دعم الإرهاب الداخلي
يوسي فيرتر
لا
يمكن للصمت الذي تدثّر به هذا الأسبوع أعضاء حكومة إسرائيل إزاء شغب
متطرّفي اليمين في طرق إسرائيل وأمام المحكمة العليا إلا أن يفسر على أنه
دعم للإرهاب. وحتى إذا لم يكن اعتقال الحاخام دافيد ليئور نموذجاً لحكمة
واتزان رأي الشرطة، فإن ما جرى بعد ذلك كان إرهاباً بالمعنى الأساسي: بث
الذعر والخوف في نفوس مواطني الدولة ومحاولة عنيفة لتشويش روتين حياة
الجمهور على يد حفنة من منتهكي القانون. وكل من رآهم عن قرب، أولئك أبهياء
الطلعة والوصف ممن نزلوا عن تلال الضفة الغربية، ليهجموا على المحكمة
العليا، ويتسلقوا جدرانها ويبصقون عليها، أو يحاولون اقتحام بيت نائب
المدعي العام، شاي نيتسان، رأى عصياناً مدنياً عنيفاً ضد مؤسسات الحكم.
فالمحكمة
العليا لا تقع إلا على بعد تلة ونصف عن ديوان رئاسة الحكومة. وقد جلس
بنيامين نتنياهو في تلك الساعات في ديوانه، وتلقى تقارير حول ما يجري في
باحة جيرانه، والتزم الصمت. وواصل التزام الصمت وفقط في اليوم التالي،
وتحت ضغط وسائل الإعلام وفي أعقاب توبيخ علني من زعيمة المعارضة تسيبي
ليفني، اضطر، كمن تجمّد أمام مارد، لنشر بلاغ قصير يعلن فيه أن القانون
يسري على الجميع.
ونتنياهو ليس دائماً بطيء ردّ الفعل. فعندما اغتيل
أسامة بن لادن على يد الأميركيين، أطلق نتنياهو خلال ربع ساعة بلاغاً
مصوراً على موقع يوتيوب، وكان محاطاً بأعلام إسرائيل. وشهد صمته هذا
الأسبوع بشدة على موقفه الفعلي.
كما أن اليد اليمنى لنتنياهو، وزير
العدل البروفيسور يعقوب نئمان، والذي تقع النيابة العامة المعرضة للحملات
تحت مسؤوليته، لم يبذل حتى هذا الجهد الضئيل. وظهر يوم الأربعاء ظهر نئمان
في الكنيست وردّ على استجوابات أعضائها، التي أشار بعضها إلى شاي نيتسان
واعتقال الحاخام ليئور. ووجه نئمان المستجوبين إلى وزارة الأمن الداخلي.
وقال «لا أعرف هذا الملف ولا أدري عنه شيئاً. فالشرطة الإسرائيلية هي من
تعالج الملف. وليس بوسعي الكلام أو إطلاق تصريحات عن ملفات أجهل ما يدور
حولها». ولم يقدم كلمة دعم واحدة للنيابة العامة. ولا كلمة إدانة
للمتظاهرين. فقط قادة حزب «إسرائيل بيتنا»، وزير الأمن الداخلي اسحق
أهرونوفيتش بعده وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، كانا حازمين في إدانتهما
ليئور والمتظاهرين.
في اليوم نفسه أرسل 18 عضو كنيست، معظمهم من كتل
الائتلاف الحكومي، رسالة للوزير نئمان تعرب فيه عن صدمتها من اعتقال ليئور
وتطالب بالتفكيك الفوري لطاقم التحقيق برئاسة نيتسان. وحتى كتابة هذه
السطور، لم يصدر عن ديوان وزير العدل أية كلمة، ولا حتى همساً، تدافع عن
النيابة العامة.
فما الذي بوسع الزعران الذين عربدوا هذا الاسبوع في
شوارع القدس ويهددون بتكرار ذلك بشدة أكبر إذا تم اعتقال الحاخام يعقوب
يوسف أيضاً استخلاصه؟ فوزراء الحكومة، وأعضاء الكنيست من الائتلاف
يوافقونهم الرأي. ولديهم إذن، بالصمت أو بالغمز، من رئيس الحكومة وما دون،
لمواصلة العربدة، وضرب رجال الشرطة، وجعل حياة آلاف السائقين المنهكين
مريرة، وتهديد قلعة الديموقراطية، مادياً.
إن التسامح، الخنوع
والاستكانة أمام اليمين المتطرف وأمام الحريديم، لم تبدأ في العامين
الأخيرين. ولكن هذه الحكومة، أكثر من سابقاتها، تتخصص في غض الطرف وإرسال
إشارات الدعم للجهات المعادية داخلياً، المعنية بتخريب هذه الدولة حتى قبل
سقوط الصواريخ من إيران.
يوسي فيرتر