** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

  التباس المفاهيم واختلالها (مفهوم التوازن في الفكر والممارسة)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
هشام مزيان
المشرف العام
المشرف العام
هشام مزيان


التوقيع : 	التباس المفاهيم واختلالها (مفهوم التوازن في الفكر والممارسة)  Democracy

عدد الرسائل : 1762

الموقع : في قلب كل الاحبة
تعاليق : للعقل منهج واحد هو التعايش
تاريخ التسجيل : 09/02/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 25

	التباس المفاهيم واختلالها (مفهوم التوازن في الفكر والممارسة)  Empty
08062012
مُساهمة التباس المفاهيم واختلالها (مفهوم التوازن في الفكر والممارسة)

اللغة
هي وسيلة التعبير عما يشعر به الإنسان في داخله، وبما يريد أن يعبر عنه
لإنسان آخر، وذلك عند شعوره بالحاجة إلى غيره، وهي ظاهرة اجتماعية وجودها
مرتبط بوجود الإنسان، ولها دور في إظهار المعاني الكامنة في الذات، ووضع
سمات الأشياء من خلال الألفاظ.


واللغة:
هي مجموعة الصور والمفاهيم المخزونة في نفوس أفراد الجماعة اللغوية، وتعبر
عنها عن طريق الألفاظ أو الكلام، وذلك هو الفعل الخارجي الذي يقوم به
الإنسان.


فهناك
صلة بين اللغة -المتمثلة في الألفاظ- والفكر -المتمثل في المفاهيم- وقد
بحث العرب قديمًا العلاقة بين اللغة والفكر من خلال تحليل الوظيفة
الرئيسية للغة، وهي التبليغ عن الفكر، فالمتكلم يعبر عن ذات باطنية هي
الفكر، فلا لغة بدون فكر، ولا فكر بدون لغة، فاللغة مصباح الفكر، والفكر
باعث اللغة.


ولم
يوضع اللفظ للدلالة على حقيقة الواقع، ولا على الحكم عليه، بل وضع للتعبير
عما في الذهن من مفاهيم، سواء كانت تطابق الواقع أو تخالفه؛ لأنَّ إطلاق
اللفظ دائر مع المعاني الذهنية دون الخارجية.


وقد
وضع مفكرو الإسلام ألفاظًا للدلالة على معان معينة فكان اللفظ هو الدال
على المعنى، وكان المعنى هو المدلول عليه باللفظ، إلاَّ أنه في أحيان
كثيرة يحدث خلط والتباس واختلال عند تطبيق المعنى أو المفهوم على الواقع،
وذلك راجع إلى أمرين:


الأمر الأول: اختلال بسبب سوء فهم المعنى نتيجة التباس المفاهيم واختلالها.

الأمر الثاني: اختلال بسبب محاولة إيجاد نوع من التوازن بين العلم والعمل، أو النظر والتطبيق، أو الفكر والممارسة.

وفي هذه الدراسة الموجزة سنحاول عرض بعض من هذه النماذج في تاريخ الفكر الإسلامي.

أولاً: التباس المفاهيم واختلالها

قبل
أن نعرض نماذج من هذا الاختلال والالتباس، نجد أن من الواجب علينا تحديد
معنى المصطلحات المستخدمة، حتى لا نقع فيما نحذر منه، وهو الالتباس
والاختلال، وهذه المصطلحات هي: المفاهيم. الالتباس. الاختلال.


1- المفاهـيم

المفاهيم
جمع مفهوم، والأصل اللغوي لهذا المصطلح (ف - هـ- م) لم يرد على غير هذا
الترتيب لعناصره الصوتية في لغة العرب، وهذه المادة في جميع اشتقاقاتها
الصغرى تعطي العلم والمعرفة القلبية(1)، فلا تدخل فيه صور المعرفة الحسية،
وهذا ما عبّر عنه إخوان الصفا اصطلاحيًا في رسائلهم في فصل عنوانه (في
المعاني) إذ قالوا: (وأصل المعاني أنها المقالات المدلول بصحتها في
الإخبار بها عن معرفة حقائقها ومقاصد طرائقها، وحد المعنى هو كل كلمة دلت
على حقيقة)(2).


فالمفاهيم
هي المعاني التي في الذات، أي الفكر الداخلي، وحسب ابن حزم تكون اللغة
معبّرة عن المعاني، أو هي ألفاظ يعبّر بها عن المعاني، بالإضافة إلى أنها
الوسيلة الوحيدة لتبادل الآراء والأفكار. واللغة عنده توقيفية من الله
تعالى فهو من حدد مفاهيمها، أو كما يقول (الله تعالى خالق اللغة وأهلها
فهو أملك بتصريفها وإيقاع أسمائها على ما يشاء)(3)، وأكد هذا المعنى في
كتابه (التقريب لحد المنطق) إذ قال: أرسل الله تعالى رسلاً بلغات شتى،
والمراد بها معنى واحدًا، فصح الغرض إنما هو التفاهم.


والمفهوم
مصطلح مقابل لمصطلح المنطوق، فالمفهوم ما دل عليه لا في محل النطق،
والمفاهيم هي مجموع الصفات والخصائص الموضحة لمعنى كلي أو فكرة عامة. وهو
عند المنطقيين ما حصل في العقل، سواء أحصل فيه بالقوة أم بالفعل.


والمفهوم
والمعنى متحدان بالذات، فإن كلاً منهما هو الصورة الحاصلة في العقل، وهما
مختلفان باعتبار القصد والحصول. فمن حيث إن الصورة مقصودة باللفظ سميت
معنى، ومن حيث إنها تحصل في العقل سميت بالمفهوم(4).


فالمفهوم
هو الصورة الذهنية، سواء وُضعت بإزائها الألفاظ أو لا، كما أن المعنى هو
الصورة الذهنية من حيث وُضعت بإزائها الألفاظ. ولذا يُعرِّف (أبو البقاء
الكفوي) الفهم بأنه (تصور الشيء من لفظ المخاطب، والإفهام إيصال المعنى
باللفظ إلى فهم السامع)(5). وكل لفظ يجري بين الناس في محاوراتهم له معنى
في ذهن قائله ليس بالضرورة هو المفهوم الذي أُثير في ذهن سامعه.


ويختلف
المفهوم عن الاصطلاح، فالاصطلاح لابد أن يتفق عليه قوم معينون في أي فن أو
علم، أما المفهوم فهو الصورة التي تقع في ذهن الإنسان حول أي قضية أو لفظ
بصورة عامة. وقد حدث خلط والتباس بين مفكري الإسلام حول كثير من الألفاظ،
حيث ثارت مشكلات حولها، مثل اختلافهم حول معنى الإيمان والإسلام،
واختلافهم حول فهم النص الديني واختلافهم حول تصور العقائد الدينية. وقد
نجم عن هذا الاختلاف التباسا حول المفاهيم المستخدمة في معارفهم.


2- الالتباس والاختلال:

الالتباس: هو الإشكال والشبهة وعدم الوضوح. لبس عليه الأمر: اختلط واشتبه بغيره، فقد جاء في قوله -تعالى-: ﴿وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ(البقرة:42)، وقوله -تعالى-: ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ(النساء: 46) وقد نزلت هذه الآية في اليهود الذين أنكروا الكتب وكفروا حتى بالتوراة التي جاءهم بها موسى u
وحرفوها وبدلوها. وكانوا يظهرون من التوراة ما يوافق أهواءهم، ويخفون منها
ما يتعارض مع أطماعهم. وهكذا كفروا بالكتب المُنزلة، وضيعوا التوراة
وبدلوها وحرّفوها(6)
.


ومصدر
التبس: التباس، وفحواه عدم التمييز بين شيئين مختلفين، واعتبارهما شيئاً
واحدًا، حيث يصعب التمييز آنذاك بينهما. والأمر إما أن يلتبس على المدرك،
وإما أن يكون ملتبسًا بنفسه لاختلاط عناصره بعضها ببعض، فإذا نشأ الالتباس
عن اختلاط العناصر كان التباسا حقيقيًا، وإذا نشأ عن عجز الذهن عن التمييز
بين العناصر كان التباسا ذهنيًا.


والملتبس
هو الأمر المبهم الذي لا نعرف له وجهًا، والملتبس مقابل للمتميز، أي
ما لا يختلط بغيره. والفكرة الملتبسة هي الفكرة التي لا يدرك الذهن
مضمونها إدراكًا بينًا. أما الفكرة المتميزة هي التي يبلغ من تحديدها
واختلافها عن غيرها أنها لا تتضمن في ذاتها إلاَّ ما يبدو بجلاء ووضوح لمن
ينظر فيها كما ينبغي(7).


وقد
يسمى الالتباس خلطًا أو اختلالاً، وخلط الشيء بالشيء هو ضمه إليه ومزجه
به، واعتبارهما شيئاً واحدًا، فالالتباس مساوٍ للاختلاط والاختلال.


وسنعرض نموذجين من الفكر الإسلامي للتدليل على اختلال المفاهيم والتباسها بين المفكرين، لنعرف سبب هذا الالتباس ومظاهره:

النموذج الأول: الاختلاف حول فهم النص الديني

نشأ
هذا الاختلاف منذ صدر الإسلام الأول، ولم يكن اختلاف الصحابة، ثم اختلاف
من جاء بعدهم في كون القرآن قطعي الثبوت، ولكن الخلاف كان في دلالات بعض
ألفاظ آياته الكريمة، وفي فهم النصوص، وفي الإشكال في اللفظ المشترك،
والأسلوب، وفي المحكم والمتشابه.


- اختلاف القراءات المتواترة: اختلاف القراءات هو اختلاف اللهجات ومنطوقها، وقد أقر النبي e قراءات الصحابة. وقد اتفق الفقهاء على صحة القراءات المتواترة السبعة.

وقد
أخبر الرسول بالحديث الموثوق به أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وأذن بقراءة
ما تيسر من ذلك(8). وقد وضح العلماء بما لا مزيد عليه فوائد تعدد
القراءات، وليس أقل هذه الفوائد أنه ناحية من نواحي الإعجاز الذي اختص به
القرآن، لأنه بتعدد قراءاته كأنه عدة كتب مُنزلة لا كتاب واحد، لا سيما
إذا كان في كثير من هذه القراءات -إن لم يكن أكثرها- ثروة جديدة في تشريع،
أو حكمة، أو نحو ذلك(9).


ومهما
كان للقراءات المختلفة من أهمية، فلم يبلغ ذلك بحال مبلغ التضاد أو
التناقض، وقد حصر العلماء أنواع الاختلاف فلم تزد على ثلاثة أحوال:


- اختلاف اللفظ والمعنى واحد.

- اختلافهما جميعًا مع جواز اجتماعهما في شيء واحد.

- اختلافهما جميعًا مع امتناع جواز اجتماعهما في شيء واحد، بل يتفقان من وجه آخر لا يقتضي التضاد.

- الاختلاف في فهم النص:
فقد يرد نص من كتاب أو سُنَّة فيختلف الصحابة، ومن ثم الفقهاء-حسب المدارس
الفقهية- وعلماء الكلام -حسب مناهجهم واتجاهاتهم- في المراد من النص
الديني، فيذهب كلٌ في تفسيره نحو ما يراه منسجمًا مع روح الشريعة ومقاصدها
في جلب المنفعة للناس والتيسير عليهم، ووجدنا كل طائفة من طوائف علماء
الكلام تستخدم النص الديني وتوظفه وفق منهجها معتمدة في ذلك على المحكم
والمتشابه، محاولةً تأويل المتشابه بما يتفق مع مذهبها واتجاهها.


- الاختلاف بسبب الإشكال:
والمشكل هو: ما اشتبه معناه من حيث اللغة، وخفي مراده -أي الحكم الشرعي-
فأُشكل على السامع طريق الوصول إلى المعاني لدقة المعنى، أي كان في نفسه
اشتباه.


وسبب
الإشكال والغموض في المشكل هو كون اللفظ مشتركًا بين معنيين وأكثر من غير
أن يدل اللفظ بذاته على معنى معين، وهذا الإشكال يتضمن الإشكال في اللفظ
المشترك، وهو ما وُضع لمعنيين أو أكثر في أصل الوضع اللغوي، بوضع متعدد،
بل على وضع له على سبيل البدل(10).


الإشكال
في الأسلوب: وهو الإشكال الذي حمل بعض العلماء على الاجتهاد في بعض النصوص
للتوصل إلى مراد الشارع بما ينسجم مع القواعد الشرعية العامة لمعرفة حكمة
الشارع من النص(11).


وعلى
ضوء هذه الاختلافات حول النص الديني ظهرت تفاسير متعددة للقرآن وللنص
الواحد. بل حاول كل اتجاه أن يفهم من النص ما يتفق مع علمه، وواقعه،
واحتياجاته. وربما لم يكن هذا عيبًا، بل أمرًا مطلوبًا، ليس على الإطلاق،
ولكنه مطلوب بشكل ما، لكي يُفهم القرآن في كل عصر فهمًا يساير تغير الزمان
والمكان، بشرط ألا ينفي ثابتًا، ولا يبدل حكمًا قطعيًا. وقد حدث هذا
قديمًا عندما حاولت بعض الاتجاهات الفكرية تأويل النص الديني بما يوافق
اعتقاداتها.


النموذج الثاني: تعدد التأويلات حول النص الديني:

إن
في لغة العرب ما يفهم الكلام منه بمجرد سماعه، وفيه ما يترك السامع في
حاجة إلى التدبر، وإعمال العقل والروية في فهم مراده. ولم يكن في استطاعة
كل عربي أن يفهم النصوص المقدسة
-جملةً
وتفصيلاً- بمجرد سماعها، وتلك مسألة طبيعية نتيجة تفاوت الرُقي العقلي بين
الناس، ووفقًا للمستوى المعرفي لكل شخص، وتبعًا لصعوبة فهم بعض النصوص.
ومن هنا لجأ بعض مفكري الإسلام إلى التأويل لإيضاح معاني النصوص التي
يكتنفها الغموض، ويصعب على الكثيرين فهم مرادها. وقد أشار الغزالي إلى سبب
ظهور التأويل عندما وجد المفكرون (بين المعقول والمنقول تصادمًا في أول
النظر وظاهر الفكر)(12).


والتأويل
هو نقل ظاهر اللفظ إلى ما يحتاج في إثباته إلى دليل، أو بمعنى آخر صرف
اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى آخر يحتمله. وقد تكررت كلمة التأويل في
القرآن في أكثر من سورة، بل تكررت في السورة الواحدة أكثر من مرة أحيانًا،
واستعمل المفسرون التأويل في معنى التفسير والبيان. والتأويل هو إخبار عن
حقيقة المراد من الآية، ويشير الراغب الأصفهاني إلى أن التفسير أعم من
التأويل، وأكثر ما يستعمل في الألفاظ. أما التأويل فأكثر ما يُستعمل في
المعاني(13).


وهذا
ما أكده أيضًا الزركشي عندما رأى أن التفسير هو بيان لفظ لا يحتمل إلاَّ
وجهًا واحدًا، والقطع بأن المراد باللفظ هذا. أما التأويل فمعناه في الأصل
التفسير والشرح، ولكنه تطور وأصبح هو ترجيح أحد محتملات اللفظ، والتأويل
يخضع النص الديني لأهواء وميول المؤول الذاتية والمذهبية خدمة لأغراض
شخصية أو اتجاهات عقـدية، وهـذا من شأنه أن يجعل التأويل تأويلاً فاسدًا
ومحظورًا؛ (لأنَّه مخالف للكتاب والسُنَّة)(14).


ومن هنا كان المتأول مطالب بشرطين:

الأول: أن يبين احتمال اللفظ للمعنى الذي دعاه.

الثاني: أن يوضح الدليل الذي أوجب صرف اللفظ عن معناه الظاهر.

وباستعراض
الاتجاهات الفكرية الإسلامية، وجدناها في أحيان كثيرة تغالي وتسرف في
تأويل النصوص، وبخاصةً عند الفرق الدينية التي استخدمته في خدمة أغراضها
المذهبية والسياسية. وسار التأويل عندهم في اتجاهين متضادين(15):


الاتجاه الأول:
إيجابي، تمثل في محاولة التوفيق بين حقائق دينية وآراء فلسفية لدرء
التعارض بين النصوص التي تحتاج إلى إيضاح وتقريب معانيها من الأفهام، خاصة
أن بعض النصوص -إذا أخذناها على ظاهرها- قد تحتمل التناقض أمام العقل.


الاتجاه الثاني:
سلبي، تمثل في محاولات الفرق الدينية تقديم تأويلات لم تكن بعيدة عن
الوقوع في كثير من الأخطاء، الأمر الذي أدى إلى تفريق المسلمين شيعًا
وأحزابًا، عندما انقسموا أمام التأويل إلى فرق شتى بين إفراط وتفريط وتوسط.


وقد
أدرك ابن رشد خطورة الدور الذي لعبه التأويل حين رأى اضطراب الناس أمام
فهم النص الديني، مِمَّا أدى إلى ظهور فرق منحرفة. وقد عبّر عن هذا
قائلاً: (ولما تسلط التأويل في هذه الشريعة من لم تتميز له هذه المواضع،
ولا تميز له الصنف من الناس الذي يجوز التأويل في حقهم، اضطرب الأمر فيها،
وحدث فيهم فرق متباينة يُكفِّر بعضهم بعضًا، وهذا كله جهل بمقصد الشرع
وتعدي عليه)(16).


فإذا
نظرنا إلى بعض النظريات الكلامية ودرسناها على أسس نقدية لا على أسس
جدلية، بل على أساس التحليل اللغوي للمصطلحات الأساسية في النظريات حينًا،
أو تطبيق أصول المنطق على قضاياها حينًا آخر، كشف لنا التحليل اللغوي لبعض
الألفاظ عن زيف استخدامها، بمعنى أن استخدام للفظ لغويًا غير مشروع، ومن
ثم لا يوجد مبرر لإطالة الجدل حول مدى مشروعيتها؛ أو على أساس أن نزن
القضايا الرئيسية في هذه النظريات بمعايير المنطق التي لا تسمح بأدنى
خلاف، فإن خالفتها فإنه يجب استبعادها، إذ لا يصح أن نعتقد بما يخالف أبسط
قواعد المنطق، ومن هنا كان علينا (ألا نقبل شيئاً ما على أنه حق إلاَّ إن
سمحت بذلك أصول اللغة وقواعد المنطق)(17).


ومن
هنا أيضًا كان اللبس والاختلال في فهم معاني النص الديني الذي وقع فيه
مفكرو الإسلام. وأحدث هذا التفاوت والصراع بين الفرق والاتجاهات ثراءً
للنص ومنحه قراءات متعددة، ومفاهيم متطورة، ولكن كان له في عين الوقت، بعض
السلبيات عندما سعى كل اتجاه إلى تكفير الاتجاهات الأخرى التي تخالفه في
الفهم.


الأمر الثاني: التوازن بين الفكر والممارسة

هذا
الأمر يتعلق بمحاولة فهم الألفاظ وتطوير معانيها لكي تتلاءم مع الواقع
وتناسبه عندما يتغير هذا الواقع، ويحتاج إلى تطوير المفهوم لكي يتناسب مع
الظروف المستجدة.


وحاسة
التوازن هي الحاسة التي تحمي الإنسان من الوقوع في الزلل والخطأ، فإذا
اختلت هذه الحاسة اضطرب الإنسان، وفسدت أحواله. وللإنسان حرية إحداث توازن
بين أفكاره وواقعه، ويمارس هذه الحرية عندما تنقسم الأسباب المؤثرة في
الإرادة إلى جملتين متعارضتين ومتساويتين بينهما توازن تام، ولكن الإنسان
يستطيع
-بالرغم
من توازن هاتين الجملتين- أن يختار إحداهما، ولولا اتصافه بالحرية لما
استطاع أن يختار شيئا، بل لظل مترددًا بين جهتي السلب والإيجاب لا يفعل
شيئا(18).


إن
تاريخ الفكر الإسلامي مملوء بمثل هذه الموازنات، التي حاول فيها المفكرون
إيجاد المواءمة بين أفكارهم وواقعهم. ودراسة هذا التاريخ تقتضي الإلمام
بناحيتين رئيسيتين بينهما علاقة وثيقة، وبينهما تأثير متبادل: أعني ناحية
الأفكار، وناحية العوامل ذات الصبغة التاريخية بمعناها الخاص.


ويستلزم
هذا أيضًا ضرورة الاجتهاد في تفسير الأحداث، وسبر مجراها بالرجوع إلى
المشكلات التي سبقتها، والمؤثرات التي صاحبتها، لمعرفة طبيعة التيارات،
والظروف، والأفكار، والمواقف، والأحوال النفسية التي أحاطت بالمفكرين،
وأدى إلى تطوير أفكارهم لتلائم الواقع الجديد(19).


وسوف
نعرض هنا نموذجين لهذا التوازن الذي قدمه مفكرو الإسلام، عندما غيّروا
أفكارهم، بل وأحيانًا مبادئهم لتتوافق مع الواقع الجديد، حتى انتهوا إلى
إحداث توازن بين الفكر والممارسة.


النموذج الأول: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

يتفق
المسلمون جميعًا على مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأنَّ الغرض
منه أن لا يضيع المعروف ولا يقع المنكر، إلاَّ أنهم اختلفوا أولاً في
تصوره ثم اختلفوا ثانيًا في كيفية ممارسته.


-
فذهب الصحابة والتابعون -ومن تابعهم من أهل السنة وأصحاب الحديث- إلى أن
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون بمجرد الإنكار القلبي، ثم القول
باللسان، ولم يبيحوا استخدام القوة فيه. وجرى الإمامية على منع استخدام
القوة إلاَّ لحماية الإمام العادل الشرعي إذا قام عليه فاسق.


-
وذهب فريق آخر من الصحابة، وجميع المعتزلة وبعض الخوارج والزيدية إلى وجوب
استعمال القوة إذا لم يمكن دفع المنكر إلاَّ بها، ويفرضون ذلك على الآخرين
إذا كانوا عصبة يحسون من أنفسهم القدرة على دفع المنكر، وإلا كانوا غير
ملزمين به، بل إنهم وضعوا شروطًا للقيام بهذا الأمر، تراعي الواقع العملي
للآمِر بالمعروف والناهي عن المنكـر.


-
وهناك من توسع في استعمال القوة، فمال كثير من الخوارج وابن حزم إلى وجوب
استخدام القوة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى ولو كان أهل
الحق قلّة(20).


واعتمد المسلمون في فهم هذا المبدأ وتقريره على ما جاء في الذكر الحكيم ﴿وَإِنْ
طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا
فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي
حَتَّى تَفِيءَ إلى أَمْرِ اللَّهِ﴾(الحجرات:9). فالخبر
القرآني يوجب أمر إصلاح المتخاصمين، وفض النزاع بينهم بالحسنى أولاً، ثم
بعد ذلك بما يليه من وسائل إلى أن ينتهي بالقتال لصالح المعتدى عليه.


وبجانب هذه الآية التي تقر مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، توجد آيات أخرى تؤكد هذا الأمر، منها قوله -تعالى-: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾(آل عمران: 104)، وقوله -تعالى-: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ(آل عمران: 110).

وقد
اختلف المفسرون الأوائل في تفسير آيات الاقتران بين المعروف والمنكر،
فمنهم من اعتبرهما مقارنين للإسلام نفسه، ومنهم من اعتبر أن معناهما هو
الجهاد. أي أن مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعني بالدرجة الأولى
واجبات الأمة نحو نشر الدعوة بشتى الوسائل، ومنها الجهاد.


وقد
كان واضحًا خلال القرون الهجرية الثلاثة الأولى أن الذي رجح هذا التأويل
للآيات القرآنية الخاصة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ليس السياقات
القرآنية لتلك الآيات فحسب، بل الظروف التاريخية لقيام الدولة، والفتوحات،
ثم استمرار الخلاف بين المسلمين وخصومهم: في المشرق مع الدولة التركية،
وفي بلاد الشام مع البيزنطيين.


ويتضح
ذلك من الاختلاف بشأن (فرضية) الجهاد بين علماء الشام، وعلماء الحجاز،
الذين يرون أن الجهاد مستحسن أو مندوب، في حين كان الشاميون الذين يعانون
من هجمات البيزنطيين عليهم في شمال الشام يعتبرون الجهاد واجبًا على سائر
المسلمين(21).


لقد
تغير موقف المسلمين من فهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من كونه
مستحسن أو مندوب إلى كونه واجب بحسب اختلاف الجغرافيا أو البيئة التي عاش
فيها المسلمون، وبحسب التحديات التي واجهوها. فعندما اشتد الخطر على
المسلمين كان هذا المبدأ واجبًا، وارتبط بالجهاد الذي أصبح ضرورة مفروضة
على كل مسلم يعيش على هذه الأرض.


وإذا
كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد تغير مفهومه حتى يحدث توازنًا بين
الفكر والممارسة بحسب تغير الواقع والتحديات التي واجهها المسلمون، فإن
هذا المبدأ أيضًا قد تغير بحسب تغير الظروف عبر الزمان عند الفرقة
الواحدة. فقد كان هذا المبدأ أحد أصول المعتزلة الخمسة، وارتبط عندهم
بالجانب العملي التطبيقي فهذا الأصل يحدد موقف الناس من الحكومة إذا ظلمت،
ومن الخليفة أو الوالي إذا تعدى حدوده، وقد مارس المعتزلة فعلاً الجهاد في
سبيل إعلاء كلمة الإسلام عندما أرسلوا بعض رجالهم لنشر الإسلام بالكلمة أو
بالسيف، كما مارسوه ضد الدولة، سواء كانت الدولة الأموية أو الدولة
العباسية. فقد نشأت المعتزلة في العهد الأموي الذي طبع السلطة بالاستبداد،
واستبدل مضمون الجبرية بالشورى. وطبع السلطة وشكلها بطابع الملكية
الوراثية. فكانت نقطة انطلاق المعتزلة في إدانتهم للدولة هي اغتصاب
الأمويين للسلطة، وتحويل الخلافة إلى مُلك وراثي.


وفي
بدايات العقد الثالث من القرن الثاني الهجري، بدأت ثورات المعتزلة ضد حكم
الأمويين، وبالتحديد سنة 122هـ، واستمرت طوال حقبة الأمويين -ما عدا عصر
الخليفة عمر بن عبد العزيز-.


وعندما
ظهرت الدولة العباسية، كان المعتزلة لا يزالون على موقفهم، ولم يروا في
البداية اختلاف العباسيين عن الأمويين، في مسألة المُلك الوراثي. وظلوا
على موقف النقد والمعارضة، مِمَّا جر عليهم الاضطهاد والسجن والتعذيب في
عصور أبي العباس السفاح والمنصور والرشيد، واستمر ذلك حتى عهد المأمون.


وبعد
ظهور المأمون، واعتناقه الفكر الاعتزالي، تغيّر موقفهم من الدولة، وبعد أن
كان أمر الجهاد فرضًا على كل فرد، أصبح الجهاد مرتبطًا بمسئولية الحاكم
وحده عندما أوجبوا على الناس الخروج على السلطان ما استطاعوا إلى ذلك
سبيلاً.


ويحدد القاضي عبد الجبار المعتزلي دور القائمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مجالين:

أحدهما: ما لا يقوم به إلاَّ الإمام الشرعي المنتخب.

ثانيهما: يقوم به كافة الناس.

أما المجال الأول: فيتأكد في مهمة الإمام بإقامة الحدود، وحفظ وحدة الإسلام، وسد الثغور، وتهيئة الجيوش، وتولية القضاة والولاة(22).

ويدخل
في المجال الثاني ما يقوم به الناس نحو النهي عن شرب الخمر والسرقة
وغيرهما. أما إذا كان ثمة إمام مفترض الطاعة. فالأَوْلى أن يكون هو المرجع
في هذه الحالة.


ويبدو
واضحًا أن القاضي عبد الجبار بمقياس الفكر الفقهي الاعتزالي يكون قد حدد
تراجعه، وذلك عن طريق تقليص دور الأمة بخاصية القيام بهذا الأمر، وإناطته
بالحاكم الأعلى للدولة، أو كما قال: (إن أكثر ما يدخل في الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر لا يقوم به إلاَّ الأئمة)(23).


وربما
كان مثل هذا الموقف السياسي الذي تغيّر فيه موقف الفرقة من مبدأ الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر كان نتيجة مباشرة لعلاقة القاضي الوطيدة بأمراء
الاحتلال البويهي، حيث كان يعمل قاضي قضاة الدولة البويهية، وارتبطت
مصالحه الشخصية بوجود سلطتهم.


ومثل
هذا الموقف يحمل تناقضًا في منظور الحركة الاعتزالية التي اشتهرت
بتقاليدها الثورية، وصلابة إيمانها في الدعوة إلى مقاومة السلطة الظالمة،
ومقارعة حكامها الجائرين، والتي أوجبت على عموم الناس الاصطفاف العملي في
الخروج على السلطان المستبد، ليس فقط احتجاجا سلبيًا، بل وباستخدام السلاح
لإزالة الحاكم الظالم، تنفيذًا للأمر بالمعروف، وضرورة النهي عن المنكر،
وكان هذا التغير محاولة منهم لإحداث توزن يوافق مصالحهم وممارساتهم
العملية.


­النموذج الثاني: محنة خلق القرآن:

للمعتزلة
والمأمون وخلفائه الأقربين -المعتصم والواثق- مكانة خاصة في التاريخ
العربي الإسلامي. فالمعتزلة هم مجسدو قيم الحرية والعقلانية والتنوير.
والمأمون -من بين جميع خلفاء المسلمين- هو الخليفة الذي فتح الأبواب
للتنوير، وقامت في عهده أكبر حركة ترجمة للعلوم العقلية شهدتها الحضارة
الإسلامية. ومع ذلك فإن سمة (المفارقة) تقتحم أحوال هؤلاء جميعًا لتجعل
لكل واحد منهم وجهًا آخر غير ما عُرف به.


فالمعتزلة
-دعاة التحرر الفكري بين الأسلاف- أرادوا في زمن دولتهم أن يحققوا
بالإكراه ما لم يتحقق بالإقناع، وأن ينجزوا في برهة وجيزة ما قد يتطلب
قرونًا. فانتهى بهم الأمر إلى أن ارتكبوا غلطة فاحشة بإعلانهم (المحنة)
واضطهادهم الأمة، (وهكذا هدموا بأيديهم في بضع سنين ما بنوه في قرن من
الزمان)(24). ووصموا خصومهم بالكفر، وأجبروهم على اتباع مذهب معين.


ولكن هل يتفق مع تصورات المعتزلة أن يكفر من يقول بقِدَم القرآن؟!

يرى
المعتزلة أن مسألة خلق القرآن الكريم من المسائل الاجتهادية، وليس من أصول
العقيدة؛ لأنَّ الأدلة السمعية فيها ما يحتمل التأويل، وتعدد الآراء في
المسائل الاجتهادية أمر سائغ مشروع.


ويذكر
أبو الحسين الخياط المعتزلي أن هناك فرقًا واضحًا بين الخطأ في الأمور
الاجتهادية التي تكون النصوص السمعية فيها احتمالية الدلالة، فيحتاج
الباحث فيها إلى النظر والقياس(25)، وبين مخالفة نص قطعي الثبوت والدلالة.
فالأول اجتهاد يكون العذر فيه لمن أخطأ، وبالتالي فهو خطأ لا يؤدي إلى
التكفير، أما الثاني فليس موضوع اجتهاد، ولا مجال فيه للاختلاف، وموضوع
خلق القرآن من الموضوعات الاجتهادية لدلالتها الاحتمالية.


وإذا
كان هذا رأي المعتزلة في مسألة (خلق القرآن) فإن السؤال: لماذا حاول
المعتزلة حين واتتهم السلطة فرض رأيهم على المسلمين، ومن خالفهم نكلوا به
أو قتلوه حينما (حمل السلطان على امتحان الناس بخلق القرآن)(26).


ويبرر
أحد الباحثين هذا الانحراف الذي وقع فيه المعتزلة في رغبتهم أن ينتشر
الاعتزال تحت حماية الدولة، وفي سبيل تحقيق: هذا الهدف فلا ضير من سقوط
بعض الضحايا، (فالغاية تبرر الوسيلة، ولا نصل إلى الحق إلاَّ بالخوض في
كثير من الباطل)(27)، وهذا ما يؤكده بعض الباحثين حين رأى (أن سياسة العنف
تتعارض مع النهج العقلي الذي أعلنه المعتزلة. وأن ثمة مفارقة كبيرة بين
تصورات المعتزلة النظرية وممارستهم العملية)(28).


ونحن
لا نتفق مع هذا الاتجاه، ونرى أن هناك تحديًا فكريًا وعقائديًا واجه
المعتزلة في هذا العصر، هو ما دفعهم إلى هذا الرأي، خاصةً أن القول بخلق
القرآن لم يكن ابتكارًا اعتزاليًا، بل سبقهم إلى ذلك كثير من الفرق. وتمثل
هذا التحدي فيما شاعه (يوحنا الدمشقي) (ت قبل 754هـ) في كتابه (الهرطقات)
الذي حاول فيه أن يثبت للمسلمين اعتراف كتابهم المقدس (القرآن) بألوهية
المسيح(29). إذ أشار إلى أن في الديانة المحمدية تناقضًا عندما تقر بأن
كلام الله قديم، وأنه تجسد في الزمان في صورة خطاب عربي (القرآن) وهو قول
مكافئ لقول النصارى في التجسد، وأن المسيح كلمة الله القديمة(30).


إذن
فالامتحان بالقول بخلق القرآن، -وإن كان مخالفًا لقواعد أصول المعتزلة-
إلاَّ أنهم دفعوا إلى الخوض فيه للرد على النصارى لا لفتنة المسلمين، وكان
قولهم بخلق القرآن واجتهادهم في نفي قِدَمه بمثابة رد فعل لموقف (يوحنا
الدمشقي) وطائفته الذين استندوا إلى عقيدة (قِدَم الكلمة) (المسيح) في
تأليه عيسى ابن مريم. ورأى المعتزلة أن القول بقدِمَ القرآن يلتبس مع
القول بقِدَم الكلمة، ومن هنا جاء قولهم بخلق القرآن والتشدد فيه لإحداث
موازنة بين الفكر والممارسة.


أما
المأمون -الخليفة القوّام على الدين، المنوط به تنفيذ أحكام الشريعة- فقد
تبنى مذهب المعتزلة، وجعله المذهب الرسمي لدولة الخلافة، واضطهد علماء
الأمة ورجالها، فخرج بذلك على المبادئ التي استندت إليها سياسته في
التسامح والحرية والتنوير(31).


لقد
تعجب كثيرون من هذا الأمر: كيف يُعقل أن يتخذ المأمون في مسألة، هي في
الدين من الفروع، وهي موضوع اجتهاد، ما اتخذه من قرار الامتحان لرجال
الدولة -كبارهم وصغارهم- وللمحدثين والفقهاء، وكل من له سلطة أو نفوذ وسط
العامة، غير أن العجب سيزول إذا نظرنا إلى هذه المسألة من منظور سياسي
يستحضر الملابسات السياسية التي لابست القضية(32).


ويرى
(الجابري) أن محنة خلق القرآن أيام المأمون والمعتصم والواثق كانت في
حقيقة الأمر عبارة عن توظيف (الديني) من أجل (السياسي) فالصراع كان
سياسيًا، وبما أن السياسة لم تكن تمارس في ذلك الوقت بصورة مباشرة
وبمفاهيم خاصة، كان في الإمكان الاستفادة من مفاهيم كل مجال في مجال
الآخر، وتوظيف المفاهيم الدينية لخدمة واقع سياسي لإحداث توازن بين الفكر
والممارسة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

التباس المفاهيم واختلالها (مفهوم التوازن في الفكر والممارسة) :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

التباس المفاهيم واختلالها (مفهوم التوازن في الفكر والممارسة)

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» حديث التسامح: التباس المفاهيم واختلالها ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ﴾
» الشّباب والتّطرف بين الفكر والممارسة حسن بن ابراهم
» الجهاد في الفكر الإسلامي القديم: مفهوم الجهاد في النصّ الدينيّ (القرآن والسنّة): دراسة وصفيَّة تحليليَّة
» مفهوم الدولة في الفكر العربي ـ الإسلامي
» أزمـة الفكر العربي المعاصر: في مفهوم الأزمة (1)

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: