حشاشو الملالي
منذ أعلن نظام طهران في العام 1979
شعاره"تصدير الثورة" الاسلامية وحتى اليوم, يلعب قادته لعبة التهديد
والتراجع عنه, ولذلك لم تعد فصول تلك اللعبة تنطلي على أحد, بل ان كل
الشعارات التي رفعها ويرفعها هذا النظام أصبحت اسطوانة مشروخة لا تطرب حتى
أقرب المقربين إليه, وفي كل مرة تعاد فيها تكشف عن نوايا خبيثة حيال دول
الخليج العربية, حتى لو أخذنا الأمر على محمل زلات اللسان التي قيل قديماً
إنها تفضح ما في الصدور.
المثير للاستهجان تلك السرعة في التراجع عن المواقف التي يعلنها كبار
المسؤولين في نظام الملالي والشواهد على ذلك كثيرة, سواء في التهديد الأرعن
الذي أطلقه رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني ضد الكويت, في أغسطس الماضي, ثم
سرعان ما تراجع عنه, أو قبله في سلسلة التهديدات باجتياح السعودية
والبحرين والكويت التي جاءت على لسان العديد من المسؤولين الايرانيين العام
الماضي, أو في التهديد الأخير الذي أطلقه النائب كريم عابدي باجتياح
الكويت للدفاع عمن أسماهم "آل البيت" ليعود وينفيه, ليأتي بعده قائد الحرس
الثوري محمد علي جعفري ويقول ان قواته جاهزة للتدخل في بعض دول الخليج,
إضافة الى التهديد بضرب كل هذه الدول في حال تعرضت ايران لهجوم اسرائيلي,
وكأن تل أبيب وحيفا ويافا هي الكويت والرياض وأبوظبي, ولم تمض ساعات حتى
عاد كل هؤلاء المسؤولين عن تصريحاتهم, رغم ان ما قاله جعفري كان في مؤتمر
صحافي نقلته وكالات الأنباء الرسمية الإيرانية.
والأدهى أن جعفري زاد الطين بلة حين قال إن" فيلق القدس الموجود في سورية
ولبنان تأسس لمساعدة الفقراء وتصدير الثورة والدفاع عن الدول المظلومة,
وخصوصا الاسلامية منها", وكأن الشعب الايراني في ظل نظام الملالي يعيش
الرفاهية والبحبوحة الاقتصادية والحرية الكبيرة التي يحسد عليها في التعبير
عن رأيه, ناسياً ان 65 في المئة من الايرانيين يعيشون تحت خط الفقر, و
الآلاف منهم يفرون سنوياً من"جنة الولي الفقيه" إلى "جحيم" الدول الغربية
طلباً للخلاص من المأساة التي يعيشونها في بلدهم. فأين تكون المظلومية وأين
يكون الفقر?
أليس الأحرى بجعفري أن يحارب المظلومية في بلده قبل تصدير ثورته إلى الخارج?
في التاريخ الاسلامي قصة تدل على طبيعة الذهنية السلطوية الايرانية, ففي
العصور الغابرة شكلت إحدى الجماعات المنضوية تحت لواء الدين فرقة من
الانتحاريين, وكانت تختار الشباب الايراني المتحمس وتعزله في أحد الجبال في
قلعة حيث تجري عملية غسل الدماغ ودفع هؤلاء الى إدمان الحشيش, بعدها
يرسلون الى تنفيذ عمليات اغتيال وقتل وترويع الخصوم, وربما ذاك التحشيش
استهوى قادة نظام طهران الحالي, ففي حالة"التسلطن" يطلق هؤلاء ما تخفيه
صدورهم, ويعبرون عن العداء التاريخي لدول الخليج العربية, وعندما
تذهب"السكرة" وتتلاشى"نشوة الأفيون" الايماني يتنبهون إلى هذيانهم ذاك
وينفون ما قالوه, لكن لغة النفي المستخدمة تحمل في طياتها التأكيد على
النوايا المبيتة لدول الجوار, وهذا ما يجعلنا لا نطمئن أبدا لنظام ينام
قادته ويصحون على كيل الاتهامات والتهديدات, فربما في لحظة "تسلطن تحشيش
سياسي" يدفع قواته الى تنفيذ تهديداته, وهذا أدعى إلى فقء الدمل الارهابي
وتخليص العالم منه