحث في الجغرافيا الاجتماعية – إبراهيم بلوح – باحث في علم الاجتماع – المغرب .
[size]
تحميل الدراسة ملف “pdf” من خلال الرابط المرفق: –
[/size]
[size]
ملخص:
أصبح العالم الافتراضي الرقمي اليوم بمثابة المجال العام الذي يلتقي فيه المواطنون لتبادل الآراء ومناقشة ونقد القضايا السياسية. وقد بدأت ملامح جديدة تبرز على سطح الواقع بين هذا المجال العام وباقي المجالات السياسية والاقتصادية، وصار يعمل على بلورة علاقة جديدة في طور التشكل والبناء بين كل من الدولة وأفراد المجتمع. ولعل حملة المقاطعة، الافتراضية المنشأ، والواقعية التأثير التي يعرفها المغرب اليوم، تؤشر عن ميلاد حركة اجتماعية أسهم في إنتاجها وإعادة إنتاجها السياق السوسيوتاريخي الذي يؤشر على فشل كل أشكال الوساطة التقليدية في تحقيق مطالب عموم المواطنين. هذا الفشل الذي ما يزال الفعل الاحتجاجي يكشف عنه من خلال مختلف ردود فعل الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين. وهو ما يفرض احتمال تجاوز هذه المقاطعة لكل السيناريوهات الرسمية، وتحولها إلى حركة اجتماعية عبر فعلها الاحتجاجي إلى ما يمكن تسميته ﺑ ” المجتمع ضد الدولة”.
مقدمة:
خلال مرحلة الربيع العربي شكل المغرب استثناء بكل المقاييس، استثناء من حيث طبيعة المطالب الشعبية التي كان عنوانها “إسقاط الفساد”، عكس الشعارات الصريحة في دول الجوار التي كانت تنادي صراحة ب”إسقاط النظام”. واستثناء كذلك من حيث رد فعل النظام السياسي الذي عمل على تبني ترسانة من الإصلاحات لتخفيف الاحتقان، بدء بتعديل الدستور، ومرورا إلى الشروع في التحضير للانتخابات، وانتهاء بتعيين حكومة السيد بن كيران، والتي حرصت على تقديم نفسها “حكومة شعبية”.
مرت حوالي سبع سنوات، فوجد الشعب المغربي نفسه أمام وضعية اجتماعية لا تختلف كثيرا عن سابقاتها، وكان عنوان المرحلة الأبرز، غلاء واضح في أسعار السلع والخدمات. وتعتبر سنة 2018 سنة تحولات الأسعار بامتياز. وفي هذا الخضم كانت ردود فعل المجتمع المغربي تتباين بين الظاهر والمضمر، بين الواقعي والافتراضي، بين النخبوي والشعبي.
وبعد خروج ساكنتي “الحسيمة” و”اجرادة” للمطالبة بتوفير شروط العيش الكريم
[1]، وبين نضالات المتدربين ووقفات المستخدمين من أكثر من قطاع، انبثقت حركة اجتماعية جديدة، إنها “حركة المداويخ”
[2]، أو هكذا يسمي بعض روادها أنفسهم. وهي حركة افتراضية المنشأ وواقعية التأثير، إعلامية المدخل وسياسية المخرج، فئوية المبادرة واجتماعية المشاركة. وقد جسدت هذه الحركة تحولا “سوسيونضاليا” فارقا ومنفتحا على أكثر من احتمال. فهل ستركن الحركة الجديدة إلى النماذج النضالية الاحتجاجية السابقة في المغرب؟ أم أن مآلات الحراك الحالي ستدفع في اتجاه التأسيس لحركة اجتماعية واعية لتغيير الأوضاع؟
إن هذه الدراسة تستهدف الكشف عما يميز هذه “المقاطعة” عن مختلف أشكال الفعل الاحتجاجي السابقة، وذلك عبر البحث عن المتحول في هذه الأخيرة، فضلا عما ظل ثابتا فيها. كما تتغيا أيضا الوقوف على حدود هذا الفعل الاحتجاجي مجاليا: أي هل اقتصر الأمر على مغاربة الداخل فقط دون غيرهم، أم عم أيضا مغاربة الخارج؟ وما الذي فرض هذا الانزياح الاحتجاجي مجاليا؟، كما ترمي كذلك إلى رصد انعكاسات هذا الفعل الاحتجاجي الجديد على مختلف مكونات المجتمع المغربي، والكشف أساسا على استراتيجيات الفعل/رد الفعل الممكنة، سواء من قبل المقاطعين؛ أو الوسطاء التجاريين؛ أو أصحاب الشركات المقاطعة منتوجاتُها، أو من خلال مختلف التدابير والإجراءات التي اتخذتها الحكومة المغربية تعاطيا مع هذا الفعل الاحتجاجي.
وللإجابة عـن هـذه الـتـسـاؤلات، وبغية التحقق من الأهداف التي تتغياها هذه الدراسة، ستعمل هـذه الـورقـة فـي الـقـسـم الأول على تقديم إشكالية الدراسة وفرضياتها، وكذا مختلف الأسئلة التي تطرحها. أما القسم الثاني فسيتعرض لتحديد منهجية البحث. فيم القسم الثالث، سيعمل على تحليل نتائج الدراسة، وقراءتها في ظل سياق حملة “المقاطعة” مع مختلف الاحتجاجات الاجتماعية السابقة، على ضوء ثنائية الثابت والمتغير، وعبر سؤال متغير المقاطعة وعبور المجال الجغرافي. ثم من خلال آليات التفاوض والحوار الجديدة، التي بات يفرضها هذا الفعل الاحتجاجي الجديد “المقاطعة”، وأخيرا من خلال سؤال الانتقال من فعل احتجاجي إلى حركة احتجاجية فاعلة ومؤسسة.[/size]