دامعة مرحبا بك
عدد الرسائل : 36
تاريخ التسجيل : 13/09/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2
| | نساء الايتروسكانيات | |
نساء الايتروسكانيات حضارة شعب الايتروسكين* كانت تتميز بشكل ملحوظ عن الحضارة الاغريقية والرمانية على الرغم من انها تقع وسطهم، وبالذات في ايطاليا الحالية. نساء هذه الحضارة كن يمارسن الجنس مع مختلف الرجال، حسب رغبتهن، ولااحد يعرف من هو والد اطفالهن. كانوا لايخجلن من الخروج عرايا وكانوا يعشقن اجسامهن ويمارسن الرياضة بما فيه مع الرجال. كانوا لايمتنعن عن الجلوس مع الرجال ويجالسوهم ويشربن معهم الانخاب ويتسابقن معهم في الشراب. هذا ماكتبه على اي حال المؤرخ الاغريقي Theopompos, في القرن 300 قبل الميلاد في وصف حالهن.
الرومان كانوا يطلقوا عليهم اسم ايتروسكي، او توسكي، في حين كان الاغريق يطلقون عليهم Tyrrhenoi, or Tyrrsenoi. ابناء هذه الحضارة كانوا يسمون انفسهم Rasenna, وتلفظ Rasna or Raśna.
هذه الحضارة وقعت في منطقة تعاني من حروب، بالذات الى شمال روما العدوانية، وكانت تمتد على مساحة ثلاثة مقاطعات من ايطاليا وهي Etruria, Latium and Campania. وحتى روما كانت موجودة في اراضيهم، إذ ان الادلة تشير الى ان المنطقة كانت عائدة للايتروسكيين حتى عام 396 قبل الميلاد وعلى الرغم من الاصل الثقافي الواحد لمدن الايتروسكان الا انهم فشلوا في التوحد ضد روما، لشدة مسالمتهم، وذابوا فيها واحدة بعد الاخرى، على الرغم الاختلاف الاثني والثقافي واللغوي.
بسبب التعايش مع الرومان والخضوع للرومانية كلغة ادارة حاكمة ماتت اللغة الايتروسكانية ببطء وحتى الادب الايتروسكاني الغني ضاع. لهذا السبب نعلم عن هذه الحضارة من مصادر المنتصرين الذين كتبوا التاريخ من منظورهم. ولكون الرومان والاغريق خاضوا حروب طويلة لاخضاع الايتروسكانيين ولذلك نتفهم اسباب وصفهم الغير ايجابي.
لمجرد ان النساء الايتروسكانيات كن لايتورعن عن المشاركة في حفلات الغذاء الى جانب الرجال اثار حفيظة الاغريق. في اليونان كانت العادات ان النساء الحرات يقرن في بيوتهن في انتظار عودة رجالهن من معاشرة العواهر، او يجب ان يكون معهن محرم إذا اضطروا الى الخروج. النساء اللواتي كان يجوز لهن التجول في الشوارع، لدى الاغريق، هن العاهرات في طريقهن الى زبائنهن.
الاغريق ينظرون الى الزواج على انه واجب للحصول على وريث. لذلك فالرجل الاغريقي لايستطيع ان يتصور إمكانية الذهاب الى حفلة بمرافقة زوجته، فمثل هكذا حفلة ستكون كئيبة له وتهدد صحة انتماء اطفاله له. الزوجة الاغريقية يجري شراءها لتنجب اطفال زوجها بطريقة مضمونة، فهي وعاء انجاب. ولايحق للمرأة الاغريقية التحدث الى الرجال الغرباء حتى ولو كانوا في بيتها. عند حضور الضيوف تذهب النساء الى غرفة اخرى. ذلك يذكرنا بعادات وتقاليد قبائل القوقاز والسلفيين الوهابيين.
في حفلات الايتروسكانيين كانت النساء والرجال لديهم الحقوق نفسها وتنطبق عليهم شروط واحدة بدون تمييز. الحفلة تجري في خيمة كبيرة مزخرفة بالرسوم وفيها طرائح ووسادات. المشاركين يستلقون ويرتكون على الوسائد وهم يتناولون الخمور والانبذة وتتقاطر عليهم انواع الاطعمة. النساء والرجال يمكن ان يتكئوا على بعضهم ويستلقون الى الخلف والمائدة امامهم. قبل الطعام يستمعون الى الموسيقى وتقوم النساء بالرقص.
والايتروسكانيات كانوا يزورون حلبات سباق الخيل وحفلات المصارعة والملاكمة وبقية المسابقات الرياضية. عادة يكون المتسابقين من الرجال عراة تماما، ولكن لااحد كان يرى في ذلك مايعيق حضور النساء.
غير ان النساء الايتروسكانيات لسن فقط متفرجات وانما ايضا نشيطات في مختلف المجالات الاجتماعية بما فيه إمتلاك وادارة النشاطات الاقتصادية الناجحة. وعلى الاخص في الطقوس الدينية لعبت النساء ادوارا رئيسية. كانت النساء مسؤولات عن طقوس الدفن والتحضير لاحتفالات الزواج. والكثير من المعابد والارباب كانت كهنتها من النساء.
الكثير منهن كانوا متعلمات جدا وكانت الغالبية قادرة على القراءة والكتابة. اللقى الاركيولوجية تظهر ان الايتروسكونيات كانوا يكتبون اسمائهن او ينسجونها على القماش، ويبدو ان ذلك كان مهما ويدلل على قيمة المرأة. وحتى النساء اللواتي كانت تملك الكثير من العبيد كانت تمارس الكتابة بنفسها وتنسج اسمها بيدها مما يدلل على القيمة الاجتماعية للكتابة.
النقوش تخبرنا ان المرأة المتزوجة تستطيع المحافظة على اسم عائلتها وان انتماء ابناءها الى اقاربها له نفس الاهمية. كان محافظة المرأة على اسم عائلتها يعطيها مكانة اجتماعية ويدلل على انها بنفس اهمية الزوج. الدلائل تشير الى ان المساواة بين الرجل والمرأة في هذه الحضارة تحسدها عليه حتى نساء الكثير من الامم اليوم.
يعتقد الباحثون ان نظام الادارة الاريستوقراطية في فترة 600-500 قبل الميلاد هي السبب في ماتوصلت اليه الايتروسكونيات من حقوق متجاوزة الاغريقيات. الادارة في الاريستوقراطية الايتروسكونية كانت تعتمد على العائلة والوريث، وهذه النقاط تعتبر المرأة هي عمودها الفقري. لهذا السبب كان بإمكان الرجل ان يصعد السلم الاجتماعي بسرعة عن طريق الزواج من امرأة من عائلة اريستوقراطية. وبسبب وجود العديد من النساء على قمة الهرم الاجتماعي اعتقد بعض الباحثون ان المجتمع كان امومي، اي ان المجتمع كان يدار من قبل النساء. غير ان ذلك لم يكن صحيح، فقد جرى البرهنة على عكسه.
وحتى بعد انتهاء الحكم الذاتي للايتروسكونيين بقيت النساء الايروسكونيات تمارس تأثيرها من خلف الكواليس. مثلا كانت اورغولاني Urgulania, صديقة لزوجة القيصر اوغسطس، ليفيا. ومن خلال هذه العلاقة حصلت على نفوذ كبير وحفيدتها بلاوتيا اورغولانيا تزوجت من عائلة القيصر لتكون الزوجة الاولى للقيصر غلاديوس. بعدها شاعت عادة امتلاك جذور ايتروسكونية.
في الواقع كانت احدى اكثر ملكات روما نفوذا الايتروسكونية تانغويل Tanaquil. حسب المؤرخ الروماني ليفيوس انحدرت هذه الملكة عن عائلة متنفذة من مدينة Tarquinia. قدراتها النبوية العالية وعشقها لفن السياسة وذكائها ادى الى تمكين زوجها، Tarquinius Priscus, ومن ثم زوج ابنتها من الجلوس على عرش روما من عام 616 الى عام 535 قبل الميلاد. كانت هي التي اقنعت زوجها بالانتقال الى روما ليتمكن من العمل بين حاشية القيصر وبعد وفاة القيصر الجلوس على العرش. بعد زوجها ساعدت زوج ابنتها على الوصول الى العرش ليحكم بمساعدتها. في التاريخ يشار اليها بتعبير " المرأة التي تتحكم بكل شئ".
عند قياصرة روما ومؤرخيها اصبح الاهتمام بالتاريخ والثقافة الايتروسكية واسع. القيصر غلاديوس كتب مالايقل عن عشرات الكتب في هذا الموضوع ولكن لم يبقى ولا واحد منهم. مع الزمن عفى النسيان على هذه الحضارة ولم يعود الاهتمام اليها الا في القرن السابع عشر، عند العثور على اول المدافن التي تعود الى هذه الحضارة.
توجد العديد من النظريات حول الاصل الاثني الذي انحدرت عنه هذه الحضارة. إذا كانت هناك ثقافة لاتتناسب مع الثقافات الشائة في المنطقة بل وتتارض معها فلا بد انها جاءت من مكان اخر على الاغلب عن طريق البحر.
في نقش مصري فرعوني، عثر عليه في موقع دير المدينة، يسجل انتصارا لرمسيس الثالث على شعوب من البحر، بما فيهم من اطلقوا عليهم تسمية توشا Tursha. هؤلاء على الاغلب هم انفسهم الذي جرى ذكرهم في نقش مبكر لمرنبتاح اسمهم Teresh في حملة على ليبيا 1220 قبل الميلاد. ذلك على الاغلب قبل حرب طروادة بكثير. البعض ربط الاسم بأسم مدينة Taruisas, Troy. الاغريق انفسهم يطلقون عليهم تعبير تيرسينوي ولاحقا تيرهينوي. ولكن الايتروسكان انفسهم كانوا يسمون انفسهم راسينا يحتمل انها تحريف عن تراسينا
وقيل ان اول مستوطنة ايتروسكانية في ايطاليا كان يطلق عليها بيومبينا ومنها انتشروا. من اجل حل معضلة الاصل الاثني اجرت ايطاليا فحص للحمض النووي للعديد من الهياكل العظمية من مقابرهم، ليظهر انه لم يكن لهم علاقة جينية ببقية سكان ايطاليا. ولكن الدراسة اظهرت ايضا ان هناك علاقة جينية بين الايتروسكيين وسكان الاناضول. هذه النتائج تتطابق مع ماذكره المؤرخ الاغريقي Herodotus, والذي اشار الى ان الايتروسكيين انحدروا من منطقة ليديان وتقع في تركيا اليوم في محافظة ازمير ومانيسا.
*Etruscan civilization etrusci, tusci, tyrrhenoi,
| |
|