الثائر الفخور بثورته صالح الحموي / كنت أفتخر بأني عربي اليوم جلست أفكر طويلاً -ومنذ يومين- ما هو الشيء الذي كان
يجعلني أفتخر بأنني عربي؟ يومان من التفكير المتواصل وأنا أسأل نفسي: لماذا
أفتخر بأنني عربي؟
باختصار لم أجد شيئاً. بماذا سأفتخر:عددت في نفسي أسباب الفخر: التقدم
العلمي. العدالة الاجتماعية. المجتمع الذي يضمن الكرامة. المجتمع الذي يضمن
الحرية. المجتمع الذي يضمن الأمان لساكنيه. الدفاع عن المظلوم وأخذ حقه.
لم أجد شيئا من ذلك
الأمان؟ أسوأ شيء في الحياة أن تخاف وأنت لم تفعل شيئا، وأنت تعلم أنك لم تفعل شيئا.
الحرية؟ وجندي سوري يقفز ببسطاره العسكري على ظهر مواطن سوري ويقول له:
“بدّك حِررررية؟ هي مشان الحِرررررية”. وضابط سوري يأمر جنوده بإطلاق النار
على البيوت ويقول: “عطوهم الحرية”.
الكرامة؟ كرامات مهدورة على بلاط الحكام. وفي سجون المخابرات.
العدالة الاجتماعية؟ وعائلة الأسد تمتلك سوريا بل من ينتمي إلى سوريا
حتى صارت “سوريا الأسد”. وليس عائلة الأسد هي من يمتلك هذه المزرعة الضخمة
بل حتى أجراؤهم وأرخص الناس الذين يتبعون لهم على حد تعبير المثل: “كلب
الأمير أمير”.
التقدم العلمي؟ هذه بدون تعليق.
الدفاع عن المظلوم وأخذ حقه؟ وهنا أصيح الآآآآآآآآآآآآآه وأخاف أن يسمعني أحد. مع أني أتمنى أن يسمعني أحد.
منذ سمعت مجلس التعاون الخليجي يدعو لاجتماع عاجل وطارئ للجامعة العربية رددت في نفسي قول الشاعر:
أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.واليوم لما
خرج المتحدث باسم الجامعة –وليته لم يخرج- وقال: الجامعة قررت إعطاء خمسة
عشر يوماً للنظام السوري ولوّحت بإجراءات، ضحكت من كل قلبي ودموعي على
خدودي. ضحكت من كلمة “إجراءات”، ولسان الحال يقول: إذا مشى المشلول ورأى
الأعمى وسمع الأصم ونطق الأبكم سيكون لكم إجراءات.
وبكيت ودموعي على خدودي لأني فهمت الرسالة الموجهة للنظام السوري بكل
وضوح: أمامك أيها النظام خمسة عشر يوماً لتنهي هذه الثورة، فاضرب بما شئت
وافعل ما شئت، لكن لا نريد أن نسمع بالثورة السورية بعد خمسة عشر يوماً.
ولأثبت لكم أن هذه الرسالة هي الصحيحة أقول: هل تعلم أن عدد الشهداء الذين
ارتقوا أثناء الاجتماع ثمانية شهداء وأن عدد الجرحى أثناء الاجتماع فقط ، –
وفقط في حمص – كانوا ثلاثين. ولم يتسنّ لي أن أعرف ما يجري في بقية وطني.
فسكتت طويلا ثم ذهبت إلى أصدقائي وقلت لهم : يجب أن نخرج الآن مظاهرة نردد فيها: “يا الله ما لنا غيرك يا الله”.
أرجو أن لا أكتب مقالة أخرى أقول فيها: كنت أفتخر أني إنسان.
هذا ليس كل شيء…..
بقي لي شيء أفتخر به، ألا وهو: ثوار تونس وثوار مصر وثوار ليبيا وثوار
اليمن ونحن الثائرون بسوريا. وما سأفتخر به أننا سنؤسس لمن بعدنا شيئاً
يفخرون به، ألا وهو انتصار ثورة الكرامة والحرية.
نحن فخورون بأنفسنا.