30 أغسطس 2014 بقلم
غيضان السيد علي قسم:
الفلسفة والعلوم الإنسانية تحميل الملف حجم الخط
-18
+ للنشر:الدين الأخلاقي في مقابل الدين التاريخي
(دراسة في فلسفة الدين عند كانط)
محاور الدراسة:
- تمهيد
- أولاً: الدين وعلاقته بالأخلاق عند كانط
- ثانيًا: الموقف الديني لكانط في مراحله الثلاث
1. الموقف الديني لكانط قبل المرحلة النقدية
2. الموقف الديني لكانط في المرحلة النقدية
3. الموقف الديني لكانط في المرحلة ما بعد النقدية
- ثالثًا: نحو دين واحد للإنسانية
- رابعًا: معنى الشر ومصدره في الدين الأخلاقي
- خامسًا: العلاقة بين الدين الأخلاقي والسلام العالمي
ملخص الدراسة:
تدور هذه الدراسة حول رؤية كانط للدين في المرحلة ما بعد النقدية، وهي المرحلة الأخيرة من حياته، ففي هذه المرحلة يمكننا الحديث عن نوع آخر من الدين يطلق عليه كانط الدين الأخلاقي وذلك في مقابل الدين التاريخي (الأديان السماوية)، إذ لا يتحدث كانط عن الدين التاريخي إلا في إطار الحديث عن الدين الأخلاقي، ذلك الدين الذي يؤسسه على العقل المجرد وحده في استعماله العملي، قوانينه قبلية مطلقة لا تستند إلى أي واقع تجريبي أو وقائع تاريخية، ويسري في كيانه القانون الخلقي ويحركه.
كانط يحدد دائماً الدين التاريخي بالسلب ونادراً ما يحدده بالإيجاب، والتحديد بطريقة السلب يكون من خلال التقابل بالتناقض مع الإيمان الأخلاقي، حيث يرى أنّ هناك فارقاً كبيراً بينهما، يجعل كلاً منهما يقف على طرف نقيض من الآخر، فيؤسس الدين الأخلاقي على العقل العملي المحض، أي أنه دين مؤسس على الأخلاق، والثاني مؤسس على معرفة مفارقة هي الوحي الإلهي.
كما أنّه يرى في كل أشكال الدين التاريخي أنّ الرسل كانوا هم المعلمين الأوائل، فتعليم الدين التاريخي لا يقوم على مفاهيم وتصورات العقل المجرد، ولكن يقوم على معرفة الحقائق التاريخية كالوحي والمعجزات، وكل إيمان تاريخي يفترض الوحي مسبقًا ويعتمد انتشاره وذيوعه على ثبوت صدقه، ومن ثم يكون منهجه المشروع قائمًا على التقليد والنقل؛ فالإيمان التاريخي إيمان يُعلم، يقدم فيه الدين بوصفه معتقدات دوجماطيقية يقبلها الفرد إيمانيًا ولا تخضع للعقل، وحتى يستمر الوحي بوصفه وصية مقدسة يتعلمها البشر، كان الوحي مصحوبًا منذ البداية بالمعجزات. ويرى كانط أنّ الشر في الإيمان التاريخي واقع في قلوب البشر، ولا أحد متحرر منه.
كما يرى كانط أنّ هذا الإيمان التاريخي يكمن وراء تمزق وحدة البشرية من خلال أشكال إيمانية متعارضة ومتصارعة، ترى الواحدة منها الأخرى أنها ليست على حق، ومن هنا ينشأ الصراع الذي يمزق وحدة البشرية ويضرب بقوة جذور استتباب السلام والأمن العالمي. لذلك سعى كانط لتقديم دينٍ آخر يحقق السلام العالمي. ومن هنا كان الإيمان الأخلاقي أو الدين الأخلاقي ضرورة عند كانط، وهو دين مختلف تمامًا عن الأديان التاريخية بصفة عامة، فهو يقيم نفسه على الأخلاق، ويُعنى بتهذيب السلوك وحسن التصرف في الحياة؛ حيث نجده يأمر بالعمل ويلحق به المعرفة بعد فصلها عنه، فضلاً عن حثه الإنسان على تكميل نفسه والرقي بها في مراتب الأخلاق. ولا يقوم على الطقوس والعبادات والمعجزات التي دشنها الدين التاريخي؛ بل يرفض كل العبادات والطقوس والمعجزات التي يراها كانط عبادات زائفة، تصور الله على أنّه حاكم دنيوي نسعى لإرضائه بالعبودية والمديح والتملق.