** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

 

 رجائي موسى: لماذا نحدق في النساء؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فدوى
فريق العمـــــل *****
فدوى


التوقيع : رجائي موسى: لماذا نحدق في النساء؟ I_icon_gender_male

عدد الرسائل : 1539

الموقع : رئيسة ومنسقة القسم الانكليزي
تاريخ التسجيل : 07/12/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 7

رجائي موسى: لماذا نحدق في النساء؟ Empty
05042018
مُساهمةرجائي موسى: لماذا نحدق في النساء؟

رجائي موسى: لماذا نحدق في النساء؟ 10481940_10152100770332750_8503694835802912847_n-297x300


كان نرسيس يأتي كل يوم لكي يحدق في البحيرة، لكي يطمئن إلى صورته. امرؤ يقف في امتلائه، ينظر إلى اكتمال صورته، إلى حضوره المرآوي. يسرف في النظر إلى انعكاساته حتى يجف ماء العين أو تنضب البحيرة. قرر أن يذهب إليها فمات. بكت البحيرة/المرآة نرسيس فجفت أو تبعته إلى النهاية، فبدورها كانت تحدق لكي تمتلىء، لكي ترى صورتها في مرآته/عينيه. لم يعد نرسيس يأتي لكي يقف على حافتها منكفئًا على ذاته، متلألئًا في ظهيرته الخاصة.
سألت الأوريات، ربات الغابة (ربما فوكو أو لاكان أو.. من كان يقف معهما كشهود للواقعة، شهود التحديق): من الذي يحدق؟

لاكان J. Lacan يخبر بأن من ارتكب التحديق هو الآخر الذي لم يظهر في المشهد. من هو هذا الآخر؟ الآخر الذي رأني. كان نرسيس مسكونًا به، بينما الآخر كان يحدق فيه، يلتف التفاف حبل حول الجسد، يدور حوله، يحيطه. الآخر هو الخيالي الذي يحل في المرآة. هذا الذي يسن شرائع الذات باسم الأب وبقانون الأب، وهو مشرع قوانين هذا المجال، وهو منشىء تخيلاته وصوره. أنا بدوري ضحية التحديق الذي طالني في منزل الأب، وفي مفازته المحروسة بشرائعه وأبجديته الأبوية. أنا رغبة الآخر، الآخر يتكلم عبري ونحوي وبي وأنا ألوذ بالبحيرة خوفًا من الصور التي يزين بها أبي المنزل/البيت، صورتي تتلألأ فأذهب نحوها، هناك، فأموت. لا خلاص من البيت ولا من صور الأب الميت.
فوكو يتفحص رسوبيات هذا الموقع ويقلب أرشيف العيادة (في ميلاد العيادة 1960) ويضع يده على سجل التحديق بوصفه أداة السلطة الطبية لإخضاع جسد المريض/الخارج/المجنون، وهي الأداة التي أثبتت فاعلية عالية في السيطرة على جسد النزيل، كان عليه (المجنون) أن يدرك أنه موضوع النظرة، هذه النظرة التي لا يمكن الرد عليها، التي من شأنها أن تنظم العالم من حوله لكي يتطابق مع صورته، بوصفه غريبًا، شاذًا، مجنونًا. وكان على “توك”، طبيب مستشفى دار الشفاء بانجلترا، “أن ينظم ما يشبه الفرجة الإحتفالية حول سلوكيات النظرة” (فوكو). إن السلطة ليست عمياء كما يعتقد بل هي عين؛ تحرس وتراقب وتكافىء أيضًا.
لقد انتقل مفهوم التحديق بكامل فاعليته، بل وتم مضاعفته وتهجينه عبر الدراسات “ما بعد النسوية” ليعمل على سطح أكثر تشتتًا ومرآوية. لقد تساءلت لورا مالفى عن الطريقة/العين التي ينظر الرجل بها إلى المرأة، وطريقة نظر النساء إلى أنفسهن في المتعة البصرية والسرد السينمائي، وكشفت عن تمثيل المرأة بوصفها موضوعًا قابلاً للامتلاك وللغواية، كائنًا مثيرًا ومغريًا، تقدم إلى مشاهدين ذكور وتلمع أمام كاميرا ذكورية وممثلين ذكور، وهذا لا ينفصل بالضرورة عن طرحها كسلعة عبر سرد سينمائي يعمل على مضاعفة العالم الخيالي الذكوري وذلك عن طريق الرموز الجنسية والصور العارية، فيدخل المشاهد في أحلامه وهلوساته؛ فعندما أكون في السينما يكون الآخر الذي يظهر على الشاشة موضوعًا لتحديقي. لقد تم تصميم المرأة لتكون فقط موضوعًا للإغراء. وكشف خطاب السرد السينمائي عن ثنائية ذكورية وهي؛ المرأة السلبية/ في مقابل الرجل الإيجابي. وهكذا تظهر المرأة بوصفها آخر، أو ليست برجل، فعبر الحيل الذكورية تصبح المرأة امرأة، وهي لم تولد كذلك كما تقول سيمون دى بوفوار. ووفقًا لتحديق الرجال تنظر النساء إلى أنفسهن، فالمرأة لا تنظر إلى نفسها في مرآتها الخاصة، بل تتطلع لها بواسطة عين/مرآة الرجل. يقول بيرجر من خلال دراساته للجسد العاري في لوحات نساء عصر النهضة:
الرجال يفعلون، والنساء يظهرن، والمرأة تشاهد نفسها وهي يُنظر إليها.
وعبر سلسلة مترابطة من التحديقات تتحول المرأة إلى مرآة الرجل تعكس خيالاته ورغباته، وتصير النساء أشياء الرجل الجميلة المغرية التي يحتفظ بها في المنزل أو في الصور أو في العمل وفي الترفيه والمتعة. لقد خلقن كوجوه حسنة وجنات وعيون ماء وحوريات. ومرة ثانية يظهر لاكان:
التحديق هو امتلاك الآخر في مجال الرؤية،
لقد أصبحت المرأة امتدادًا لذات الرجل أو عبدًا في إمبراطورية الذات الذكورية. فالتحديق يجعل الذات حاضرة أمام مرآتها، ويجعل المرأة مرآة مصقولة لتعكس صورة المحدق، ويتم تجهيزها (المرأة) لكي تكون مرآة أكثر لمعانًا، فتنة، تأثيرًا، وموشحة بلباس الفضيلة أيضًا، لكي تعكس قيم وخيالات المجتمع الأبوي، ومتطلباته الدينية والدنيوية. إن التحديق هو استراتيجية ذكورية لتثبيت المرأة في رمزها التاريخي/الممثل، أي تثبيتها كرمز ثقافي وهوية. هو استراتيجية لتثبيتها كآخر، فهي ليست رجلاً، بل كائنًا غريبًا، شاذًا، ناقصًا، ضلعًا أعوج…الخ. وهذا لكي يبقى الرجل على امتيازه بوصفه الذات/الأصل/العقل.

ربما علينا أن نقوم بخطوة أخرى تجاه لفظة التحديق، أن نتفحص دلالاتها في معجمنا العربي. جاء في لسان العرب أن
حدَقَ به الشيءُ وأَحدقَ: اسْتَدارَ؛ وكل شيء اسْتَدار بشيء وأَحاطَ به، فقد أَحدَقَ به. والحَدِيقة: كلُّ أَرض استدارت وأَحدق بها حاجزٌ أو أَرض مرتفعة؛ وقيل: الحديقةُ البُسْتانُ والحائط وخص بعضهم به الجَنةَ من النخل والعنب؛ لا يُحْدَق عليه إلا وهو مَضْنُون به مُنْفِسٌ، وكلُّ بُستان كان عليه حائط، فهو حديقة، وما لم يكن عليه حائط لم يُقَل له حديقة.
وكأن فوكو ينطق بحفرية لسانية من رسوبيات هذا المعجم. استدار والتف لكي يستحوذ أو يقبض على شيء، لكي يسوره، يحيط به، يحفظه ويصونه. وكأن التحديق يأتي للحماية أو للتعيين مثل سور أو ساتر، أو غطاء. فالحديقة إذن لا تسمى حديقة بدون سور، فهي كالمرأة لا تصبح امرأة بدون تحديق. أما في أكسفورد فيأتي الفعل gaze مرة بوصفه نظرة حادة stare، ومرة gawk نظرة طويلة تنم عن غباء، مثل نظرة السائحين للمشاهد المحلية وهو ما يعرف بالنظرة السياحية التي تعكس اختلاف المكانة الاجتماعية والحضارية، وأيضًا تأتي للدلالة إلى نظرة وقحة أو فضولية، ويشير Michael Argyle إلى إن لفظة gaze قد تشير إلى النظرة الملحقة peripheral وهي
النظرة التي تلحق الآخرين ضمن مجال الرؤية، ولا تركز على الرأس والوجه، بل على الجسم كله.
وخبرات النساء تضيء ما يشير إليه معجم أكسفورد، فهن خبرن بشكل جيد كيف يستقبلن نظرات الرجال في المجال العام سواء في الشارع أو في المواصلات أو في الميادين أو في العمل. وقد عبرت نساء كثيرات على الارتباك الذي يصيبهن والتوتر الذي يلحق بهن بسبب هذه النظرات المتفحصة والمراقبة، ويتحدثن عن ذلك في صيغ بلاغية من قبيل “حسيت كإنه بيعريني، أو كأني ماشيه عريانة” أو “رجلي خبطت في بعضها”، وهناك بعض النساء يرددن بأنهن يشعرن بالنظرات التي تأتيهن من الخلف، فيتوقفن فجأة لكي يمر من كان يحدق بهن. والنساء يصنفن الرجال تبعًا لنظراتهم، ففي فيلم سارق الفرح لدواد عبد السيد عبرت الشخصية التي لعبتها لوسي عن هذه النظرات، فقالت:
فيه نظرة تحسيها بطبطب عليك ونظرة تحسيها زي الزيت على جسمك، وفي نظرة تبقى عايزه تنهشك.
ولا يرتبط التحديق هنا بالوقاحة والغباء فقط ولكنه يرتبط أيضًا بالانتهاك والإهانة، فلقد تحولت النساء إلى موضوعات جنسية وفتشية. فالرجال لا ينظرون إلى المرأة بوصفها ذاتًا ولكن باعتبارها فريسة أو شيئًا ينبغي السيطرة عليه، يحضرن بوصفهن موضوعات للقنص. وتشير ريتا فريدمان في أسطورة المرأة بأن التحديق في الفتيات ومعاكسات الشوارع والصفير يؤدي إلى إدامة الاعتقاد بأن مظهر المرأة ملكية عامة وأن تشييئها أمر مشروع. (وما حدث في أيام عيد الفطر مؤخرًا وتداولته الصحف والمدونات مثال صارخ على التحديق الذي يستثمر جسد المرأة إلى ما لانهاية. هذه الحشود التي هرولت باتجاه النساء في الشوارع هي نفس الحشود التي استخدمها النظام في انتخابات الرئاسة 25 مايو 2005 وانتهكت النساء في الشوارع وفي وضح النهار فيما عرف بالأربعاء الأسود).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

رجائي موسى: لماذا نحدق في النساء؟ :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

رجائي موسى: لماذا نحدق في النساء؟

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: تـــــــــاء التأنيث الـــــمتحركة زائر 745-
انتقل الى: