02 سبتمبر 2014 بقلم
محمد الزاهي قسم:
الدين وقضايا المجتمع الراهنة تحميل الملف حجم الخط
-18
+ للنشر:اللؤلؤ المنثور في نصيحة ولاة الأمور للسمهودي:
الصوت الثائر في كتب مرايا الأمراء
ملخّص الدراسة:
يكتشف الباحثون في المخطوطات العربية، عند تصفّح فهارس المكتبات العربية والأجنبيّة، مخطوطاتٍ تستوقفهم عناوينها وتلفت انتباههم، وقد يمرّ عليها بعضم مرور الكرام دون أن يدركوا ما خبّأته هذه العناوين من طرافة وقيمة. ومن العناوين التي لفتت انتباهي وأنا أدقّق في مسألة تتعلّق بأنماط التوثيق في المخطوط العربي عنوان "اللؤلؤ المنثور في نصيحة ولاة الأمور" لأبي الحسين علي بن عبد الله السمهودي، وهو مخطوط محفوظ في دار المخطوطات بصنعاء.
[1]ويندرج المخطوط كما يفيد عنوانه في صنف كتب مرايا الأمراء أو كتب الآداب السلطانية، وهي مصنّفات وجّهها مؤلّفوها إلى السلاطين والملوك بأساليب ومضامين تكاد تكون متشابهة منذ ظهورها في تاريخ الثقافة العربية الإسلامية، ولم تتجدّد على مستوى محتواها ولا على مستوى منهجها، وعادة ما تؤلّف بطلب من السلطان أو الملك؛ ممثل السلطة السياسيّة، ويلتزم مؤلفوها في تدوينها بضوابط معرفية محدّدة لا يحيدون عنها، بأسلوب متداول لا يغيّرونه يغلب عليه التزلّف والتملّق ومجاراة وليّ الأمر. وقد كنت على صلة بهذا اللون من المصنفات عندما كنت أعدّ رسالة الدكتوراه "ولاية المظالم في الإسلام". فحرصت على جلب نسخة من هذا المخطوط للاطلاع على محتواه، ولمّا طالعته وجدت نفسي أمام نصّ طريف ونادر ويختلف شكلاً ومضمونًا عن أغلب ما دُوّن في هذا الباب، إذ يمتاز بطرافة في المحتوى وطرافة في طرق المواضيع وطرافة في المنهج والأسلوب.
لقد جدّد الكتاب نفسه وتخلّص من التكلّس الذي طبع كتب مرايا الأمراء، وكأنّنا بمؤلّفه رفض أن يكون عنصرًا من "الجوقة السلطانية" التي تساند وتؤيّد وتشرّع للسلطان، وإن كان على خطأ أحيانًا. وقد عاش السمهودي فترة عرفت فيها البلاد الهزّات والأزمات، وعاين عن كثب ما آلت إليه الأوضاع، وكان بإمكانه أن يلزم الصمت وينال العطايا السنيّة، لكنّه رفض الولاء المُقَنّع وواجه سلطان عصره بهذا الكتاب بلهجة حادة ونبرة عنيفة. وخدمة للتراث العربي عامة وللباحثين في الآداب السلطانية والعلاقة بين السلطتين السياسية والمعرفية عَزَمْتُ على دراسة هذا المخطوط النادر بكامل أبوابه وفصوله، على أن تشمل هذه الدراسة مراحل ثلاث:
-مرحلة أولى: تتعلّق بظهور كتب مرايا الأمراء في الثقافة العربية الإسلاميّة.
-مرحلة ثانية: تتمثّل في تحليل مضمون الكتاب محتوىً ومنهجًا، محدّدًا مظاهر التجديد والطرافة فيه.
-مرحلة ثالثة: وتتمثّل في القراءة النقدية الموضوعية لبعض جوانب وأبواب هذا الكتاب، وتحديد المآخذ على المؤلّف فيه، في الباب الرابع خاصة.