مفكرون: تجربة "العدالة والتنمية" التركي النموذج الأصلح للتطبيق في مصر
كتب عمر القليوبي (المصريون): |
06-07-2011 02:13 تمثل
تجربة حزب "العدالة والتنمية" التركي ذي الجذور الإسلامية في الحكم بعد
تسع سنوات من وصوله إلى السلطة، النموذج الأنسب للتطبيق في مصر من وجهة
نظر سياسيين ومحللين، بعد أن استطاع هذا الحزب تحت قيادة رجب طيب أردوغان
أن يتجاوز سلسلة الخلافات والأزمات بين الإسلاميين والعلمانيين، وأن يحافظ
على "خيط رفيع" بين خلفيته الإسلامية والعلمانية التي يعتبر الجيش في
تركيا نفسه حاميًا لها، الأمر الذي مكنه من الاحتفاظ بثقة الشعب التركي
طيلة كل هذه السنوات، وأعاد انتخابه للمرة الثالثة على التوالي في يونيو
الماضي.
وشدد مفكرون وسياسيون مصريون، علي أهمية دراسة نموذج
"العدالة والتنمية" في الحياة السياسية المصرية في المرحلة القادمة، بعد
أن قدم نموذجا جيدا لما يجب أن تكون عليه الأحزاب الإسلامية، مشيرين إلى
إمكانية الاستفادة من الايجابيات التي عكستها التجربة التركية، وبما
يتناسب مع الأوضاع في مصر، خصوصا أن هناك فروقا جوهرية بين المجتمعين
المصري والتركي.
وأعرب الدكتور مصطفى الفقي، رئيس لجنة العلاقات
الخارجية بمجلس الشورى سابقًا عن ترحيبه بأن يكون الإسلام الحنيف "المخزون
الفكري لحزب عصري"، شريطة أن تكون الممارسة سياسية بحتة، وألا تخلط
الأوراق، ولا تزايد بالنصوص، ولا تقلق الآخر"، مطالبًا في هذا الإطار
باستلهام نموذج "العدالة والتنمية" في تركيا، باعتباره "ستحق الدراسة
والتأمل من جانبنا" في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير.
وحث التيارات
الإسلامية على القراءة الجيدة للتجربة التركية، للاستفادة منها في
الممارسة السياسية، وخاصة مع عزم هذه القوى الانخراط في الحياة السياسية
وتأسيس أحزاب سياسية، واعتبر أن طرح قضية النموذج التركي حاليًا في مصر
أمرًا شديد الأهمية، خاصة بعد ثورة 25 يناير، وما أفرزته من روح جديدة
تسمح بالاندماج الكامل بين الأحزاب السياسية المختلفة، فضلاً عن الفهم
العصري للعلاقة بين الدين كمرجعية حضارية والسياسة، باعتبارها نمطًا
مختلفًا في التفكير وأداة في التعامل".
غير أن الفقي اقر بوجود
تباين بين الوضع في مصر عن تركيا، قال إن يجعل من تطبيق نموذج "العدالة
والتنمية" في الحكم بمصر يحتاج لعدة سنوات، لأن الأمر بحاجة إلى فهم
موضوعي للعلاقة بين الإسلام والسياسة، مع الإدراك الكامل للمتغيرات التي
طرأت على المنطقة العربية، وغيرت معالمها وأحدثت شرخًا بين التيارات
الدينية والتيارات المدنية الأخرى.
وشدد على أهمية وجود رجال سياسة
في مصر بوزن أردوغان، وأن يكون هناك برلمان قادر علي مواجهة الحكومة
ومراقبتها، فضلاً عن جيش قوي، ودستور جديد يتبنى المبادئ العصرية والرؤى
الحديثة والغايات التي تحفظ كرامة الإنسان، مؤكدًا أهمية دراسة النموذج
التركي واستلهام ما يناسبنا منه.
من جانبه، طالب الدكتور عمرو
الشوبكي، الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بمركز "الأهرام"
للدراسات السياسية والإستراتيجية باستخدام تعبير "الخبرة التركية" بدلاً
من "النموذج التركي" في الحديث عن التجربة التركية، مشددًا على أهمية
التأمل في قدرة أي بلد على صياغة نموذجها السياسي والاقتصادي، موضحًا أنه
بشكل خاص يهتم بالتجربة التركية منذ زيارة تركيا لأول مرة في عام 2004،
لما رأى فيها من خبرة وتجربة مثيرة ومفيدة في العالم الإسلامي.
وأضاف
إن التحول التركي استطاع أن يحقق انفتاحًا وتواصلاً مع العالمين العربي
والإسلامي، بالإضافة إلى صياغة دستور أعاد صياغة العلاقة بين الجيش
والسلطة السياسية، وتحقيق علاقة ديمقراطية بين التيارات الإسلامية
والعلمانية، ممتدحًا بشدة الطريقة السلسلة الخاصة بتوظيف الدين في هذا
النموذج؛ فحزب "العدالة والتنمية" لم يرفع شعارا دينيا واحدا في حملاته،
لكنه استطاع أن يحقق نموًا اقتصاديًا غير مسبوق بتركيا.
مع ذلك،
قال إن الاستفادة من "الخبرة التركية" لا يعني بالضرورة الاستنساخ، أو
التقليل من قوة وقدرة ما أنتجه الشعب المصري، واستدرك قائلاً: علينا أن
نتأمل تجربة تركيا في تأسيس نموذج يتفاعل نقديًا مع المنظومة العالمية،
والتأسيس لنظام جديد قادر على الاختلاف في مواجهة السياسة الأمريكية
والإسرائيلية بوسائل سياسية واستراتيجية مختلفة.
وعن إمكانية تطبيق
النموذج التركي في مصر، رهن الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية
بجامعة القاهرة هذا الأمر بمدى تأثر التيارات الإسلامية في مصر بتجربة
تركيا وحزب "العدالة والتنمية"، خاصة وأن أهمية هذا النموذج تكمن في أنه
استطاع حل التناقض الشكلي أو الظاهري بين الإسلام والديمقراطية، إذ قدم
نموذجًا لتداول السلطة وقبول الآخر والتعامل مع الأقليات وغيرها من الأمور
المعقدة بطريقة ناجحة.
وأعرب نافعة عن اعتقاده بأن نجاح التجربة في
مصر يعتمد بشكل أساسي على رؤية التيارات الدينية في مصر لهذا النموذج
وإيمانها بأن حزب "العدالة والتنمية" هو نموذج للحزب الإسلامي، كما يجب أن
يكون.
بدوره، أبدى الدكتور طارق الزمر عضو مجلس شورى "الجماعة
الإسلامية" ترحيبه بشدة بالنموذج التركي، في ضوء تجربة حزب "العدالة
والتنمية" ذي المرجعية الإسلامية في الحاكم، خاصة وأن الجيش المصري قد
يكون أحرص على الديموقراطية من الجيش التركي الذي يفرض نفسه حارسًا على
العلمانية الأتاتوركية، وأكثر حكمة واقل تدخلاً في الحياة السياسة واقل
علمانية من الجيش التركي.
بيد أنه شدد على أهمية أن يكون المجتمع
المصري أن يكون واعيًا، بمعنى أن يكون فاعلاً ولديه نضج في الرؤية وفي
الحكم والاختيار، وأن يكون من يختارهم لتمثيل الشعب على أساس فكره ومنهجه
وإخلاصه ومقدرته على العطاء، وليس على أساس أنه شيخ، أو ليس بشيخ.