** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
خ. ع. س  الجمعة 28 شباط (فبراير) 2014 تقييم المقال : 1 2 3 4 5   بقلم: هدى جعفر    I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 خ. ع. س الجمعة 28 شباط (فبراير) 2014 تقييم المقال : 1 2 3 4 5 بقلم: هدى جعفر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نعيمة
فريق العمـــــل *****
نعيمة


عدد الرسائل : 360

تاريخ التسجيل : 14/04/2010
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2

خ. ع. س  الجمعة 28 شباط (فبراير) 2014 تقييم المقال : 1 2 3 4 5   بقلم: هدى جعفر    Empty
29042015
مُساهمةخ. ع. س الجمعة 28 شباط (فبراير) 2014 تقييم المقال : 1 2 3 4 5 بقلم: هدى جعفر



خ. ع. س  الجمعة 28 شباط (فبراير) 2014 تقييم المقال : 1 2 3 4 5   بقلم: هدى جعفر    Arton12923-924d3
Half remembered names and faces, but to whom do they belong
مقطع من أغنية (The Windmills of Your Mind) لنويل هاريسون
(خ)
أعترف بأني كنت طفلة بذكاء محدود ولكن بخيالٍ واسع لدرجة أقرب إلى العاهة النفسية منه إلى الخيال المحمود في الطفلات، لهذا لم أكن أفرق تقريبا بين ما أراه حين أتسمّر أمام التلفزيون وبين ما يحدث واقعاً، ولهذا أيضا كانت (خ) بالنسبة لي شيئا مختلفا.
 رأيتها لأول مرة وأنا في العاشرة، أي في عز “قرفي” و ضجري من كوني أنثى مدفوعة بالظروف البيولوجية القاهرة التي كانت تضغط على أعصابي فتفقدني الاتزان بجانب الخطاب الديني المدرسي الذي كان ينفرني من كل ما له علاقة بالأنثى، كانت (خ) كوافيرة تعمل في منزلها وقد حولت إحدى غرف المنزل إلى صالون متواضع ، وقبل أن أراها بأيام شاهدت - خلسةً - فيلما أجنبيا بمشاهد حميمة فجة لبطلة شقراء– هل كانت ناستازيا كينسكي؟- فاختلطت صورتها بـ (خ) على نحو ما، ، بداية استرحت كثيرا لأنها كانت مثلي تحمل اسما - كنت أراه وقتها – قبيحا وبلا حضور وله نكهة دينية ثقيلة الظل، ولذا فقد اختارت لنفسها اسم (نانا)، وما زلت أستعيد ذلك اليوم حين ذهبنا إليها وكانت منهمكة في “تسريح” شعر إحدى الزبونات، وكنت أنا أتأملها: تلبس بنطالا أسودا وبلوزة بيضاء قطنية واسعة مالت فتحة حلقها ليظهر حبل ملبسها الداخلي الأسود، وكانت تعقص شعرها الأشقر الجميل كيفما اتفق، وعندها وصلت إلى قرار خطير: قررت أن أرضى عن أنوثتي وأن أصبح شقراء حينما أكبر مادمت سأحصل حينما أكبر على “لوك” كهذا، أما الصورة الأكثر التصاقا بروحي، فهي حفلة أقيمت في منزلها، و كنت أحب أن أحضر هكذا حفلات في طفولتي، لأنه يجعلني مع تماس مباشر مع عالم لا أستطيع تسميته ولكني قادرة على معرفته فور وجودي فيه، كان في الحفلة الكثير من النساء الجميلات المتأنقات، أما (نانا) فقد كانت دمية (باربي) حقيقة، بفستان أزرق ملتصق بجسدها الفارع وأكمام طويلة وشعرها الأشقر يصل إلى ركبتيها، مع فتحة - وهذا ما أعجبني فعلا- تبدأ أسفل خاصرتها بقليل و تمتد حتى نهاية الفستان لتظهر ساقها اليسرى كاملة وهي تعبر الحجرة، وتبطن تلك الصورة أغنية علاء عبد الخالق التي اشتهرت آنذاك (مرسال الحب) التي كانت تصدح في أرجاء البيت الصغير الذي يغلب على أثاثه اللون البني ودرجاته، لم ترقص (نانا) واكتفت بالتصفيق والتشجيع للاتي كن يرقصن، وحينما عدت إلى البيت حاولت رسم الفستان حتى اشتري مثله حينما أكبر، وظللت لأيام طويلة أتخيلها في أحوال مختلفة: تقطب، تفكر، تضحك، تتحدث، وحتما تخيلتها كثيرا وهي تبكي مثلما كنت أفعل طيلة الوقت، لم أجد لمشاعري نحوها تفسيرا وهي حالة تكررت معي كثيراً في حياتي، وقد ضبطت نفسي كثيرا وأنا أحاول أن أقلد مشيتها وحركات أصابعها بل وحتى صوتها الأخنف الذي كان يعجبني جدا، وفي كل لحظة أراها فيها أشعر بأنها انتهت لتوها من ممارسة الحب أو أنها مقبلة عليه، وكان ذلك يمنحني إحساسا مبهما ولذيذا، بعد عدة أسابيع من تلك الحفلة، زارتنا (خ) في بيتنا ، كانت ترتدي عباءة سوداء تلف بها جسدها الممشوق وقد وضعت ساقا على ساق، وقبل أن تراني هرعت إلى غرفتي، كانت مفاجأة و جودها أكبر من قدرتي على التحمل: (خ) المدهشة في بيتنا!، لم أستطع الخروج حتى رحيلها، رغم يقيني بأنها لم تنتبه إلى وجودي قط، وهذا ما أكد عندي حقيقة بأن (الكوافيرات) لا يعرن الطفلات الصغيرات انتباهاً ، وكان ذلك آخر يوم أرى فيه (خ)، ويومها أيضا عرفت بقصة التاجر الخليجي الذي تقدم لخطبتها ووعدها - كالعادة- بأن يعطها وزنها ألماس وأن يطلق زوجته أم أولاده إن أرادت ذلك، ولكنها رفضت ذلك لأنها لا تريد أن تبني سعادتها على حساب سعادة زوجة أولى بائسة، هذه العبارة التي سأسمعها مرارا بعد ذلك من نساء مختلفات والتي أنا نفسي سأقولها في مناسبةٍ ما. وآخر ما سمعته عن عائلتها أن شقيقيها الذي كان مدمنا على أفلام ومجلات (البورنو) والذي كان الدخول لحجرته (تابو) لا يمكن خرقه قد التزم دينياً بعد موت مفاجئ لصديق مشترك كان مدمنا هو الآخر مثله، مرت على تلك اللحظة التي رأيت فيها (خ) أكثر من 20 عاما، مازالت صورتها مطبوعة في الذاكرة بالشمع الأحمر، ومازالت صورتها ملونة ودافئة وهي تعبر الصالة بفستانها الأزرق الذي يكشف عن كامل ساقها، حينما كبرت لم أستطع أن أكون شقراء مثل (خ) بل صرت أبرز مناصرات الشعر الأسود بلا منازع، ولكني احتفظت بشعري طويلا مثلها، وحتى اليوم مازلت ممتنة لها لأنها جعلتني أحب أنوثتي و جعلتني انتظر أن أصبح امرأة ذات يوم وهو تأثير استمر لعدة أسابيع آنذاك بعدها عدت إلى هوايتي الوحيدة: لعن أنوثتي وجلدها بإبزيم الحزام..لماذا؟ .. إن هذا موضوع آخر.
***
(ع)
مدينة الملاهي.. حدثني أنا عن مدينة الملاهي.. موسيقى التسعينات الصاخبة تدوي من السماعات العملاقة الموزعة في الساحة (كانت أغنية الشاب خالد “ديدي” هي نجمة ذلك العام) ، وتلك الرائحة المكونة من عطور مختلفة و البطاطا المقلية و “البرغر” والسجائر ورائحة الاشتهاء التي لم يكن أنفي يخطئها، كان لكل ذلك نكهة ما تأسرني و تعصر قلبي عصرا في مكان يكاد يكون الموضع الوحيد للنزهة بالنسبة للإناث في تلك المدينة المتمنّعة الراغبة.
لن أتحدث عن الفتاة التي قالوا بأنها زارت مدينة الملاهي بقميص النوم ، ولا عن المثليات اللاتي كن يعبرن عن عواطفهن أمام (الله وخلقه)، ولا عن السيدة الحبشية التي كانت تبيع سرا سلاسل مطبوع عليها نساء عاريات، وإذا دفعت لها أكثر قد تبيع ما هو أكثر.
كنت في الرابعة عشرة من عمري وأرتدي زيا قبيحا مكون من ثلاثة قطع جديرا بنادية الجندي في فيلم “امرأة هزت عرش مصر”، لم تكن الملابس مناسبة لعمري بتاتا ولكن كان لدي أسبابي المقنعة لارتدائها حينها، كنت مراهقة بلا ملامح ولا أشبه هؤلاء الفتيات الملونات في شيء ولهذا كنت اكتفي بمراقبتهن وأنا أقضم أظافري.
وفي إحدى الألعاب التي يطلقون عليها لعبة (الغربال) كنت أجلس هناك بمفردي و كان هو يقف هناك في وسط اللعبة، صبيا في الحادية عشرة من عمره محاولا المحافظة على توازنه، ودون سابق إنذار توجه لي قائلا طبعا أنت لا تستطيعين أن تقومي مثلي، رددت عليه بصوت مخنوق و بكلمات بلا معنى.، فنظرا إلى الظروف الدينية والاجتماعية الخانقة للبلاد والعباد التي كنت أعيشها ، كان معنى أن يخاطبني صبي أشبه بالخيال العلمي، لا أدري كيف انتهت اللعبة فهرعت إلى أخرى، جلست في إحدى العربات وفجأة شعرت بجسد ينزلق بجانبي، وكان هو ذات الصبي الذي رأيته في تلك اللعبة، لم أستطع الاعتراض وبالأصح لم أشأ الاعتراض، في ذلك الجو الموبوء كان أي ذكر و أنثى يستحضران الشيطان رغما عنهما، لكن ماذا سيفعل الشيطان لصبي في الحادية عشرة وفتاة تكبره بأعوام قليلة بوجه جامد و ملابس رديئة؟، بدأت اللعبة بالدوران وبدأ شيئا ما في داخلي يستعيد بهجته، وعندما اشتدت السرعة شبك ذراعه بذراعي، وكان ذلك أجمل من أن يكون حقيقة، توقفت اللعبة ونزلت وأنا أترنح، سرنا سويا ووقفنا عند آلة لعب تالفة ولكنها صالحة لينزوي من أراد الخصوصية وسط كل هذا الصخب، وقفنا هناك وكنت أجول أنا بنظري في الأرجاء وكنت مستعدة وقتها أن أصوم الدهر قربانا لله حتى لا ينكشف أمري وألا أُحرم من هذه اللحظة المدهشة التي كانت خارج السياق العام لأيامي، وهناك قص لي (ع) قصته، قال لي بأن أمه مطلقة وبأنه يعيش مع أختيه و زوجة أبيه المتوحشة، قال بأن لديه أحلام يريد أن يحققها لكن لا أحد في البيت يستمع له كثيرا، اشتكى من شعوره القاتل بالوحدة بحاجته الشديد لصديق يحكي له حتى يبكي، قص علي الكثير من التفاصيل الخاصة وبدا لي نبيلا وحزينا والأهم أنه كان بدا رجلاً كاملاً، طلب مني رقم هاتفي، ولما رأى وجهي الممتقع دس رقمه في يدي المبتلة، وطلب مني أن اتصل في أقرب فرصة ممكنة، ودعته ومشيت مبتعدة بأقصى سرعة فوجدت أقربائي يهمون بالانصراف وكان ذلك جيدا لأن مزيدا من البقاء هناك سيفجر أعصابي المهترئة.
في ذلك العمر كانت المشاعر تمور على مرجل من نار لا ترحم، وتختلط عندي صورة البحر بالموسيقى بالبديعة بالقبلة السينمائية بانحناءات جسدك المتفتح، في تلك الليلة وعلى سريري البارد، حاولت استعادة تفاصيل ما حصل، وبالذات شعور الالتصاق الذي كان مذهلا، وكذلك فكرة أن “رجلاً” يحتاجني ليشاركني أسراري بعد أن تعبت من الوجود الأنثوي المكثف حولي، ولكني عبست فجأة، لأني كنت أعرف بأن ما حدث ما هو إلا (شطة) فوق الجرح المفتوح: كيف سأستطيع أن اتصل عليه؟ وكيف سألتقيه وكل حركة في البيت محسوبة بالقسطاس غير المستقيم؟ معلمتي قالت بأن الذكر أي كان عمره ذئب لا يريد من الأنثى إلا شيء واحد، أمي تقول بأنها ستقطعني وترميني لكلاب الطرق إذا اكتشفت يوما بأني أحدث صبيا، لذا قررت أن أنسى كل شيء وأن أبقى في حياتي الجافة بلا ضوضاء.
بعد شهرين ذهبت إلى مدينة الملاهي مرة أخرى، وبينما كنت أتجول بصحبة قريبة لي قالت لي فجأة بأننا أصبحنا في زمن تعيس، ثم قالت (كلمتين) سخيفة حول جيل اليوم المُتفسخ وأن فساد البر والبحر من علامات الساعة، وحينما رأت عدم اكتراثي نبهتني بأن سبب حديثها هناك صبي يتبعنا من البداية، التفت إليه ووجدته (ع)... كانت دهشتي عظيمة، ذهبت إليه و قبل أن أشعر قبلته وقال لي بنبرة لن أنسها : “لماذا لم تتصلي؟ أنا بجانب الهاتف كل يوم”، لم أعرف ماذا أقول، كل ما استطعت أن افعله هي أن أشد على يديه و أن أعده بالاتصال قريبا وقبل أن انصرف قال لي يجب أن تتصلي لأن هناك أمرا هام يريد أن يطلعني عليه، سألتني قريبتي بوجه متنمر عمن يكون هذا الصبي، فقلت لها بأنه شقيق لصديقتي، تأملت وجهي الذي كان يقطر كذبا لثوانٍ ثم أدارت وجهها ، حتما ستبلغ عائلتي عما رأت، لتضيفه إلى ماضيي الأثيم، الذي يحمل ذنوبا على غرار كتابة رسائل لنفسي بأسماء ذكور و مشاهدة مسلسل (فالكون كريست) بجميع مشاهده الحميمة، وصلت إلى البيت ودخلت حجرتي و مزقت رقم (ع) وبكيت دون صوت، ولعنت نفسي و وحياتي ملابسي الرديئة وقلة حيلتي و شخصي غير الكريم، لأن هكذا حياة لم تخلق لي ولم أعد أعرف عن (ع) أي شيء.
و حتى اليوم كلما ذهبت إلى ملاهي استعدت تفاصيل ذلك اللقاء كاملا غير منقوص، وكلما شاهدت شابا اسمرا وسيما بشعر جميل ووجه منحوت قلت في سري لا بد أنه (ع)، ثم أتمتم بحزن : “أنا عم بكبر وشادي بعدو زغير”.
***
(س)
لظروف خاصة ولقصة معقدة يطول سردها اشتركت ذات صيف في إحدى المخيمات الصيفية الدينية في بلد عربي كي أحفظ ما أستطيع من القرآن الكريم وأتوّج والداي بالنور يوم القيامة.
وصلت متأخرة أربعة أيام عن الجدول الزمني الخاص بالمخيم، كان الجو العام باردا ومقيتا، وكانت الفتيات من (الطينة) التي أعرفها، فتيات يجدن مداهنة المعلمة/الشيخة/الواعظة كما يجدن ممارسة مظاهر (الرياء) بسهولة، لأن تقييم الآخرين لك في جوٍ هكذا يعتمد على كم صفحة قران تحفظ، وكم دمعة تذرف وقت الدعاء، وكم ركعة قيام ليل تصلي، ولكن هذا لم يمنع من وجود فتيات لطيفات منحنني شعور بالقدرة على تواصل ودود معهن، وكانت (س) إحداهن، فتاة عذبة بوجه دائري وبشرة برونزية وعينان عسليتان كـ “ريتا” محمود درويش، عمرها لا يتجاوز الـ 14 عاماً وكنت أكبرها بعام، ورغم هدوءها ولطفها، إلا أني شعرت بشيء ما لم أفهمه، جو غريب يطغى على الفتيات بمجرد دخولها إلى الحجرة أو حتى ذكر اسمها وسط حديث عابر، بالإضافة إلى أنها وحيدة أغلب الوقت وتجلس لتحفظ القرآن في ركن قصي من الغرفة الواسعة بجانب الستارة الأرجوانية، ولكن سرعان ما رميت هذه الهواجس إلى مؤخرة رأسي كنت مهتمة في أن أحفظ أكبر عدد من صفحات القرآن لأفوز في نهاية الأسبوعين بالجائزة الأولى وأن تستحق النتيجة الـ 300 دولار التي دفعتها.
إلى أن جاء ذلك اليوم حيث كنا نستمع إلى موعظة من مشرفة الدار، وكنت أجلس أنا في آخر صف، و بنصف انتباه أصغي إلى فتاتين تتحدثان عن (س) قالتا كلاما كثيرا لم أستطع أن أميزه ولكني سمعت بوضوح الجزء الأخير من الحوار، سألت إحداهن: وأين هي الآن؟ وكان رد الأخرى من أغرب ما سمعت في حياتي، قالت وبصوت محايد بلا أدنى انفعال: إن (س) كعادتها ... تبكي في دولاب الملابس!
وعندها تيقنت بأني لم أكن أهذي وأن هناك شيئا ما غير طبيعي يتعلق بـ (س)، وفي الشرفة وفي مساء “بلودانيّ” بديع قصت لي (ف) باختصار ما يلي: (س) وحيدة أبويها المنشغلين عنها جدا ، والدها تاجرا يمتلك فندقا ومرقصا ليليا وسط العاصمة وغارقا في علاقاته النسائية، أما أمها فقد كانت لا تفيق من السُكر ويقال بأنها كانت راقصة هي أيضاً، أما (س) فقد تضاربت الأقوال بشأنها، (أ) تؤكد أنها مارست العلاقة الحميمة مع طالب ما في مدرستها، و (ز) تقول بأن التجربة الجنسية لم تتعد تصويرها مع فتيات أخريات، وربما تلامس سريع مع أحدهم، حتى قررت إحدى الجارات “إعادة تأهيلها” فاقترحت لها المشاركة في المخيم الديني مع ابنتيها.
كانت الفتيات الموجودات من عائلات ثرية ومتدينة، بحيث تتداخل معايير المجتمع الثري مع التقييمات الدينية، بمعنى أن (الذنب) و(الخطيئة) شيئا لا يليق ببنات العائلات الكبيرة و بأنه شيء دوني و (لو كلاس)، و بالرغم من اصطفافي ضمنيا مع فريق (العفيفات) إلا أن (س) كانت شوكة في عيني أثناء جلوسي هناك.
كل يوم كانت تنسل من بيننا لتذهب إلى محرابها الخشبي، كنت اسمع نشيجها وهي تبكي وتضرب رأسها وتتمتم بكلام لا أفهمه، الكل كان يعرف قصة (س)، والكل كانت تكسوه ملامح الشماتة والتقزز مع همهمة “الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده”، وعلى سريري بجانب النافذة كنت أفكر بذنوب (س)، أمقتها وأحسدها وأحبها في ذات الوقت، ثم انخرط بنوبة بكاء طويلة يعرفها كل من كانت لعنته التعلق بقصص الناس والغوص في تفاصيلها.
و حينما كبرت قرأت قصة (تمثال الروح الضالة) للكاتب البريطاني (هيكتور مونرو) الشهير بـ (ساكي)، والذي يحكي فيها الكاتب العبقري عن قصة تمثال الروح الآثمة المتموضع بين تماثيل رجال الدين المتعجرفين قساة القلوب، وفي كل سطر كانت (س) تتبدى لي وهي تنتحب ونحن نطالعها بوضاعة، لقد كبرت (س) بالقدر الذي يجعلها تعرف كل شيء، ولكنها حتما لا تعرف أني أتذكرها جيدا، وأني أهديتها ترجمتي للقصة المذكورة بعبارتي: إلى (س) الفتاة التي أتذكرها كل يوم.. وأبكي.
هدى جعفر : كاتبة من اليمن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

خ. ع. س الجمعة 28 شباط (فبراير) 2014 تقييم المقال : 1 2 3 4 5 بقلم: هدى جعفر :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

خ. ع. س الجمعة 28 شباط (فبراير) 2014 تقييم المقال : 1 2 3 4 5 بقلم: هدى جعفر

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» خ. ع. س الجمعة 28 شباط (فبراير) 2014 تقييم المقال : 1 2 3 4 5 بقلم: هدى جعفر
» المْسِيدْ * الجمعة 13 شباط (فبراير) 2015 تقييم المقال : 1 2 3 4 5 بقلم: عثمان الدردابي
» قصائد السبت 15 شباط (فبراير) 2014 تقييم المقال : 1 2 3 4 5 بقلم: منذر العيني
» ما بعد شارلي إيبدو: الإسلام والاستعلاء معكوسا! الجمعة 6 شباط (فبراير) 2015 تقييم المقال : 1 2 3 4 5 بقلم: مرزوق الحلبي
» السَّهر الكانطيّ: الأسئلةُ كطرحٍ حيويٍّ وكونيٍّ الجمعة 12 شباط (فبراير) 2016 تقييم المقال : 1 2 3 4 5 بقلم: سامي عبد العال

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: