* سلام علي حين كتبت و حين نشرت و حين أرثى حيا .
-إثنان و ثالثهما شارع إسفلت -
"1/2"
" عنـــدما تهيـــأ لي بشرا سويا أقسم أنه تبسم لي أحسست أنني أطفو ، رأيت
في عينيه بريقا مخيفا يكاد يواري سوءة البشر ، كم هو مخيف ذلك الصغير "
هكذا قالت القابلة بعد أن أخرجتني للنور ...
تحكي لي جدتي أنني عندما دخل الأوكسجين في أنفي أظلمت الغرفة و ضرب باب
الغرفة بابا بباب معلنا قدوم كارثة ما ، الشبابيك ناحت في صرير مخيف و
الهواء لطم الشجر ..... و صفـــق الشجر صـــفق ... و الحقيبة القديمة في
المنزل أخرجت لسانها ....
لم يرحب العالم بقدومي إلا من نهيق لحمـــار جارنا و نبيح لبعض الكلاب ... و كأني مخلوق من ماء جهنم و بعض صلصال عجنه إبليس .
.
.
.
.
كبرت قليلا و زادت شقاوتي و أيضا شقاء أبي و أمي .
قال أبي : إذا مشى الروضة احتمال يهدأ و يعقل..
رضخت لرغبة أبي ... كنت ماسكا بيده أو هو الذي كان ممسكا بي ... مشينا و
مشينا كنت أضحك طوال الطريق من وجوه البلاستيك و أنصاف الرجال و نسوه
المدينة .
>> حين الولوج رأيت" المرجيحة و الزحلقانية" و لم أبتسم .. رأيت
الأطفال يقهقون في سذاجة ... نظرت لأبي و تصنعت البراءة ... أخبرته أن
مكاني ليس هنا ، مكاني ليس هنا .
دونت " ماما حسنى " إسمي و قالت : من الليلة عادي ممكن ينتظم ...
تحول ضحكي لعبوس
لم ألعب معهم
لم أضحك لهم
كانوا أغبياء يضحكون من دون طائل .. يضحكون للا شيء
يجرون و يلعبون و يرتعون كصغار الماشية و "ماما حسنى" تنظر إليهم و تصفق لهم "فالحين فالحين"
يا إلهي حتى الكبار هكذا ..
إنه يوم عصيب
جلست وحيدا ..... أخذت عودا شققت الأرض .. كومت أرتالا من التراب ، أحضرت ماء
>>>>
صنعت من الطين كهيئة الطير و كهيئة فارس لا يشق له غبار و كعروس ليس لها عريس و شكلت أطفالا لا رؤوس لهم ... أطفال لا يضحكون .
الرابعة و النصف بتوقيت الضياع
- أبي يخاطب أمي " غدا يجب ان يسجل في المدرسة "...
"لكنه لم يبلغ الخامسة حتى " قالت أمي
سمعت أبي يقول كمن يخاطب نفسه " أحسن ليه يدخل صغير كده أحسن " ..
،،، سأمضي غدا إلى المدرسة كمصير حتمي لا فكاك منه ،
رويدا رويدا أستوعب أنه لا مناص منها .
أحمل حقيبة بنصف وزني أتهادى في الطريق مع أبي .. أضع يدي في كف أبي .. أساله "بعد ما أدخل المدرسة يدي بتكون قدر يدك ؟"
يضحك و يقول "ان شاء الله"
>> دخلنا من باب المدرسة الكبير ، قابل أبي المدير ،، رأيت المدير و
ضحكت لأن ذقنه ليست مأهوله بالشعر كلحية أبي لعله يعاني من الخيبة أو
إنتقاص في الرجولة ، ربما ،،،
مضى أبي و ذهبت أنا و الرجل حليق الذهن لطابور الصباح ،،
و ضعني مع أطفال في نفس حجمي لكن يزيدون قليلا ...
رأيت وجوها جديدة غير ما تعارفت عليه في الروضة ، و رأيت أناس طوال أكبر
أضخم توحدهم ملابسهم و الأحذية الرديئة المتسخة لا كأحذية العسكر ،،،
يرددون في صوت واحد شيئا مبهما في تضجر و تبرم واضحين لا يخفى على السامع .
و ما إن وصلوا إلى عباره "نحن جند الله جند الوطن" همهم الأستاذ صاحب
الشارب الذي يشبه شارب أبي "طز فيك يا وطن" .. و أوجست في نفسي خيفة ..
تحسست شاربي و لم أجد سوى العدم و لعنت الوطن أيضا ..
تمر الأيام و الأسابيع و تتراكم الخيبات فوق رأسي .... و أسررت في نفسي
أن مكاني ليس هنا أيضا .. أكتم وجعي ... أندب حظي ... أبحث عن قمري ...
كنت ذكيا " هكذا يقولون" أو كما يقول الأساتذة لأبي - لم أكن أهتم
بالكائنات الغبية و أرائها - جل ما كنت أعرفه " أني حين الدرس ألبس عباءة
الخوف أرتدي الشرود كقبعة أتزين بالفراغ ...
أتناثر في المكان تارة تجدني كرسي و تارة طبشور و مرة كتاب في يد صديق .....
تاره أنظر لبقعة سوداء في الحائط أتخيلها ثقب أسود ...
أغوص داخلها
أكون في الفصل
هنا
و
أكون في البقعة السوداء
ه
ن
ا
ك "
أتباهى بقدرتي العجيبة في حث رأسي على أختلاق اللا معقول و خلق أحداث توازي معطيات اللحظة ...
لكني مازلت ... لا أنسجم مع الكائنات المرحلية ، رياح الصيف و الأقنعة
المسرحية ، الذين يضحكون لألمي و يبكون لفرحي ، القادمين من الفراغ الى
الحضيض ، المكتحلين بالرماد ... يقتسمونني في موائدهم نصف لهذا و ربع لذاك و
كلي لهذاك ،،
تمضي السنون و تضع بصمتها في صوتي ... و بعض شعيرات هائمة على وجهي ....
مسكين أنا و مهضوم حـــقي ، البكاء ديدني ، أبكى آنـــاء الـــليل حيث لن
تراني أمي و تبكي معي ... حيث لا أحد يتنهنه معي .... يمسح دمعي
مـــن يشتريني ،،، و سأضمن له العذاب .
ذات جنون ... في غمره تجلى عصرت دماغي ... نسجت شخصية ...كتبتها حروفا
شخصت فيها كل من أحببته ، نسجتها من الكتب ... أخرجتها " من كتابات واسيني
الأعرج ... من زوربا .... من محمود درويش ..... من علي المك ..... من
تشارلز ديكنز ....من قصائد طازجة .... من وجع دفين .... من خيوط الشمس ...
من وعيي ... و بعض جنون ،،،
كتبته و بثثت الروح في نبض الحروف ... كتبته و كان هو أنا .
إنقسمت إلى إثنين ....... أصبحت أنا إثنان مني
يحضر حينما أستحضره .... نلتقي في المكان اللا مكان ..... و ...... الزمان اللا زمان .
نسجته من الزيف من العدم
فأنا بارع في خلق الوهم .
19 عاما من الملل ظللت أبحث عن قش في كوم إبر .
و عندما جاء إبتدأت حياتي .... كأني كتاب تاريخ يبدأ من الصفحة ال 19
عيناه أيضا لامعتان صديق أقرب من حبل الوريد يسكن أرصفتي ... إنسان يسكنني ...
ينفض عني ما تبقى من غبار الأزمنة .. يهزني علني أساقط له إنسانا سويا ...
صوته
كأنه مغموس في حزن متواصل ... متسربل في الوجع
لونه كأشعه شمس الصباح .. .. عينان لا تكفان عن الدمع .. عينان شاسعتان ينظر لشيء يراه وحده
أعتقد ان روحه تلبستني " أظن أنه هو الذي يكتب الآن "
كان يبحث عن قضايا ليعيش ... ليستنير ليزيح الغشاوة .....كان يقدسني كنت له كنبوة ستحقق .
أسامره طوال الليل ... نضحك سويا ... و نبكي سويا
أتيته يوما باكيا قال لي :
البكاء هو تطهير للنفس إبكي يا أنا أبكي بقدر ما تريد أيها الـــ أنا ،رتل
تعاويذ الجنون ، فك طلاسم الغباء إرجف ، إرتعد حلق ، أطفو ، أو مت ، إن
ما تفعله هو ما تعتقده ،،،، مثلا إعتقد أن الأسود أبيض و ستراه أبيض ..
أقنع نفسك ،،،،، إنها اللعبة دع الوهم يسيطر عليك ، إبني واقعك بأوهامك
أنظر للبيوت الكئيبة أنها هكذا لأننا نراها هكذا ،
أنظر إلى الناس إنهم هياكل عظمية في لوحة سريالية ،،،لا يضرون بعوضة ،،،
و خرجت من عنده متلفحا بسكون الموتى و بدموع الناجين .... مشيت و مشيت و
مشيت و مشيت ،،،،،كان الناس و البيوت و الأشجار هم الذين يمرون بي كنت
تائها تغطيت بخوفي ، أتى طيف أمي ..بالله عليك دثريني دثريني ، تغطيت
بأمي ، أصابعها تنساب في شعري .
أمي أريد أن أنام
أمي أحلم بسرير له صرير
أمي
أمي
أريد أن أجن ...
"الإنتقال الهادي إلى الكارثة يمثل بذرة الخلاص "
و مضيت كما لم أحضر مسبقا
الثلاثاء أكتوبر 25, 2011 11:57 am من طرف بن عبد الله