أسال كتاب المؤرّخ الفرنسيّ المختصّ في تاريخ ألمانيا القروسطيّة سيلفان
غوغنهايم (Sylvain Gouguenheim) وهو بعنوان "أرسطو في جبل سان ميشال:
الجذور اليونانيّة لأوروبّا المسيحيّة" الكثير من الحبر في فرنسا منذ نشره
قبل حوالي العامين في دار لوسوي بباريس. بل وامتدّ الجدل حول هذا الكتاب
آنذاك ليطال موقعنا (الأوان) حين كتب الأستاذ حميد زناز مقالا حوله بعنوان "
هل
يدين الغرب المسيحيّ للشّرق الإسلاميّ بشيء؟" بتاريخ 20 نوفمبر 2008،
وهو ما أثار ردّة فعل من قبل كاتب هذه السّطور أثمرت مقالا نشر على ذات
الموقع تحت عنوان "
هل
سطعت شمس الله على الغرب حقّا؟" بتاريخ 5 ديسمبر 2008. وهو ما كان
مثار ردّ للأستاذ زناز في مقال حمل عنوان "
لماذا
غربت شمس العرب وأشرقت شمس الغرب؟" بتاريخ 13 ديسمبر 2008، ومن ثمّ
تعقيبات نقديّة من قبل الأستاذ مختار الخلفاوي في مقاله "
من
تمنطق تزندق: عن الفتنة اليونانيّة في دار الإسلام" بتاريخ 14 ديسمبر
2008 والأستاذ العادل خضر في مقاله "
أيّ
موقف نتّخذ من خطاب الهستيريّ؟" بتاريخ 17 ديسمبر 2008 ، وقد نشرت
جميعها على موقع الأوان (إضافة طبعا لتعليقات شتّى من قرّاء الأوان
الأكارم).
وقبل الخوض من جديد في ما أثاره كتاب غوغنهايم من جدل امتدّ إلى اللّحظة،
لا بأس من التّذكير بموضوعته الرّئيسيّة، ألا وهي محاولة البرهنة على أنّه
لم يكن للعالم العربي الإسلاميّ سوى دور ثانويّ في "نقل المعارف اليونانيّة
خلال القرون الوسطى إلى الغرب المسيحيّ" (بتعبير غوغنهايم نفسه الذي
يستخدم تحقيبا تاريخيّا محض أوروبيّ ينمّ عن نزعة تمركز حول الذّات
الأوروبيّة Eurocentrisme). إلاّ أنّ ما تضمّنه الكتاب من تلميحات تستنقص
الحضارة العربيّة الإسلاميّة هو ما أثار جملة من ردود الفعل ركّز بعضها على
المحتوى العلميّ التّاريخي للكتاب وحاول تفنيد حججه وبراهينه، بينما ذهب
معظمها إلى تنزيل الكتاب في سياق اللّحظة الرّاهنة في أوروبّا وفي فرنسا
على وجه الخصوص، وهي لحظة تتّسم بتنامي ما اصطلح على تسميته بظاهرة
"الإسلاموفوبيا" أو ما نعرّبه بعبارة "خواف الإسلام"، وهي ظاهرة لئن كان
تصاعد أنشطة الحركات الإسلامويّة مغذّيا لها إلاّ أنّها لم تعدم توظيفا من
قبل بعض الجماعات اليمينيّة الأوروبيّة المتطرّفة التي لا تميّز بين تلك
الأنشطة والمظاهر التي يرى بعض المسلمين أنّ حياتهم الدّينيّة كمسلمين
مهاجرين في أوروبّا تستلزمها (المساجد، اللّباس، بما في ذلك الألبسة
التقليدية مثل الشاشيّة والعمامة والجبّة والقفطان، الأعياد، إلخ).
وقد يكون من نافلة القول الإشارة إلى أنّ الشّعبيّة الكبيرة التي حقّقها
كتاب غوغنهايم كانت موضوع غضب بعض المؤرّخين، ولا يتعلّق الأمر هنا بمسألة
الغيرة فحسب (لا نقصد بالطّبع الحسد، بل الغيرة العلميّة وبمعنييها: الغيرة
من انتشار مؤلّف قد يغطّي على آخر، والغيرة على المعرفة، وهما على كلّ حال
متلازمان عند بعض الباحثين)، بل بمدى تقبّل الجمهور العريض لطروحات بعينها
دون أخرى، وهو ما يثير قضيّة الإثارة بمعنى دغدغة عواطف الجماهير وكتابة
ما يرضيها على حساب ما يراه البعض حقيقة علميّة، كما يثير أيضا قضيّة
التّوظيف السّياسي للأعمال البحثيّة سواء بالسّلب أو بالإيجاب، ومن هنا
إثارة البعد الإيديولوجيّ المؤدّي إلى التحيّز في الكتابات الأكاديميّة.
على أنّ ما نودّ الإشارة إليه في هذا الخصوص، هو بعد العرب والمسلمين عمّا
يكتب حول قضاياهم في الغرب بما في ذلك تاريخهم، وهو ما دفع كاتب هذه
السّطور إلى تتبّع سيل المناقشات الثريّة التي سبّبها كتاب غوغنهايم في
الصّحافة والمنشورات الفرنسيّة وعلى شبكة الأنترنت، وذلك تعميقا لمعرفته
الضّئيلة بهذه القضايا من جهة، وسعيا نحو وضع القارئ العربيّ على تماسّ
مباشر، وإن بصفة سطحيّة وفي حدود الإمكان، مع تلك القضايا.
على أنّه لا مندوحة من إضافة ثلاث ملاحظات في هذا السّياق قد تكون زبدة
قراءتنا لهذا الكتاب. الأولى، أنّ الكتاب يتجاوز تحليل الظّرفيّة الآنيّة
المنتجة للخطابات الموسومة بالإسلاموفوبيا ليقدّم أطرا تحليليّة لفهم
العلاقة الحاليّة بين الخلافات الإيديولوجيّة التي تتنازع المجتمع العلميّ
الفرنسيّ وإنتاج المعرفة العلميّة، ومن هنا فهو يدخل في إطار تفكيك آليّات
الإسلاموفوبيا العالمة وتوظيفاتها السّياسيّة في إطار جغرافي سياسي محدّد
(فرنسا) دون الإدّعاء بأنّه يمسح الظّاهرة في جميع أوروبّا أو أنّه يقدّم
حلولا لها. والثّانية أنّه يركّز على موضوعة وجوب عدم النّظر إلى الأديان
بوصفها "جواهر" (essences) ثابتة ولازمنيّة، والنّظر بدلا من ذلك إلى
الحقائق التّاريخية بوصفها سيرورات لا تني عن التطوّر المستمرّ، ويؤثّر
بعضها على بعض، إن لم تتداخل وتتشابك في علاقات جدليّة فذّة في لحظات
تاريخيّة معيّنة. والثّالثة أنّ القول بعجز لغة ما عن التّعبير عن الأفكار
المجرّدة هو لغو لا يصمد أمام وقائع التّاريخ، إذ خلافا لما رسّخته
النظريّة اللّسانيّة الكلاسيكيّة، فإنّ اللّسانيّات الحديثة تعلّمنا أنّه
يمكن التّعبير عن كلّ فكر بأيّ لغة، وبالتّالي فإنّ عمليّة التّرجمة من
اليونانيّة إلى العربيّة لم تكن محكومة بأيّ عجز لغويّ مزعوم في اللّغة
العربيّة.
تقديم النّاشر: دخل الخوف من العرب والإسلام مجال العلوم. إنّ الحساب يُصفّى اليوم مع
الإسلام ولسان الحال يقول "نحن" لا "ندين" بأيّ شيء، أو تقريبا بأيّ شيء،
للمعارف العربيّة الإسلاميّة. وتعلو الأصوات بأنّ الغرب مسيحيّ، ونقيّ إلى
أبعد حدّ ممكن. إنّ هذا الكتاب الذي نقدّمه، يتناول عددا من "القضايا"
المستجدّة لأسباب عرضيّة. نقول عرضيّة لأنّ كتّابه، وهم من العلماء الذين
أغضبتهم بعض الأكاذيب الهائلة أو الدّالة على أعراض خطيرة، يستندون إلى هذه
المناقشات لتجلية مسألة نقل العرب المعارف اليونانيّة إلى أوروبّا
القروسطيّة. وهي عرضيّة أيضا، لأنّ مساهماتهم المختلفة تسعى إلى التعرّف
على خصوصيّة زمن، هو زمننا، بات فيه العرب أيضا مزعجين في حقل المعرفة.
لذلك نحن نتحدّث هنا عن العلوم والفلسفة العربيّة الإسلاميّة وعن الرّهانات
الايديولوجيّة ذات الصلة بدراسة اللّغة العربيّة، وعن معنى "اللاّتينيّ"
و"اليونانيّ" في العصر الوسيط وعصر النّهضة، عن دور اليهود وبيزنطة في نقل
المعارف إلى أوروبّا الغربيّة، وعن الكاثوليكيّة الجديدة للبابا بنديكتوس
السّادس عشر، وعن فكرة "الحضارة" عند المؤرّخين بعد بروديل (Fernand
Braudel)، وعن الأساليب الجديدة في التحقّق من المعارف في زمن الإنترنت،
وأخيرا الكيفيّة التي ندرّس بها اليوم تاريخ الإسلام في المدارس والكليّات.
إنّ موضوع هذا الكتاب هو تحولاّت الإسلاموفوبيا. إنّه يريد أن يصل بنا إلى
رؤية أكثر اعتدالا، بما في ذلك من النّاحية التّاريخيّة، لذواتنا : نحن
يونان بطبيعة الحال، وبكيفية أخرى نحن عرب كذلك.
المشرفون على الكتاب: • فيليب بوتغن (Philippe Büttgen): مكلّف بالأبحاث في المركز الوطني للبحث
العلميّ (مختبر دراسات الأديان التّوحيديّة بباريس).
• آلان دي ليبيرا (Alain de Libera): مدير الدّراسات في المدرسة
التّطبيقيّة للدّراسات العليا وأستاذ في جامعة جنيف.
• مروان راشد: أستاذ بالمدرسة العليا للمعلّمين.
• إيرين روزييه كاتاش (Irène Rosier-Catach): مديرة أبحاث في المركز
الوطني للبحث العلميّ (مختبر تاريخ النّظريّات اللّغويّة بباريس) ومديرة
دراسات في المدرسة التطبيقية للدّراسات العليا.
فهرس محتويات الكتاب:
مقدّمة….. ص 7
I. الصّفحة البيضاء (Tabula Rasa) ….. ص 19 1. إيرين روزييه كاتاش (Irène Rosier-Catach): من يعرف جاك البندقيّ؟
استعراض للكتابات الصّحفيّة ….. ص 21
إضافة للوكا بيانكي (Luca Bianchi): الكيل بمكيالين ….. ص 48
2. هيلين بلّوستا (Hélène Bellosta): العلم العربيّ والعلم رأسا ….. ص 53
3. جمال كولغلي: اللّغات الساميّة والتّرجمة: نقد بعض الأساطير القديمة
….. ص 79
II. من محمّد إلى البابا بنديكتوس السادس عشر ٍ….. ص 119 1. مروان راشد: بدايات الفلسفة الحديثة: بين القرنين السّابع والتّاسع …..
ص 121
2. آلان دي ليبيرا (Alain de Libera): اللاّتين يتحدّثون إلى اللاّتين …..
ص 171
إضافة لرويدي إمباشي (Ruedi Imbachy): "… في غياب كلّ رابط مع العالم
الإسلاميّ" ….. ص 208
3. جون مارنبون (John Marenbon): المقابلات النصيّة لبيار أبيلار وتعدّد
الأديان ….. ص 209
4. جون كريستوف أتياس (Jean-Christophe Attias): اليهوديّة، الثّالث
المرفوع في "أوروبا المسيحية" ….. ص 217
5. كريستيان فورستال (Christian Förstel): اليونانيّون من دون بيزنطة ….. ص
223
6. فيليب بوتغن (Philippe Büttgen): ابن سينا في ريغنسبورغ. مدخل إلى
اللاّهوت المقارن ….. ص 235
III. علم التّاريخ ….. ص 259 1. آنلياز نيف (Annliese Nef): تدريس تاريخ الإسلام في القرون الوسطى، بين
الشكّ والتّناقض ….. ص 261
2. بليز دوفال (Blaise Dufal): رتق تاريخ الحضارات وفتقه ….. ص 317
3. آلان بورو (Alain Boureau): النّجم الغاليّ، التّهذيب التّاريخي لشؤون
الأهالي ….. ص 359
عرض الكتاب (بقلم أورليان
روبرت Aurélien Robert) بعد أكثر من عام عن نشر سيلفان غوغنهايم كتابه "أرسطو في جبل سان ميشال"،
صدر كتاب "اليونان والعرب ونحن"، وهو عمل جماعيّ لا يشكلّ فحسب ردّا على
آراء غوغنهايم وحججه، بل يكشف أيضا لم ؤضع لكتابه ذلك العنوان بالذّات. ذلك
أنّ للمرء أن يرى في الكتاب، إذا ما غضّ النّظر عن المغالطات التّاريخيّة
الثّابتة في كثير من أطروحاته المركزيّة، انعكاسا لرهانات يتجاوز مداها
مجرّد تنازع بين علماء. وفي خصمّ المناقشات الجارية حول الهويّة الوطنيّة
ولبس البرقع، يبدو من الضّروري إلقاء نظرة فاحصة على خطاب "الجذور
اليونانيّة لأوروبّا المسيحيّة"، خاصّة وأنّه يتضمّن حكما مقارنا على القيم
والأسس الموضوعيّة لكلّ من أوروبا والعالم العربيّ، وللمسيحيّين
والمسلمين، وللّغات الساميّة والهندو أوروبيّة.
ويبيّن هذا الكتاب أنّ ما صدر عن غوغنهايم في شكل تحيين بسيط للمعارف
التّاريخيّة حول أهميّة دور العالم العربيّ في نقل المعارف اليونانيّة،
يخفي في الواقع حكما ايديولوجيّا على الإسلام على ما هو شائع في العديد من
المناقشات، وأنّه لا يمكن كشف المضمر في هذه الشّبكة من وجهات النّظر حول
مكانة الإسلام ودوره في الثّقافة الغربيّة، إلاّ عبر مقاربة شاملة. ووفقا
لغوغنهايم، فإنّ الغرب لا يدين بشيء أو تقريبا بأيّ شيء للعرب في نقل
المعارف اليونانيّة، نظرا لوجود سلسلة منافسة من التّرجمات من اليونانيّة
إلى اللاّتينيّة. وبما أنّ معرفتنا "نحن" هي معرفة يونانيّة، فإنّ غوغنهايم
يحاول إظهار أنّ الغرب لم يكن البتّة في حاجة للوساطة العربيّة، بل - وهذا
الأخطر- أنّ العرب لم يكونوا قادرين، بسبب قصور أدواتهم اللّغويّة
والنّظريّة الملائمة، على استيعاب المعارف اليونانيّة.
وقد رأى الكتّاب الذين شاركوا في هذا العمل الجماعيّ عدم الاقتصار على
إيراد منطق علميّ بسيط يقارع الحجّة بالحجّة ويكتفي بتعداد أخطاء غوغنهايم
وغيره ممّن يكتب هذا النّوع من الأعمال التّاريخيّة الهاجسة بالهويّة. ذلك
أنّ عملهم لا يتوجّه فقط إلى زملائهم الأكاديميّين، ولكن إلى الجمهور
الواسع الذي يقول غوغنهايم إنّه يعمل على إطلاعه على حقائق يزعم قيام
الباحثين المحترفين بإخفائها عنه. لذا، فقد كان عليهم إظهار كيف يخفي دثار
الخطاب العلميّ - وهو دثار رقيق لكنّه خادع - شكلا جديدا من أشكال
الإسلاموفوبيا. أليس هو خطابا شديدا في قوّته وغاية في الغموض؟ هذا ما يثبت
الكتاب الذي بين أيدينا عكسه. فإذا ما كان الغموض أو الإبهام يلفّ مصطلح
الإسلام الدّين (islam)/الإسلام الحضارة (Islam) (الدالّ على الدّين
والمدنيّة، وجملة المسلمين، إلخ)، فإنّنا مع هذا الكتاب أمام برهنة على أنّ
الإسلاموفوبيا التي ينضح بها كتاب غوغنهايم تستهدف معاني للإسلام جميعها.
بل إنّ هذا الكتاب يتجاوز ما يطرحه غوغنهايم نفسه، ليكشف مواقف كوكبة من
الفلاسفة والمؤرّخين والنقّاد ورجال السّياسة والكنيسة، تشكّل جوقة متناغمة
لترديد نفس الخطاب حول ضعف دور الإسلام بمعنييه الدّينيّ والحضاريّ في
تاريخ الثّقافة العالميّة.
وبهذا أضحت الإسلاموفوفبيا تتّخذ الآن أشكالا جديدة وخبيثة : فهي ردّة فعل
من حيث نيّتها في مواجهة معرفة سبق أن بناها متخصّصون، مع عدم توجّهها إلى
هؤلاء بل إلى الجمهور العريض (وبالتّالي فهي تستغلّ المجتمع البحثيّ من
خلال زعمها الكشف عن نتائج الباحثين)، وهي تريد أن تكون معتدلة (إذ يتعلّق
الأمر في البداية بالتّأثير على ما يدرّس في الجامعات) وبسيطة (فهي تعرض
أفكارها كما لو كانت بديهيّة، ولا تهتمّ بالفوارق)؛ ومن ثمّ تتعهّدها وسائل
الإعلام بالنّشر ويتبنّاها بعض السّياسيّين.
العالم والنّاقد في الفصل الأوّل من الكتاب، تقوم إيرين روزييه كاتاش باستعراض الكتابات
الصّحفيّة التي تناولت القضيّة، وذلك بهدف الوقوف على العناصر الأساسيّة
اللاّزمة لفهمها وتعيين مستقبلها الإعلاميّ. ففي ذلك الوقت، لم تزد الصّحف
على إيراد مقدّمة محاجّة غوغنهايم، وأهملت عباراته المهينة للعرب وللإسلام،
ولم تفسح المجال إلاّ للافتراض الذي رأت فيه سبقا صحفيّا: قيام شخص يدعى
جاك البندقيّ (Jacques de Venise) بترجمة أعمال أرسطو إلى اللاّتينية في
جبل سان ميشيل قبل أن تصلنا التّرجمات العربيّة للأعمال اليونانيّة؛
وبالتّالي فإنّ العرب لم يلعبوا دورا ذا شأن في نقل المعارف اليونانيّة.
ولا يتعلّق الأمر هنا بكون جاك البندقيّ شخصا معروفا يتردّد ذكره في جميع
الموسوعات الجيّدة (وحتّى الرّديئة أيضا)، بل بإهمال النقّاد خاتمة الكتاب
التي تظهر طروحات ماهويّة حول الإسلام (حضارة عاجزة عن استيعاب المعارف
اليونانيّة وعن الانفتاح على الثّقافات الأخرى) وحول اللّغة العربيّة
(العاجزة عن التّرجمة من اليونانيّة وإنشاء خطاب فلسفيّ). وقد اتّخذت وسائل
الاعلام بذلك موقفا مؤيّدا للمؤرّخ الذي تمّ إظهاره في صورة المخذول
والضحيّة، لتصل إلى تكرار الصّور النّمطيّة بشأن ممثّلي الرّأي الأكاديميّ
وأعلامه.
وإذا ما كان مضمون هذه القضيّة يقدّم بعض جديد، من حيث تعالقها مع وقائع
آنيّة حارقة أحيانا، فما ذاك إلاّ لكونها تمثّل أعراضا معروفة منذ زمن
طويل. فبعد صدور نقد إيجابيّ جدّا تجاه كتاب برنار هنري ليفي "عهد الله"
(Le Testament de Dieu) في مجلّة لونوفيل أوبسرفاتور (Le Nouvel
Observateur) في جوان 1979، كتب المؤرخ بيار فيدال ناكي (Pierre
Vidal-Naquet) رسالة إلى المجلّة يعدّد فيها جملة الأخطاء التّاريخيّة
والشاذّة أحيانا في كتاب هنري ليفي، ومشكّكا بالتّالي بمضمون الكتاب جملة،
وبثناء الصّحفيّين عليه، وبتدنّي المقاييس التي يعتمدها النّاشرون. لقد
تساءل حينها: "كيف يمكن أن يقوم ناشرو صحف ومحطّات تلفزيون، دون أدنى
رقابة، بترويج مثل هذه المنتجات كأنّهم يروّجون لقطعة صابون، بل دون ضمانات
الجودة التي تتطلّبها بالتّحديد قطعة صابون؟" (لونوفيل أوبسرفاتور، 18
جوان 1979). واليوم، يشير نفس أولئك "العلماء" بجديّة شديدة إلى أعمال جان
بابتيست بوتول (Jean-Baptiste Botul) الذي أضحى، رغم تواصل غيابه، مشهورا
((1)). ولن نكرّر هنا قائمة أخطاء غوغنهايم، فقد كفانا ذلك آخرون في أماكن
أخرى وبقدر واف من التّفصيل، على غرار الأب باتايون (Bataillon) (1)،
والكتاب الذي نعرضه هنا غنيّ بالانتقادات الدّقيقة (ومقال هيلين بلّوستا
Hélène Bellosta عن تاريخ العلوم العربيّة متميّز من وجهة النّظر هذه).
ولعلّ الأكثر فائدة هنا هو الإشارة إلى أهمّ التحيّزات الأيديولوجيّة التي
أدّت إلى هذا النّوع من التّزوير التّاريخيّ.
تكاملات واندماجات غير
متماثلة يلقي كتاب "اليونان والعرب، ونحن" الضّوء على عدد من العناصر المتميّزة في
أطروحة غوغنهايم، وهو ما نجده أيضا عند ريمي براغ (Rémi Brague) ((2)) أو
جاك هيرس (Jacques Heers) ((3)): الاكتفاء الذّاتي للغرب والتّوافق
الطّبيعيّ بين الثّقافة اليونانيّة والثّقافة المسيحيّة؛ الهَيْلَنَة
(hellénisation) المحدودة، إن لم تكن المعدومة، للعالم العربي (تلقّى العرب
المعارف اليونانيّة بصورة سلبيّة وفشلوا في استيعابها). ومن الواضح أنّ
هذين الجانبين مترابطان، فبما أنّ العقل حكر على اليونانيّين والمسيحيّين،
فإنّ الإسلام لم يكن بمقدوره التَّهَيْلُن، ولا التّعقلن.
وتظهر الفصول التي كتبها كلّ من هيلين بلّوستا وجمال كولغلي ومروان راشد
بشكل جليّ أنّ العالم العربي الإسلامي لم يتلقّ المعارف اليونانيّة بصفة
سلبيّة، إذ أنشأ بالفعل معرفة، كان جزء كبير منها مجهولا عند الغرب (مثل
الجبر أو الطبّ). ومن هنا، فإنّ الحاجة إلى التّرجمات العربيّة للنّصوص
اليونانيّة لا يمكن أن تفسّر إلاّ بوجود رغبة في معرفة جديدة تستجيب
للأسئلة التي سبق أن طرحها المفكرّون العرب. وفيما يتعلّق بالفلسفة، يبيّن
لنا مروان راشد كيف قام اللاّهوتيّون العقلانيّون (المتكلّمون) منذ القرن
التّاسع بوضع نظريّات علميّة شديدة التّعقيد للتفكّر في التّوفيق بين
الحريّة والقدر، وبين حدود الإمكان في الميتافيزيقا وخلق العالم ضمن فيزياء
للخلق. كما يذكّرنا بمدى أهميّة المناقشات التي جرت بين علماء الكلام حول
مفهوم الذرّة. ولعلّه من الملفت للنّظر في هذا الخصوص، وهذا ما لم يقم به
راشد، ملاحظة مدى قرب المذهب الذرّي ((4)) اللاّتيني في القرن الرّابع عشر
من مثيله عند عرب القرنين التّاسع والعاشر (2)، وهذا لسبب وجيه يتمثّل في
أنّ اللاّتين سبق أن تعرّفوا على المذهب الذرّي العربيّ من خلال عدّة مصادر
مترجمة من العربيّة، بما في ذلك كتاب "دلالة الحائرين" لموسى بن ميمون (من
الغريب أن يكون التوسّط اليهوديّ غائبا في كتاب غوغنهايم، كما هو مبيّن في
الفصل الذي كتبه جان كريستوف أتياس Jean Christophe Attias)، ولكن أيضا من
خلال الغزالي وابن سينا وابن رشد.
ومع ذلك، فإنّ راشد لم يسلم من بعض مبالغة حين رأى في تلك الفلسفة
العربيّة "بدايات الفلسفة الحديثة"، ذلك أنّ لعبة استخراج أوجه التّشابه
بين النّظريّات وبين الحجج يمكن أن تمضي بنا قدما وبصفة مستمرّة في سبيل
العثور على الحداثيّين الأُوَل. ولا يكفي أن يوجد من يقول بالمذهب الظّرفيّ
(occasionnalisme) ((5)) أو المذهب الذرّي، أو وجود تناقض بين ما يبدو أنه
ميتافيزيقا عامّة (أرسطيّة) وميتافيزيقات خاصّة (أفلاطونيّة) عند الكتّاب
العرب لتكون فلسفتهم مطابقة - أو مدشّنة - لفلسفة المحدثين (ديكارت،
لييبنتز، سبينوزا، إلخ). وصياغة أوغسطين لمبدأ الكوجيتو "أنا أفكّر إذن أنا
موجود" (cogito ergo sum) لا تجعل منه ديكارت. وهذه الملاحظات لا تنقص في
شيء من قيمة ما جاء في المقال. ويبيّن لوكا بيانكي (Luca Bianchi) في تعقيب
قصير بعنوان "الكيل بمكيالين" (Deux poids, deux mesures) (صص 47-51)، إلى
أيّ مدى كانت قراءة غوغنهايم غير متكافئة، وأنّ الكثير من كلامه حول
العالم العربي يمكنه الانطباق على العالم اللاّتينيّ، وهو ما يشهد به المنع
المتكرّر لأرسطو من قبل اللاّتين. هل كان غوغنهايم واعيا بإهماله الإشارة
إلى محاكمة الكنيسة لأشخاص مثل برونو جيوردانو (Giordano Bruno) أو غاليليو
(Galilée)؟ إنّ غوغنهايم مفتتن بالجوهرانيّة (l’essentialisme)، لذا فهو
يمرّ مرور الكرام على الفروقات الدّقيقة في تاريخ الأفكار.
من النّسبيّة اللّغويّة إلى
الجوهرانيّة اللّغويّة في الفصل المخصّص للتّرجمة، يشير اللّغوي جمال كولغلي إلى أنّ التصوّرات
اللّغويّة عند غوغنهايم هي تبسيطيّة وغير متناسقة. إنّها تستند إلى ما ورد
من أحكام مسبقة في أعمال ارنست رينان (Ernest Renan) حول اللّغات الساميّة
وأعمال هومبولت (Humboldt) وسابير وورف (Sapir-Worf) حول عبقريّة اللّغات.
ويأتي غوغنهايم بكلام لا أساس له من الصحّة يدّعي أنّ اللّغة العربيّة هي
انعكاس لبنيات عقليّة مخصوصة (اقرأ : ضعيفة)، لا تتّفق مع الفكر اليونانيّ
(المرادف للعقل) ومع الفلسفة على وجه الخصوص، لأنّها لغة دينيّة وشعريّة
بالأساس. ويبيّن جمال كولغلي زيف هذا الخطاب، ويشير إلى أنّه يمكن، من
منظور لغويّ، ترجمة أيّ محتوى من لغة طبيعيّة إلى أخرى، رغم ما قد ينشأ من
صعوبات عن مثل هذا العمل من النّاحية العمليّة. كما يؤكّد أيضا ما قد يكون
أكبر مفارقة في هذه القصّة: إذا كانت اللّغة اليونانية غير قابلة للتّرجمة
إلى اللّغة العربيّة، وإذا لم تكن العربيّة لغة فلسفيّة، فلم قام العرب مع
ذلك بترجمة مدوّنة هائلة من النّصوص الفلسفيّة والعلميّة اليونانيّة؟ وماذا
عن الرّسائل الفلسفيّة المكتوبة باللّغة العربيّة قبل التّرجمات العربيّة
لأرسطو وبعدها؟ ولم قمنا بدورنا باستغلال تلك التّرجمات والرّسائل في
محاولة فهم بعض من الفلسفة اليونانيّة؟
إنّ نسبيّة الإسلاموفوبيّين تسير جنبا إلى جنب مع ما يسمّيه فيليب بوتغن
(Philippe Büttgen) "المقارنة السّلبيّة"، تلك التي نجدها في لاهوت
بنديكتوس السّادس عشر. وتؤكّد الرّسالة البابويّة الجامعة التي أصدرها
يوحنا بولس الثّاني تحت عنوان "الإيمان والعقل" (Fides et ratio) توافق
العقل والدين المسيحي. ويخطو خطاب البابا بنديكتوس السّادس عشر في مدينة
ريغنسبورغ (Ratisbonne) الألمانيّة خطوة أخرى إلى الأمام عندما يذكر
المناقشة التي جرت بين الامبراطور مانويل باليولوغوس الثّاني (Manuel II
Paléologue) وأحد المسلمين، حاثّا الكاثوليك على إعادة اكتشاف التّنوير
اليونانيّ مقابل ما يسمّيه "التّنوير الرّاديكاليّ" (كما عند كانط على سبيل
المثال). ويبرهن فيليب بوتغن على أنّه إذا لم يمكننا وصم خطاب البابا
بالإسلاموفوبيا، فهو مع ذلك ينمّ عن ولادة نوع جديد من الدّفاع عن العقائد
المسيحيّة (apologétique) داخل الكنيسة الكاثوليكيّة، وهو ما يسميّه
"اللاّهوت السّلبيّ المقارن". إلاّ أنّ هذا النّوع من التّبرير الدّفاعي لم
يعد يسعى نحو العالميّة والحوار بين الأديان، بل يلحّ بدلا من ذلك على
الخلافات، ويسعى إلى إثبات تفوّق المسيحيّة على الإسلام، على غرار ما يفعله
غوغنهايم وبراغ.
أوروبّا المسيحيّة في
القرون الوسطى، صدام الحضارات والهويّة الوطنية ما معنى أن يتمّ وضع اليونانيّين والعرب ونحن في وضعيّة تعارض؟ ماذا تقابل
هذه الـ "نحن" المستخدمة دوما، والتي قد تُعارض في بعض الأحيان بـ "ضمير
مجهول" أكثر غموضا. هل هي "نحن" اللاّتين؟ أم "نحن" الأوروبيّين؟ وما الذي
كانت تعنيه تلك الـ"نحن" في العصور الوسطى؟ في الفصل المعنون "اللاّتين
يتحدّثون إلى اللاّتين"، يبيّن آلان دي ليبيرا إلى أيّ مدى كان مصطلح
"يونانيّ" مبهما في خطاب فلاسفة العالم اللاّتينيّ في القرون الوسطى: فهو
يشير في بعض الأحيان إلى المسيحيّين، وإلى الوثنيّين أحيانا أخرى، وهو
أحيانا ممجّد وأخرى العدوّ الأوّل، إلخ. والشّيء نفسه ينطبق أيضا على
العلاقة بين فلاسفة القرون الوسطى اللاّتين والفلاسفة العرب. أمّا في ما
يخصّ أوروبّا، فتجدر الإشارة إلى ما سبق أن بيّنه جاك لوغوف بالفعل، ونعني
به أنّ الهويّة الأوروبيّة لم تكن موجودة قبل القرن الخامس عشر. وباختصار،
فإنّ "الحديث عن الجذور اليونانيّة لأوروبّا المسيحيّة بالتّالي لا معنى له
بالنّسبة للاهوتيّ مدرسيّ" (ص 175).
وليس هذا سوى جزء من الاستراتيجيّة الجوهرانيّة التي لا تتردّد في استخدام
بنى وهميّة، من قبيل وجود حضارة قروسطيّة وغربيّة هي ثمرة تقليد ثقافيّ
ودينيّ موحّد، تمّ بناؤها من خلال التّعارض مع غيرها من الحضارات، وعلى وجه
الخصوص في مواجهة الحضارة الإسلاميّة. وإنّنا لا نزال نذكر كيف أعادت
هجمات 11 سبتمبر 2001 النّكهة لأطروحات صموئيل هنتنغتون (Samuel
Huntington) حول صدام الحضارات: الأمر أكثر من مجرّد تعارض انتقاليّ بين
شعوب أو مجتمعات، توجد استحالة قياس جذريّة وجوهريّة بين التّرسيمات
المفاهيميّة لتلك المجتمعات. وباعتراف صاحبها، فإنّ هذا الأطروحة متأثّرة
بأعمال المؤرّخ فرناند بروديل (Fernand Braudel). وفي الفصل المعنون "رتق
وفتق تاريخ الحضارات" (Faire et défaire l’histoire des civilisations)،
يبيّن بليز دوفال كيف يستعيد قسم كبير من أعمال التّاريخ في فرنسا، وليس
فقط في العصور الوسطى، هذه المفردات الخاصّة بالحضارات والتي تلاعب بها
بروديل بمختلف الطّرق إلى أن يصل إلى كتابة "هويّة فرنسا" (L’Identité de
la France) الصّادر سنة 1986 عن دار فلاماريون للنّشر، وهو العمل الذي وظّف
في فرنسا خلال الثّمانينات من قبل الجبهة الوطنيّة (le Front national).
ولا يزال بروديل يحتلّ مكانة مركزيّة في مجال العلوم الاجتماعيّة، بله في
السّياسة أيضا، فقد برّر مستشار الرّئيس الحالي، هنري غوينو (Henri Guaino)
"خطاب داكار" الشّهير حول "الرّجل الأسود" بأعمال بروديل. وها هو غوغنهايم
يضع نفسه أيضا تحت سلطته حين حاول المقارنة بين الحضارتين المسيحيّة
والإسلاميّة في العصور الوسطى. فكما يبيّنه دوفو بوضوح شديد، فإنّ مفهوم
"الحضارة" لا يتعرّض البتّة للمساءلة لذاته من قبل أولئك الذين يستخدمونه.
إنّه أبعد من أن يكون مفهوما محايدا، ذلك أنّه يؤدّي ببعض من يستخدمه من
المؤرّخين إلى الميل نحو الجوهرانيّة وعقد المقارنات. ويدعونا بليز دوفو،
على خطى جاك غودي (Jack Goody)، إلى الخروج من إطار مفهوم الحضارة والعودة
إلى تاريخ متنوّع. ولا يعني هذا الخروج فقط إحداث تحوّل في كتابة التّاريخ،
وهو ما بدأه بالفعل عدد من المؤرّخين، بل والحذر أيضا من الاستخدامات
السّياسيّة لمفهوم الحضارة، اليوم كما الأمس، وخاصّة في المناقشة الزّائفة
الدّائرة حول الهويّة الوطنيّة. ولعلّ قراءة كتاب مؤرّخة القرون الوسطى
كوليت بون (Colette Beaune) حول "ولادة فرنسا الأمّة" (Naissance de la
nation France) الذي نشرته دار غاليمار بباريس سنة 1985، قد تكون كافية لكي
نفهم مدى صعوبة التّفكير في الهويّة الوطنيّة ما لم نضرب صفحا عن تعقيد
العمليّات التّاريخيّة. ويذكّرنا دي ليبيرا، وهو محقّ في ذلك، بقولة لبول
فينيو (Paul Vignaux) يدعو من خلالها مؤرّخي الفلسفة "للكشف عن التنوّع
المتمرّد" ويختمها بقوله: "في عصر الهويّات الأحاديّة وإعادة التّشكيل
الورع، لا تزال النّصيحة ملائمة حتّى لا نقول لازمة لنجاة العموم" (ص 207).
نحو جمهورية للآداب دون
شوائب بعد أسابيع قليلة من نشر الجدل المتبادل بين برنار هنري ليفي وبيار فيدال
ناكي المذكور أعلاه، أعرب كورنيليوس كاستورياديس (Cornelius Castoriadis)
بدوره عن شجب ما وصفه بـ"التّضليل الإعلانيّ". لكنّه اعتبر المسألة أخطر
ممّا وصفت به بكثير، إذ كتب يقول: "في ظلّ أيّ ظروف سوسيولوجيّة وإناسيّة،
وفي بلد ذي ثقافة عريقة وكبيرة، يسمح (كاتب) لنفسه بكتابة شيء هو من سقط
المتاع، ليرفعه (النّقد) إلى السّماء ويتبعه الجمهور بكلّ طاعة – بينما لا
يكون لأولئك الذين يكشفون الدّجل، دون أن يتمّ إسكاتهم بأيّ شكل من الأشكال
أو سجنهم، أيّ تأثير فعّال؟"(لونوفيل أوبسرفاتور، 9 يونيو/حزيران 1979).
ووفقا لكاستورياديس، فإنّ الأسباب متعدّدة وهي تتعلّق بحالة مجتمعنا، ولكن
بصفة خاصة بحقيقة غياب الأخلاق الدّيمقراطيّة عن جمهوريّة الآداب. وأضاف
كاستورياديس :"إذا واصل النّقد التخلّي عن وظيفته، فسيكون من حقّ الكتاب
والمثقّفين الآخرين الحلول محلّه". وهذا ما تمّ فعلا بخصوص قضيّة غوغنهايم
بصدور كتاب "اليونان، والعرب ونحن".
السبت يوليو 24, 2010 12:01 pm من طرف نابغة