شارلوت هيجينز
ترجمة: أمير زكي
عندما توفي الكاتب المسرحي آرثر ميلر عام 2005 كتبت صحيفة وول ستريت
جورنال في خبر وفاته: "المدعي العظيم، آرثر ميلر لم يتلق الإعجاب
أبداً، ولأسباب وجيهة". مجلة نيو كرايتريون كانت أكثر حدة حيث قالت عنه
إنه "دمية شيوعية".
كان اسمه ملطخاً في أمريكا، كان يتم
التعامل معه علي أن سنواته الأفضل كفنان انتهت في الخمسينيات، بالإضافة
لكونه دمر سمعته بالتزامه الدائم بفكر أقصي اليسار. وكونه تصرف بشكل لا
يمكن غفرانه حين أودع ابنه المصاب بمتلازمة داون (وهو مرض سببه خلل
الكروموسومات، يؤدي إلي أعراض عديدة وتشوهات عقلية وجسدية بالطفل المصاب
) ملجأ في الوقت الذي ولد فيه.
ولكن كاتب سيرته الذاتية كريستوفر
ديجسبي، الذي تحدث في مهرجان إدنبره الدولي للكتب، دافع عن كاتب
(وفاة بائع متجول) و(الاختبار)، ففي رأيه أن إيداعه الوليد الجديد
دانييل في ملجأ عام 1967 كان سببه أن ميلر والمصورة الفوتوغرافية إين
موراث التي كانت زوجته وقتها قد "اتبعا بالضبط نصيحة الأطباء التي تلقوها
آنذاك، فهذا هو بالضبط ما كان يُقترح علي الناس"، إلا أنه ألمح مع
ذلك إن فشل ميلر في زيارة ابنه بشكل منتظم هو أمر يجعله يحمل ذنب
الإنكار.
بيجسبي، أستاذ الدراسات الأمريكية بجامعة شرق أنجليا،
تحدث أيضا عن أن سمعة ميلر تشوهت في أمريكا لأن الرأي العام الأمريكي
"لم ينس ولم يسامحه علي ماركسيته. علي العكس هنا في بريطانيا، فمن
الصعب أن ننزعج من ذلك، لأن لدينا العديد من الكتاب المسرحيين
الاشتراكيين والذين يكتبون مسرحيات (بريطانية)". وأضاف أن سمعة ميلر في
بريطانيا تزايدت بالمقارنة بأمريكا.
تحدث بيجسبي عن الجزء الثاني من
سيرة ميلر الذاتية، التي تغطي الفترة من 1962 حتي 2005. في هذه
الفترة كتب مسرحيات عظيمة مثل (منظر من علي الجسر)، (وفاة بائع
متجول)، (الاختبار)، وانهار زواجه بمارلين مونرو الذي استمر لأربع
سنوات. يشير بيجسبي أن بعض النقاد يعتقدون أنه من الصواب أن نتوقف عند
نهاية الجزء الأول.
ولكن بيجسبي دافع عن القسم الثاني من حياة ميلر،
متحدثا عن نشاطه السياسي، وهجومه اللاذع علي حرب فيتنام، لقد وضع نفسه
موضع الخطر وبفخر.
ميلر كان ابنا لمهاجر يهودي إلي نيويورك. أبوه
ايزيدور سافر وحيدا وهو في سن السادسة، عابرا المحيط الأطلنطي، ولافتة
حقائب معلقة علي رقبته. ايزيدور ميلر الأمي أصبح غنيا، ولكنه فقد كل
ما يملك في الكساد الكبير، تلك الخبرة أثرت بشكل كبير علي حياة وفن آرثر
ميلر. وفقا لبيجسبي فهو "اكتشف أن كل شيء من الممكن أن يضيع، إننا في
موضع الخطر، نعتقد أننا نقف علي أرضية صلبة، ولكنها من الممكن أن
تنكسر تحتنا".
عمل ميلر لعامين في مستودع لقطع غيار السيارات ليجمع
المال ليلتحق بالجامعة، ونشر رواية حققت مبيعات عالية قبل أن ينتقل جديا
لكتاب المسرح. ظهرت "كلهم أبنائي" عام 1947، و"وفاة بائع متجول"
بعدها بعامين. تلتهما "الاختبار" عام 1953 في ذروة التحقيقات
التي كانت تجريها لجنة النشاطات المضادة لأمريكا.
من خلال المخرج
إيليا كازان تعرف ميلر علي مارلين مونرو، قال بيجسبي "عاملها ميلر
بتهذيب، وهي كانت تريد أن تؤخذ بجدية". في عام 1956 ترك زوجته
الأولي ليتزوج مونرو، ولكن العلاقة "انهارت بشكل كارثي أثناء تصوير
فيلم الشاذون. حيث تجمدت العلاقة في قلب نيفادا". يقول بيجسبي