حياة فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 1546
الموقع : صهوة الشعر تعاليق : اللغة العربية اكثر الاختراعات عبقرية انها اجمل لغة على الارض تاريخ التسجيل : 23/02/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10
| | كيف ُنعرّف الحقيقة ؟ او ما هي الحقيقة ؟ | |
كيف ُنعرّف الحقيقة ؟
كيف ُنعرّف الحقيقة ؟ او ما هي الحقيقة ؟ هذا السؤال يعتبر من اصعب اﻻسئلة وبصراحة من خلال قرآءتي المتواضعة لم ار من استطاع ان ياتي باجابة شافية عليه , هنالك دائما شيء ما ناقص والسبب في ذلك كما سنرى هو محاولة وضع مفاهيم مختلفة تحت سقف تعريف واحد يجمع الكل وهذا ما يسبب الضياع والبلبلة ويؤدي في النهاية الى عدم الوضوح وبالتالي الخطأ . هنا سنحاول تفادي هذه الصعوبات .أهمية السؤال تأتي من أنّا إن لم نستطع تعريف الحقيقة بشكل واضح ومفيد فنحن لن نستطيع الوصول اليها او فهمها وبالتالي فان اي فكرة, فلسفة, معرفة ... الخ نستعملها لفهم هذا الوجود ستكون عاجزة عن مساعدتنا اي انها خاطئة ونكون عندها اشبه بفاقدي البصر والبصيرة نتخبط في حياتنا دون وعي او فهم ! واضح ؟غالبا, عندما تتناول العموم هذا الموضوع بالتعليق تخلط بين ثلاثة مفاهيم وهي :- 1 حقيقة الشيء بذاته- 2 الحقيقة الذاتية اي la réalité subjective- 3 الحقيقة الموضوعية او la réalité objectiveلنحاول اذن كشف وفهم ما هو مضمون هذه التعابير .- 1 حقيقة الشيء بذاته :أجمع الفلاسفة وبالاخص منذ كانط Emmanuel Kant 1724-1804 ان هذه الحقيقة تستعصي على الانسان وانه لا يستطيع الوصول اليها وسبر اغوارها . لكي نفهم هذه المقولة لنستشهد مثلا بالشحنات الكهربائية لجزيئات الذرة اي الالكترون والبروتون . يخبرنا علماء الكيمياء والفيزياء ان الجزيئات التي تمتلك نفس الشحنة, سالب او موجب, ستتباعد عن بعضها بقوة , وان تللك التي تمتلك شحنات مضادة سوف تتجاذب … الخ لكن ما معنى "شحنة كهربائية" بالنسبة لنا ؟ او ان اردت كيف نفسر ان يكون الالكترون سالب ؟ "شو يعني شحنة + او - بالطبيعة ؟ هل وضحت الفكرة ؟مثال آخر , نقرأ ان الجزيئات الصغيرة او الاساسية particules élémentaires لها طبيعتان فهي كتلة وموجة في آن واحد !! لكن كيف لنا ان "نفهم" هذه الطبيعة ؟ ستبقى بالنسبة لنا شيء غريب ! مثال آخر , عندما انظر الى الشجرة وانا اعلم ان ما اراه هو نتيجة انعكاسات موجات الكترومغناطيسية من طول معين واني كانسان ﻻ ارى اي موجات تحت الحمراء او فوق البنفسجية , بينما قد نجد بعض الحيوانات التي تستعمل موجات اخرى للرؤية … في هذه الحال ما هي الشجرة فعلا ؟ ﻻ نعلم !خلاصة الامر انّا ﻻ نستطيع حتى الان فهم حقيقة و طبيعة الاشياء بذاتها ما نفعله (في الفقرة رقم 3 المزيد من التفاصيل) هو ان نخلق منظومات انسانية نظرية منطقية ونحاول تطبيقها على الواقع ودراستها … des modèles théoriques هكذا نستطيع ان نتقدم دون ارتكاب اخطاء نهائية لانّا في حال اخطأنا فنحن نصحح المنظومة اي محاولتنا لفهم الطبيعة وليس الطبيعة بذاتها !المنظومة المستعملة حاليا والتي يبدو انها تعطي نتائج جد مقبولة هي ما يسمى ب modèle standard انظر هنا للمزيد من المعلومات :http://fr.wikipedia....des_particules)- 2 الحقيقة الذاتية الشخصية اي la réalité subjectiveنعني بها ما يتبادر لذهن فرد , شخص معين كنتيجة لعملية الادراك الحسي وقدرته الذاتية على الفهم . Perceptionﻻ يكفينا صعوبة فهم الاشياء بذاتها كما رأينا , بل يضاف الى ذلك ان لكل منا حواسه , ادراكه , معرفته , تربيته , عمره , جنسه , نظرته الى ما يحيط به الخ بشكل يصبح معه احيانا من الصعوبة بمكان ان تجد شخصين متفقين على نفس الشيء , فالاول يقول برد والثاني يقول حر ! واحد يقول ثقيل واﻻخر يجيبه خفيف , بعيد ﻻ قريب , طويل قصير … الخ الخ والانكى ان ما من احد مستعد ان يقبل حقيقة الاخر !! هذه هي السفسطة بعينها والسبب الاول للفلسفة اي للبحث عن حقيقة واحدة ترضي الجميع !ملاحظتين حول هذا النوع من الحقيقة :- السفسطة الحديثة او هؤلاء الذين نسمعهم دائما يدّعون ويرددون بان ليس هناك من حقيقة وان كل شيء نسبي وان ﻻ مطلق إلا النسبية … هؤلاء بالواقع هم قمة الجهل وخطر متنقل يهدد المعرفة الانسانية ! هؤلاء الاغبياء يريدون مساواة العالم بالجاهل , والمتعلم بالاميّ, والكبير بالصغير واﻻعمى بالمبصر … الخ هذا النمط من الاشخاص منتشر بشدة في الغرب السبب , من الممكن , انه يعود الى الفلسفة الوجودية التي تركز على قيمة الفرد وحياته . لكن الجهلة يفهمون هذا بالغرور والوقاحة والعناد … المهم وددت الاشارة الى هذا الامر حتى نتفاداه نحن ولا نقع به إن أمكن فنكون بذلك قد تعلمنا من اخطاء الاخرين .الملاحظة الثانية وهي مهمة جدا ! لنا ان نفهم الحقيقة الذاتية كحقيقة فنية , رأي , وجهة نظر صاحبها … هي إذن من الاهمية بمكان حين يتعلق الامر بالتعبير عن الذات وتحقيقها ! لا يحق لاي كان ان يمنع من يريد التعبير عن ذاته كما يشاء . ما ذكرته اعلاه عن الجهل والعناد يتعلق بمحاولة تحويل وجهة النظر الذاتية الى حقيقة موضوعية لفرضها على الاخرين وهذا مرفوض . أما حريتي في ان اعبر عن ذاتي فهذا نشجعه طبعا.- 3 الحقيقة الموضوعية او la réalité objectiveهنا لب الموضوع وزبدته . الحقيقة الموضوعية للاشياء نوعان :- طبيعية - ومصطنعةالحقيقة الموضوعية الطبيعية هي حقيقة الاشياء في الطبيعة وهي لا تتعلق بشخص بذاته و تصلح للجميع ! بمعنى آخر هي الحقيقة الفيزيائية العلمية التي وصلنا اليها عبر سنين من الدراسة والتجارب والبحث … هذه الحقيقة باختصار هي ما نستطيع قياسه اليوم باي شكل من الاشكال ! ما لا نستطيع قياسه (اليوم) , فيزيائيا يعد غير موجود وبذا فنحن لا نستطيع البناء عليه .في حال وجود فرضية معينة عن شيء معين لم نستطع قياسه بعد كجزيء الغرافيتون مثلا le graviton المفترض انه مسؤول عن نقل قوة الجاذبية ننتظر ان نتحقق من وجوده بالتجربة اي بالقياس قبل البناء عليه وإلا فيصار الى تعديل النظرية او الموديل الذي تحدثنا اعلاه كي يتناسب مع الواقع كما نفهمه .إدخال هذه الحقيقة من شانه ان يحل جزء كبير جدا من مشاكلنا , الان بدل الاختلاف على ما اوردناه اعلاه اي بدل القول بارد او سخن نعطي درجة الحرارة ونترك للاخر حريته في ان يشعر ما يريد ! تماما بدل القول ثقيل اوخفيف قريب بعيد طويل قصير … الخ نستعمل المقاييس !هذا ليس مزاحا, لقد عانى الناس كثيرا وتعبوا كثيرا قبل ان يتم الاتفاق على استعمال وحدات قياس عالمية لحل المشاكل التي تنتج عن اي سوء فهم سببه حقيقة شخصية . وباختصار فان الحديث العلمي يجب ان يكون مجردا منزها يعتمد بالدرجة الاولى على الحقيقة العلمية الموضوعية ولا مكان للحقيقة الذاتية الفنية فيه …لكن ماذا عن الحقيقة الموضوعية المصطنعة ؟هذه تتناول المجالات التي لا توجد في الطبيعة لكنها ظهرت كنتيجة للنشاط الانساني مثل القانون , اللغات وقواعدها , الدولة نظمها واداراتها , الهندسة المعمارية , علم الاجتماع , الرياضيات, العادات والتقاليد , وحتى اختيار وحدات القياس اعلاه … هذه كلها وغيرها الكثير ﻻ تُبنى على وجود شيء طبيعي بذاته لكن الحقيقة التي تنبع منها هي حقيقة توافقية , حقيقة توصلنا اليها عبر سلسلة طويلة من النقاش والحوار واحيانا التصادم والحروب الخ هي نوع من ال convention يتوصل اليها اناس يتمتعون بسلطة معينة تعطيهم حق احترام ما يقررون مثل مجلس نواب بلد ما , ممثلي بلدان هيئة ما سواء كانوا سياسين فقط او خبراء . في الرابط التالي تجد تعريف للنظام العالمي لوحدات القياس :http://fr.wikipedia....tional_d'unitésحاول ان تعرف كيف تطورت هذه الوحدات وخاصة وحدة الزمن اي الثانية وسترى انها مجرد اتفاق اي ان الانسان هنا (صاحب السلطة سياسية او علمية ...) هو من يصنع الحقيقة الموضوعية , مبدئيا , من اجل ان يحسن حياة الناس حتى يعيش هؤلاء بسلام .هذه الحقيقة كاختها الطبيعية تحل عدد كبير من الاختلافات بين الناس , يكفي لهذا ان يثبت احدهم ان فكرته ليست رأي شخصي خاص به فيقدم مصدرا محايدا وموثوقا ذو سلطة في الموضوع المذكور وبذا يضفي على فكرته طابع الموضوعية . لا حاجة إذن للاختلاف على طريقة كتابة كلمة او معناها فعندنا القاموس لهذا , نفس المثال عن القانون … طبعا هنالك الخبراء والمتخصصين ايضا … المهم هنا هو معرفة ان الانسان بذاته يخلق بنشاطه هذه الحقيقة ويحدد معناها كما يريد وكل ذلك في محاولة لحل المشاكل و تسهيل التعامل بين الناس .بعد هذا التفصيل أكاد اجزم بأنّا نستطيع الاجابة عن حقيقة اي شيء لا بل ونستطيع الاجابة على سؤال مثل :" متى نستطيع ان نقول بإن شيئ ما موجود ومتى نقول بانه غير موجود ؟!"اي منظومة فكرية فلسفية او غيره لا تستطيع الاجابة اليوم على هذا السؤال (البسيط) هي لا تستحق اهتمامك عزيزي القارئ ولا تستحق ان تضيع وقتك بدراستها ... الاديان بمجملها وبما تتضمنه من بلاهة ومغالطات لا تستطيع ان تعطيك إجابة واضحة كافية وافية ... فاذن على ما اضاعة الوقت والتيهان ؟ | |
|