11 ديسمبر 2013 بقلم
حمّادي ذويب قسم:
الدراسات الدينية حجم الخط
-18
+ للنشر:تبدأ علاقة ابن خلدون بعلم أصول الفقه منذ فترة التحصيل والتتلمذ، ذلك أنّ هذا العلم كان يعدّ أحد أعمدة التعليم الإسلامي في مختلف مؤسساته، حيث تدرس مؤلّفات علماء أصول الفقه المبسوطة أو المتوسّطة أو المختصرة.
وفي هذا الصدد، يخبرنا ابن خلدون أثناء ترجمته لنفسه أنّه أخذ الفقه عن جماعة من علماء تونس ومشايخها من المالكيّة، كما تلقى معارف نقلية وعقلية من علماء قدموا رفقة السلطان أبي الحسن عندما ملك افريقيّة سنة ثمان وأربعين، ومنهم شيخ العلوم العقليّة أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الآبلي (ت. 681 هـ) الذي قرأ على تلاميذ ابن زيتون (ت. 691 هـ)، وهو أوّل من أظهر تآليف فخر الدين الرازي بتونس، حيث كان يدرّسها
[1]. وقد كان للآبلي دور مهمّ في تعليم العلوم العقليّة وبثّها بين أهل المغرب.
[2] ويقرّ ابن خلدون أنّه أخذ الأصلين؛ أي علمي أصول الفقه وأصول الدين عن الآبلي. يقول: "ولمّا قدم على تونس في حملة السلطان أبي الحسن لزمته وأخذت عنه الأصلين والمنطق وسائر الفنون الحكمية والتعليمية، وكان رحمه الله يشهد لي بالتبريز في ذلك"
[3]. ويفصّل ابن خلدون في موضع لاحق ترتيب العلوم التي تلقّاها عن الآبلي، فيقول: "وكانت قد حصلت بينه وبين والدي صِحابة كانت وسيلتي إليه في القراءة عليه، فلزمت مجلسه وأخذت عنه وافتتحت العلوم العقلية بالتعاليم ثم قرأت المنطق وما بعده من الأصلين وعلوم الحكمة".
[4]والملاحظ أنّ الآبلي لم يكن عالماً بأصول الفقه فحسب، بل درّسه أيضاً. ينقل ابن خلدون أنّه "مرّ ببجاية ودخلها وأقام بها شهراً حتى قرأ عليه طلبة العلم بها مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه برغبتهم في ذلك منه ومن صاحب الأسطول"
[5].
وقد كانت لمختصري ابن الحاجب منزلة كبيرة في ذلك العصر لذلك كثرت شروحهما ومختصراتهما وانتشر تدريسهما وحفظهما بين طلاّب العلم، من ذلك ما يرويه ابن خلدون عن قاضي الجماعة بفاس أبي عبد الله محمد المقّري، وهو جدّ صاحب كتاب "نفح الطّيب في غصن الأندلس الرطيب": "ثمّ دعته همّته إلى التحلّي بالعلم، فعكف في بيته على مدارسة القرآن... ثم عكف على كتاب التسهيل في العربيّة، فحفظه ثمّ على مختصري ابن الحاجب في الفقه والأصول فحفظهما".
[6] وقد تطرّق ابن خلدون إلى هذين الكتابين في الباب السادس من مقدّمته فقال: "أمّا كتاب "الإحكام" للآمدي، فهو أكثر تحقيقاً للمسائل (مقارنة بكتاب المحصول للرازي) فلخّصه أبو عمرو بن الحاجب في كتابه المعروف بالمختصر الكبير ثم اختصره في كتاب آخر تداوله طلبة العلم، وعني أهل المغرب والمشرق به وبمطالعته وشرحه".
[7]وقد ذكر ابن خلدون نفسه في مكان آخر، أنّ لابن الحاجب مختصرين أحدهما في الفقه والآخر في أصول الفقه، وأنّه درس المختصرين كليهما. يقول: "حفظت قصيدتي الشاطبي الكبرى والصغرى في القراءات وتدارست كتابي ابن الحاجب في الفقه والأصول..."
[8].
وقد أشار ابن خلدون في موضع آخر إلى هذين المختصرين في الفصل الذي عرض فيه رأيه في المختصرات المؤلّفة في العلوم وأنّها مخلّة بالتعليم. يقول "وربّما عمدوا إلى الكتب الأمّهات المطوّلة في الفنون للتفسير والبيان، فاختصروها تقريباً للحفظ كما فعله ابن الحاجب في الفقه وأصول الفقه".
[9]وتجلّت صلة ابن خلدون بعلم أصول الفقه من خلال تدريسه له، فقد نقلت بعض المصادر التاريخيّة القديمة أنّ بعض الفقهاء تتلمذوا على ابن خلدون وأخذوا عنه أصول الفقه، ومنهم الفقيه عبد الله بن مقداد الأفقهسي (ت. 823 هـ). وقد أخذ الفقه والأصول عن ابن خلدون، وبرع فيها وأفتى ودرس وناب في الحكم، وله تفسير في ثلاثة مجلّدات وشرح مختصر الشيخ خليل، وتوفّي وهو يتولّى منصب القضاء.
[10]وممّن تخرّجوا على يديه في الفقه المالكي وأصوله محمد بن أحمد البساطي المالكي (ت. 842 هـ)، يقول السخاوي في ترجمته: "ثمّ ارتحل إلى القاهرة في سنة ثمان وسبعين... واشتغل بالعلم وأوّل من أخذ عنه من المشايخ كما قرأته بخطّه النور الجلاوي المغربي المالكي ولازمه نحو عشر سنين في الفقه والعقليات وغيرها... ولمّا مرض أشار عليه بالقراءة في العقليّات على العز بن جماعة، فلازمه فيما كان يقرؤه من العلوم عقليها ونقليها، وكذا انتفع في الفقه مع فنون كثيرة وأكثرها أصول الفقه بابن خلدون".
[11]وقد وصلت إلينا شهادة مهمّة توضّح وجهاً آخر من وجوه صلة ابن خلدون بعلم أصول الفقه، يصف من خلالها تلميذه ابن عمار طريقة صاحب المقدمة في تدريس أصول الفقه فيقول: "كان يسلك في إقرائه الأصول مسلك الأقدمين كالإمام والغزالي والفخر الرازي مع الغض والإنكار على الطريقة المتأخّرة التي أحدثها طلبة العجم، ومن تبعهم في توغل المشاحة اللفظية والتسلسل في الجدية والرسمية اللذين أثارهما العضد وأتباعه في الحواشي عليه، ومنهم الناقل غضون إقرائه عن شيء من هذه الكتب مستنداً إلى أن طريقة الأقدمين من العرب والعجم وكتبهم في هذا الفنّ على خلاف ذلك، وأنّ اختصار الكتب في كل فنّ والتعبد بالألفاظ على طريقة العضد وغيره من محدثات المتأخّرين والعلم وراء ذلك كلّه. وكان كثيراً ما يرتاح في النقول لفنّ أصول الفقه خصوصاً عن الحنفيّة كالبزدوي والخبازي وصاحب "المنار" ويقدّم "البديع" لابن الساعاتي على "مختصر" ابن الحاجب قائلاً: إنّه أقعد وأعرف بالفنّ منه وزاعماً أنّ ابن الحاجب لم يأخذه عن شيخ، وإنّما أخذه بالقول. قال وهذا فيه نظر".
[12]ومن الطبيعي بعد أن عرفنا علاقة ابن خلدون بعلم أصول الفقه دراسة وتدريساً، أن نتساءل هل ألّف ابن خلدون تأليفاً مستقلاً في هذا العلم؟ ولعلّ ما يبرّر هذا السّؤال أيضاً النظر في خطاب المقدّمة ذاته، حيث نلاحظ حضوراً متواتراً للمصطلحات والمفاهيم الأصوليّة واستخداماً واسعاً لأدلّة أصول الفقه الرئيسة والتكميليّة فضلاً عن تخصيص فصل مكتنز في "المقدّمة" عن أصول الفقه. والجواب السّريع عن هذا السؤال غير مختلف عليه، وهو يفيد بغياب أيّ كتاب مطبوع لابن خلدون في علم أصول الفقه وعدم تطرّق ابن خلدون لأيّ كتاب له في أصول الفقه أثناء كتابة سيرته الذاتية في كتابه "التعريف"، وكذلك "الأم" بالنسبة إلى مترجميه المصريّين
[13]. لكن في مقابل هذا نلفي شهادات توثّق صلة ابن خلدون بالتأليف في أصول الفقه، منها ما ذكره التنبكتي (ت1036ه ) أثناء ترجمته لأعيان علماء المالكيّة قائلا: "وألّف في الحساب وفي أصول الفقه"
[14] فما الذي يقصده التنبكتي بهذا؟ هل يعني به تأليف ابن خلدون كتاباً في أصول الفقه لم يصلنا؟ توجد فرضيّتان في هذا السّياق؛ أولاهما أنّ هذه الشهادة بنيت على سوء فهم، فقد ذكر التنبكتي قبل إيراده العبارة السابقة أنّ ابن خلدون لخّص "محصول" الفخر الرازي، لكن المعلوم أنّه لم يلخّص هذا الكتاب الدائر على أصول الفقه، وإنّما لخّص كتاب الرازي في علم الكلام أو أصول الدّين، وهو "محصل أفكار المتقدّمين والمتأخّرين"
[15]. وقد وسم هذا المختصر بـ"لباب المحصل في أصول الدين"[16].
أمّا الفرضيّة الثانية، فهي تتمثّل في تأليف ابن خلدون شرحاً لقصيدة (رجز) في أصول الفقه للسان الدين بن الخطيب، ويظهر أنّ تاريخ هذا التأليف هو ستينيات القرن الثامن للهجرة، فقد بقي ابن خلدون بغرناطة إلى منتصف سنة 766 هـ "وكان سبب قدومه إبرام صلح بين ملكي غرناطة والمغرب من جهة، وبين بطرو الطاغية ملك قشتالة من جهة ثانية، وفي أثناء هذه المدّة قام ابن خلدون بأعمال علميّة مهمّة، فلخّص كتاب المحصل للرازي وشرح ألفية في أصول الفقه نظمها صديقه لسان الدّين بن الخطيب؛ فكلا الرجلين كانا في تلك الفترة مشتغلين بعلم الأصول"
[17]. وقد أثنى ابن الخطيب على ابن خلدون حين ترجم له في كتابه "الإحاطة في أخبار غرناطة"، وذكر شرحه لرجزه في أصول الفقه. يقول عنه: "مفخر من مفاخر التخوم المغربيّة، شرح البردة شرحاً بديعاً يدل على غزارة حفظه... ولخص كثيراً من كتب ابن رشد، وعلّق للسلطان أبي سالم في العقليّات تقييداً مفيداً في المنطقً ولخّص محصل الإمام فخر الدين الرازي، وألّف كتاباً في الحساب، وشرع في شرح الرجز الصادر عنّي في أصول الفقه
[18] بشيء لا غاية فوقه في الكمال".
[19] والمعلوم أنّ لسان الدين بن الخطيب له خمس أراجيز من نظمه في أصول الفقه نظمها بمدينة سلا وفق ما صرّح به بنفسه
[20]. وإحدى هذه الأراجيز أرجوزة من ألف بيت في أصول الفقه موسومة بـ"الحلل المرقومة في اللمع المنظومة" توجد منها نسخة مخطوطة في خزانة القرويين بفاس تحمل الرقم 278.
ومن وجوه صلات ابن خلدون بعلم أصول الفقه التنظير والتأريخ له، ومن أهمّ تجلّيات هذا الجانب التنظيري وضع علم أصول الفقه ضمن شبكة العلوم النقليّة والعقليّة، حيث جعله من حلقات العلوم النقليّة، وهي في نظره تستند إلى الخبر عن الواضع الشرعي ولا مجال فيها للعقل إلاّ في إلحاق الفروع من مسائلها بالأصول"
[21]. وهذا الموقف يفهم، إن استحضرنا اعتبار ابن خلدون، أنّ أصل العلوم النقليّة كلّها هي الشرعيّات من الكتاب والسنّة وأنّ مختلف العلوم النقليّة تؤخذ من هذين المصدرين بالنصّ أو بالإجماع أو بالإلحاق.
وفي هذا الإطار، يحدّد صاحب المقدّمة منزلة علم أصول الفقه قائلاً: "ثم لا بدّ في استنباط هذه الأحكام من أصولها من وجه قانوني يفيدنا العلم بكيفيّة هذا الاستنباط، وهذا هو أصول الفقه".
[22]والمؤكّد أنّ أهمّ جهد نظري وتاريخي قام به ابن خلدون بالنسبة إلى الباحث عن صلته بعلم أصول الفقه يبرز من خلال الفصل الذي تضمّنته المقدّمة، وكان موسوماً بـ"أصول الفقه وما يتعلّق به من الجدل والخلافيّات". وينقسم هذا الفصل إلى قسمين: قسم نظري مختصر وقسم تاريخي أكثر اتّساعاً. ففي القسم الأوّل بيّن أهمّية علم أصول الفقه معتبراً أنّه "من أعظم العلوم الشرعيّة وأجلّها قدراً وأكثرها فائدة"[23]، وهذا الموقف التمجيدي لا يفهم مغزاه الحقيقي في نظرنا، إلاّ إذا نظرنا في الفصول الخاصّة بالعلوم الشرعيّة التي تطرّق إليها ابن خلدون قبل الفصل الخاص بعلم أصول الفقه وبعده، فكلّها لا تشتمل على تنويه خاصّ بتلك العلوم يضاهي التنويه والإشادة التي خصّ بها علم أصول الفقه دليلاً على جلالة قدره في نظر ابن خلدون، وهو موقف يخالف ما ذهب إليه كثير من العلماء الذين فضّلوا العلوم التي يشتغلون بها على غيرها من العلوم، على غرار تفضيل علم الفقه على غيره عند البعض كالسمعاني في كتابه "قواطع الأدلّة" وتفضيل علم الكلام على غيره عند بعض آخر من العلماء كالغزالي في كتابه "المستصفى".
وقد بيّن ابن خلدون أنّ هذا العلم من الفنون المستحدثة في الملة، لأنّ السلف كانوا مستغنين عنه لتوفر القدرة اللغوية التي عبّر عنها بالملكة اللسانية، وهي تجعلهم يستفيدون المعاني من الألفاظ بيسر، ثمّ إنّهم كانوا قريبين من نقلة الأخبار.
ويقول ابن خلدون مؤكداً أن هذا العلم إنشاء بشري: "فلمّا انقرض السلف وذهب الصدر الأول وانقلبت العلوم كلها صناعة احتاج الفقهاء والمجتهدون إلى تحصيل هذه الصناعة والقواعد لاستفادة الأحكام من الأدلة".
[24]24
ويتجلى من خلال هذا الفصل الانتماء السني لابن خلدون ومن علامات ذلك:
أ-ترتيب أصول الفقه وفق الترتيب الرباعي السني؛ أي قرآن فسنة فإجماع فقياس، وهذا هو الترتيب الذي كان الشافعي أول من استخدمه.
ب-اعتماده حجج أهل السنة في إثبات حجية الأصول من ذلك اعتباره عصمة الأمة مستنداً لإثبات حجية الإجماع.
ت-اعتباره الشافعي أول من كتب في أصول الفقه من خلال كتابه " الرسالة".
ث-الاقتصار على ذكر كتب علماء أصول الفقه السنيين وكتابين معتزليين مقابل تغييب كتب الشيعة.
ومن جهة أخرى، يتبدّى لنا من خلال هذا الفصل الميل الكلامي الأشعري لابن خلدون؛ فهذا المؤرخ حاول أن يكون موضوعياً في عرضه لأهم المؤلفات الأصولية فذكر أبا زيد الدبوسي الحنفي صاحب كتاب " تقويم الأدلة في أصول الفقه" وأثنى عليه معتبراً أنه كتب في القياس بأوسع من جميع من سبقوه، وتمّم الأبحاث والشروط التي يحتاج إليها فيه وكملت صناعة أصول الفقه بكماله وتهذبت مسائله وتمهدت قواعده25. ثم ذكر أنّ من أحسن كتابة المتقدمين في طريقة الحنفية تأليف الدبوسي، وأحسن كتابة المتأخرين فيها البزدوي من أئمتهم، وهو مستوعب حسب عبارته.
وذكر أيضاً كتابين للمعتزلة اعتبرهما من الكتب الأربعة الأساسية في علم أصول الفقه، هما العهد لعبد الجبار وشرحه المعتمد. وهذا خطأ من ابن خلدون أو من ناسخ الكتاب، لأن كتاب عبد الجبار هو بعنوان "العمد". كما أن كتاب "المعتمد" ليس شرحاً للعمد، فقد ذكر البصري في مقدمة كتابه: "ثم الذي دعاني إلى تأليف هذا الكتاب في أصول الفقه بعد شرحي كتاب العهد واستقصاء القول فيه أني سلكت في الشرح مسلك الكتاب في ترتيب أبوابه".
26ومع ذلك، بدا واضحاً انحيازه إلى الأشاعرة، فقد ذكر أنّ من أحسن ما كتبه المتكلمون في أصول الفقه كتاب "البرهان" لإمام الحرمين الجويني و "المستصفى" للغزالي، وهما من الأشعرية، واعتبرهما ضمن الكتب الأربعة التي تعدّ قواعد هذا الفنّ وأركانه. ومن المشروع أن نتساءل هنا لماذا يعدّ هذه الكتب وحدها من قواعد علم أصول الفقه؟ ألا تستحق كتب الحنفية أن تكون من قواعده أيضاً؟ أليس في كتب الشيعة ما يصلح ليكون ضمن هذه الكتب الأساسية؟
وبالإضافة إلى هذا، كشف خطاب ابن خلدون عن ميله الأشعري من خلال حكم إيجابي أطلقه على بعض علماء الأشعرية، فقد اعتبر فخر الدين الرازي وسيف الدين الآمدي فحلين من المتكلمين قاما بتلخيص الكتب الأربعة أعمدة علم أصول الفقه في رأي ابن خلدون. وتطرق إلى مختصرات هذين الكتابين مهملا ًمختصرات بقية الكتب الحنفية والاعتزالية والإباضية وغيرها.
ومن الواضح أن العامل المذهبي كان له وقع خاص في خطاب ابن خلدون حول أصول الفقه؛ لذلك رأيناه يثبّت الحضور السني والأشعري ويهمش حضور بقية المذاهب، وخاصة منها المذاهب غير السنية، لكن هل كان ابن خلدون عالماً بإسهامات هذه المذاهب في علم أصول الفقه؟ هل تسنّى له الاطلاع عليها؟
[1]- أحمد بابا التنبكتي،
نيل الابتهاج، ص