لن يخرج وسيفعل عكس مبارك.. العلويون ليسوا جزءا من الحل وكلما طال امد الحرب تصلب موقفهم
قال
لمسؤول في منظمة يهودية امريكية انه ان خرج فستذبح طائفته.. والتعهد بعدم
ضرب ايران وتطمينات حول الدرع الصاروخي قد تغير موقف روسيا
2012-06-17
لندن
ـ 'القدس العربي': سيطرت مسألة تعليق المراقبين الدوليين عملهم في سورية،
ومسألة تسليح المعارضة والنظام على النقاش، فالغرب يستخدم استمرار وصول
الاسلحة الروسية الى سورية كورقة للضغط على موسكو، وما زالت الاخيرة ترسل
رسائل متضاربة حول موقفها لكنها لم تغيره بعد.
في الوقت نفسه تتواصل
المعارك ويسقط الضحايا من المدنيين، وفي العشرة ايام الاخيرة وحدها زادات
وتيرة العنف بشكل غير مسبوق. وظل السوريون الذين سقط منهم حتى الآن ما
يقرب 15 الف قتيل يطالبون بالتدخل الخارجي كي ينهي نظام الاسد، ولكن
القضية السورية لم تعد حربا محلية بل حربا اهلية بالوكالة بين اطراف
اقليمية ودولية، فمن جهة ظلت روسيا على دعمها للنظام رغم الضغوط التي
تمارس عليها، ومن ناحية اخرى اكتفت امريكا وحلفاؤها في اوروبا بالتهديد
واستمرار فرض العقوبات، اضافة لغض الطرف عن عمليات تسليح المعارضة التي
تقوم بها دول عربية خاصة ان صحيفة 'ديلي تلغراف' كشفت عن لقاء مسؤولين في
الجيش الحر مع مسؤولين امريكيين لمناقشة السماح بشحنات من الاسلحة تتضمن
صواريخ.
لن يخرج طوعا
ولن تزيد هذه الاسلحة الا من اشتعال
الحرب الاهلية التي تتخذ بشكل متزايد شكل الحرب الطائفية، ومعها تتزايد
عزلة الرئيس السوري ونظامه الا من مثلث ايران ـ روسيا والصين الذي يراه
البعض اخر محورا يقف ضد الامبراطورية الامريكية. وبقاء الاسد وان ظل
مرتبطا بالتجادلات الدولية ومصالح الدول الاخرى فالكثيرون يرون انه حتى لو
تخلت عنه روسيا والصين فلن يتخلى عن السلطة ولن يخرج طوعا من البلاد
لخشيته على الطائفة التي ينتمي اليها.
فقد قال مالكوم هوينلين، نائب
مدير مؤتمر الرؤساء لكبرى الجمعيات اليهودية الامريكية ان فكرة الخروج من
سورية طرحت لكن الاسد رفضها، حيث قال له في اجتماع وجها لوجه استمر 3
ساعات انه ان خرج فطائفته ستذبح، حسبما نقلت عنه 'واشنطن بوست' فيما قال
ديفيد ليتش الاستاذ في جامعة ترينتي ومؤلف كتاب عن الرئيس السوري ان
الاخير مصمم على فعل عكس ما فعله حسني مبارك وهذا يعني القتال حتى النهاية
للدفاع عن الطائفة ولانه كما قال ونقلت عن رجل دين امريكي التقى الاسد
العام الماضي، يرى في الحفاظ على البلد او الحكم قدرا ومن اجل ذلك لا بد
من قطع رؤوس. ويضيف ليتش ان الاسد يرى مستقبل سورية مرتبطا به.
اين الطائفة
وفي
ضوء هذا لا تزال الاسئلة تطرح حول موقف الطائفة من الوضع الحالي،
فالتقارير في الاسابيع الماضية قالت انها منقسمة حول الوضع، والمجلس
الوطني السوري يقول انه حاول ارسال رسائل لقادة العلويين يطمئنهم فيها
ويؤكد لهم ان مصلحتهم ليست مع النظام. ويقول المجلس ان مشايخهم يلتزمون
بالصمت ويتساءلون عن المستقبل والى اين يقودهم بشار، ويضيف المجلس ان
رجالهم يريدون التعبير عن مواقفهم لكنهم بعيدون عن الاعلام. وبحسب علويين
في الخارج قالوا ان ما يخيف عائلاتهم في القرى والبلدات العلوية هو
الشبيحة الذين يقولون انهم من يرتكبون المجازر، ويقولون انهم لا يمثلون
الطائفة التي لا تدافع عن 'جرائم هؤلاء الوحوش'. ورغم كل ذلك لا تزال حتى
الآن تقف متماسكة وراء النظام لاسباب عدة منها انه لا يمكن الفصل بينها
وبين النظام.
ويقول تقرير نشرته صحيفة 'اوبزيرفر' البريطانية ان
الطائفة مصممة على الدفاع عن الاسد حتى النهاية، حيث يعترف دبلوماسيون ان
الطائفة العلوية في الوضع الحالي ليست جزءا. واشارت الصحيفة الى تصريحات
رفعت العيد احد الشخصيات العلوية في لبنان قوله ان ما يفكر به الغرب من
تحول الطائفة عن دعمها للنظام مجرد 'امان'، واضاف عيد قائلا ان
الدبلوماسيين الغربيين في بيروت يحضرون لزيارتهم واقناعهم بالتخلي عن
الاسد ويعودون 'خائبين' قائلا 'سنقاتل من اجل الاسد حتى النهاية'. وعليه
يرى التحقيق انه كلما طال امد الانتفاضة التي اندلعت منذ العام الماضي
كلما تمترست الطائفة الخائفة من المستقبل خلف النظام. وبحسب دبلوماسي
بريطاني في بيروت فان 'هذا على ما يبدو الخيار للقاعدة الصلبة للنظام من
بين العلويين'، مضيفا انه تم ارسال رسائل لهم من ان مستقبلهم ليس مع نظام
الاسد وعصابته، لكن من العدل القول ان الغالبية منهم يرون انهم مرتبطون
على نحو ثابت بعائلة الاسد، مشيرا الى ان مصالح الطائفة مرتبطة بمصير
النظام وهو الذي وضعها على الخريطة السياسية في البلاد بعد وصول حافظ
الاسد للسلطة عام 1970 ونجح في انشاء اقوى دولة بوليسية في الشرق الاوسط
زرع ابناء الطائفة في كل مؤسساتها خاصة العسكرية والامنية، واصبح من الصعب
التمييز بين النظام والطائفة، مما يعقد عملية الفصل بينهما في الظرف
الحالي، اضافة الى ان النظام يلعب على وتر التخويف من السنة الذين يمثلون
غالبية السكان هي استراتيجية النظام من اجل الابقاء على الطائفة خلفه.
ويشير
محللون ان النظام السوري اعتمد في نشأته على ابناء القرى الاميين في
غالبيتهم وابتعد عن النخبة المتعلمة في المدن، مما يعني تأكيد ولاء الطبقة
الريفية له، وحولها الى محور للدفاع عن النظام في ساعات الشدة.
هل يملك الاسد القرار؟
في
الماضي كان حافظ الاسد هو من يمسك بزمام كل الامور. وعند وفاته ووصول ابنه
بشار فانه وان ظل المسؤول الاول عن الدولة الامنية الا انه كان يواجه قوى
اخرى من الطائفة في دمشق والتي تدافع وتحافظ على سلطتها من مثل ماهر شقيق
الاسد، وآصف شوكت الذي نجا من محاولة اغتيال الشهر الماضي ورامي مخلوف حيث
يقول توفيق دنيا العضو العلوي في المجلس الوطني ان هذه الجماعة هي 'قاعدة
تأثير النظام'، مشيرا الى الطبيعة التراتبية في التواصل بين المؤسسة
والقاعدة الشعبية في قرى العلويين.
ومن هنا ظل الحديث يدور حول سلطة
بشار فيما ان كان اسيرا للقصر الجمهوري ام القائد العام، ويقول سياسي
لبناني ان الاسد لديه النزعة لخيانة اي شخص قريب منه اما لضعف في الاسد او
لانه واحد من الشلة، مرجحا الاخير. مع ان شخصية الاسد وتركيبته تقترح هذا،
والموقف نابع من تركيبة الاسد الشخصية التي تكونت تحت تأثير عائلته التي
كانت تنظر الى نفسها على انها مهددة وان هناك مؤامرة ضدها جعلته محكوما
بها. فتقرير 'واشنطن بوست' يقترح ان الاسد الف لعب دور الذي لا دور له في
العائلة، فلم يتم تحضيره لان يحكم، واستدعاه والده من لندن التي كان يدرس
فيها كي يؤمن استمرار العائلة بعد مقتل شقيقه باسل.
ادفعوا لروسيا الثمن
وبعيدا
عن سياق العائلة فمن سيقرر مصير الاسد هي التحالفات والمصالح الدولية،
فروسيا المصممة حتى الآن على عدم خسارة حليف، لا تريد ان تخدع كما خدعت من
قبل وتخلت عن نظام العقيد معمر القذافي. وعليه فلا يمكن فهم الموقف الروسي
من سورية والمنطقة بدون فصله عن مصالحها، ولكنه ايضا الموضوع متعلق
بالعلاقة مع امريكا.
وبعيدا عن النقد المتواصل للنظام الروسي تحت قيادة
فلاديمير بوتين الجديدة. فموسكو تشعر بالتهديد من نظام الدرع الصاروخي في
اوروبا، وتبحث عن عضوية في منظمة التجارة العالمية عندما تنضم اليها في
شهر آب (اغسطس) المقبل. وامريكا قادرة على تقديم عروض في كل هذا حسبما
يقترح وهذا ما يطرحه تحليل في صحيفة 'اندبندنت اون صندي' كتبه بول فالي
حيث قال ان على باراك اوباما ان يطرح هذا على بوتين عندما يلقاه اليوم في
المكسيك في اجتماع مجموعة دول العشرين. واكثر من هذا على امريكا ان تتعهد
بعدم اتخاذ عمل عسكري ضد ايران والقيام بضبط التصرفات الاسرائيلية تجاه
تهديداتها المتكررة لضرب المنشآت النووية الايرانية، ويرى الكاتب ان بوتين
رجل صعب ولكن التاريخ اثبت ان الصفقات مع رجال من امثاله هي التي تستمر.
صواريخ وقوارب
وفي
غياب هذا العرض فالادارة الامريكية تواصل اتهام موسكو بارسال اسلحة
لسورية، ففي الاسبوع الماضي اتهمت هيلاري كلينتون موسكو بارسال مروحيات
الى دمشق وليتبين بعد ذلك انها مروحيات كانت في طريقها للعودة بعد
صيانتها. ولا تزال روسيا مرتبطة بصفقة اسلحة لسورية حيث اكد مدير شركة
'روسبورن اكسبورت' وهي الشركة التي تقوم بادارة الصفقات الخارجية ان شركته
ارسلت لسورية صواريخ قال انها تستخدم للدفاع وهي اجهزة جيدة ويمكن
استخدامها للدفاع. وقال اناتولي ايسينك ان هذه الاسلحة ليست تهديدا ولكنها
تمثل رسالة لكل من يريد الهجوم ان يفكر مرتين. وكان المدير هذا قد اكد
الاسبوع الماضي ان روسيا لا ترسل الا اسلحة دفاعية للنظام السوري وانها
راجعت جدول المواد التي ترسلها. وترى صحيفة 'نيويورك تايمز' ان الاسلحة
وان كانت ليست متقدمة الا انها تزيد من كثافة غيوم الحرب الباردة، وسط
انباء تتحدث عن تحضيرات روسية لارسال قوارب تستخدم لعمليات الانزال وفرقة
صغيرة من جنود البحرية الى القاعدة العسكرية الروسية في مدينة طرطوس
لتعزيز الحماية لها.
رسائل سياسية
ونقلت الصحيفة عن الكسندر
غولتز المحلل العسكري المستقل قوله ان روسيا تستخدم هذه التصريحات كنوع من
الردع ورسالة الى من يريد الهجوم على انه سيتعرض لخسائر. واضافت الى ان
تعليقات ايسينك يمكن تفسيرها على انها تهديد للغرب ضد اي عمل عسكري كما
قام في ليبيا.
ولم يخف المسؤول الروسي التحدث عن طبيعة الاسلحة التي
ارسلت وهي صواريخ بانتسير ـ اس 1 الموجهة بالرادارات ونظام دبابات قادر
على ضرب الطائرات، وصواريخ باك ـ ام 2 القادرة على ضرب الطائرات على
ارتفاع 82 الف قدم، كما اشار الى من بين الاسلحة التي ارسلت صواريخ باستون
البعيدة المدى والمضادة للسفن الحربية والقادرة على ضرب الهدف من مسافة
180 ميلا. وعلى الرغم من كل هذه التصريحات التي صدرت عن المسؤول الروسي
الا ان المحللين تساءلوا عن قدرة النظام الدفاعي الروسي الذي ركبته في دول
الشرق الاوسط وقدرته على الصمود امام القوة العسكرية الغربية، ومن هنا فان
التصريحات هذه لا تحمل الا طابعا سياسيا، كما ان الدفاعات الجوية السورية
تظل ناقصة خاصة صواريخ اس ـ 300 ذات المدى البعيد.
وقلل محلل روسي من
قدرة سورية على الدفاع عن نفسها في حالة تدخل الناتو، مشيرا الى ان دمشق
لم تكن قادرة على الدفاع عن نفسها عام 2007 عندما هاجمت اسرائيل منشآتها
النووية، على الرغم من الميزانية السنوية (500 مليون دولار) التي تخصصها
سورية لشراء الاسلحة الروسية.