الكل يريد قسما من سوريا
صحف عبرية
2012-07-30
ما
كانت تحتاج ايران لزيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم كي تعيد تأكيد
دعمها لنظام الاسد. وما كان المعلم بحاجة الى أن يكلف نفسه العناء للذهاب
الى ايران كي 'يكتشف' بان تحالفا مغرضا، تشارك فيه اسرائيل والغرب، هو الذي
يسعى الى تصفية النظام السوري. فقد كان للزيارة هدف هام آخر: عرض خطة
عسكرية كفيلة، برأي النظام، بوضع حد للمعركة، ضمان استمرار حكم الاسد
وتهدئة روع ايران بالنسبة لمكانة الدولة الآخذة في التحطم.
ايران هي
الدولة الوحيدة التي تقدم المساعدة الى سورية الواهنة. ومع أن روسيا تعطي
ظهرا سياسيا واسعا، وحتى الان نجحت في منع فرض مزيد من العقوبات أو التدخل
العسكري. الا انه خلافا لموسكو، التي ستكون بحاجة لكل نظام يأتي في
المستقبل، فان طهران قلقة من ضياع قبضتها في سورية، والتي قد تفقد معها
أيضا قبضتها في لبنان. ايران لا يمكنها أن تعتمد على أن يرغب النظام الجديد
في سورية في اقامة علاقة معها. كما أن هذا هو السبب في أن وزير الخارجية
الايراني، علي أكبر صالحي شدد أمس على ان 'فكرة الحكومة الانتقالية في
سورية هي وهم'.
ويؤيد الغرب، بعض الدول العربية وتركيا اقامة حكومة
مؤقتة. وحتى الناطقون الروس أوضحوا بان هذه هي الفكرة العملية الوحيدة.
وتكشف هذه المسألة الفجوة في المواقف بين ايران وروسيا التي بدت حتى الان
منسقة بين الدولتين. وشددت موسكو مؤخرا بانها غير مكبلة بالتزامها بالاسد،
رغم أنها تعارض التدخل الخارجي لاسقاطه. اما ايران بالمقابل، فمتمسكة
بالنظام الحالي.
ويأمل مؤيدو الحكومة المؤقتة في أن يحدث الخلاف في
المواقف واستمرار الضغط في الامم المتحدة حيث تعتبر روسيا كمن تسمح
بالمذبحة في سورية التغيير المنشود. على هذه الخلفية تأتي المبادرة حديثة
العهد للجامعة العربية بتفعيل المادة السابعة من ميثاق الامم المتحدة
والذي يسمح باستخدام القوة لاحلال الهدوء، رغم أنه من المعقول ان تستخدم
روسيا حق النقض الفيتو. والهدف هو مواصلة العمل في الامم المتحدة لدفع
روسيا نحو الزاوية ودفعها تصريحيا على الاقل للابتعاد عن نظام الاسد.
يتعين
على روسيا أن تقرر قريبا جدا كيف ترى مستقبل سورية. فالتراجع السريع عن
التأييد للاسد لا يزال يمكنه أن يحافظ على مكانتها في أوساط محافل المعارضة
التي ستقود الدولة بعد سقوط الاسد. اما استمرار تأييدها للنظام الحالي فمن
شأنه أن يؤدي، على الاقل، في المدى القصير، الى سياسة انتقامية من جانب
القيادة الجديدة.
وينضم الان الى ساحة لعبة القوى في سورية، بين روسيا
والولايات المتحدة وبين السعودية وايران محافل محلية قوية من شأنها أن تقرر
وجهة المنظومة الاستراتيجية ما بعد الاسد.
وضمن قوى اخرى تصعد قوة
الاكراد في سورية والاكراد في العراق، كمن يمكنهم أن يؤثروا على سير الامور
في المستقبل. كما أن خلايا القاعدة وشركائها، الفرع السوري من الاخوان
المسلمين او على سبيل البديل دول صغيرة وغنية كقطر والكويت تمول الجيش
السوري الحر، بدأت منذ الان تدير صراعات داخلية للسيطرة على معاقل قوة في
العهد القادم.
سورية، الدولة عديمة الاهمية الاستراتيجية، الدولة التي
ليس فيها نفط او مقدرات مغرية اخرى، والتي كانت حتى الثورة شريكا في خطوات
استراتيجية اقليمية، تصبح ساحة مناوشة دولية يكون فيها عدد القتلى 'ضرر
هامشي' عديم الاهمية أمام المسعى لبناء خريطة شرق أوسطية جديدة من خلالها.
تسفي بارئيل
هآرتس 30/7/2012