كنتُ استمعُ للموسيقى
واكتبُ
كنتُ أصغي لأوراقِ الخريف
واكتبُ
كنتُ اشربُ شروق الشمسِ وغروبها
واكتبُ
كنتُ أهذي… ثمَّ أهذي
وأهذي
طرباً لغيمةٍ تداعبُ كتفَ السماء
واكتبُ
كنت أرى الترابَ ينتشي عشباً أخضرَ
واكتبُ
كنتُ اتركُ للريحِ مخيلتي
واكتبُ
كنتُ أسكرُ من اللوحاتِ والألوان
وأكتبُ
كنتُ استنشقُ الرحيقَ من الزهور والحجارة القديمة
واكتبُ
كنت في قوقعتي أشدُّ النبالَ إلى النبال
حاملاً قلبي بيدي اشحذهُ على مسنٍّ خشنٍ نصبه أجدادي على جبلٍ بعيدٍ
وكنت اجمع برادة قلبي المتناثرة وأرصفها حروفاً و كلماتْ
واكتبُ
كنتُ اكتبُ و اكتبُ و اكتبُ كلمَّا حزَّ في الروح نصلُ الكشف والتجلي
واكتبُ
كنتُ أطفئُ الحريق بالحريق
واكتبُ
كنتُ أداوي الكمدَ بالكمدْ
واكتبُ
كنتُ امسحُ دموعي بدمائي
واكتبُ
كنتُ اكتبُ واكتبُ وأبكي
أبكي…
حتى تراءى لي ما ليس لي
معتمراً جسدي متهدجاً بنبضي
وأَبدَلني كلَّ ما كان لي
كأفعى تنزعُ جلدها القديم
أَبدَلني
أَبدَلني
اسمي ورسمي وجسمي
وحتى الأظافر والأطراف
أبدَلني
*** توجسّتُ…
توجسّتُ
ودارت بي الدنيا و درتُ بها
أأنا… هو أنا
أم أنا أصبحَ غيري
وغيري صار أنا
ونالني ما نالني
من تعبٍ وعتبٍ وهتكٍ وفتكٍ وملامةٍ وقسوةٍ
وتعقلٍ وسفاهةٍ ونبعٍ وحشدٍ ونشرٍ وسمحٍ
ومن سترٍ وكشفٍ
ومن قربٍ وبعدٍ
ومن صدٍ وردٍ
*** كنتُ على قمم الجبال..
كنتُ في جنة الخيال..
كنتُ في السماء وما فوق السماء.
فأين أنا الآن؟
وكيف لي أن أصفَ ما لا يوصف؟
كيف لي أن أقولَ ما لا يقال؟
ومن أنا؟
لأصفَ لكم ما تراءى لي
وهل الكلماتُ تسعفني؟
الجملُ والاستعارةُ والتشبيهُ والمجازُ والرمزُ والصورُ
تسعفني؟
***يهبطُ عليَّ.. فأتلقاهُ
اهبطُ عليه.. فينزاح
ابتغيه… فلا يأتي
ويأتي بلا ابتغاءٍ
أرصدهُ دهوراً… فلا أراه
ويراني بلا رصدٍ
أخاطبهُ… فلا يسمعني
واسمعهُ بلا خطاب
أو حجاب
أحسنُ إليه
فيصدني
ويُحسنُ إلي
فأنخطفُ
ويجولُ في دمي كالبرق
فانتحرُ
ثمَّ أعودُ
فانتحرُ
ثمَّ أعودُ
فانتحرُ
ثمَّ أنام…
وما أنا بنائم
ويحسدني…
الحاسدُ والمحسودُ
والعابدُ والمعبودُ
والمحبُ والمحبوب
والتابعُ والمتبوع
والراصدُ والمرصود
الناسخُ والمنسوخ
والقاتلُ والمقتول
فأنتفضُ.. وأنتفضُ.. وأنتفضْ
ثمَّ احترقُ..
واحترقُ… واحترقْ
ثمَّ أنطفئُ… وأنطفئُ… وأنطفئْ.
الأحد أبريل 04, 2010 4:16 pm من طرف هشام مزيان