سوسية " ثـــــــــــــــــــــــــائــــــــــر "
عدد الرسائل : 315
الموقع : ساحة الحرية تعاليق : احب الحياة لانها حرة ومستعدة ان استشهد من اجلها لانها الحرية تاريخ التسجيل : 05/12/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 6
| | أشرف العناني: قصيدة النثر أنقذت الكتابة من مصير بائس | |
رف العناني: قصيدة النثر أنقذت الكتابة من مصير بائس | آخر تحديث:السبت ,02/06/2012
|
|
| القاهرة - “الخليج”: |
يعد أشرف العناني من أبرز شعراء سيناء في مصر، ينحاز في شعره إلى الإنسان في طموحه وأحلامه، وفي معاناته وأشواقه ولحظات عجزه أو تحققه، تلك اللحظات التي يدرك فيها الفرد الشعور بأنه يمتلك العالم أو يفتقده، وهي اللحظات التي يكون على استعداد للاستشهاد أو التضحية والتسامي والغضب العارم . . غضب الثورات أو الدفاع عما يملك أو يعتقد .
أصدر العناني ديوانين هما: “عزف منفرد”، “صحراء احتياطية”، هنا حوار معه:
“صحراء احتياطية” هو عنوان ديوانك الجديد . . فهل نحن بحاجة إلى المزيد من الصحاري بعد التصحر الذي أصاب حياتنا؟
ما تتحدث عنه هو الصورة الذهنية السلبية عن الصحراء وليست الصحراء التي أعرفها ويعرفها ناسها كملاذ أليف للروح، على الأقل روحي وروحهم التي تتعثر كلما خطت هناك على أرض المدن، أتمنى لو أتيحت لك الفرصة يوماً لترى صحراوياً يهبط مدينة للمرة الأولى، ترى مأساة خطوته المرتبكة وروحه الممسوسة بالفزع، تتكلم عن التصحر بينما أرى ويرى كثيرون غيري جوهر أزمة وجودنا الإنساني الآن في التمدن، في هذه المدنية المتوحشة التي تدهس بلا رحمة .
برأيك هل تقديم نصوص وتجارب من جغرافيات بكر وجديدة مثل سيناء مشروط بمتخيلات ترفد حياتها وأشكال تعبيرها من الجبل والصحراء والبادية؟
لنتفق أولاً على أن الإبداع الإنساني ليس مشروطاً بصورة واحدة للمكان، صورة المكان في الذاكرة الإبداعية متعددة، لا تتناسخ إذا أخذت في الاعتبار زاوية الرؤية، العين التي ترى في هذا الحجر السبب الواضح لعثرة غير العين التي تراه ذريعة للحنين، نعم قد يؤثر فيّ المكان الذي أتنفس فيه بدرجة أو بأخرى لكنه لا يستعبدني، أما عن سيناء فما هو متداول عنها ليس فقط ناقصاً لكنه أيضاً يثير الشفقة، سيناء ليست مساحة خالية من الرمل والحصى، والجبال بها مجموعة من البدو الرحل يسكنون الخيام تحرسهم قامات النخيل العالية، سيناء مكان متعدد، نعم به صحراء لكن أيضا به بحر أعلاه، بحر أسفله، به مدن كبيرة كالعريش والطور والشيخ زويد ورفح وبئر العبد، نعم هي مدن محروسة بالبطء، بالإيقاع الناعس لكنها موجودة هناك وتوفر صورة أظنها كافية عن الحياة المدنية، هذه المدن يسكنها بشر لم يهبطوا من المريخ ولا يحملون عيناً ثالثة في منتصف الجبهة .
هل الوعي بالمكان ضروري في بناء الشعر والشعرية؟
الوعي بالمكان شرط أساسي لوجود الكائن البشري بشكل عام، أن تعيش وتتحرك في الحياة بيسر لا بد أن تكون على دراية بالمجال الحيوي، الذي تتحرك فيه والذي يحتل المكان فيه موضع القلب، هذا عن الإنسان العادي فما بالك بالمبدع الذي يملك حواساً أكثر قدرة على البصيرة بالتفاصيل وتفاصيل التفاصيل .
برأيك . . هل القصيدة ما زالت مطلوبة للتعبير عن الجماعة والانخراط في تناقضاتها؟
القصيدة هي الأرض الوحيدة التي يتحرك عليها الشاعر فراراً من عطب اللحظات، القصيدة ليست فعلاً ميكانيكياً له أهدافه الاجتماعية أو السياسية، الذات في مواجهة العالم تلك هي إشكالية القصيدة منذ امرئ القيس حتى الآن، الإبداع الأدبي خصوصاً الشعري منه هو فعل فردي مركزه الذات الشاعرة، أنا أكتب استجابة لأسئلة وجودي أنا في المقام الأول والأخير، قصيدتي هي ألمي، فرحي العابر، حسرة أو حسرتان على الورق، قد يتماس هذا مع الجماعة لكنه لا ينطلق من عطشها لغناء يندفع بلا بصيرة لترسيخ قيمها، لذا لا تتعجب عندما ترى القامات الشعرية الإنسانية الكبيرة كانت في خلاف دائم مع جماعتها، امرؤ القيس كان صعلوكاً وكثير من النصوص الشعرية البديعة في تاريخ شعرنا العربي كانت لشعراء صعاليك خارجين عن الجماعة .
يطرح الديوان قضية “الشعر صيرورة مفتوحة على المستقبل” ما ملامح هذه الصيرورة؟ وما هواجسها الشعرية والإنسانية؟
تتكلم عن الشعر والمستقبل، حسناً سأحدثك هنا عن البصيرة، عدسة الشاعر الصافية التي لا تتوقف عند سطح وجودنا بل تتجول هناك في الأعماق، في الجوهر، هناك حيث تتوالد العناصر الأولى التي يراها الشاعر رأي العين، في الرصد النقدي للتحولات الإنسانية خصوصاً في العصر الحديث كان الفن في طليعة هذه التحولات التي تحركت نحو المستقبل، وظل الشعر في مركزها، تخيل الدور غير المحدود لحركة الشعراء السورياليين في أوروبا لتشكيل الحداثة وما بعدها، تلك الحداثة التي بدأت شعرية وفنية ثم أصابت بالعدوى كل مجالات التفكير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، أعرف أنك ستقول: “لكن الواقع في عالمنا العربي مختلف”، أتفق معك، بل أظن أنه ليس من التشاؤم أن أقول إن حالة البرج الزجاجي ليس عاجياً هذا القابل للتهشم العالي قد تستمر طويلاً بين شاعر يظن أن واجبه يحتم عليه أن يظل مخلصاً للحظته الإنسانية المستقبلية على الأخص وبين جماعة تعاني أغلبيتها الأمية الشعرية .
هل قصيدة النثر هي الأرض الموعودة للشعراء على اختلاف حساسياتهم الجمالية؟
الحديث عن قصيدة النثر يستدعي حواراً خاصاً، لكن على كل حال أستطيع من دون مجازفة أن أقول مطمئناً إن قصيدة النثر العربية هي وحدها من أنقذت الكتابة العربية أنقذت كتابتي أنا أيضاً من مصير بائس كان ينتظرها، تخيل طائراً يطير وهو يحمل عشه الثقيل فوق ظهره، إلى أي حد سيصمد قبل أن يقع هو وعشه!! أي مسافة سيقطع؟ هكذا كان حال الكتابة العربية، وحدها قصيدة النثر غامرت، رمت العش من فوق ظهرها، ارتبكت كثيراً، اضطرب جناحاها، لكنها واصلت وتواصل ممارسة حريتها في الطيران وحفزت الأشكال الأخرى من الكتابة للدخول في مغامرة الطيران من دون عش فوق ظهرها .
بماذا تتحقق الشعرية انطلاقا من تصوراتك النظرية والجمالية؟
القدرة على الخيال هي في ظني العامل الحاسم في الشعرية، أن تنطلق كل مرة من حقيقة أنك لا تعرف شيئاً، نعم أنا لا أعرف ولا أملك سوى القدرة على صياغة السؤال، علامة الاستفهام هي رفيقة نصي الشعري، أنثاه التي تلتف صوره ورؤاه حول خصرها من دون ملل، كثيراً من المرات أضبط نفسي مفتوناً بسلوك طفلي الصغير لؤي الذي لم يجاوز السنتين سوى بشهور في علاقته بالأشياء من حوله، هذا الولع الذي لا ينقطع لتفكيكها، بالسؤال الذي يتحول إلى سلوك عن ماهيتها، تدميرها إذا لزم الأمر، إعادة صياغة علاقته بها، حسنا معظم من وقعوا في الفخ هم من ظنوا أن الشعرية تجلس هناك هادئة في شكل النص الشعري، خاضوا معارك لا طائل منها حول الشعر كلام موزون مقفى إلخ، في المقابل هناك نصوص النفري التي وتبعاً لورطة “كلام موزون مقفى” لم يصنفوها على أنها شعر لكن أحداً منهم لم يجرؤ على نفي شاعريتها .
يقول أشرف العناني:
لست مع هؤلاء الذين أطالوا الحديث عن أن ثورة يناير حدث أكبر من أن يحتويه نص أدبي أو فني، ثورة يناير نعم حدث هائل لكنه في النهاية حدث إنساني ملهم وقابل للرصد وشروط الكتابة عنه غير مستحيلة، في الوقت ذاته لست مع تلك الآلية المبتذلة للكتابة، تلك التي تنتج نصاً أقصى طموحه أن يكون صاحبه موجوداً في قلب الحدث، عن يمينه أو يساره، أعظم ما فعلته ثورة يناير في ظني أنها فجرت أسئلة غير مسبوقة، علامات استفهام من الحجم الهائل، المخيف أيضاً والمثير لشهية الكتابة، لكن الأكثر فداحة في كل هذا أن كثيرين ممن لا يملكون البصيرة الكافية تكلموا عن تلك الأسئلة بوصفها إجابات، وهذا ما يعمق مأساة الثورة ويعمق أزمتها .
|
| |
|