رجلٌ خشبيٌّيقفُ طوال اليوْمِ بجانبِ مطعم " لاكازا نوسترا "
يبسمُ للعابرِ.
بسمتُهُ الخشبيّةُ أجملُ من أنْ توجدَ في بلدٍ كبلادي
يقفُ يمدُّ يديهِ، يرحّبُ بالغرباءِ ويحلمُ بالغابةِ.
يقفُ بلا تعبٍ،
يقفُ بزيٍّ لم يتغيّرْ من أعوامٍ…
ماذا لو أنَّ فتى، أعني تلميذا عصريّا يعبثُ بملامحه
فيلوّنُ بالأخضرِ فمهُ ويشذّبُ شاربيْهِ ويطيّرُ طرطورهُ…
من سيرحّبُ بالجوعى في " الكازانوسترا "؟
من سيُذَكِّرُ بالبَسْمةِ في هذا البلدِ؟
الأرجوحة العمياءالطفلةُ، صاحبةُ الفستانِ الطّائرِ،
يرفعها حينا ثمَّ يحطُّ بها قدّامي.
الطّفلةُ وهي تسلّمُ كفّيها لرفيقتها
شاخصةً كملاكٍ
أعطتني ريش الفستانِ.
وددتُ مساءئذٍ أن أرسم في عينيها أحلامي.
وودتُ على خجلي من ظلمتها
لو صرتُ خيوطَ الأرجوحةِ
أو قطرةَ ضوءٍ تترقرقُ من تلك العينينِ.
لا أُحبُّ الوداعَقلتِ لي: لا أحبُّ الوداعَ.
أنا كنتُ أرسُمُ مشْهَدَنا
وأخزِّنُه في قراري، عسى
أراكِ قريبًا،
هنا، أو هناكَ
إذا أيْنَعَ الحلمُ في غربَةٍ ما.
أكُنتُ أردِّدُ في درجاتِ المطارِ
" أحبّكِ أكثَر عنْدَ الوداعِ "
كأنَّ المكانَ يرافقُني وتظلّينَ
في لامكانٍ يليقُ بعاشقةٍ مثلكِ،الآنَ
تفتَحُ طائرَتي في الهواءِ جناحينِ من قلقٍ
وتحطُّ روائِحُكِ، الآنَ
أكتُبُ في ورقي:
" لا أحبُّ الوداعَ، وداعكِ "
نديـــم
لـمْ يكنْ في البارِ غيري وفتاتينِ وموسيقى
وفيما كنْتُ أحْسُو كأسِيَ الأولى،
تذكّرتُ صديقا، كانَ يوما نديمي، قلتُ
لو كان هنا، لغازلنا الفتاتيْنِ ورُحنا
نفتَحُ اللّيلَ معا، كأسا…فَكأسا
ونسْتَلُّ منَ الخمْرِ حكاياتٍ عنِ العشّاقِ،
أو نكْذِبُ حتّى يغلِقُ اللّيلُ علينا بابَهُ…
" أعرفُ هذا اللّحنَ".
أحتاجُ نديما قلتُ للنّادلِ، لوكانَ معي.
وامتلأ البارُ سريعًا. كنتُ أبكي صاحِبي،
فيما الفتاتانِ تصُبّانِ حكاياتٍ عن العشّاقِ في كأسي
وتستلاّنِ من دَمْعي صديقي…
السبت مارس 06, 2010 8:35 am من طرف سليمان محمد شاويش