ليس هناك في نظام المجتمع الذي تكون فيه العدالة مرغوبا فيها، والحقوق الفردية والجماعية مطلوبة،أمر آخر يمكن أن تكون له الأسبقية من حيث القيمة على الديمقراطية. فهذا النظام هو الذي يؤطر العمل المجتمعي في كل المجالات ، وليس العكس. إنه الإطار الشامل لكل الممارسات والأفكار والاختيارات العقيدية والفكرية المتباينة، ولكن المتعايشة في نفس المجتمع.
الحالات التي لم تأخذ فيها الديمقراطية مكانة الأولوية كثيرة في التاريخ الحديث والمعاصر. ويمكن أن نأخذ نماذج منها، ونتبين من خلالها العواقب الناجمة عن استبعاد التنظيم الديمقراطي للمجتمع لصالح أولويات أخرى. وقد تناولت الموضوع في مستوى أول له في كتاب سابق صدر لي سنة 1997 تحت عنوان البعد الديمقراطي، وذلك في الفصل الذي تحدث فيه عن جدل الديمقراطية بين الإعلان الرغبة فيها وبين إجرائها..فالسلطة القائمة في المجتمع في هذه الحالة لاتعلن رفضها لبناء المجتمعي على أساس ديمقراطي، بل تعلن قبولها له، ولكنها ترجئه لعدم نضج شروطه. وقد انتقدت كل قول بالإرجاء، مهما كانت تبريراته، لصالح بداية فعلية لإقامة التنظيم الديمقراطي للمجتمع باعتباره الشرط الأكثر فعالية لإزاحة كل الشروط المانعة له.
أريد اليوم أن أكمل الطريق الذي سرت فيه سابقا بالحديث عن بعض التجارب المجتمعية التي لم تنجح في إقامة التنظيم الديمقراطي للمجتمع، رغم قيامها على أساس مبادئ تسير في اتجاه ذلك الاختيار.ومن السباقات التاريخية التي تؤطر هذه النماذج فترات التحولات المجتمعية الكبرى مثل انتقال المجتمع من نظام سياسي إلى آخر، ومن تنظيم اقتصادي ومجتمعي إلى آخر، مثل الانتقال الذي تم في بعض البلدان إلى النظام الاشتراكي. فمثل هذه التحولات تكون إطارا لتبرير إزاحة المطلب الديمقراطي عن مكانته ذات الأولوية. وغالبا مايتم في مثل هذه الحالات إرجاء البناء الديمقراطي استنادا إلى أن هناك أولوية لبناء آخر.
قد تكون الاشتراكية والديمقراطية قيمتين مطلوبتين في المجتمع في الوقت ذاته. غير أن التجارب التي مرت بها بعض الشعوب دفعت إلى طرح السؤال حول إمكانية تواجد هاتين القيمتين: هل إذا كان بلوغ الاشتراكية مطلبا مجتمعيا من أجل تحقيق العدالة فيه أصبح مطلب الديمقراطية غير ضروري على الصعيد السياسي؟ وبعبارة أخرى: هل تحجب مهمة إنجاز الاشتراكية مطلب تحقيق الديمقراطية؟
ظهرت الأفكار الاشتراكية، كما هو معلوم، في القرن التاسع عشر بتعبيرات مختلفة عنها أهمها النظرية الماركسية التي عرفت تطبيقات لها،من حيث المبدأ والإعلان عن ذلك، انطلاقا من الثورة الاشتراكية التي قامت في روسيا سنة 1917.
لن نعود إلى تاريخ الثورة الاشتراكية لإبراز عدم القدرة قي صيرورتها على الجمع بين الاشتراكية والديمقراطية. سنترك فترة حكم زعيمها الأول لينين،لأنها كانت قصيرة.ونقترح التركيز على عهد خلفه ستالين الذي أصبح حكمه نموذجا لأشكال الحكم الديكتاتوري والشمولي التي عرفها تاريخ الإنسانية بأكمله.
تولى ستالين السلطة بعد لينين، فكان ذلك بداية لتحول في كيفية الحكم باسم الاشتراكية، وفي تسيير الحزب الشيوعي الحاكم وتدبير الدولة. تحولت السلطة باسم الحزب إلى هيمنة شخصية هي التي توجد على رأس الدولة. تم اختزال كل شيء في شخصية فرضت نفسها على الحزب وعلى الدولة في الوقت ذاته، فتم بذلك فتح الطريق أمام نموذج تقديس الشخصية الحاكمة وكل ما يصدر عنها من أفكار وأقوال وأفعال.
في ظل التطور السالف ضاعت إمكانية الجمع بين قيمة العدالة المجتمعية التي تدعو لها الاشنراكية وبين قيمة العدالة السياسية التي يدعو لها النظام الديمقراطي. وقد ترسخ عدم إمكان الجمع بين القيمتين في العهود اللاحقة، رغم وجود انتقادات على صعيد الحزب الحاكم ومؤسسات الدولة إلى أن تم تفكيك القوة العطمي التي كان من الممكن أن تكون مثالا قابلا للاتباع. تصبح شخصية المستبد في المثال السابق موضع تقديس يحجب كل قيمة أخرى مثل الديمقراطية.
.
.
كانت هناك محاولات للفصل بين الاشتراكية والاستبداد، ولاستعادة الاشتراكية كفكرة من إطار الاستلاب الذي حصل لها عندما تداخلت مع ذلك الاستبداد. وقد بدأت هذه المحاولات منذ الانتقادات التي وجهت للنظام السابق في المِؤتمر العشرين للحزب الشيوعي، وكان الزعيم السوفياتي خروتشوف هو من قاد السير في هذا الاتجاه . ولكن هذه الانتقادات لم تكن كافية لمحو الآثار السلبية للاستبداد على النظام السياسي، لأنه كان من الصعب القضاء على آليات الاستبداد نظرا لتغلغلها في كل أجهزة الدولة والحزب الحاكم
بعد مايزيد على العقدين من محاولة خروتشوف تجاوز سلبيات عهد ستالين ظهرت محاولة جادة أخرى لم تواجه ستالين نفسه، بل واجهت عواقب استمرار طريقته، ونقصد بذلك أفكار الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف.فقد دعا إلى ضرورة إعادة النظر في الطريق المتبع حتى وقته في بناء المجتمع الاشتراكي.وكان الحافز لعملية إعادة البناء،كما يصرح بذلك غورباتشوف في الكتاب الذي يحمل عنوانا هو هذه العبارة نفسها، البحث عن تجاوز أشكال التعثر في بناء المجتمع الاشتراكي وعن أفضل الطرق للتقدم نحو الاشتراكية.
رأى غورباتشوف أن بداية عملية إعادة البناء تكمن في الوعي بالعوائق ومظاهر التعثر التي عرفها التحول نحو المجتمع الاشتراكي، ومعرفة التناقضات التي حصلت خلال ذلك المسار. وقد وجد أن التناقض الأساسي كان يكمن في الاتساع المتزايد للفجوة التي أصبحت تفصل بين عالم الحقائق اليومية التي يعيشها الناس وبين عالم الازدهار الاستعراضي.أصبح الخطاب المتضمن لأقوال جاهزة ومتكررة معارضا للواقع اليومي ومفارقا له.وبقدر ماتكررامتداح الواقع القائم، أصبح ذلك عائقا عن فهم ما يجري في حقيقته.ولم يكن ضحية ذلك هم متلقي هذا الخطاب فحسب، بل من يصدر عنهم أيضا.
إذا كان التحول الاشتراكي، كما تم تطبيقه، يمر عبر ديكتاتورية الطبقة العمالية، فإن البديل عن ذلك في الواقع كان هو هيمنة بيروقراطية سيطرت على أجهزة الحزب والدولة ومارست الحكم واستفادت من عدد من الامتيازات لصالحها.وما ساد عند هذه الطبقة هو إيديولوجيا يغلب عليها امتداح نجاحات الواقع، وسياسة استخفاف بالمطالب الواقعية للطبقة العاملة التي يمارس الحكم باسمها.وهكذا، وجدت فجوة أخرى بين الإنسان الذي تتحدث عنه الإيديولوجيا الامتداحية المدعية الاتجاه نحو إسعاده، وبين هذا الإنسان نفسه في واقعيته حيث لايستطيع إسعاد نفسه.
أهمية كتاب غورباتشوف حول عملية إعادة البناء أنه لايتحدث عن الديمقراطية مزهوا بحضورها على الصعيد الإيديولوجي رغم غيابها في الواقع، بل إنه حاول أن يبحث في شروط غيابها وفي العواقب الناجمة عن ذلك الغياب بالنسبة لبناء المجتمع الاشتراكي.لاحظ غورباتشوف أن الاشتراكية في حد ذاتها ليست القيمة الإنسانية الوحيدة ، لان طابعها الإنساني لا يكتمل إلا بفضل التطبيق الديمقراطي لها.وقد كان بالإمكان تجنب بعض المشكلات التي عرفتها مجتمعات كان لها الاختيار الاشتراكي لو أن الديمقراطية كانت حاضرة فيها.ولذلك جعل جوهر عملية إعادة البناء كامنة في إدماج الديمقراطية في الاشتراكية وأكد ذلك بقوله عن تحقيق اشتراكية افضل يقتضي ديمقراطية أكثر.غير أن السلبيات التي أوجدها النظام السابق كانت أكثر وأقوى من محاولات غورباتشوف الذي انتهى مع عهده عهد أول دولة اشتراكية في العالم المعاصر.كان غياب الديمقراطية قد ترك عواقب صعب على المجتمع الاشتراكي تجاوزها.ولكن هذا الأمر لايهم المجتمعات الاشتراكية وحدها، لأن تجارب أخرى عرفت تطورات مماثلة.
تبينا، ونحن نتناول الديمقراطية من زاوية أولويتها في المجتمع معتمدين نموذج المجتمع الاشتراكي،أن تغييب الديمقراطية في تطبيق بعض المبادئ والقيم يفقد تلك المبادئ طابعها الإنساني، من جهة، ويجعل الديمقراطية مطلبا أساسيا رغم النزعة الإنسانية للأفكار والتصورات المتبناة من جهة أخرى.
نرى من الملائم لكي نجعل المبدأ الذي ننطلق منه في التقييم والتحليل في الوقت ذاته قابلا لأن يكون دليلا للتفكير في جانب من جوانب الديمقراطية، ضرورة العمل على تنويع التجارب التاريخية التي نفكر فيها، بحيث تكون من سياقات مختلفة.وهذا ما يدفعنا إلى البحث في بالمسألة في ضوء علاقة أخرى هي علاقة الديمقراطية بالقومية، وبخاصة في البلدان العربية.
نشأت الحركة القومية العربية في زمن تراجع الإمبراطورية العثمانية التي كانت لها السيادة على بلدان عربية متعددة. ومن مظاهر جاذبية الحركة القومية العربية دعوتها إلى تحرير البلاد العربية من كل هيمنةخارجية: الأولى كانت باسم مفهوم الخلافة الإسلامية وكان ينبغي ، من منظور الحركة القومية العربية التحرر فيها من شرط الوحدة الدينية بين العرب والأتراك للانتقال نحو التمايز بين هاتين القوميتين. وأما الهيمنة الثانية فقد كانت من الاستعمار الأوروبي. تظهر جاذبية فكرة التحرر التي تبنتها الحركة القومية العربية في استجابتها لطموحات بناء دولة عربية حديثة ذات سيادة في سياستها الداخلية والخارجية.
تبنت الحركة القومية العربية كذلك فكرة الوحدة العربية، وهي بدورها فكرة ذات جاذبية إيجابية بالنسبة لفئات من المجتمعات العربية، وخاصة منها الطوائف المسيحية. ففكرة القومية العربية تجمع بين العرب من حيث هم كذلك بغض النظر عن الاختلافات الدينية ببينهم. ولم يكن المسيحيون ممن تقبل هذه الفكرة فحسب، بل كانوا من بين رواد الحركة القومية العربية والمطورين للإيديولوجيا التي تقول بها. ومن الطبيعي أن يكون الأمر كذلك لأن فكرة القومية تتأسس على فكرة الوطن لاعلى فكرة الدين. ومن الواضح أن القومية العربية بهذا الاتجاه تختلف عن الإيديولوجيا الإصلاحية الأولى التي كانت سلفية إسلامية. فالوحدة العربية إطار يمكن أن يتفاعل من أجله عرب مسلمون وغير مسلمين.
تبنت الحركة القومية العربية كذلك الأفكار الاشتراكية، فكان المجتمع العربي الذي تدعو إلى بنائه، في كل بلد عربي توجد فيه، مجتمعا قطريا يسعى إلى التحرر من كل هيمنة خارجية، ويطمح إلى التوحد مع أقطار عربية أخرى، كما يتوق إلى تحقيق العدالة المجتمعية عبر سيادة النظام الاشتراكي فيه. وقد أصبحت الحركة القومية العربية بذلك حليفا لحركات التحرر في كثير من جهات العالم المختلفة، وحليفا للحركات ذات التوجه الاشتراكي في العالم من جهة أخرى.
زاد وضوح الفكرة القومية بعد التطورات التي عرفها الانتداب البريطاني على أرض فلسطين وظهور الوعد بتقديم المساعدة للحركة الصهيونية بإقامة دولة لليهود على أرض فلسطين. ففكرة القومية العربية هي الخلفية الإيديولوجية التي حارب بها العرب من أجل فلسطين باعتبارها جزءا من الأمة العربية.
لن ندخل في تفاصيل تاريخ البلدان التي بلغت فيها التيارات القومية العربية قمة السلطة وصار على عاتقها أمر تدبير المجتمع. ولكننا نكتفي من متابعة الخط العام لصيرورة ذلك التاريخ بأن نقول إن الحركة القومية العربية لم تنجح في تطبيقها لأفكارها، وهي في السلطة، في تطوير التدبير الديمقراطي للمجتمع، فبرزت كثير من مظاهر الاستبداد رغم الأفكار التحررية والوحدوية التي انطلقت منها. ونرصد في التالي بعض هذه المظاهر.
1) كان الوصول إلى موقع السلطة معتمدا على قوة الجيش والانقلاب على السلطة القائمة، وهو مايعني أن احتلال ذلك الموقع من المجتمع لم يكن تبعا لشروط الديمقراطية. وكان التبرير الطبيعي لذلك هو القول بأن الأمر يتعلق بثورة أزاحت عن المجتمع حكما فاسدا وطاغيا من أجل الاستعاضة عنه بآخر يعمل على نشر العدالة ويراعي المصالح الجماعية والقومية.
2) بدل أن يكون الانقلاب على السلطة القائمة حدثا استثنائيا في تاريخ البلاد ينقلها من ماضيها اللاديمقراطي إلى حاضر يتم الاعتماد فيه على التدبير الديمقراطي للمجتمع وعلى تداول السلطة وفقا لمقتضيات هذا النظام، فإن الانقلابات العسكرية أصبحت هي القاعدة المتبعة للوصول إلى موقع الحكم.
3) نظام الحكم الذي أقامته الحركة القومية عند توليها السلطة هو حكم الحزب الوحيد.وهذا نظام بعيد عن الديمقراطية، حتى لو وقع الإيحاء بوجودها بفضل إقامة مؤسسات شكلية تدل عليها. وفضلا عن ذلك ، فإن لهذا النظام سلبيات عديدة منها أساسا إفقار الحياة السياسية في البلاد التي يوجد بها، وذلك بجعل هذه الحياة مبنية على الولاء لتصورات بعينها عن المجتمع، مما يؤثر في الحياة الفكرية والسياسية ويدخلها في مجال ترديد مقولات معينة مقصيا بذلك إمكانيات الإبداع في الحياة السياسية، بل والفكرية والتربوية.كما أن هذا النظام القائم على الولاء أوعلى إظهاره، على الأقل، يصبح مصدرا للحصول على امتيازات غير موضوعية لأعضاء الحزب الحاكم، مما يفسد معايير التمايز في الحياة المجتمعية.
4) لايسمح نظام الحزب الوحيد في السلطة،أو الذي يمارس الهيمنة السياسية على البلاد بالاستناد إلى بنود دستورية تمنحه الحق دون غيره في ذلك، بالاستفادة من كل الطاقات في المجتمع التي يدفعها نظام الحياة السائد إلى الهجرة خارج وطنها. وهذا فضلا عن طاقات أخرى تظل معطلة داخل البلاد نفسها نظرا للإقصاءات اللازمة عن منطق الولاء الذي يفرضه نظام الحزب الوحيد في الحكم. ويؤثر هذا على مسار التنمية ووتيرتها في المجتمع.
5) لم تنجح الحركة القومية العربية في بناء مجتمع تسوده ديمقراطية مجتمعية تتعايش فيها بشكل ديمقراطي المكونات المختلفة للمجتمع. وهكذا، فإن التركيز على عنصر العروبة وإضفاء صفة الإطلاق عليه في صيرورة الحياة السياسية والمجتمعية قاد إلى تهميش بعض المكونات غير العربية في المجتمع، ولم يتح لها الفرصة للمساهمة من حيث هي ذات انتماء لنفس المجتمع.لم تنجح الحركة القومية العربية في فرض عروبة تضفي النسبية على ذاتها لتعايش في إطار ديمقراطي المكونات الأخرى. وفضلا عن كون هذا الأمر يبدد الطاقات المجتمعية ويقصي جزءا منها، فإنه يكون مصدرا لصراعات جانبية تخرج بالمجنمع عن سياق الغايات الاصلية التي قامت من أجلها الحركة القومية العربية ذاتها، وتفتح الباب لبعض التدخلات الخارجية. وقد كان لهذا الأمر أثره الفعلي على استقرار المجتمع وتطوره.
6) زاد على المظاهر السالفة الذكر مظهر آخر أقوى تنافيا مع الديمقراطية وأكثر ابتعادا بالحركة القومية عن الغايات المعلن عنها، ونقصد بذلك انبثاق الحكم الفردي المطلق عن حكم الحزب الوحيد. لقد أصبح تركيز الهيمنة الفردية على أجهزة الدولة والحزب وجعلها تابعة لإرادة الحاكم هو مايأخذ جزءا من سياسة الدولة. ابتعدت البلاد في هذه الحالة عن كل تدبير استشاري للمجتمع، وابتعدت الحركة القومية عن مبادئها، وحل محلها حكم ديكتاتوري حتى إن كان يحكم باسمها.لقد وقع الخلط بين المبادئ القومية وبين شخص الحاكم، وهو شبيه بما وقع في حالة البلاد الاشتراكية في عهد ستالين.
7) كان من نتائج مثل هذا النمط من الحكم، كما اتضح ذلك في حالة العراق، دخول البلاد في صراعات وحروب غير مدروسة العواقب، وهو ما أدى إلى تراجعات كثيرة في وضع البلاد وأبعدها عن كل الغايات المرسومة، بما في ذلك غايات القومية العربية. وقدساد الوضع بالمثل في بلدان أخرى مثل سوريا.
يوضح ماسبق أن غياب الديمقراطية من البرنامج الفعلي للحركة القومية العربية كان من أسباب فشلها في تحقيق هدفها القومي.فمع غياب الديمقراطية، وظهور الاستبداد باسم القومية غابت الأهداف القومية ذاتها. القومية، مثل الاشتراكية التي تحدثنا عنها قبل الآن، في حاجة إلى قيمة أخرى تضاف إليها هي الديمقراطية. وهذا دليل على الطريق الذي ينبغي أن يتجه إليه التفكير في هذا الموضوع، إذ أن غياب الديمقراطية يثبت بالخلف أولويتها