** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 في الفشل بداية أخرى...

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
دوحة
" ثـــــــــــــــــــــــــائــــــــــر "
في الفشل بداية أخرى... Biere2
دوحة


عدد الرسائل : 227

تاريخ التسجيل : 05/11/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2

في الفشل بداية أخرى... Empty
30102013
مُساهمةفي الفشل بداية أخرى...

كان من الصعب عليّ جداً أن أقرأَ في دفتر مذكراتي صفحةً أتحدث فيها عن الفشل.

أول مرةٍ في حياتي أعرف معنى الفشل،... أن يُقطع حبلُ دَلوكـ... فيسقطَ في قاع البئر... بعد أن رأيتَ الدلو يقترب منكـ مملوءاً بماءٍ انتظرتَه بكل ما بقي لديكـ من قدرةٍ على الانتظار واحتمالٍ للعطش!...

كان الفشلُ بالنسبة لي صدمةً أوْدَتْ بكل ما بنيتُه خلال سنوات طويلة من النجاحات المتوالية، شعرتُ باليأس وبالإحباط وبدأت أبحث عن مكان أختفي فيه،... ولأني أحب البحر اتجهت إليه دون تردد...

في الحقيقة أن كلمةَ الفشل هذه كانت تفتّر همّتي وتقوّض عزيمتي حين تُصوِّر لي أن النهوض بعد التعثر أمرٌ صعب، فأشعر باليأس!...


كان الفصل خريفاً، وفي هذا الفصل بالذات يحلو لي أن أراقب الطبيعة، فالخريف يذكّرني بقصص الخيال والجنيّات الغريبة التي كانت تحكيها جدتي،... ولعل الأغرب من هذه القصص جميعاً ما كنت أراه في كل يوم وأنا أراقب البحر...

عند كل فجر يخرج صيادٌ من كوخه الخشبي حاملاً معه شبكةَ الصيد وصرّةَ الزاد التي كانت كلَّ يوم تذبل أكثر، وعندما يصل البحر يُطفئ آخرَ سيجارته ثم يجرّ قاربه ويبحر فيه بعيداً... إلى حيث لا يُرى منه سوى أثرٍ بعيدٍ يدلّ على الانتظار...
ثم... عندما تغرب الشمس يعود وكأنه متفقٌ معها ألا تراه على اليابسة وأن تلتقيه كل يوم في عرض البحر!...

مضت أيام وأيام كان يعود فيها إلى كوخه كما خرج منه، فقط بشبكة الصيد وبقطعة القماش التي يضع زادَه فيها وقد تدلى جزءٌ منها من جيب سرواله العتيق الأسود!...

كان في كل يوم عندما يصل الشاطئ يجرّ قاربه إلى اليابسة، يشعل سيجارةً تُسلّيهِ في طريقه إلى الكوخ... يضع شبكته على كتفه ويثبّتها عليه بكفّه بينما يحمل بين أصبعيه في يده الأخرى صديقةَ طريقه: سيجارتَه العجوز!...

الغريب في الموضوع أنه بالرغم من خذلان البحر له وعودتِه دون صيد ودون سمكـ... تراه لا يكفّ عن الغناء والتصفير اللذين أسمعهما منه حين يمرّ بالقرب من نافذتي:

"في عمق البحر... تسكن أحلى الجنيات... تنتظر عجوزاً يحكي لها عن أمير البحر أحلى حكايات...".

مرّت بي لحظاتٌ اعتقدتُ فيها فعلاً أنه لا يُبحر إلى وسط البحر إلا كي يلتقي أحلى الجنيات تلكـ ويحكي لها من خياله قصصاً عن أمير البرّ فتعطيه قطعاً ذهبية، ولذلكـ فهو لا يعبأ بالصيد أو بالسمكـ، وليس يحمل شبكته إلا كي يوهمَ من يرَوه بأنه ذهب كي يصطاد فعلاً...

وفي إحدى المرات انتظرتُ عودته... وعندما رأيته مقترباً استوقفتُه ودعوْته كي يشربَ معي فنجاناً من الشاي على تيراس بيتي فقد كان الجوّ رائعاً جداً في ذلكـ اليوم الخريفي عند الغروب...

لم يمانع... جلس قبالتي وأخذ يرتشف فنجانَ الشاي ويدخّن ما بقي من سيجارته العجوز، واستطعت أن أتبيَن الأخاديد التي حفرها الزمان على وجهه من خلال خيوط الأشعة الذهبية التي أرسلتْها الشمس قبل أن تغادرنا إلى عالمٍ آخر.

عرّفته بنفسي بشكلٍ موجزٍ، ثم سألته عن أحوال الصيد...

فقال: "ماشي الحال".

قلت: "لكني لاحظت في الأيام القليلة الماضية أنكـ تعود دون صيد!".

"نعم،... ربما أفشل أحياناً في أن أصطادَ سمكة واحدة طوال يومٍ كاملٍ، لكن فشل يومٍ لا يعني فشلَ كل يوم"

شعرت أنه وضع يده على جرحي الأليم...

الفشل الذي جعلني أهرب إلى هذا المكان بعيداً عن الناس.

قلت له: "لكن إذا استمرت هذه الحال أياماً قليلة أخرى... فإنكـ دون شكّـ ستفقد سبب رزقكـ"!...

"انظر أيها السيد إلى هذا البحر... هل تعتقد أنه ممكن أن يخلو فجأةً من سكانه؟... هل تعتقد أن السمكـ ممكن أن ينفذَ منه وهو بهذا الاتساع وبرغم اتصاله بالمحيطات والبحار التي تغطي جزءاً كبيراً من الكرة الأرضية؟...

لو فكرتُ بمثل تفكيِركـ فإني إذاً لن أعمل لا بالصيد ولا بأي مهنة أخرى... لكل مهنة يا بنيّ سيئاتٌ وعقباتٌ ...عليكـ أن تصبَر عليها وأن تتجاوزها بإيمانٍ منكـ أنكـ ستنجح مادمت تقدم ما بوسعكـ...


إنكـ لن تشعر بحلاوة نجاحكـ إلا عندما تذوق مرارةَ الفشل ...فيكون بدايةً لنجاحٍ جديد، عندها فقط تُدركُـ معنى النجاح،... عليكـ فقط أن تستبقي في جعبتكـ الإيمان بالخالق وألا تملّ الصبر،... لا تزال شاباً في مقتبل العمر ولم تتعلم بعد ما تعلمتُه في هذه الدنيا".

صمتَ قليلاً،... جالت نظراته في عينيّ ثم تابع مبتسماً:

"أراكـ قد سرحت في كلامي،... كنتُ أودّ لو أجلس معكـ أكثر، لكن الوقت تأخر وعليّ أن أعود".

رشف آخر ما تبقى في الفنجان، ثم رفع شبكته على كتفه، وغادرني... وفي أذنيّ أسمع غناءً... وتصفيراً... وأملاً لغدٍ جديدٍ يقترب!!!.

مواضيع ذات صلة:
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

في الفشل بداية أخرى... :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

في الفشل بداية أخرى...

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» اليمن واحتمالات الفشل
»  في امتداح "ثقافة الفشل"
» في امتداح "ثقافة الفشل"
» شذرات بنكهة الفشل المقدس
» شذرات بنكهة الفشل المقدس

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: