تتعدّد الوجوه التي تتمثل من خلالها شخصية الشاعر أبي العلاء المعري الذي زاوج في أشعاره بين الفكر والفلسفة والحكمة. لكنّ للمعري وجهاً آخر كشف عنه الباحث الدكتور نبيل الحيدري في كتابه "أبو العلاء المعري ثائراً"، الصادر حديثاً عن الدار العربية للعلوم ناشرون.بحثَ الكتاب في العديد من المحاور المتعلقة بالشاعر وعالمه الكبير، حيث تعقّب آثار المعري الذي تجاوز زمنه كما تجاوز مكانه ومجتمعه إلى أفق أرحب واسع لا يعرف الحدود، بحسب وكالة أنباء الشعر.
واجه المعري التعصب والتكفير والتزمت، فانتقل من المعرة إلى بغداد مركز التنوير آنذاك، وبعدها رجع إلى مدينته فسجن نفسه في بيته ليكتب الشعر والأدب.
يقول المؤلف: "كان معجزة كبيرة جمع فيها الأدب والفلسفة والتراث والجدل والعلوم حتى النجوم، ودقة تفاصيلها مما أبهر عظماء عصر". ولهذا يعتبر المؤلف أن الباحث في رحاب المعري "يحار وهو يدرس أفكاره وشعره وإبداعاته والجدل الكبير حوله وحول آرائه. ألزم نفسه باللزوميات أو لزوم ما لا يلزم وهذا ما لم يلتزم به شاعر قط لا قبله ولا بعد".
يسلط الكتاب الضوء على الفترة التي عاشها المعري في بغداد، وهي أهم الفترات رغم قصرها، لكنها كانت ذات أثر كبير في حياته لكون بغداد كانت مركز العلم والثقافة والأدب والحوار والترجمة.
حرم المعري الذي يوصف بـ"رهين المحبسين" على نفسه أكل اللحم، وحرم على نفسه الزواج رغم شعره الغزلي في النساء، وقد حاول المؤلف بحث الظروف والشروط الموضوعية لحل الإشكالات وفتح الألغاز التي حار فيها الكثير من الباحثين كذمّه لنفسه مراراً ولاسمه ولقبه، وتعارُض الباحثين في الكثير من المحاور المهمة لفهمه، وخصوصاً رأيه ومذهبه ودينه وإيمانه، فبينما يراه البعض ملحداً كافراً، يراه آخرون مؤمناً صادقاً عميق الإيمان راسخ الإرادة، كما يذكر المؤلف.
تتألف الدارسة من ثمانية فصول، جاءت تحت العناوين الآتية: الفصل الأول: نشأة المعري وتعلمه، الفصل الثاني: عبقريته ومحنته، شدة ذكائه، العمى وأثره، أدبه ومصنفاته، علوم اللغة والأدب والعروض، تلامذته ومريدوه.
أما الفصل الثالث، فاشتمل على: رحلة فاصلة في حياته "بغداد"، والفصل الرابع على: عبقرية الشعر، سقط الزند، اللزوميات، الفصول والغايات، الفصل الخامس تضمن: إبداع الفلسفة، رسالة الغفران، المعري والمرأة، التراث والدين، .. وغيرها، فيما اشتمل الفصل السادس على: أغراض الشعر عند المعري، المديح، الفخر، الوصف، الرثاء، الهجاء، الغز