الصراط القويم في تأويل القرآن الكريم
﴿ الصراط القويم في تأويل القرآن الكريم ﴾
تبعا للقرآن فإن الملائكة[1] تتكلم نسخة مبتورة من اللغة العربية وليس كما نتكلمها ، فهي ، حسب القرآن الكريم ، تتكلمها بدون استخدام أي نوع من الأسماء:
وَعَلَّمَ
آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ
أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {31} قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ {32}
قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ
بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ
تَكْتُمُونَ {33} البقرة
وجاء في الطبري (ومثله في تفاسير آخرى) ما يلي لتفسير الآية الكريمة:
الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا:
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الْأَسْمَاء كُلّهَا } قَالَ أَبُو جَعْفَر : اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْأَسْمَاء الَّتِي عَلِمَهَا آدَم ثُمَّ عَرَضَهَا عَلَى الْمَلَائِكَة . عَنْ ابْن عَبَّاس , قَالَ : عَلَّمَ اللَّه آدَم الْأَسْمَاء كُلّهَا , وَهِيَ هَذِهِ الْأَسْمَاء الَّتِي يَتَعَارَف بِهَا النَّاس : إنْسَان وَدَابَّة , وَأَرْض , وَسَهْل , وَبَحْر , وَجَبَل , وَحِمَار , وَأَشْبَاه ذَلِكَ مِنْ الْأُمَم وَغَيْرهَا . عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه : { وَعَلَّمَ آدَم الْأَسْمَاء كُلّهَا }: } قَالَ : عَلَّمَهُ اسْم كُلّ شَيْء . عَنْ مُجَاهِد , قَالَ : عَلَّمَهُ اسْم الْغُرَاب وَالْحَمَامَة , وَاسْم كُلّ شَيْء . عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , قَالَ : عَلَّمَهُ اسْم كُلّ شَيْء , حَتَّى الْبَعِير وَالْبَقَرَة وَالشَّاة. وَحَدَّثَنَا ابْن وَكِيع , قَالَ عَنْ ابْن عَبَّاس: عَلَّمَهُ اسْم الْقَصْعَة وَالْفَسْوَة وَالْفَسْيَة . وَحَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : عَنْ ابْن عَبَّاس : { وَعَلَّمَ آدَم الْأَسْمَاء كُلّهَا } قَالَ : حَتَّى الفسوة والفسية . حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْحَسَن , قَالَ : عَنْ ابْن عَبَّاس فِي قَوْل اللَّه : { وَعَلَّمَ آدَم الْأَسْمَاء كُلّهَا } قَالَ : عَلَّمَهُ اسْم كُلّ شَيْء حَتَّى الْهَنَة وَالْهُنَيَّة وَالْفَسْوَة وَالضَّرْطَة
لشرح طريقة التأويل الصحيحة للقرآن ، نذكر أولا بعض ما نعرفه من لغة الملائكة في الجنة . الآية الكريمة أعلاه صريحة بأن الملائكة لا تعلم الأسماء وهذا
يعني ضرورة أنها لا تعلم تصريف الأفعال واشتقاق الكلمات، ولهذا فإن لغتها
تتكون فقط من جذور أفعال اللغة العربية ، أي الأفعال الماضية دون علم
بالأفعال المضارعة أو أفعال الأمر والمستقبل. وهذا يفضي بنا إلى أنه ليس
لها أي علم بلبنات اللغة العربية الأخرى ، مثل حروف الجر، وكان وأخواتها ،
وإن ورفيقاتها .. إلخ. وبما أن جبريل ، عليه السلام ، من الملائكة وبما
أنه سجد لآدم مع الساجدين ، فإنه مثله مثل الآخرين لا يعرف التكلم إلا
بالفعل الماضي.
إذن النتيجة الحتمية ، والتي لا مهرب منها ، أن محمدا تلقى القرآن من جبريل بالإفعال الماضية فقط . ونستبعد أنه تسلمه كتابة من الله لتأكيد القرآن والسنة على أميته .
واضح
الآن أن جميع السور نزلت بجذور الأفعال فقط ، مما اضطر محمدا أن يجتهد
بذكائه الوقاد لملئ الفراغ بين الأفعال وفي تصريفها وفي ربطها بمكونات
اللغة الأخرى مثل الحروف والأسماء ، فخرج علينا بجهده العظيم بالقرآن
الكريم الذي بين يدينا، والذي ناسبه جدا حسب ظروفه وبيئته. وهذه الحقيقة
التي خفيت للآن ، هي أصل الإعجاز القرآني والأساس المكين لقاعدة صلاحه في
كل مكان وزمان. ولكن للأسف فإن المسلمين لم يوفقوا للآن لكشف هذه الحقيقة
الواضحة وضوح الشمس في الصحراء.
نستنج
إذن أن القرآن نزل بالأفعال الماضية فقط ، وأن على المسلمين أن يؤولوه حسب
حاجتهم وحسب زمنهم ، وقد حان الوقت لنعقل هذه الحقيقة ونعمل بها لنكتب
قرآنا جديدا يصلح لزمننا ونرفع به رؤوسنا كرمز لحضارتنا. وليس أفضل لبيان
ما أعنيه من استعمال بعض الأمثلة:
مثال 1:
النص القرآني الحالي:
فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء
الآية كما تلقفها محمد من جبريل:
لقي كفر ضرب رقب ثخن شد وثق من فدى
النص الأبو لهبي المقترح:
فإن لقيتم الكفار فلا تضربوا رقابهم ولا تثخنوهم أبدا ، وشدوا المواثيق معهم ومنوا عليهم بالفداء.
مثال 2:
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ
الآية كما أوصلها جبريل لمحمد
خاف
قسط يتم نكح طاب نسى ثنى ثلث ربع
خاف عدل وحد ملك يمن دنى عال
النص الأبو لهبي المقترح:
تخوفوا جدا من عدم القسط في اليتامى فلا تنكحوا وإن طابت لكم النساء، مثنى وثلاث ورباع ، فالعدل في الواحدة فقط وليس في ما ملكت أيمكانكم وذلك أدنى ألا تعولوا.
مما سبق فإن قواعد التأويل الصائبة كما يلي:
1- تكتب الآية المحمدية التي تحتاج لتأويل جديد (بسبب تناقضها مع المنطق أو العلم الحديث أو القيم الإنسانية الحضارية)
2- تكتب تحتها جميع جذور الأفعال التي يمكن اشتقاقها من كلمات الآية القرآنية، سواء من الاسماء أو الأفعال
3- يكتب
النص الجديد للآية باستعمال نفس ترتيب الأفعال المستنبطة مع إطلاق الحرية
الكاملة للقريحة والخيال (اقتداء بالرسول) في التصريف وفي وصلها بالحروف
والكلمات الضرورية.
4- يجب
مراعاة أصول جمال إيقاع النص وبلاغته ما أمكن ولكن لا يجب أن يسمح للإيقاع
القرآني المحمدي أن يقيد معاني النص الجديد، لأن بلاغة القرن الخامس عشر
الهجري تختلف عن بلاغة القرن الأول.
5- لا
يسمح استخدام أفعال جديدة أو أسماء لا يمكن اشتقاقها من الأفعال الموجود
أصلا في الآية المحمدية ، إلا إن وجدت حاجة قاهرة لذلك ، وعندها يتم
استخدام قواعد النسخ التي استخدمها محمد بن عبد الله.
وعند القيام بهذة المهمة ، إشرح صدرك وتذكر القاعدة الخالدة: الوحي أعدل الأشياء قسمة بين الناس.