الحريري و29 آخرون.. الكل يخاف من سورية
صحف عبرية
2010-12-23
منذ بداية الثمانينيات قتل النظام السوري، بمنهاجية،
أكثر من 30 زعيما وشخصية عامة لبنانية ولم يفتح أحد فاه ببنت شفة. كل من
هدد مكانة سورية في لبنان أُبعد.
هكذا صُفي كبار رجالات في عائلة
شمعون، جنبلاط والجميل، هكذا صُفي زعماء دين ورجال أمن، وهكذا صُفي ايضا
رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري.
باستثناء حالة شاذة واحدة، لم يُقدم أحد
أبدا الى المحاكمة على هذه الافعال، وذلك رغم انه لا يوجد طفل واحد في
لبنان مثلما لا يوجد جهاز استخبارات واحد في العالم لا يعرف من حقا يقف
خلف اعمال القتل هذه.
عندما فُتح تحقيق دولي في اغتيال الحريري (و14
لبنانيا آخرين، بعضهم من كبار رجالات الحكم، ممن قُتلوا معه)، وبدأت تصل
ببطء أنباء في العالم توجه إصبع الاتهام نحو حزب الله ذُعر اللبنانيون.
فجأة برزت امكانية أن تكون المنظمة اللبنانية شريكا في سلسلة الاغتيالات
السياسية لزعماء شرعيين، شعبيين.
في اسرائيل لم يفهموا حقا مما تأثروا
به جدا في لبنان. ففي نظرنا من المسلم به ان يتعاون حزب الله مع السوريين
أو مع الايرانيين لإبعاد زعماء يعرقلون مصالح هاتين الدولتين. ولكن من
لبنان القصة تبدو مغايرة.
هناك يعتبر حزب الله ـ مع كل اشكالياته ـ
منظمة وطنية. وكان أكثر راحة بكثير للبنانيين لو أشارت المحكمة الدولية الى
سورية بأنها المذنب الوحيد في الاغتيال. كان هذا سيوفر عليهم هزة ارضية
إن لم يكن حربا أهلية تنتظرهم مع النشر المرتقب لأسماء المشبوهين
بالاغتيال، والذين يأتي بعضهم من القيادة العسكرية لحزب الله.
رجال
المنظمة قتلوا الحريري، ولكنهم عملوا كمرتزقة، مقاولي تنفيذ للنظام السوري.
الامريكيون يعرفون ذلك، اجهزة الاستخبارات الاوروبية تعرف ذلك، ومن
المعقول الافتراض بأن اسرائيل مطلعة بشكل لا بأس به على المادة. ولكن
الجميع كل واحد لاعتباراته يفضلون تجاهل دور سورية في الاغتيال ووضع حزب
الله في بؤرة الأضواء. صحيح حتى الآن، ان الأكثر راحة للجميع هو الانشغال
بقاتل مأجور وترك رأس المافيا، الذي لا بد سيعقدون معه ربما صفقات طيبة في
المستقبل.
رئيس وزراء لبنان الحالي، سعد الحريري، نجل المغدور، طُلب
اليه منذ وقت غير بعيد السفر الى دمشق وتبادل القبلات مع قاتلي أبيه. لم
يرغب في السفر. وكذا مؤيدوه، من رجال 'تحالف 14 آذار'، طلبوا منه ألا
يسافر. ولكن سيد العائلة الأسرة المالكة السعودية طرحت عليه إنذارا.
تماما مثلما في قصص 'العراب'. عائلات الجريمة الشرق الاوسطية تريد
المصالحة، وبعثت باليتيم لتنظيف القاتل.
المرحلة التالية في طمس الآثار
كانت محاولة تأجيل نشر استنتاجات التحقيق الدولي الى موعد غير معروف. وبدأت
حملة ضغوط على الحريري الابن ليؤجل، يلغي، يتجاهل وألا يتعاون مع اللجنة.
وكان يتعين على الامريكيين أن يدفعوا له في يده عشرة ملايين دولار كي يواصل
دفع نصيب الحكومة اللبنانية في تشغيل جهاز التحقيق والمحكمة الدولية.
في
15 كانون الاول (ديسمبر) كان يفترض أن تُنشر استنتاجات لجنة التحقيق،
وبعدها كان يفترض أن تبدأ المرحلة القضائية. هذا لم يحصل. التهديدات
الهستيرية من جانب نصر الله، الذي وعد بفوضى في لبنان، فعلت فعلها. وطلب
الحريري تأجيل نشر الاستنتاجات الى ما بعد عيد الميلاد، كي لا يُخرب على
فرحة العيد. فوضى؟ فقط بعد الأعياد.
ولكن السياق القضائي يواصل التدحرج.
أسماء المشبوهين تناقلت منذ الاسبوع الماضي من المحققين الى رجال القانون،
ومشوق أن نعرف أي أرنب سيُمتشق الآن من القبعة لتأجيل اعداد لوائح اتهام
الى بضعة اشهر اخرى. قدر أكثر مما ينبغي من المحافل في الشرق الاوسط وفي
اوروبا ترغب في ان ترى استنتاجات لجنة التحقيق المتعلقة بحزب الله تذوب،
وسورية مرة اخرى تغسل يديها من الحدث.
نحن ايضا لنا دور في ذلك. اسرائيل
مثل الجميع تعرف الحقيقة وتصمت. فمن يحتاج الى حرب أهلية في لبنان وفوضى
مع سورية؟
يديعوت 23/12/2010