عمل المرأة الديني..تلميع لصور الدول أم إنجاز يُفتخر به؟دخلت
المرأة العصرية كعامل مساهم في مختلف مجالات الحياة؛ على اعتبارها النصف
الآخر للرجل، ولها دورها المميز الذي يتناسب مع أنوثتها في الحياة الأسرية
والعلمية والدينية، كما دخلت المرأة عالم العمل الاسلامي كداعية تعمل على
الوعظ والإرشاد.
من هنا كانت المرشدة الدينية ليلى نموذج للعمل الاسلامي، فبعد أربع سنوات
من العمل كمرشدة دينية تفتخر بعمل المرشدات، إذ تقول انهن استطعن أن يغلقن
الباب في وجه الأفكار المتطرفة ومحاربة دروس الوعظ والارشاد المغلوط التي
كانت بعض النساء يتلقينها.
وتقول المرشدة الدينية التي فضلت نشر اسمها الأول فقط مبادرة المرشدات لا
أستطيع التعبير عن أهميتها شعرنا أننا سيطرنا على الساحة الدينية بحيث
أغلقنا الباب في وجه من كانوا يكتسحون المساجد ويشرعون في إعطاء دروس الوعظ
والارشاد المغلوط. وتضيف أغلقنا الباب في وجه نزعات التطرف في المساجد
وغير المساجد.
وأطلق المغرب منذ أربع سنوات برنامجا لتكوين الأئمة والمرشدات الدينيات
باشراف من وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية المغربية اعتبر تجربة غير
مسبوقة في تاريخ البلاد.
وتقوم المرشدات بهذا العمل في المساجد والجمعيات الخيرية ودور الشباب والسجون وتحاولن تغطية جميع المناطق بما فيها النائية.
- الإصلاح الديني والمرشدات:
وتتخرج 50 مرشدة سنوياً وبلغ عددهن حتى الآن 200 مرشدة وهو ما يشكل ربع
الموظفين الدينيين الرسميين حديثي التخرج. وتوجد في المغرب حالياً أكثر من
70 عالمة دينية.
وبدأ المغرب خطة لإعادة هيكلة الحقل الديني بعد تفجيرات الدار البيضاء
الانتحارية عام 2003 التي أشارت فيها السلطات الى جماعات اسلامية متشددة
وخلفت 45 قتيلاً بمن فيهم ثلاثة عشرة انتحارياً نفذوا التفجيرات.
ويقول محللون ان الاصلاح الديني في المغرب بدأ في الثمانينات من القرن
الماضي. لكن تفجيرات الدارالبيضاء سَرَعت من وتيرة الاصلاحات لاخضاع الدين
لهيمنة الدولة.
والعاهل المغربي هو المخول له الجمع بين السلطة الدينية والسياسية في المغرب، اذ يعتبر أمير المؤمنين حسب الدستور.
وانعقد في نهاية الأسبوع الماضي بالصخيرات قرب الرباط اللقاء الأول
للعالمات والواعظات والمرشدات الدينيات بمشاركة أكثر من 600 عالمة دينية
وواعظة.
وجاء في رسالة العاهل المغربي محمد السادس التي وجهها الى اللقاء: أنتن
مدعوات اليوم الى المساهمة الفاعلة في محاربة التخلف والاقصاء وتنوير
العقول والقلوب وتنقيتها من سقيم الفكر وفاسد الاعتقاد ومن نزوعات التطرف
والانغلاق.
وقال المحلل السياسي المختص في الحركات الاسلامية محمد ضريف: الدولة تنتهج
سياسة القرب الديني واستهداف المرأة لا يمكن أن يكون الا عن طريق المرأة
نفسها. وأضاف: يجب ألا ننسى أن الاسلاميين يستهدفون النساء، اذ تشكل نسبة
النساء داخل الجماعات الاسلامية من 55 الى 65 في المئة.
وقال ضريف: ان الاسلاميين يستعملون المرأة لأنها تصبح أماً وتكون أسرة.. وتأثيراتها يمكن أن تمتد الى صديقاتها وجاراتها.
ويقول ضريف: ان الدولة تهدف من وراء ما يسمى بالاستراتيجية الدينية الجديدة
مواجهة التطرف الديني والحفاظ على مقومات الهوية الدينية. وأضاف: ان
المغرب يريد أن يبرز الجانب الحداثي من وراء هذه التجربة لأن المتطرفين
بالنسبة لهم لا يمكن أن تكون المرأة مرشدة وعالمة دينية.
وفي نفس الوقت يرد على الغرب الذي يعتبر أن الاسلام لا يمتع النساء بنفس حقوق الرجال.
وتقول المرشدة فاطمة الهواري، بكثير من الافتخار، انها لا تستطيع أن تصف
أهمية التجربة واعتزازها بها. وتضيف: شعرنا أننا دخلنا في عمق الأشياء
وقدمنا خدمة نافعة لهؤلاء النساء.
وقالت انها كمرشدة ذهلت من بعض الاستشارات والأفكار الدينية المغلوطة التي وجدتها لدى بعض النساء.
وتتفق معها سعيدة عضو المجلس العلمي في بركان بأقصى شرق المغرب، اذ تعتبرها
تجربة ناجحة جداً.. نساهم الى جانب المرشدات في عملية تحفيظ القرآن ومحو
الأمية. غير أنها تقول انهن يجدن صعوبات كبيرة في المناطق النائية بسبب
صعوبة المواصلات هناك مناطق وأحياء شعبية لا نصل اليها.
- عدد غير كافٍ:
ويرى ضريف أن عدد المرشدات (200 حالياً) غير كاف في بلد تقريباً نصفه من النساء.
كما يرى أن الاسلاميين المتشددين يستعملون وسائل الاتصال الحديثة كالأقراص
المُدمجة كما يتجه عدد من النساء المغربيات ذوات المستوى الثقافي المحدود
أو المنعدم الى الفضائيات الاسلامية، اذ تقول الدراسات انها تحظى بنسبة
مشاهدة عالية لدى هذه الأوساط.
وأطلق المغرب منذ نحو أربع سنوات القناة الدينية السادسة لكن المتتبعين
يقولون انها لا تحظى بنفس نسبة المشاهدة. ويقول ضريف: يجب المراهنة على
وسائل الاتصال الحديثة.. المرشدات لوحدهن غير كافيات.. أكبر نسبة مشاهدة
لدى النساء المغربيات لقنوات فضائية إسلامية لا علاقة لها بالمذهب المالكي
الذي يسير عليه المغرب.
- انتقاد لعمل النساء في الوعظ الديني:
من جهة أخرى، انتقد داعية مغربي تجربة تكوين المرشدات الدينيات بالمغرب،
معتبراً إياها نوعاً من قطع الطريق أمام مرشدات وأئمة ووعاظ "لا ينضبطون"
للمسار الديني الرسمي الذي اختارته وقررته الدولة.
واعتبر العالم المغربي أن كثيرات من هؤلاء المرشدات الدينيات يسعين للعمل
في هذا المجال بحثاً عن فرصة عمل بسبب البطالة المتفشية في البلاد، ويرين
أنهن يضربن عصفوين بحجر واحد: ينلن الثواب من عند الله بقيامهن بمهام
الدعوة والإرشاد، كما يدفعن عنهن شر البطالة بالحصول على راتب قار
وامتيازات وظيفية، (حسب جريدة البشاير).
وانتهت قبل أيام قليلة فعاليات اللقاء الأول للعالمات والواعظات والمرشدات
الذي نُظم بمدينة الصخيرات (قرب الرباط)، وشاركت فيه مئات المؤطرات
والمرشدات الدينيات بالمغرب، اللواتي تلقين تعليماً طيلة سنة كاملة، درسن
خلالها مواداً تعليمية نظرية وتطبيقية من قبيل: الإمامة والخطابة ومداخل
الثقافة العامة ومواد الخدمة الاجتماعية، وبعض معارف الفقه والحديث واللغة
والتصوف الإسلامي والتاريخ.
وأشاد الداعية المغربي المعروف بنسالم باهشام إلى تجربة المرشدات الدينيات
بالمغرب من حيث الفكرة فقط، لكنه بالمقابل يكيل لها انتقادات كثيرة باعتبار
أن مصدر التجربة (في إشارة إلى المشرفين على الشؤون الدينية بالمغرب) له
رؤية ومقصد من هذه التجربة غير ما هو مصرح به بشكل علني ورسمي.
وقال باهشام: ان الغرض الحقيقي من تشجيع برنامج تكوين الواعظات والمرشدات
الدينيات يكمن في الرغبة في تلميع صورة البلاد أمام الرأي العام، حتى يقال
إن المغرب يسود فيه إسلام وسطي ومعتدل متمثل في عمل هؤلاء الفتيات
المرشدات، (حسب العربية.نت).
واسترسل المتحدث شارحاً: الهدف أيضاً يتجسد في التضييق على الحركة
الإسلامية بالمغرب من خلال إزالة جميع الخطباء والوعاظ الذين لهم صيت وشهرة
وقبول عند الناس، خاصة إذا كانوا منتمين لأي حركة أو تيار إسلامي بالبلاد،
وتعويضهم بهؤلاء المرشدات والأئمة الذكور المتخرجين من دورات تكوين
المؤطرين والمؤطرات الدينيات كل سنة.
من جهته، اعتبر د. عبد السلام بلاجي، أحد القيادات المؤسسة للعمل الإسلامي
بالمغرب، ان عمل الواعظات والمرشدات له من الأهمية الشيء الكثير، باعتبار
أنه يعني نصف المجتمع أي النساء، مضيفاً ان برنامج تخريج الواعظات
والمرشدات الدينيات يسد نقصاً موجوداً في التأطير الديني النسائي في
المساجد والجمعيات وغيرهما.
وأردف الخبير في السياسة الدينية بالمغرب بأنه منذ عقدين من الزمن ظهرت
بوادر صحوة نسوية، لكنها كانت تحتاج لمزيد من الترشيد والعناية، وهو ما
أخذته السلطات التي تسير الشأن الديني بالمغرب على عاتقها وبادرت إلى تكوين
مرشدات وفقيهات وتأطيرهن تأطيراً رسمياً.
لكن هذه الجوانب الايجابية التي يراها بلاجي في نشاط هؤلاء المرشدات
تقابلها إكراهات تعرقل عملهن الميداني، ومنها ما سرده المتحدث بكونهن
يواجهن إكراهات موضوعية مرتبطة بالتعليم والتكوين، فالتدريب الذي تلقينه
والدراسة التي تابعنها لمدة سنة كاملة بعد التخرج من الجامعة تبدو غير
كافية، مضيفاً انه يجب بالتالي انخراطهن في برامج للتكوين المستمر من أجل
أن يتجاوز التأطير الديني للنساء جانبه الشكلي والمظهري إلى الجوهر
والمضمون القوي.
وأبرز بلاجي أن تكوين المرشدات الدينيات بالمغرب هو تكوين مرتبط بالتوظيف؛
حيث يشتغلن وفق عقد للقانون العام يحدد مهامهن وحقوقهن والتزاماتهن،
ويتقاضين الراتب والتعويضات الخاصة بموظف السلم العاشر (حوالي 550 دولاراً
شهرياً)، مضيفاً انه تكوين لا يعني بلوغ هؤلاء الواعظات