ربيع «النزعات الطائفية»بعد صدور «أصحاب الواحدة ـــ اليتيمات والمشهورات والمنسيات من الشعر
العربي» (دار الجمل)، يعكف محمد مظلوم على إنهاء كتابه «مراثي الزوجات»،
كما ينكب على مشروعٍ آخر يتمحور حول «الثقافة الطائفية».
سيرصد في هذا العمل مراحل نشوء المثقف الطائفي وازدهار خطابه التنابزي في
التراث العربي. إضافة إلى ذلك، فهو يعمل على مشروع موسوعي يهدف إلى الكشف
عن الشعراء الذين اغتيلوا أو تمت تصفيتهم لأسباب مختلفة وشتى في التراث
العربي، وقد تجاوز عددهم الخمسمائة شاعر حتى الآن!
لكن هل إنّ انهماك محمد مظلوم بالتراث في هذه اللحظة العاصفة والمفصلية
التي تشهدها المنطقة، قد أبعده عن صخب «الربيع العربي» وسجالاته
وانشغالاته؟ يجيب لـ«الأخبار»: «صراحة، لا أرى أي ربيع من حولي. ما أراه
هو دمٌ يجري كلَّ يوم، وبورصة محلية وإقليمية ودولية تهدف إلى استثمار ذلك
الدم، وقد غدا هذا الفصل فصلاً للخديعة والتوحُّش، فأضحى موسماً للحصاد
بمختلف مناجله وطواحينه. أرى أنّ الإنسان العربي هو ضحيَّة هذا الربيع».
ويستدرك موضحاً موقفه مما يجري قائلاً: «أعرف أن كلاماً مماثلاً سيجري
تنميطه وستتمُّ إحالته إلى غيتو «البرابرة» الذين دأبت الامبراطورية
الرومانية على توصيف معارضيها وعزلهم فيه، هذا ربيع للمتزاحمين على
السلطة، ربيع الصراع القديم بآليات جديدة، لكن في المقابل أين ربيعنا
الداخلي؟ أين ربيع العقل، وربيع الحياة المدنية؟ هذا «الربيع» ليس سوى نوع
من تجديد الاستبداد والصراع حول المنطقة.
كل مُشينات التاريخ العربي وشناعاته من نزعات طائفية والاستعداء على
الهوية، والحذف على الرأي، وعقلية المحو والتنابز، ستجدها في تمثيلها
الرمزي على صفحات ما يسمى مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة
الالكترونية، تلك الميادين الجديدة لبشائر هذا الربيع!».
يصمت قليلاً قبل أن يقول بنبرة عراقية ساخطة «الاستبداد في أنظمة الحكم في
جميع الدول العربية، بلا استثناء، هو شريكٌ أساسي في ذلك كله، هذه الأنظمة
هي التي وفَّرت البيئة الخصبة ليترعرع هذا الربيع الزائف، كما رعت جذوره
المتوحشة، عندما جعلت من «المواطن» المفترض عبداً قابلاً للشراء،
ومتطلّعاً للحرية بأيِّ ثمن، أو يبقى مزارعاً في حقولها، أو في أحسن
الأحوال زبوناً في دكاكينها».
خليل.