سألتُ
فتيحة شارا، وهي زميلة جزائرية: "ما هي أهمّ المشاكل المتعلقة بالبيئة في
الجزائر؟"؛ كنتُ أتوقع أن تحدّثني عن المياه، وعن تغيّر المناخ والتصحّر.
كلاّ! كان جوابها "أن كلّ المشاكل تبدأ بالتربية، فهناك نقص رهيب في
التربية البيئية. لقد كانت لدينا ثقافة جيّدة، ومتكيّفة مع ظروف بيئتنا،
لكنها أصبحت ثقافة استهلاكيّة، وها نحن نقع الآن في الأخطاء التي يسعى
الآخرون لمعالجتها".
أعتقد أن فتيحة على حقّ، وليس ذلك بالنسبة للجزائر فحسب: فالمشكلة
البيئية الأكثر أهميّة في العالم هي تلك التي تخصّ الثقافة. لا يتعلّق
الأمر بثقافة لوحة موناليزا (la Joconde)، أو بثقافة ابن خلدون أو موزار.
كلاّ، بل بالثقافة اليوميّة للاستهلاك والسلوك والرغبات. فعلى سبيل
المثال، ارتفع مستوى عيش الـ37 مليون جزائري منذ عقود عديدة؛ وعِبْر شاشات
التلفزيون والاتصالات مع أوروبا، أصبحت طريقة الحياة في بلدان ما وراء
البحر الأبيض المتوسط النموذج المرجعي لهؤلاء، حتى ولو كانت بعيدة عن أن
تتاح للجميع.
ويمكننا تعميم الملاحظة على المستوى العالمي، فإذا كان الفقراء ما
زالوا يمثلون الأغلبية، فإن هناك "طبقة وسطى عالمية" قد تشكّلت. وحسب
دراسة أنجزها هومي خاراس سنة 2010 لفائدة منظمة التعاون الاقتصادي
والتنمية (OCDE) ، تضمّ بلدان الجنوب حاليا 850 مليون نسمة من الطبقات
الوسطى، أي من ذوي الدخل المتراوح بين 10 و 100 دولار في اليوم للفرد
الواحد باعتماد قاعدة التكافؤ في تقدير القوّة الشرائية (وهو مؤشر يأخذ
بعين الاعتبار تغيّر سلّم الأسعار حسب البلدان المعنيّة). إنهم نفس أولئك
الطامحين لأسلوبٍ حياتيّ برز كمرجع للحداثة منذ ظهور "المجتمع الاستهلاكي"
– سيّارات، استهلاك يوميّ للّحوم، تملّك للعديد من الأدوات الإلكترونية،
الخ - ما يؤدّي إلى إهدار مرتفع للموارد، وتأثير مُدمّر على المحيط
الحيويّ، على نحو متزايد. إن التنافس المتباهي – الذي يدفع كلّ منا إلى
الرغبة في تقليد النمط الاستهلاكي الأشهر- أصبح يعمل الآن على صعيد العالم
قاطبة.
هل يمكن تغيير الثقافة، للحدّ من الأثر السلبي على البيئة؟ سيكون ذلك
غير كافٍ، إذ يجب مراجعة طريقة الاستهلاك المُنتهَجَة من قِبل الغرب. يجب
أن تصبح الشاشات والإعلانات، المؤجِّجة للمشاعر الكونية للإحباط واللهفة،
موضع الرهان في النضال لصالح البيئة.
هيرفي كيمف، Hervé Kempf كاتب وصحفي مختص في البيئة