الاسلام السياسي الرابح الاكبر في دول "الربيع العربي"
أ. ف. ب.
GMT 15:22:00 2011 الثلائاء 25 أكتوبر
بيروت: يرجح
محللون ان تتكرر ظاهرة فوز الاسلاميين التي افرزتها الانتخابات التونسية
في دول "الربيع العربي" الاخرى، مؤكدين في الوقت نفسه ان ممارسة السلطة
ستضع الاسلام السياسي في مواجهة صعوبات عدة تحد من قوة اندفاعته الحالية.
ويقول استاذ العلاقات الدولية في جامعة باري-سود الفرنسية خطار ابو دياب
لوكالة فرانس برس "الاسلام السياسي يبدو ممرا اجباريا للتحولات
الديموقراطية الجارية في العالم العربي... لان القمع والاستبداد في الانظمة
السابقة ترك الجامع في مواجهة القصر".
ويضيف "هذا ما ادى الى النتيجة الحالية في تونس وسيؤدي الى نتائج مماثلة في بلدان اخرى".
ومن المتوقع ان يكون حزب النهضة الاسلامي الفائز الاكبر في انتخابات المجلس
التأسيسي التي جرت الاحد في تونس والتي تعلن نتائجها رسميا مساء اليوم
الثلاثاء، وهي الانتخابات الاولى التي تنظم بعد الاطاحة بنظام زين العابدين
بن علي في ثورة دشنت ما صار يعرف ب"الربيع العربي".
ويقول ابو دياب ان "قوى الاسلام السياسي هي ابرز القوى الموجودة على كل الساحات العربية، وهي افضل التيارات تنظيما وتمويلا".
ويتوقع ان تتكرر التجربة التونسية مع الاخوان المسلمين في مصر حيث ستبدأ
المرحلة الاولى من الانتخابات التشريعية في 28 تشرين الثاني/نوفمبر.
وخاض
الاخوان المسلمون في مصر وسوريا وحركة النهضة في تونس والاسلاميون في ليبيا
على مر سنوات، معركة صامتة مريرة مع انظمة القمع والاستبداد أكسبتهم
تعاطفا واسعا بين الطبقات الشعبية. وزادت شعبيتهم نتيجة انشطتهم الاجتماعية
عبر مؤسسات خيرية فاعلة وخطاب ديني مقنع.
ويرى المراقبون انهم يحصدون بعد الثورات الشعبية ما زرعوه بصبر.
وتقول
الخبيرة في شؤون الشرق الاوسط انياس لوفالوا من باريس ان حزب النهضة "عرف
كيف يعيد تفعيل شبكاته الموجودة اصلا، بينما لم يتسن للاحزاب الاخرى الوقت
لوضع برامجها وتقديمها".
وتضيف "يقدم الاسلاميون انفسهم على انهم يتمتعون بالنزاهة والصدق، لانهم لم
يتسلموا بعد الحكم، فيما عبر قسم من التونسيين عن رغبتهم باختبار هذا
الحل" المتمثل بالاسلام.
وتشير الى ان "كون الاسلاميين ضحية" النظام السابق "يمنحهم نوعا من الشرعية".
ويحذر الخبراء من مغبة رفض نتائج الانتخابات كما حصل في الجزائر العام 1991
عندما الغت السلطات نتائج انتخابات اوصلت جبهة الانقاذ الاسلامية باغلبية
كبيرة الى البرلمان، ما فجر نزاعا دمويا استمر سنوات.
ويقول ابو
دياب "من ابرز اخطاء الماضي منع التجربة الجزائرية من ان تكتمل في بداية
التسعينات وعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات في غزة. ليجرب الاسلاميون
الحكم... يجب احترام حكم الصناديق مهما كان، والا لن تكون هناك تجارب
ديموقراطية في هذه البقعة من العالم".
ويثير تقدم الاسلاميين قلقا في الغرب كما في العالم العربي من حصول سيناريو
على الطريقة الايرانية يعمم نموذج "الدولة الاسلامية" او "الخلافة
الاسلامية".
ويخشى التونسيون مثلا اعادة النظر في وضع المرأة التي تتمتع بحقوق تحسدها
عليها النساء في الدول العربية الاخرى مثل المساواة الكاملة مع الرجل ومنع
تعدد الزوجات وحق المراة في طلب الطلاق، وغيرها...
وفي
ليبيا، اثارت تصريحات رئيس المجلس الوطني مصطفى عبد الجليل حول اعتماد
الشريعة الاسلامية في ليبيا الجديدة، الكثير من القلق والتساؤلات.
ويرى الخبراء ان الاحزاب الاسلامية ستصطدم بعراقيل عدة خلال ممارسة السلطة،
اذ سيكون عليها ان تقدم تنازلات وان تعقد تحالفات من اجل تأليف الحكومات،
في ظل عدم وجود مؤشرات تدل على امكان فوزها بالاكثرية المطلقة في اي
برلمان.
ويقول ابو
دياب "هذه مرحلة انتقالية جديدة في انتظار استكمال القوى الاخرى برامجها
ونهجها، وفي انتظار ان يقتنع الناس ان قدرة هذه الجماعات على انتاج حلول
سحرية وهم كبير".
ويرى الباحث في مركز شاتهام للدراسات في لندن نديم شحادة ان "الاسلاميين
كانوا يستمدون شرعيتهم من قبل من نضالهم ضد مبارك وبن علي. اليوم، عليهم ان
يجدوا لانفسهم مبررات وجود جديدة".
ويؤكد شحادة ان المواطنين العرب الذين تحرروا من الخوف وذاقوا طعم الحرية لن يقبلوا بانتزاع هذه الحرية منهم مرة اخرى.
ويقول "لقد انتهى عصر القائد الواحد والحزب الواحد".
وترى لوفالوا بدورها ان "على الحركات الاسلامية ان تكون حذرة وان تجد لنفسها حماية" من اي انحراف يقود الى التطرف الكامل.
وتؤكد في
الوقت نفسه ان عنصر الشباب الذي كان له الدور الاكثر فاعلية في تفجير
"الربيع العربي" لن يقبل برؤية مجتمعاته تصل الى الانغلاق التام.
وتقول ان
على تيارات الشباب والعلمانيين "ان تتصرف بشكل لا يجعل الاسلاميين يطمئنون
الى قدرتهم على احداث انقلاب كامل في قواعد اللعبة داخل المجتمع"