لى عبد المؤمن في ذكراه الرّابعةبدون دموع ولا رعشة
كنت أغسّل جسدك المستسلم للعراء
"انتبه..أفرك الذّراع بحنيّة".."أرح الرّأس بهدوء بين يديك..ما أحلى
ابتسامته في الموت"..
يهتف قريبي الشّاب المتطوّع لغسل موتى القرية
بحزم من اختبر أصول النّهايات
روائح البخور
وإيقاع البسملات
ونشيج الأمّ المتقطّع
تتراقص في الغرفة مع عناصر الخريف
والماء الغزير يتدفّق في أقاصي
ورود الجسد الّسوداء
في الشّعر الملبّد زهرة وحيدة متبقّية
لم يدسها سعال آخر اللّيل
في المستشفيات الموبوءة
التي أطفأت زمرّدة حياتك
على قفص الصّدر،
مستودع شهقات السرّ وأحلام كثيرة،
تنفتح فضاءات للرّحيل
والأصابع الزّرق بعروقها المتجمّدة
أخالها تنفتح وتقبض روح الهواء.
حول جسدك الممدّد في العراء
تحلّق دهشتي مع تراتيل الحداد
أقتطع أجزاء من وجوه الغرباء الحزينة:
وجه أصفر لكآبة جذلانة
وجه أخضر لحقول بلا مواعيد للبذر
وجه أبيض لعلامات بلا معنى
وجه أسود لأنوار شريدة.
حين يغمرك ماء الموت
أرى جسدينا يلجان البحار الفجريّة
أرى ذراعيك تلامس الغيمة البحريّة
حين تلقي بي في لجّة غبطة
أسمع قهقهتك حين تبعثرني الموجة
وتداوي الرّمال خوفي
الغيمة البحريّة دون سواها
كانت لغة رقّتنا الوحيدة.
حين يمسح ماء الغسل جراحك
أسمع كلماتك تتنهّد في أيّامي
مثل بئر عطشى
ألمح بسمتك تحوم حول ذكرياتي
كفراشات تحرس لغات وحدتي
أرى ظلّك يغادر حكاياتي
يتسلّل إلى قبو بيتنا القديم وينام
مع ألعابي الطّفوليّة
ذلك النّعش الذي يحملك
إلى بدايات حياة الغبار
يتهادى فوق رؤوسنا كهودج فرح ودموع
عصافير لامرئيّة ترفع الكفن
تقطف عبق أسئلة الرّحيل
وتنثره على هامات الماشين
وأنت النّائم في انتظار حلم جديد
تترجّل عن أريكتك الباردة
وتمضي في حقول الأقحوان
حيث ترانيم الأجداد
تهدهد ألم الوقت
كم كان بودّي أن أسلمك يدي
أن أريح خدّي بين أخاديد راحتك
أن ألثم عطر الحبر الذي لوّث دفاتر أيّامك
ولكن بيننا طرق هجرة تائهة
وأزمنتي ما زالت تتشبّث بشوق
البقاء
الأحد مارس 07, 2010 3:04 pm من طرف funny