** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 فهم الكون المرئي لغز دائم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
فدوى
فريق العمـــــل *****
فدوى


التوقيع : فهم الكون المرئي لغز دائم I_icon_gender_male

عدد الرسائل : 1539

الموقع : رئيسة ومنسقة القسم الانكليزي
تاريخ التسجيل : 07/12/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 7

فهم الكون المرئي لغز دائم Empty
13022016
مُساهمةفهم الكون المرئي لغز دائم

[rtl][size=35]فهم الكون المرئي لغز دائم[/rtl][/size]
 
[rtl]جواد بشارة[/rtl]
 
[rtl]تساءل عالم الفيزياء وعالم الفلك الشهير هيوبير ريفيز Hubert Reeves ذات يوم قائلاً: "هل للكون معنى؟" وجعل هذا السؤال عنوانًا لأحد كتبه L’Univers a-t-il un sens، وكان ذلك أيضًا حلم البشرية البعيد المنال، بسبب ما تتمتع به من وعي وذكاء وعقل وتطور علمي وتكنولوجي، أي الحلم المتمثل في أن تتوصل البشرية يومًا ما إلى كشف سر الكون وإدراك المعنى الخفي لوجوده، أي معرفة كيف ولماذا وأين ومتى، المتعلقة بالكون المرئي الذي نعرفه ونرصده وندرسه كل يوم. الكون المرئي يوحي بالتعقيد omplexité وهذا المفهوم يقود إلى حالة الإتقان والفعالية l’efficacité الناجعة، بيد أن هذه الأخيرة لا تؤدي بالضرورة إلى كشف المعنى المستور بل ربما توصلنا إلى اللامعنى non-sens علمًا بأن سؤال المعنى والجوهر لم يكن مطروقًا قبل ظهور البشرية على ظهر البسيطة، إلا أنه بكل تأكيد من المسائل الجوهرية التي درستها الحضارات الفضائية المتطورة والمتقدمة علينا بملايين السنين والتي يعتقد أنها منتشرة بكثرة في أرجاء كوننا المرئي الشاسعة، كما عبَّر عن ذلك عدد كبير من فطاحل العلماء في كتبهم ومحاضراتهم ونشاطاتهم العلمية. هناك بين المعنى واللامعنى تتكدس النظريات المتناقضة أو المتكاملة لطرح رؤيتها عن حقيقة الكون وسره المكنون. بعضها يقول إن كل ما في الكون من مكونات، من الذرة وما دونها من جزيئات إلى المجرات وحشود وأكداس المجرات وما بعدها ليس سوى وهم ظاهر يخفي واقعًا مخيفًا، ولكن يبدو الكون المرئي محكمًا ومرتبًا ومنظمًا على نحو دقيق جدًا organisé، structuré، et ordonné، وعلى نحو تدرجي وتسلسلي أو مراتبي hiérarchisation مقصود سلفًا وبصورة تتعدى مقدرتنا الإدراكية المحدودة. ففي عصر التنوير كان يكفي الفيلسوف كانط kant أن يرفع نظره إلى السماء المظلمة لكي يرى كونًا منظمًا ومتقنًا ومتناسقًا يعمل وفقًا لقوانين الطبيعة الضابطة له حسب مبدأ العلة والمعلول والسبب والنتيجة la causalité.[/rtl]
[rtl]إن هذا النظام اللغزي الغامض الذي يجعل الأشياء تبدو كما هو عليه حالها، يستند إلى مجموعة من الثوابت الكونية والفيزيائية constantes physiques الغامضة والتي لا نعرف إلا الجزء اليسير منها كسرعة الضوء والثابت الثقالي وزمن بلانك وكتلة الإلكترون... إلخ. لقد أعطيت هذه الثوابت أرقامًا ذات قيم رياضية ثابتة ودقيقة للغاية، إذ إن تلك الأرقام موجودة ومنذ الأزل، أي منذ اللحظة الأولى للانفجار العظيم Bing Bang ولم يفعل الإنسان سوى اكتشافها والتوصل إليها بعد جهد دؤوب. ولا أحد يدري من أين جاءت تلك الأرقام وقيمها والتي بقيت ثابتة منذ بدء الزمن الذي نعرفه. فمن الذي وضعها ومن الذي حدَّدها بتلك القيم الرياضية الدقيقة في الكون المرئي لكي تبدو الأشياء كما هي على صورتها الحالية؟ الذي نعرفه، أو بالأحرى نفترضه اليوم، أنه في كل مكان في الكون المرئي، من أبعد مجموعة سديمية وحشود مجراتية إلى أصغر جسيم أو جزيء داخل أجسادنا، لا شيء يفلت من سلطة وتحكم هذه الثوابت الفيزيائية الكونية الشاملة دون أن نعرف من أين جاءت هذه الثوابت ولماذا وضعت ومتى وبأي طريقة ومن قبل من؟ كما أنه ليس بالإمكان التأثير عليها أو تغييرها أو تعديلها، وبفضلها يستقيم كل شيء ولا ينهار أو يتفتت الورق الذي نكتب عليه أو الحاسوب الذي نقرأ من خلاله ما نكتب، ولا يتحول إلى رماد أو غبار. ويعتقد العلماء بأن هذه الثوابت الفيزيائية هي التي سمحت للكون المرئي بالتطور إلى درجة أنها أتاحت له أن يولد الحياة العاقلة بداخله، مما دفع بالعديد من العقول الفذة إلى التفكير بأن هناك مشروع كوني مسبق projet cosmique ومعد سلفًا وليس وليد الصدفة، فلو تغيرت فارزة أو تغير رقم واحد بسيط في تلك القيم والثوابت الكونية، كما يقول عالم الفيزياء الفلكية روبرت ديك Robert Dick، فإن الكون برمته كما نعرفه، بما في ذلك الحياة المتولدة في داخله، سينعدم وجودهما كليًا ولما كان بالإمكان انبثاقه أو ظهوره. وقد ثبت ذلك من خلال تجارب المحاكاة التي أجريت في هذا المجال على الكومبيوترات العملاقة وكانت النتائج متطابقة مع الاستنتاجات النظرية والرياضية، أي استحالة إجراء أي تغيير أو تعديل مهما كان طفيفًا على تلك الثوابت الفيزيائية والكونية، كثابت سرعة الضوء الذي حدد بـ 299792458 كلم/ثانية، والثابت الثقالي constante de gravitation الذي حدد بـ 6.76384، ولا أحد يعرف لماذا هذه القيم الرياضية الدقيقة وليس غيرها.[/rtl]
[rtl]هناك مجموعة أخرى من الثوابت الكونية الغريبة المعروفة باسم الثوابت الخالية من الأبعاد constantes sans dimensions لأن قيمها الرقمية valeurs numériques شمولية universelles أي أنها تبقى هي ذاتها أيضًا أيًا كان نظام القياس المتبع لحسابها. وقد توصل العلماء إلى أن النموذج القياسي أو المعياري للفيزياء modèle standard de la physique يستند على حوالي العشرين من هذه الثوابت الفيزيائية الجوهرية fondamentales المكتشفة لحد الآن والخالية من الأبعاد، وأحدها هو ثابت البنية الدقيقة constante de structure fine الذي يدير ويتحكم بالقوة الكهرومغناطيسية force électromagnétique. تم اكتشاف هذا الثابت سنة 1916 على يد العالم الألماني آرنولد سومرفيلد Arnold Somerfeld الذي كان مقربًا من أينشاتين Einstein وأستاذًا للعالمين الفائزين بجائزة نوبل فولفغانغ بولي Pauli Wolfgang وفيرنر هيزنبيرغ Werner Heisenberg، وتم تأكيده بشكل نهائي سنة 2006 وتحديد قيمته القطعية بواحد مقسوم على137.035999074 حيث يعطي الرقم التالي 0.0072973525698، ولو تم تغيير عدد واحد من هذا الرقم فسوف تنتفي القوة الكهرومغناطيسية مع ما سيترتب على ذلك من تداعيات كارثية ليست أقلها أن يتوقف الكون المرئي كله عن الوجود، وهو الأمر الذي حير عقل العالم الفيزيائي الألماني ماكس بورن Max Born الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء سنة1954، وهو أحد آباء نظرية الكوانتا أو ميكانيك الكم mécanique quantique، والذي صرح بهذا الخصوص:[/rtl]
[rtl]لو كان لثابت البنية الدقيقة constante de structure fine قيمة أعلى بصورة طفيفة جدًا عما هي عليه الآن لما كان بإمكان أحد التمييز بين المادة والعدم، وسيكون من المستحيل الفرز بين قوانين الطبيعة، وبالتالي فإن قيمة هذا الثابت هي بكل تأكيد ليست وليدة الصدفة بل هي ناجمة عن أحد قوانين الطبيعة الأزلية. ومن هنا يمكننا القول إن شرح هذا الرقم يجب أن يكون أحد المشاكل أو المسائل المركزية للفلسفة الطبيعية.[/rtl]
[rtl]وهذا هو أيضًا رأي عالم الفيزياء الشهير ريشارد فينمان Richard Feynman حيث عبَّر عن رأيه بطريقة إيمانية عندما قال:[/rtl]
[rtl]أعتقد أن يد الله هي التي تقف وراء هذا السر لأن هذا الثابت هو أحد الألغاز الكبرى للفيزياء، وهو رقم سحري أعطي للإنسان أو لنقل أتيح له أن يكتشفه دون أن يفهم أي شيء عنه وعن كيفية تحديده وتثبيته، لذلك يمكننا أن نقول إن يد الله هي التي خطت هذا الرقم ولا نعرف لماذا ولا متى لكننا نعرف الطقوس التجريبية المتبعة لقياسه، ولا يوجد برنامج حاسوبي كومبيوتري على الأرض كلها قادر على إخراج مثل هذا الرقم. ولو قسمنا هذا الثابت على الثابت الذي يتحكم بالجاذبية أو الثقالة gravitation فسوف نحصل على ثابت جديد من نوع عديم البعد sans dimension ذو أهمية قصوى ومصيرية، وهو الثابت ذو القيمة التالية 1036. والحال أننا لو أسقطنا صفرًا واحدًا من هذا الرقم فسوف يتجمد توسع الكون ويبقى الكون محصورًا في حجم ضئيل مما يعني استحالة نشوء الحياة فيه، وإذا أضفنا صفرًا أو صفرين لهذا الثابت فسول لن يكون بوسع النجوم والكواكب والمجرات أن تتكون أو تتشكل.[/rtl]
[rtl]أما عالم الفلك والفيزياء الفلكية الإنكليزي مارتن ريس martin rees فيقول إن الكون المرئي يستند على ستة ثوابت خالية الأبعاد، والتي كرَّس لها العديد من الكتب والأبحاث والتجارب والمحاضرات والمؤتمرات حتى يخيل إلينا أنه كرس لها حياته كلها.[/rtl]
[rtl]وفي إحدى المرات صرَّح أمام مجلس اللوردات البريطاني أنه لو مس شخص ما أحد الأعداد في تلك الثوابت الستة الجوهرية فإن ذلك سوف يؤدي إلى اختفاء مجلس اللوردات فورًا عن الوجود ومعه الكون بأكمله. من الثوابت الستة المشار إليها يوجد الثابت الشهير المسمى بـالثابت الكوني constante cosmologique الذي يشكل أحد أهم المفارقات في الفيزياء المعاصرة والذي يقف وراء درجة الضبط القصوى، إلى حد الإعجاز، للكون المرئي le réglage absolu de l’univers منذ لحظة ولادته إلى يوم الناس هذا وحتى آخر لحظة من حياة الكون المرئي. فالانفجار العظيم، حسب رأي العالم جورج سموت George Smoot، هو الحدث الأكثر كارثية الذي يمكننا تخيله ومع ذلك يبدو في غاية الضبط والتنظيم والتنسيق والهارمونية finement orchestra. والجدير بالذكر أن قيمة هذا الثابت الكوني هي التي مكنت الكون المرئي لكي يبلغ هذه الدرجة من الكثافة القصوى أو الحرجة densité critiqueالمحاذية للقيمة واحد حيث يبدو الكون المرئي بفضلها وكأنه مسطح plat. وهناك نتيجة مدهشة أخرى لحالة الضبط الكوني القصوى في لحظة الولادة أشار إليها العالم الروسي غاموفGamow والعالم الأمريكي وينبيرغ Weinberg، صاحبا الكتاب الرائع الدقائق الثلاثة الأولى للكون les trois premières minutes de l’univers، حيث، وحسب هذين العالمين، فإنه بعد مرور200 ثانية على الانفجار العظيم البيغ بانغ Big Bang فإن متوسط الكثافة كان يعادل كثافة الماء، أي بمعدل غرام واحد لكل سنتمر مكعب، مما يعني أن العلاقة بين متوسط الكثافة والكثافة القصوى المشار إليها أعلاه والمسماة أوميغا Oméga تختلف بقيمة واحد فقط إلى 10-13 وفي زمن بلانك أي 10-43 كانت قيمة أوميغا Oméga مذهلة وقريبة من واحد وهي كالتالي 1.1000000000000000000000000000000000000000000000000000000000، وهي قيمة valeur كما نرى قريبة من واحد بحيث لا يمكن أن تكون بفعل الصدفة، وبالتالي يحق لنا القول إن شيئًا ما أرغم الأوميغا Oméga أن تكون قريبة جدًا من واحد، وبأن هذا الشيء يمكن أن يكون هو الثابت الكوني constante cosmologique. ولكن لماذا وصل الثابت الكوني بقيمته إلى هذا الرقم بالذات وليس إلى رقم آخر؟ هناك حالة من التعادل والتوازن بين المساهمات الإيجابية contributions positives الناجمة عن القوى الجوهرية الأربعة الجاذبية أو الثقالة، والكهرومغناطيسية، والقوة النووية الضعيفة، والقوة النووية الشديدة والمساهمات السلبية contributions négatives الناجمة عن المادة وهي تنفي أو تفني بعضها البعض إلى حدود أو درجة الكسر العشري décimal 120، مما يعني حسب وحدات بلانك القياسية unités de planck أن الثابت الكوني المذكور يحدد بصفر وبعده فارزة وبعدها 119 صفر إلى أن نصل إلى الرقم non nul في الصف rang الـ 120. وبعيدًا عن وجع الرأس بهذه الأرقام والحسابات الرياضية المدوخة، من شبه المستحيل أن يصل الثابت الكوني هذا إلى هذه القيمة بمحض الصدفة، وإن نسبة وقوعه على هذه القيمة هي واحد من 20 مليار، وهذه أرقام فلكية يصعب تصورها من قبل القارئ الكريم. فلو كان هناك صفر أكثر لتمدد الكون بسرعة أكبر كثيرًا من سرعته التي قسناها ولما توفر له الوقت اللازم لتشكل النجوم والمجرات، ولو كان هناك صفر أقل لانهار الكون على نفسه فور ولادته. لذلك يطرح السؤال الأزلي الدائم: هل ظهر الكون هكذا ذاتيًا وبفعل الصدفة أم أن هناك خطة محكمة ومسبقة تقف وراء ظهوره، وبالتالي توجد قوانين خفية لم نكتشفها بعد هي التي تجعل المادة، في سياق ظروف معينة من الطاقة، تدفع المادة إلى تنظيم نفسها لكي تصل إلى درجة المادة الحية vivante؟[/rtl]
[rtl]لقد كرَّس عالم الكيمياء الحائز على جائزة نوبل سنة 1977 إليا بريجونين ilya prigonin جزءًا كبيرًا من حياته العلمية لكي يثبت وجود نوع من التركيبة واللحمة أو النسيج trameالمستمر الذي يجمع ويوحد بين الجماد inerte أو المادة الجامدة والمادة التي توجد في الحالة التي تسبق الشيء الحي pré vivant والمستوى الحي vivant أو المادة الحية. فالمادة حسب هذا العالم المتخصص تنمو من خلال الفعل البنيوي إلى تنظيم وبناء ذاتها بذاتها auto structurer لكي تغدو مادة حية وعضوية على عكس ما أسماه العالم بريجونين بـالبنية العاصية أو الطائشة structure Dissipatives. فهو يعتقد أن الكون المرئي ليس فقط كم هائل من مادة النجوم والكواكب فحسب، بل هو بالأخص تنظيم مذهل stupéfiant وتراتبي iérarchique يقود حتمًا وبالضرورة قسم من الجزئيات والخلايا الجامدة inanimées نحو الحياة. بعبارة أخرى تبدو الحياة وكأنها التعبير الضروري لكون ينطوي على إمكانية أن تكون الخلايا البسيطة فيه قابلة لكي تنظم نفسها في أنظمة أكثر تعقيدًا وتركيبًا إلى أن تولد الحياة بداخلها أو توجد العنصر الحي الذي ينبثق منها engendrer du vivant.[/rtl]
[rtl]أما العالم الفيزيائي الأمريكي من أصل إنكليزي فريمان ديسون Freeman Dyson فقد مضى خطوة أعمق في حدسه وهو المعروف عنه أنه الأب الحقيقي لمفهوم الكروموديناميك الكوانتي أو الكمومي chromodynamique quantique وقال: "كلما حللت ودرست الكون أكثر فأكثر وتعمقت في تفاصيل هيكليته أو معماريته كلما عثرت على دلائل وقرائن تقول لنا أن الكون يعمل وكأنه "يعرف" مسبقًا بأننا سوف نظهر فيه ككائنات عاقلة وذكية ومفكرة وواعية". وهناك أمثلة كثيرة وملفتة للانتباه في قوانين الفيزياء النووية تتخللها حوادث وتغيرات رقمية accidents numériques تبدو وكأنها تتواطأ conspirer من أجل جعل الكون قابلاً للحياة ويمكن العيش فيه habitable. وبخصوص هذا النظام اللغزي الغامض ordre mystérieuxالممتد داخل الواقع، يعتقد علماء كبار، من أمثال ستيفن هاوكنغ stephen Hawking وفريمان ديسون Freeman Dyson وغيرهم، أن قوة الثقالة أو الجاذبية النووية force d’attraction nucléaire كامنة بقدر كاف لكي تكون معادلة أو معارضة s’opposer لقوة النبذ الكهربائي répulsion électrique التي تحدث بين الشحنات الموجية للنواتات أو نوى الذرات الاعتيادية كذرات الحديد أو الأوكسجين. وهناك حوادث ومتغيرات accidents أخرى محظوظة في الفيزياء الذرية وبدون هذه الحوادث والطوارئ ما كان بإمكان الماء بصيغته السائلة أن يوجد، ولا لسلسلة ذرات الكاربون أن تتركب أو تتجمع بصورة معينة se combiner على شكل خلايا عضوية مركبة ومعقدة molécules organiques complexes، ولا كان بإمكان ذرات الهيدروجين أن تلعب دور الجسور الرابطة بين الخلايات molecules. لذلك وبفضل كل هذه الحوادث الفيزيائية والفلكية يصبح الكون المرئي مكانًا حاضنًا للمخلوقات الحية حتمًا، وهنا يعقب العالم فريمان ديسون Freeman Dyson قائلاً: إنني كعالم عقلاني يتحدث بلغة القرن العشرين وليس بلغة القرن الثامن عشر، لا أدعي أن هيكيلية أو معمارية الكون المنظمة والمتجانسة جدًا تشكل دليلاً قطعيًا على وجود الله بل أقول فقط إن هذه المعمارية أو الهيكيلية المذهلة والمتناسقة والمنتظمة تتوافق وتتساوق أو تتلائم compatible مع الفرضية التي تقول إن "الروح l’esprit" تلعب دورًا جوهريًا في وظيفة وطبيعة عمل الكون المرئي. وأعتقد أن الكون يميل أو يهدف التوجه نحو الحياة والوعي وأن هناك معنى خفيًا يبرر وجوده والدليل على ذلك أننا موجودون فيه لنراقب ونرصد وندرس تكوينه ونتعاطى أو نتفهم وندرك appréhender جماليته الهارمونية المتناسقة. ولكن علي أن أعترف أن هذا الرأي هو من اختصاص الميتافيزيقيا وليس طريقة تفكير علمية بحتة. لذلك وعلى عكس ما روج له عالم الأحياء Biologiste البيولوجي الفرنسي الشهير جاك مونود jacques Monod بما أسماه فكرة الصدفة الكونية hasard universel فإن الحياة لا تبدو وكأنها ناتجة عن سلسلة من الحوادث التي وقعت صدفة. فالعالم جيمس غاردنر James Gardner لا يعتقد بأن الأنظمة المعقدة والمركبة في الكون، كالحياة، ظهرت بفعل الصدفة في الكون المرئي حيث من شبه المستحيل تخيُّل أن تقوم طائرة بوينغ 747 بصنع نفسها وتجميع مكوناتها ذاتيًا وعفويًا داخل حزام النيازك انطلاقًا من المواد المحيطة المتوفرة حتى لو استغرق مثل هذا الحدث زمنًا لانهائيًا. أي أن كل شيء يبدو وكأنه محضر سلفًا وبعناية ودقة لامتناهية ومنظم تمامًا organisé داخل مسرح الكون لكي يتيح ظهور الوعي والعقل والذكاء أي الحياة العاقلة المنتشرة على مسرح الكون، وعلى نحو منظم مقصود ومن مادة مرتبة matière ordonné حيث يظهر من خلالها الحياة والوعي. إن هذا الضبط والتنظيم الدقيق والمذهل يسمح لنا بالاعتقاد بوجد ذكاء لامحدود مدبر ومنشئ intelligence organisatrice، متسام وعظيم ومتعال transcendant ومتفوق على واقعنا، وربما يكون هذا الذكاء أو العقل الأول هو الذي قصده آينشتين سنة 1936 عندما أجاب برسالة على سؤال لأحد الأطفال الذي سأله هل يعتقد بوجود الله وقال فيها:[/rtl]
[rtl]كل من كان معنيًا بشكل جدي بالعالم سيفهمون يومًا ما أن هناك "روح esprit" تتموضع خلف قوانين الطبيعة الجوهرية، وهي ماهية أكبر بكثير مما يمكن أن يتخيله أحد من بني البشر.[/rtl]
[rtl]غالبًا ما اعتبر العلم التقليدي conventionnelle بعض المواضيع والنظريات خطرة لاعتبارات كثيرة، وعلى رأس هذه المواضيع تأتي مسألة أصل الكون l’origine de l’univers، وعلى نحو أخص وأدق التكهنات والتأملات spéculations والنظريات التي تفكر وتنظر مليًا فيما يتعلق بما حدث قبل وقوع الانفجار العظيم، والمقصود هنا اللحظة التي سبقت زمن بلانكTemps de Planck وفي المكان الذي يقع وراء جدار بلانك Mur de Planck، أي الحدود القصوى التي تفصل عالمنا المادي عما قبله، وهذا من الألغاز الدائمة في الكون المرئي. وبهذا الصدد نشر الصحافي المتخصص بالعلوم جون بيز John Baez على موقعه الإلكتروني الخاص سنة 1997 قائمة مثيرة تحت عنوان أسئلة مفتوحة في الفيزياء questions ouvertes en physique، وكان أول تلك الأسئلة المفتوحة هو السؤال المتعلق بـ"اللحظة الصفر والنقطة الصفر l’instant Zéro، pointe Zéro" فما الذي حدث "قبل avant" البيغ بانغ Big Bang أي الانفجار العظيم؟ وهل توجد حقًا ما عرف بـ"الفرادة الأصلية أو الأساسية singularité initiale"؟ انقسم العلماء حول هذين السؤالين بين رافضين متشددين لهما حيث اعتبروهما فاقدين للمعنى ولا معنى لطرحهما، وآخرون متحمسين لهما اعتبروهما يمثلان فتحًا جديدًا في البحوث العلمية الفيزيائية والكوزمولوجية، بينما يتفق الجميع تقريبًا على أنه حصل في ماضي كوننا المرئي انفجار عظيم انطلاقًا من "ذرة بدائية أو أولية atome primitiv" كانت أصغر من أصغر مكون من مكونات الذرة التي نعرفها اليوم بملايين ملايين المرات والتي تقع على حدود جدار بلانك. ولكن كيف يقيض للبشر تصور أو إدراك واستيعاب وتقبل أن هذا الكون المرئي الشاسع نشأ من تلك النقطة السحرية pointe magique؟ وهل كان هناك شيء ما قبلها؟ يقول البعض إن بوسع العلم الإجابة على ذلك والكشف عن تلك الفرادة singularité، وإنها تعتبر الأمر الأهم في الوجود برمته لأنها كانت الأصل في كل ما نعرفه اليوم وما سنعرفه غدًا وهي مسألة وقت ليس إلا.[/rtl]
[rtl]إن تبني أطروحة "الفرادة الكونية singularité cosmique" يطرح مشكلة حول علة وسبب تلك الفرادة. وإن ما يعرف اليوم بالمسائل والحلول الفريدة أو التي تتصف بالفرادة questions et solutions singulières ظهرت من جراء محاولات تزويج نظريتين عنوة هيمنتا على العالم لمدة تزيد على القرن، وأعني بهما نظرية النسبية théorie de la relativité التي تبحث في المستويات الكبرى وفي اللامتناهي في الكبر، أي الكون المرئي، ونظرية الكم أو الكوانتا والمعروفة بالميكانيك الكمومي أو الكوانتي mécanique quantique والتي تبحث في المستويات ما دون الذرية وفي اللامتناهي في الصغر.[/rtl]
[rtl]كان ألبيرت آينشتين Albert Einstein قد صاغ نظريته النسبية في بداية القرن العشرين، وبالتحديد بين 1905 و1915، بشطريها الخاصة والعامة. وفي بداية عشرينات القرن الماضي أيضًا صاغ علماء كبار معاصرون لآينشتين أمثال ديراك Dirac وهيزنبيرغ Heisenberg على سبيل المثال لا الحصر إلى جانب بور Bohr وبولي Pauli وغيرهم، نظرية الكم أو الكوانتا النسبية La théorie quantique relativiste عن الضوء والمادة، والتي عرفت باسم الكهروديناميك الكوانتي أو الكمومي électrodynamique quantique التي ما تزال إلى اليوم تبحث وتدرس في العديد من المختبرات والجامعات العلمية رغم أن هذه النظرية تقود إلى ما يمكن تشبيهه بالكوارث الحسابية أو الرياضية catastrophes mathématiques وتفرض حلولاً فرادية، أي تفرز مجموعة من الفرادات singularités العويصة. والأنكى من ذلك أن عالمي الفيزياء والرياضيات روجر بينروز Roger Penrose وستيفن هاوكينغ Stephen Hacking أثبتا على نحو مقنع في ستينات وسبعينات القرن المنصرم أن الفرادات تعشش في كل بقعة من الزمكان éspace-temps بمجرد أن يصبح هذا الزمكان حلاً solution لمعادلات نسبية آينشيتنéquations relativistes. كل النظريات الفرادية والنماذج الكونية الكبرى théorèmes de singularité et modèles cosmologiques التي تتعاطى مع كون في حالة تمدد وتوسع expansion تقود إلى فرادة في لحظة الصفر وهذا يخلق معضلة تقف عقبة أمام عملية توحيد النظريات القائمة والتوصل إلى النظرية الموحدة والجامعة والشاملة أي النظرية الكلية. من البديهي التفكير أن أغلب العلماء يتمنون صياغة نماذج كونية بدون فرادة إلا أن أبحاث بينروز وهاوكينغ وإيلي Ellis أجهضت كل أمل في حل المشكلة بدون إعادة النظرة بالمفاهيم السابقة ومراجعة كافة القوانين الجوهرية Lois fondamentales، وبالتالي بات من المحتم البحث عن مخرج آخر وكان لا بد من اجتياز حاجز Barrière أو جدار بلانك للخروج من هذا المأزق العلمي وبلوغ نقطة الصفر لرؤية ماذا حدث بالضبط عندها وكيف حدث. قال العالم الفيزيائي الفذ جون ويلر John Wheeler بهذا الصدد سنة 1973:[/rtl]
[rtl]عندما نفكر ونتأمل في أسس fondements الفيزياء من وجهة نظر كوزمولوجية كونية cosmologique نجد أنه لا توجد مسألة أعمق من معرفة ما سبق الانفجار العظيم، أي تلك الحالة الأصلية état initiale من الحرارة والضغط والكثافة اللانهائية infinies. لكننا ومع الأسف لم نقترب من إيجاد حلول لهذه المعضلة وربما لن نعثر على أي حل لها إلى الأبد.[/rtl]
[rtl]وبعد مرور ما يقرب النصف قرن على هذا الكلام ما زلنا في نفس الموقف ولم يتحقق أي تقدم علمي ملموس يذكر في هذا المجال سوى فكرة الـ KMS التي اقترحها التوأمان الفرنسيان من أصل روسي إيغور وغريشكا بوغدانوف Igor et Bogdanov في أطروحتيهما لنيل الدكتوراه في الفيزياء والرياضيات، والتي عالجت حالة التوازن الحراري للأنظمة الكوانتية équilibre thermique du systèmes quantiques. أما اسم النظرية الـ KSM فهو مأخوذ من الحروف الأولى لثلاثة علماء كانوا من أوائل من بحث في الظروف والشروط التي سبقت البيغ بانغ "الانفجار العظيم" وهم كوبو Kubo ومارتان Martin وشوينغر Schwinger. لا بد من التذكير مرة أخرى بأن الفيزياء الحديثة تستند في نظرياتها على عدد من الثوابت الجوهرية constantes fondamentales، وأن أحد هذه الثوابت هو ثابت بلانك constante de Planck، وهو الذي يقيم نوعًا من الحدود بين الظواهر الكلاسيكية والظواهر الكمومية أو الكوانتية. وبجانبه ثابت آخر هو الثابت الثقالي constante gravitationnelle الذي يقيس أو يحدد قوة الجذب في الثقالة أو الجاذبية force d’attraction. وبالطبع هناك الثابت الأشهر، ألا وهو ثابت سرعة الضوء vitesse de la lumière – علمًا بأن هناك من يقول اليوم بعدة سرعات للضوء، وهو الثابت الذي يحدد الحدود بين نظريات غاليلو-نيوتن Galilée – Newtonونظريات مينكوفسكي-آينشتين Minkowskie-Einstein. ولو ربطنا بين هذه الثوابت فإنها ستشكل ما نسميه بالطول الكوانتي أو الكمومي longueur quantique، وهو قيمة رياضية تشكل جدارًا بين المكان الكلاسيكي espace classique والمكان الكوانتي أو الكمومي espace quantique، وكذلك تشكل فاصلاً بين الزمن الواقعي temps réel والزمن الخيالي أو المتخيل temps imaginaire.[/rtl]
[rtl]المكان الكلاسيكي هو المكان الذي نعرفه ونعيش فيه، أما المكان الكوانتي أو الكمومي فهو الذي لا يمكن أن نراه أبدًا ناهيك أن نعيش فيه، ولا يمكن لأحد أن يدرك أبعاده إلا بالحدس والحسابات الرياضية التجريدية، ولو حاولنا تخيله فيمكننا أن نصفه برغوة أو مجاج écume يغلي وفي غاية الاضطراب والفوضى والتشوش infiniment chaotique حيث تلتقي بقع من المكان الافتراضي وتفترق بلا انقطاع، وهو مكان تغيب فيه مفاهيم وأبعاد الطول والعرض والارتفاع والشكل حيث تغدو مفاهيمًا ليس لها معنى محدد، إضافة إلى أن نقاط الربط بين المناطق المتباعدة فيه رغم وجودها في عالم اللامتناهي في الصغر تحدث عبر جسور ponts أو ثقوب دودية trous de ver وهي تتشكل وتختفي بسرعة مذهلة، وإن مختلف التكوينات والتراكيب أو التشكيلات المختلفة متجاورة différentes configurations coexistent تتعايش آنيًا ولحظيًا simultanément. وبلغة الرياضيات ينبغي وصف هذا المكان الكوانتي أو الكمومي بأدوات الهندسة اللاتبادلية أو اللاتعاكسية géométrie non commutative التي تستند على أرضية أرسطية أو قوة كامنة احتمالية potentialités aristotéliciennes تتطلع إلى الوجود الحقيقيtendance à exister بديلاً عن حقائق مرصودة des faits observables، وهذه المسائل تمس الأسرار الأكثر جوهرية وإدهاشًا في كوننا المرئي لاسيما الواقع الذي نعيش في داخله، أي اكتشاف مفاتيح ستتيح لنا يومًا ما الولوج إلى تلك الأسرار التي ستمنح الحرية للبشرية جمعاء. في الوقت الحاضر – أي في بداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين – بالرغم من أن المشكلة الأساسية ما تزال قائمة، ألا وهي استحالة التوحيد بين اللامتناهي في الصغر "العالم الكمومي أو الكوانتي monde quantique" والعالم اللامتناهي في الكبر "العالم النسبويmonde relativiste" وهو الكون المرئي بمجموعه، والحال تقدم نظرية الكون الحي والمطلق التي سنتطرق لها بالتفصيل لاحقًا أرضية ممكنة للتوحيد باعتبار أن هذين العالمين يشكلان معًا مجرد جسيم مادون ذري بالنسبة لمكونات وأبعاد هذا الكون الحي والمطلق والدائم التطور والخلق، والذي ليس له بداية ولا نهاية ولا حدود، ومكوناته مادية وغير مادية، أو من مواد مجهولة الماهية بالنسبة للبشر، رغم أن هذه اللوحة تندرج في نطاق الميتافيزيقيا وليست في مجال الطرح العلمي في الوقت الحاضر. لنعد إلى آخر فكرة حديثة في الفيزياء الحديثة التي أطلقنا عليها نظرية الـ KSM حيث كانت هناك محاولات أولية مستلهمة من أفكار قديمة لعالمين فيزيائيين هما ثيودور كالوزا Théodor Kaluza وكلاين Klein عندما نجحا في توحيد القوة الكهرومغناطيسية force électromagnétique مع النسبية la relativité مما قادهما إلى أبعاد أخرى للزمكان غير آبيلية des autres dimensions d’éspace-temps non abéliennes – الآبيلية هي صفة دالات أدخلها العالم الرياضي آبيل في التحليلات والمعادلات الرياضية الخاصة حيث عرفت باسم مجموعة آبيلية الرياضية أو بالمجموعة التبادلية، وهي أبعاد خفية وغير مرئية invisibles -، وأضافا ذلك إلى نظريات الـ الجوج théories de gauge. ويجدر بنا القول إن كالوزا تمكن منذ سنة 1921 من التوحيد بين النسبية والكهرومغناطيسية بإضافة بعد إضافي آخر dimension supplémentaire للمكان سماه البعد الخامس cinquième dimension. وفي سنة 1981 نشر العالم الفيزيائي والرياضي الذائع الصيت إدوارد ويتن Edward Witten، وهو أحد أهم أساتذة نظرية الأوتار théorie des cordes، مقاله التأسيسي الذي استلهم فيه الأفكار القديمة لكالوزا، على أمل أنه، فيما يتجاوز أو يتعدى الأبعاد الأربعة المعروفة وهي الطول والعرض والارتفاع والزمن للزمكان الاينشتيني، ستبدو النظريات الكوانتية أقل تناقضًا وأكثر طواعية. واليوم، وبعد أن فشلت أغلب المحاولات والنظريات بما فيها نظرية الأوتار الفائقة théorie des super cordes والنظرية م théorie M بات من الضروري إدخال تعديلات وإجراء تطويرات جوهرية على النظرية الكوانتيةthéorie quantique لتحفيز وتطوير وحل مشكلات الديناميك الكوانتي problèmes de dynamique quantique.[/rtl]
[rtl]قال بلزاك: "العبقرية هي الحدس والباقي ليس سوى موهبة" كان هذا في مجال الأدب ويمكن تطبيقه على العلم.[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

فهم الكون المرئي لغز دائم :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

فهم الكون المرئي لغز دائم

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: