** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 الدين أمام محكمة العقل، أو كانط ضد الوهم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أم حمود
مرحبا بك
مرحبا بك
avatar


عدد الرسائل : 69

تاريخ التسجيل : 05/07/2015
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 6

الدين أمام محكمة العقل، أو كانط ضد الوهم   Empty
06072015
مُساهمةالدين أمام محكمة العقل، أو كانط ضد الوهم

الدين أمام محكمة العقل، أو كانط ضد الوهم
داود بوعرفة
2015 / 7 / 7

 
 

تناول "إيمانويل كانط" (1724-1804) المسألة الدينية بشكل مفصل في كتابه "الدين في حدود مجرد العقل"، حيث يصرح فيه قائلا: "الإيمان الديني المحض هو ذاك الذي يستطيع وحده أن يبني كنيسة كلية، وذلك من أجل أنه مجرد إيمان عقلي، يمكن تبليغه إلى أي كان بغرض الإقناع، في حين أن إيمانا تاريخيا مؤسسا على الوقائع فحسب، لا يمكن أن يمدّ تأثيره أبعد مما يمكن للأخبار المتعلقة بالقدرة على الحكم على مصداقيته، أن تبلغ إليه تحت ظروف الزمان والمكان"(1). إنطلاقا من هذا القول نكون أمام نوعين من اللاهوت، الأول يتأسس على العقل وهو ما يسميه كانط إيمانا عقليا، والثاني يتأسس على الوحي وما يتضمنه من أشكال العبادات والطقوس، وهو ما يعتبره كانط إيمانا تاريخيا، ولاشك في أن الإيمان في كلا النوعين يتوجه إلى قوة خارقة مفارقة لكل ما هو إنساني-طبيعي، والتي لن تكون شيئا آخر غير الله بنظر كانط، ومن ثم يمكن أن نعرّف علم اللاهوت بشكل عام بكونه "علم معرفة الموجود الأول أو الموجود الأسمى (...) فإذا كانت معرفة الموجود الأسمى هي معرفة مؤسسة على العقل وحده سمي لاهوت عقلي، وإذا كانت معرفة مؤسسة على الوحي سمي لاهوت تاريخي، أو لاهوت موحى"(2). ونحن في هذا المقام سنحاول التركيز على النوع الثاني بأن نتساءل: كيف يكون اللاهوت التاريخي سببا في نشوب الحروب والصراعات وفق منظور كانط؟
يرى كانط أن "الحروب التي هزت العالم وأدمت جراحه بكل أشكالها لم يكن لديها سوى صراع العقائد"(3). إن هذا الصراع هو ناتج عن أن هذه العقائد إنما تتأسس على الوحي أو الإيمان التاريخي، وبالتالي فكل إيمان يفترض الوحي مسبقا يعتبره كانط ليس إيمانا عقليا نقيا من شوائب التعصب والتزمت، لأنه ليس إيمانا مؤسسا على قانون العقل المحض القائم على مبدأ الحرية، بل هو إيمان مأمور به، ومصدر هذا الأمر ليس داخليا منبثقا عن العقل والإرادة الحرة، بل هو صادر عن إرادة قاهرة متمثلة في الوحي الخارجي. على هذا الأساس يعتبر كانط أن سائر ما يعتبره البشر ديانات ليست ديانات على الإطلاق، بل هي مجرد عقائد تنتمي إلى اللاهوت التاريخي المبني على الإكراه والتعصب والتقليد، ومن ثم ليس في وسع اللاهوت التاريخي أن يسهم في بناء ما يسميه كانط كنيسة كلية* تبعد شبح الحروب والنزاعات الملّية التي تسببت فيها هذه العقائد التاريخية منذ ظهورها، ولنا أن نقلب صفحات التاريخ لندرك هذا الأمر. فالله في بعض الأديان نسب إلى نفسه صفات حربية، كالذي نجده لدى الآلهة في الأساطير القديمة (اله الجيوش مثلا)، ولقد وردت هذه الصفات في التوراة (العهد القديم) الذي هو الكتاب المقدس لليهود(4). أما الكنيسة المسيحية فتاريخها حافل بالانقسانات المتعددة، بالشكل الذي نتج عنه تبرير الحرب واعتبارها تعبيرا عن الإرادة الالهية، ولعل أبرز ظاهرة تاريخية حربية في حياة الإنسانية تلك التي أبان عنها الصراع الديني بين المسيحية والإسلام التي سميت لدى المسلمين باسم "الحروب الصليبية"، ولدى المسحيين باسم "الحرب المقدسة"، حيث تمت الإشادة بها وتمجيدها من قبل رجال المسيحية من دون تحفظ(5).
بناء على ذلك تكون العقائد التاريخية سببا رئيسيا في اندلاع الحروب والنزاعات، لأنها تنطوي على التعصب لعقيدة بعينها، هذا في الوقت الذي يرى كانط أنه لا يوجد إلا دين واحد هو الدين الأخلاقي الذي يعده معاصر لوجود الجنس البشري، وسابق لكل هذه العقائد التاريخية التي تختلف باختلاف الزمان والمكان. ذلك أن هذه العقائد فضلا عن العقائد الوثنية يمكن اعتبارها بمثابة "دوائر مختلفة من الإيمان التاريخي يتوزع فيها الجنس البشري"(6)، وبالرغم من أن هذه الدوائر قد تتسع أو تضيق حسب البناء الداخلي الذي يحكم كل دين، إلا أنها تظل ذات دلالة على انغلاق ومحدودية الاعتقاد التاريخي وعلى انقسام البشر إلى طوائف ملّية تسعى كل واحدة منها إلى إثبات أحقية معتقدها في السيادة والريادة، ولو عن طريق العنف. إن هذه المحدودية والانغلاقية التي تعتري الاعتقاد التاريخي في أشكاله المتعددة، تحاول كل طائفة أن تجد لها مبررات في محاولة لإثبات المصداقية، سواء تعلق الأمر بالتركيز على المبررات الذاتية المتعلقة بالبناء الداخلي الذي يحكم كل عقيدة من خلال محاولة تقديم الأدلة والحجج على صحة المعتقد، أو بالتركيز على المبررات الموضوعية الخارجية التي يمكن أن تتجسدفي شكل قوى اجتماعية لها طقوسها وشعائرها وعباداتها الخاصة من معجزات وكرامات وغير ذلك،وتعمل بكل جهد للحفاظ على هويتها وكيانها ضدا على كل العقائد الأخرى. من هنا يرى كانط أنه بالرغم من اختلاف هذه العقائد التاريخية، إلا أنها تتميز بسمات مشتركة تتمثل في الاعتقاد بالمعجزات والأسرار وأعمال العفو والمغفرة...الخ الأمر الذي يؤدي إلى تولّد ما يسميه كانط "الوهم الديني"، حيث يقول: "إنه فقط من أجل وجود كنيسة ما، والتي يمكن أن يكون ثمة منها أشكال مختلفة جيدة على حد سواء، إنما يمكن أن يكون ثمة شيء من أحكام الشريعة، بمعنى أوامر ووصايا مأخوذة على أنها إلهية، وهي في التحكيم الخلقي المحض تحكّميّة وعرضية. أما أن نأخذ هذه العقيدة القائمة على أحكام الشريعة،(والتي هي منحصرة على كل حال في نطاق شعب ما، ولا يمكن أن تتضمن الدين الكوني للعالم) على أنها أمر جوهري من أجل خدمة الله وعبادته بعامة، وأن نجعل منها الشرط الأعلى للفوز بالرضا الإلهي عن الإنسان، فهذا لا يعدو أن يكون وهما في الدين يكون اتباعه ضربا من العبادة الزائفة"(7). بهذا المعنى يكون الاعتقاد في المعجزات وغيرها من المسائل العقدية المفارقة بنظر كانط مجرد وهم ديني لا أقل ولا أكثر، لأنها تخرج عن نطاق المعرفة الإنسانية، والاعتقاد فيها إنما يولد ما يسميه كانط "الإيمان الدوجماطيقي" الذي ينتج عنه الخرافة والتعصب، وبالتالي الاقتتال والحرب.
لما كانت الدوجماطيقية هي بمثابة البناء العقدي الذي تتأسس عليه العقائد التاريخية، فإن كل عقيدة والحالة هذه، تسعى جاهدة لتوسيع دائرتها الخاصة بغية جلب أتباع جدد، سواء كان ذلك بالتأثير ودغدغة العواطف، أو عن طريق العنف والترهيب، وفي كلتا الحالتين لا يكون الانتماء لهذه العقيدة أو تلك مبنيا في جوهره على الحرية والعقل، لأن "الإيمان التاريخي هو إيمان العبادة الإلهية (...) وهي لاتمتلك في ذاتها قيمة أخلاقية، بل تفرق البشر في طوفان من الطقوس الجوفاء التي تخلق روح التعصب عند الشعوب، بحيث لا تتنفس إلا القتل والمذابح، وهي تعتقد أنها تقوم بعمل مقدس، وتضع الشعب في حالة حرب مع جميع الشعوب الأخرى على حد تعبير روسو"(8). إن هذا التعصب يجعل صاحبه يرى في معتقده الحقيقة المطلقة، وفي شريعة هذا المعتقد الحق الكامل، وبالتالي فطاعة هذا الحق واجبة، وكل ناقد أو رافض أو معارض له فلا ينتظرنّ إلا الويل والحرب سواء كان فردا أو جماعة أو شعبا برمته، فالمتعصب هنا لا يملك من وسائل الدفاع عن معتقده إلا الإرهاب والحرب والفتك والفتح، والحرب هنا ليست بالضرورة رفعا للسلاح أو سفكا للدماء، بل بالإضافة إلى ذلك كله يمكن أن تستخدم فيها كل الوسائل للتأثير على وعي البشر وتضليلهم، وهو واقع عرفته كل الأمم والحضارات وتعاني منه اليوم ولو بنسب متفاوتة، نظرا لشيوع العقائد التاريخية وما تفرزه من تزمت بين أتباعها الذين أضحوا يستخدمون منجزات الحضارة الحديثة في سبيل تحقيق أهدافهم ومآربهم على أسس عقدية، ف "على إثر الصحوة اللاهوتية أصبحت البشرية في عصر الثورة العلمية والتكنولوجية بحاجة إلى رؤية نقدية للدين كي يتجنب الجنس البشري خطر التهديد بالفناء الكامل الذي يدفعه إليه صراع الأصوليات التي أصبحت قادرة على على استخدام منجزات الثورة العلمية والتكنولوجية، وتوجيهها بما يخدم أهدافها في الصراعات الدولية، وجر البشرية إلى حروب نووية وأزمات بيئية وعالمية"(9). ولكن هل يعني كل هذا أن كانط يدعونا إلى التخلي عن العقائد التاريخية بكيفية جذرية؟
إن كانط من خلال نقده اللاذع لللاهوت التاريخي وما ينطوي عليه من أشكال العبادات والطقوس، لا يقصد من وراء ذلك دحر هذه العقيدة أو تلك، والحكم عليها بالبطلان التام، وإنما يهدف إلى تخليص هذه العقائد التاريخية من شوائب الخرافة التعصب والوهم. لهذا يدعونا كانط إلى ضرورة التأويل، معتبرا إياه منهجا لا مناص منه للرقي بهذه العقائد إلى مستوى الدين الأخلاقي الكوني الذي ينتفي معه الشقاق ويوحد البشر، فنجد الفيلسوف يقول: "لقد لاحظنا أنه على الرغم من أن أي كنيسة تفتقد إلى أهم علامة على حقيقتها، نعني ادعاء مشروعا كونيا (...) فإن هذا الوحي مع ذلك، بما هو وحي تاريخي (...) ليس قابلا لأي تواصل كوني مقنع (...) ولكن من أجل توحيد هكذا عقيدة إمبريقية، يبدو أنها وقعت بين أيدينا على سبيل الصدفة، مع أساس العقيدة الخلقية (...) فإن ذلك يتطلب تأويلا شاملا من أجل البلوغ إلى معنى يتوافق مع القواعد العملية الكلية للدين العقلي المحض"(10). على هذا النحو يفتح كانط المجال أمام التأويل لأجل الرقي باللاهوت التاريخي إلى مصاف الدين الأخلاقي، ومن الواضح أن كانط يجعل من المسائل التعبدية التي تدخل في باب الإيمان التاريخي موضوعا للتأويل، لأن الإيمان التاريخي لا يمكن أن ننتظر منه أن يفيد البشر بشكل أخلاقي إذا لم يؤد بالإنسان إلى تحقيق الواجبات الإنسانية نحو البشر بوصفها أوامر الهية، وهو ما يشكل جوهر الدين الأخلاقي، الأمر الذي يتعذر بلوغه في الإيمان التاريخي إلا إذا تم التأويل، لأن "الكشف عن بواعث الإيمان الأخلاقي في نصوص الوحي: التوراة والإنجيل والقرآن أمر له أهميته ليس فقط في إقامة وحدة الإيمان الأخلاقي كمحور للتلاقي بين العقائد الثلاثة، ولكن في توحيد الجنس البشري على غاية وهدف أخلاقي واحد في جوهره ومضمونه، هو تحقيق الخير الأقصى لكل الجنس البشري"(11). بالتالي فالتأويل بهذا المعنى يضع حدا للأوهام والخرافات والتعصب المتجذر في اللاهوت التاريخي، باعتبارها عقائد وخدمات زائفة لله، والتي يجب تأويلها لتصبح ذات معان أخلاقية، وذلك لأن الإيمان بهذه العقائد كما هي في اللاهوت التاريخي ينتج عنه إيمان وهمي خادع، مجاوز لحدود العقل سواء في استعمالاته النظرية أو العملية.

المراجع والهوامش:
(1): كانط، إيمانويل، الدين في حدود مجرد العقل، ترجمة فتحي المسكيني، جداول للنشر والتوزيع، بيروت-لبنان، الطبعة الأولى 2012م، ص 175.
(2): حسن خليفة، فريال، الدين والسلام عند كانط، مصر العربية للنشر والتوزيع، القاهرة-مصر، الطبعة الأولى 2002م، ص 11-12.
(3): حسن خليفة، فريال، المرجع نفسه، ص 58.
* تعني الكنيسة في الأصل اللاتيني جماعة من الناس، لهذا فكانط عندما يقول كنيسة كلية فإنه يقصد جماعة بشرية على صعيد المعمورة.
(4): سيّار الجميل، الحرب ظاهرة تاريخية مدخل من أجل فهم سوسيولوجي، مجلة عالم الفكر، العدد الثاني المجلد 36، أكتوبر 2007، ص 15.
(5): سيّار الجميل، المرجع نفسه، ص 16.
(6): فريال حسن خليفة، الدين والسلام عند كانط، مرجع سابق، ص 55.
(7): إيمانويل كانط، الدين في حدود مجرد العقل، مصدر سابق، ص 265.
(8): فريال حسن خليفة، المرجع السابق، ص 51.
(9): فريال حسن خليفة، المرجع نفسه، ص 7.
(10): إيمانويل كانط، المصدر السابق ص 185.
(11): فريال حسن خليفة، المرجع السابق ص 122.
- See more at: http://www.ssrcaw.org/ar/show.art.asp?t=2&aid=475233#sthash.NKkhoRWj.dpuf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الدين أمام محكمة العقل، أو كانط ضد الوهم :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

الدين أمام محكمة العقل، أو كانط ضد الوهم

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» عمانوئيل كانط : الدين في حدود العقل او التنوير الناقص- محمد المزوغي
» الدين الأخلاقي في مقابل الدين التاريخي (دراسة في فلسفة الدين عند كانط)
» العقل والذاتية في فلسفة الــحداثة من ديكارت إلـــــى كانط
» عقائد الدين بين المعرفة النظرية والإيمان العملي: كانط أنموذجا
» العقل الأصولي أمام اختبار الحداثة قضية المرأة نموذجاً

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: