دمشق:
مات العقيد الليبي معمر القذافي، وكذلك زعيم القاعدة أسامة بن لادن، وحكم
غيابياً على الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بالسجن 35 عاماً، ويقبع
حسني مبارك وعائلته وراء القضبان مع الملايين من الدولارات من الأصول
المجمدة. أمام هذه الصورة، يدرك المرء أنه في بعض الأحيان تسير الأمور بشكل
مدهش عندما يمنح الشباب فرصة للتصرف والتغيير.
في هذا الإطار، رأت صحيفة الـ
"غارديان" البريطانية أن مصير الرؤساء المخلوعين، وتحديداً وفاة القذافي
يجب أن تكون درساً لأمثال الرئيس السوري بشار الأسد الذي يقوم بتعذيب
المتظاهرين الشبان حتى الموت، ويبقى متشبثاً بالسلطة وهو غارق في دماء
مواطنيه.
وأضافت الصحيفة:"قبل 12 شهراً، كان
الناس ينظرون إلى زين العابدين بن علي ومبارك والقذافي على أنهم قادة لا
يمكن المساس بهم، لكن المتغيرات التي شهدتها هذه الدول والمصير الذي انتهى
إليه هؤلاء، يجب أن يخيف جزار دمشق صاحب النظرة الحمقاء، في اللحظات
الأخيرة المتبقية له".
وتحدثت الصحيفة عن ثورات الربيع
العربي، وأولى شراراتها، والتطورات التي تشهدها تونس ومصر وليبيا، مشيرة
إلى الدور الأساسي الذي لعبه الشباب العرب في إنجاح هذه الثورات.
في ليبيا، لم يكن هناك قدر كبير من
التفاؤل، فهذه الدولة واسعة جداً، والقذافي زعيماً ماكراً، كما أن قدرات
الثوار كانت محدودة ومعظمهم من الهواة. لكن تدخل قوات الحلف الأطلسي حسم
المعركة لصالح الثوار، فبعد 26000 طلعة جوية و 9600 بعثة لقصف الصواريخ،
وإراقة الكثير من الدماء، مات القذافي وسقط النظام.
أما المرحلة الثانية من الربيع العربي،
فتبدأ اليوم في تونس مع الانتخابات للجمعية التأسيسية، التي من المرجح أن
يفوز حزب النهضة الإسلامي، بقيادة رشيد الغنوشي، بأغلبية أصواتها.
واعتبرت الـ "غارديان" أن الانتخابات
التونسية هي أول اختبار للغرب، لأنها تعني أن عليهم أن يقفوا جانباً
ويفسحوا المجال للأشخاص الذين خاطروا بكل شيء ونزلوا إلى الشوارع، حتى
يتمكنوا من وضع سياساتهم الخاصة والعمليات الديمقراطية لبلادهم.
الأمر الذي تمكن عدد قليل فقط من الناس
من استيعابه، هو أن الثورات اشتعلت ونجحت على يد الأجيال الشابة والصاعدة،
الذين ثاروا ضد الطغيان والفساد وأيضاً ضد عجز آبائهم من الجيل السابق.
فالمظاهرات الأولى في الربيع العربي انطلقت من مدينة سيدي بوزيد التونسية،
حيث قام شاب بإضرام النار في نفسه، لأن أحد أفراد الشرطة قام بمصادرة عربة
الفواكه والخضار التي كان يعتاش منها لأنه لم يملك تصريح. مثل الكثير من
معاصريه، كان محمد البوعزيزي (26 عاما) عاطلاً عن العمل، وأزمة البطالة
التي تعاني منها تونس، دفعت الشبان من كل أنحاء البلاد للثورة ضد بن علي.
لا ينبغي الاستهانة بهذا الجيل الجديد
من العرب، والحفاظ على مكتسبات الثورة يتطلب أكثر من الصلاة والمحاضرات
للتمكن من التكيف والتطور، فهم بحاجة إلى الحرية والتعاطف والتكنوقراطية،
وكذلك القيادة السياسية المناسبة لخلق فرص العمل التي تضمن الاستقرار
والسلام.
وإذا كان الغرب يريد تغييراً دائماً في شمال أفريقيا، فلا بد من إدراك
إمكانات هذا الجيل الجديد وإيجاد السبل لتوفير الحوافز والاستثمار من أجل
خلق فرص عمل.
الاختبار الأول للمجتمع الجديد في
ليبيا هو مدى إمكانية الشعب والحكام من استقاء الدروس من نهاية الديكتاتور
السابق، وكيفية الاستمرار بعد سقوط القذافي. وأكثر التعبيرات دلالة في هذا
السياق، هو الكتابات التي خطها الثوار على جدران مدينة طرابلس، والتي تقول:
"نظفوا ليبيا ثم حافظوا على نظافتها".