** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 جان-فرانسوا كيرفيغانJean-François Kervégan: سياسات التسامح هي الوسيلة الأنجع لمقاومة النزعة الاحتوائية الراديكالية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بن عبد الله
مراقب
مراقب
avatar


التوقيع : جان-فرانسوا كيرفيغانJean-François Kervégan: سياسات التسامح هي الوسيلة الأنجع لمقاومة النزعة الاحتوائية الراديكالية Image001

عدد الرسائل : 1537

الموقع : في قلب الامة
تعاليق : الحكمة ضالة الشيخ ، بعد عمر طويل ماذا يتبقى سوى الاعداد للخروج حيث الباب مشرعا
تاريخ التسجيل : 05/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8

جان-فرانسوا كيرفيغانJean-François Kervégan: سياسات التسامح هي الوسيلة الأنجع لمقاومة النزعة الاحتوائية الراديكالية Empty
24062011
مُساهمةجان-فرانسوا كيرفيغانJean-François Kervégan: سياسات التسامح هي الوسيلة الأنجع لمقاومة النزعة الاحتوائية الراديكالية



جان-فرانسوا كيرفيغانJean-François Kervégan: سياسات التسامح هي الوسيلة الأنجع لمقاومة النزعة الاحتوائية الراديكالية Arton3931

Jean-François
Kervégan: وُلِد جان-فراسوا كيرفيغان في 05/ديسمبر/ 1950 في الجزائر
العاصمة التي عاش فيها سنوات طفولته الأولى قبل أن يرجع وأسرته إلى فرنسا
حيث دَرَسَ الفلسفة في مدرسة دار المُعلمين العليا École Normale
Supérieurبين عامي 1972-1976 حصل خلالها على شهادة التبريز عام 1975 قبل
أن يُسافر إلى ألمانيا لانجاز أطروحته للدكتوراه حول فلسفة الحقّ عند
هيغل. يتولّى حالياً كرسي فلسفة المعايير في المعهد الجامعي في فرنسا،
ويشغل منصب رئيس قسم فلسفة المعايير والاجتماع في جامعة السوربون باريس1.
كان كيرفيغان أُستاذاً زائراً في جامعات برلين وفيينا ونابولي، وباحثاً
زائراً في معهد ماكس بلانك في فرانكفورت. منذ عام 2007 صار كيرفيغان عضواً
في الجمعية الدولية حول هيغل وعضواً في الجمعية الفرنسية للفلسفة والنظرية
القانونية والسياسية التي كان رئيساً لها من 2002 حتى 2006.


له عديد المؤلّفات والأبحاث نذكر منها:

هيغل، كارل شميت. السياسة بين التأمل والوضعية، 1992.
ترجمة إلى الفرنسية لكتاب هيغل: مبادئ فلسفة الحق، 1998.
هيغل والهيغلية "ماذا أعرف؟"، 2005. (يُترجم حاليَّاً إلى العربية).
الواقعي والعقلاني. هيغل والروح الموضوعي. 2007.




مثل
لوي ألتوسير وجاك دريدا وإتيان باليبار ومفكرين فرنسيين آخرين، تُمثِّل
أنتَ أيضاً واحداً من أولئك الفلاسفة الذين وُلِدوا وعاشوا في الجزائر.
بالنظر إلى الماضي بعد هذا الزمن كيف ترى المشهد السياسيّ الحاليّ في ذاك
البلد أوّلاً وفي العَالم العربيّ ثانياً؟


إنّ حقيقة كوني
وُلِدتُ في الجزائر منذ أكثر من نصف قرن، وعِشتُ فيها خلال طفولتي لا
يمنحني بالتأكيد أيّة جدارة خاصة لكي أتحدَّث عن وضع ذلك البلد، وعلى
الأخصّ عن وضعه السياسيّ. أنا لستُ مُطَّلِعاً على اللغة العربية، وهذه
نتيجةٌ ضروريٌّةٌ تقريباً للأُسلوب الذي كان يعيش به "الأوروبيون"، كما
كانوا يُسمّون أنفسهم، في ذلك البلد وبشكلٍ خاصّ في الحيّ الذي عشتُ فيه
في الجزائر العاصمة. أقرأ- بحذر- الأخبار التي تنشرها الصحافة الفرنسية عن
بلد مولدي، وهذا يتوقّف عند هذا الحدّ (وعلى قراءة بعض أعمال المؤرِّخين
عن الجزائر المُعاصِرة وعن مرحلة الحرب وما تلاها). كما أنّ معلوماتي عن
العالَم العربيّ فيها نقصٌ أكبر ولا تمضي أبعد من ذلك، وهي تتوقف هنا
أيضاً على قراءة الصُّحف. ولكنني أعتقد أنني أستطيع أن استخلص من ذلك فكرة
أنّ بلدان الحضارة العربية الإسلامية، مثلها مثل عديد الحضارات الأُخرى،
ولكن ربما بطريقة أكثر حِدَّة من غيرها، تُكابِد من التوتُّر الذي عانتْ
منه كلّ الشعوب بين بعض التقاليد المُكوِّنة لهُويَتها وبين الاشتراطات
الخاصَّة "بالحداثة" الاجتماعيَّة والسياسيَّة التي لا تتوافق مُباشرةً
وبسهولة مع تلك التقاليد. إنّ حلحلة هذه التوتّرات، التي تحدث كلّ مرَّة
عبر طرق مُحدَّدة، لا تمرّ على الأرجح عبر القطيعة مع هذه التقاليد، وهو
أمرٌ مستحيل في النهاية، إذ أنّ هذا سيكون مُعادلاً للتخلّي المحض والبسيط
عن عاملٍ جوهريّ للهويّة الثقافيّة والسياسيّة للشعوب المَعنيّة، ولا
(وهذا رأيي) عبر الرفض المحض والبسيط للحداثة التي تُغري بكلّ تأكيد بعض
قِطَّاعات المجتمعات العربية والإسلاميّة، مثلما أغرتْ أوروبا أحياناً
(أُفكِّر هنا على الأخص بالمعركة التي قادتها الكنيسة الكاثوليكيّة زمناً
ضد "الحداثة").
إنّ السؤال الذي يطرح نفسه بالطبع- ولكن، مرَّة
ثانية، فإنّه سبق وطرّح نفسه أيضاً على الشعوب الأُخرى التي عاشت مثل هذا
الانتقال- هو تحديد ما إذا كان يوجد تعارض بين الاشتراطات المعياريّة
المُتحدِّرة عن هذه التقاليد وبين تلك الاشتراطات التي نعتبر(ولكن يجب
أيضاً تبرير ذلك بدقة) أنها مُلازمة للحداثة، مثل ما ندعوه بحقوق الإنسان،
والذي هو مصطلح غير محدَّد على نحوٍ كافٍ. نحن نعرف الصيغة الشعبية
(والصحافية) لهذا الجدل: هل تتوافق حقوق الإنسان مع تطبيق الشريعة
الإسلامية؟ أعتقد أنّه من المهمّ، وبشكل خاصّ من جانب الفلاسفة، تجاوز هذا
الأُسلوب المُبسّط جدّاً في طرح سؤالٍ (حقيقيّ). يجب إذن التفكير في
الفحوى الدقيقة لما هي "حقوق الإنسان"، ونحن نعلم (أو قد يكون علينا أن
نعلم) بأنّ هناك جدلاً حول هذا الموضوع بين العديد من التصوّرات (فنحن
نتكلّم عن حقوق الجيل الأول والثاني والثالث …)؛ كما أنّنا نعلم كذلك أنّ
الاختيار بين الاحتمالات المُمكنة يرتبط في جزء منه بخيارات، تتبع للفلسفة
السياسية، تتعلق بما نعتبره "مُجتمعاً عادِلاً" أو "صالحاً". يجب أيضاً
وبشكلٍ مماثل- ولكن عليَّ هُنا أن أنحني أمام أولئك الذين لديهم القدرة أن
يتحدّثوا عن ذلك بإطلاع ودراية- التساؤل حول التأويلات المُتعدّدة جدّاً
للقواعد الأخلاقية والقانونيّة للإسلام، وحول الطريقة التي يمكن له من
خلالها التكيّف أو عدم التكيّف مع المبادئ القانونيّة الصورية التي تَظهر،
خطئاً أو صواباً، متواكبةً مع "الحداثة". أُلاحظ في هذا الصدد أنّ هناك
سلطات قضائية، وأحياناً السُلُطات القضائية العُليا، في البلدان
الأوروبيّة نفسها (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا) قد تبنَّتْ مواقف مُتعدّدة،
بل ومتناقضة حيال ذلك.


بالنسبة إلى
جاريها، المغرب وتونس- حيث كان التخلُّص من الاستعمار غير مُعقّدٍ نسبياً-
فإنّ الجزائر قد عاشتْ تاريخاً حديثاً مُضطرباً وقاتماً بشكلٍ خاصّ حيث
كانت إحدى نتائجه (وحول هذا فقط أشعر أنني مُخوَّل أن أتكلّم) تراخي
العلاقات الثقافية بين هذا البلد وفرنسا، الأمر الذي أجده مؤسفاً بعمق.
أعتقد بهذا الصدد أنّ هناك مسؤولية خاصة تقع على عاتق الجامعيين بخاصّة
عندما يشعرون أنهم معنيّون بصفةٍ أو بأُخرى بمآل هذين البلدين، وأنّ عليهم
أن يفعلوا ما بإمكانهم، دون أن يستجيبوا مُطلقاً لأيّ إغراءٍ استعماريٍّ
جديد néo-colonialiste، من أجل الحفاظ أو من أجل إعادة خلق تعاونٍ ثقافيّ
وفلسفيّ مع المؤسسات الجامعية المَعنيّة. ولكن، يبدو لي، أنه لا يزال هناك
الكثير ليُفعَل قبل أن تُصبح هذه التبادلات [الثقافيّة والعلمية] مُقنِعة.






هل تعتقد فعلاً أنّ الإسلام في أوروبا يُمثِّل اليوم تهديداً حقيقياً للعَلمانية وللديمقراطية وللمجتمع المدني الأوروبي؟


كلّ دين يُمثِّل
تهديداً مُمكِناً للعَلمانيَّة، التي هي بالمناسبة مفهومٌ ينبغي صياغته
بِدقّة، فهو [أي الدِّين] يَعتبر أنّ كيان العقائد التي تُكوّنه لا يتوافق
مع، أو هو على الأقل أسمى حتماً من التنظيمات المعيارية التي تستطيع
المجتمعات أن تتجهّز بها باستقلالٍ عنه أو بالتوازي معه. إذن ليس الإسلام
ذاته أبداً من يُمثِّل تهديداً، ولكن بعض أشكال التعصُّب الديني، التي
نعرف أو عرفنا أمثلةً منها في كلّ دين من الأديان العظيمة، والتي تستطيع
إثارة مشكلة في المجتمعات التي هي نهبٌ لما دعاه ماكس فيبر ‘ "تعدُّد آلهة
القيم". لقد قادت سياسات الهجرة المُتَّبعة من قِبَل الدول الأوروبية
الكُبرى إلى أعداد كثيفة من السكان استقرّت في أوروبا، واتَّفق أنّها كانت
غالباً ذات ديانة مُسلمة، ومن الصحيح حالياً أنّ الرأي الشعبي [الأوروبي]
حسّاسٌ بشكلٍ خاصّ لما يمكن له أن يظهر كمظهرٍ للتعارض بين هذا المُعتقد
(الذي يظلّ مُتنوِّعاً جدَّاً، على حدّ علمي، فيما يتعلَّق بالعقيدة بقدر
ما يتعلَّق بالشعائر والممارسات الفرديَّة) وبين "القيم" السياسيّة التي
يقتضيها أسلوبُنا في أن نحيى معاً. لكنني لا أرى أيّ سبب لاعتبار أنّ هناك
تعارُضاً في المبدأ، أو تعارُضاً أكبر لهذا الدين مع المبادئ القانونيَّة
والسياسيّة التي يقوم عليها مُجتمعنا المدني والسياسي، على شرط أن نطوّر
تأويلاً يتسامح مع التعدُّديّة الدينيّة كما يتسامح، الأمر الذي قد يبدو
أكثر صعوبة، مع استقلال الفضاء السياسيّ و- بمقياسٍ عريض- مع استقلال
الفضاء الاجتماعي بخصوص المُعتقدات الدينيّة. على النقيض مما يُصرِّحُ به
البعض بدون تروٍّ، لا يوجد برأيي سببٌ للاعتقاد بأنّ ديناً كهذا قد يكون
غير قادرٍ على قبول قواعد التسامُح التي يفرضها علينا التشارُك الحديث
للخاصّ والعامّ وكذلك لوجود مبادئ قانونية-سياسيّة مُكوَّنة تجعل من
الاستقلال الفردي ومن وسائله حقوقاً أساسيّة، في حين أنّ أدياناً أُخرى
تقبل بهذا بدون مُشكلة. كلّ الأديان، بالنسبة لي، مُهيَّأة بنيوياً لأن
تنال من هذه الحقوق، ولكن يظلّ بوسعها احترامها أيضاً.


أنتَ
فيلسوف قانون، ما هو رأيك بالقانون الدوليّ؟ هل هو فعَّال فعلاً في إدارة
الظروف العالمية المُضطربة جدَّاً؟ هل الأمم المُتحدة مُجرَّد وحش من ورق
كما يقول هابرماس؟ هل آن الأوان للذهاب إلى ما وراء الدولة الأُمّة؟



كما بيَّن ذلك بشكل
قويٍّ جدّاً مُنَظِّرٌ للقانون مثل كِلسن Kelsen، فإن القانون الدوليّ
والترسُّخ المتنامي لسيطرته على القانون القوميّ الخاص بالدّولة étatique
هو توجه شاقّ، ولا يمكن مقاومته بلا شكّ بالنسبة للعالَم المعاصر. يبدو من
الطبيعي إذن أن يفرض "مُجتمع الأمم"- وفقاً للاسم الجميل الذي أعطاه إيّاه
فلاسفة التنوير- قانونه تدريجياً على الدول وعلى مصالحها الجزئيّة
بالتأكيد، ذلك القانون الذي يتوافق من حيث المبدأ على الأقل مع المصالح
التي هي من النوع الإنساني في جملتها. انطلاقاً من وجهة النظر هذه فإنه
يجب الاعتراف بأنّ ما سمّيناه ‘ "الحقّ في التدخُل" « droit d’ingérence »
يُمثِّل تقدُّماً على هذا الصعيد: فمن غير المقبول أن تتمكَّن الدول بموجب
ما دعوناه ‘ "مبدأ السيادة" من الإساءة، وسلب أو حرمان حقوق جزءٍ من
رعاياها أو من السُّكان الخاضعين لسلطتها بدون أن تتدخَّل المجموعة
الدوليَّة. ما يُراد قوله هنا هو أنّ السيادة السياسيّة تنطوي بالتأكيد
على حقوق (كنا قد دعوناها في لغة القانون القديمة بحقوق الجلالة)، ولكنها
تنطوي كذلك على واجبات (كل ما له صلة مع ما ندعوه، وهنا أيضاً في لغةٍ
قديمةٍ جداً، ‘ "الصالح العام"« les biens publiques ») وأنه من الشرعي في
الغياب الواضح لمثل هذا الهاجس بالصالح العام، أو إذا لم يكن الأهالي
قادرين على فرض احترام أسباب وجودهم على السُّلطات، أن تستطيع عندها
المجموعة الدُّوليّة مُمثَّلَةً بالأُمم المُتَّحدة (التي توافق كلّ الدول
تقريباً على الالتحاق بها طواعيةً) التدخُّل بالطُرق الدبلوماسية،
والقانونيَّة، والاقتصاديَّة، و، أخيراً، العسكريَّة. إن إنشاء محكمة
العدل الدُّوليَّة والصلاحيات القضائيّة المُهيأة لها لمعرفة ما يجب
تسميته جيدَّاً بالجرائم السياسيّة المُقترفة في بعض مناطق العالَم هو في
هذا المضمار حدثٌ يجب تحيته رغم كل الصعوبات التي تعترض عمله.
بالرغم من هذا، فإنّ هناك مُشكلتين تطرحان نفسيهما، يُفسِّر عدم حلّهما
الانتقادات العنيفة التي تتعرَّض لها سياسات التّوسُّط أو "التدخُّل" «
ingérence » في الحياة الدَّاخلية لبعض الدّول. أولاً، يبدو أنّ نسبية
مبدأ السيادة ومبدأ عدم التَّدخُّل لا تُطبق على كلّ الدُّول على قدم
المساواة. يكشف عن ذلك موقف الولايات المُتحدة الأمريكية إزاء محكمة العدل
الدوليّة TPI: فقد كانت مؤيِّدة لإنشائها طالما أنّ ذلك يعني محاكمة أعمال
"الإبادة الجماعيّة" المُرتكبة هنا وهناك، ولكنها استثنت من حيث المبدأ
إمكانية أن يُحال أحد رعاياها يوماً أمام تلك المحكمة. من المؤكّد أن
حقيقة امتلاك بعض الدول (ومما لا جدال فيه أن الولايات المُتحدة تُمثِّل
جزءًا من هذه الدول) لمؤسّسات ديمقراطيّة مُستقرّة وقديمة تسمح بافتراض
أنها قد تكون قادرة، أكثر من غيرها، على مُعاقبة الأخطاء أو الجرائم التي
قد تكون ارتُكِبَت من قبل سُلطاتها أو على يد بعض عُملائها. أيّاً يكن
فإنّ الشعور موجود فعلاً، وله ما يُبرِّره، بأنّ اتّهام حقّ السيادة
المُطلق ومبدأ عدم التّدخُّل لا يُطبَّق إلا على جُزءٍ من دول المعمورة
وليس على الدول العُظمى… من هذه الحقيقة، فإنّ الشرعية المطلوبة من قبل
المؤسّسات الما فوق-وطنية supra-étatiques (وعلى الأخص مِن قِبَل
السُّلطات القضائية الدوليّة) تجد نفسها وقد تقوّضتْ على يد عدم المساواة
التي يبدو أنها تسود على هذا الصعيد بين الدول. قد يكون من المُحزن أن
يظهر ما هو، في مبدئه، تقدُّمٌ للقانون كممارسةٍ لعدالة الأقوياء ضدّ
الضُّعفاء.


المُشكلة الثانية:
سواءً أردنا ذلك أم لم نرد، هي في أنّ عوامل تنفيذ السياسات الدولية تظل
مُرتبطةً بإطار الدولة-الأُمة. فعزم الأمم المُتحدة على إرسال قوّة
"دوليّة" إلى هذه المنطقة أو تلك الدولة (أُفكِّر هنا بالتأكيد في ما حصل
في أفغانستان والعراق) يوضع موضع التنفيذ على يد قطّاعاتٍ عسكرية تابعة
وموضوعة تحت قيادة بعض الدول، الأمر الذي يغذّي الشك حتماً في أنّ المصالح
الخاصّة لبعض الدول هي مَن يلعب دوراً حاسماً هنا، وليست مصالح المجموعة
الدوليّة (هذا دون أن نقول شيئاً عن مصلحة الشعوب "المُستفيدة" من
التدخل). قد يؤدّي هذا إلى قبول فكرة حلول نزعة امبريالية جديدة
"إنسانيّة" و "دوليّة" محل الصيغ الكلاسيكيّة لسياسة قوّة الدول.


في الحقيقة يبدو لي
أنّ تحوُّلات القانون والسياسة الدوليّة في إطار عالَمٍ يصبح، في المظهر
على الأقل، مُتعدّد الأقطاب تطرح بإلحاح مسألة طبيعة المجموعة الدوليّة.
فقد تمّ تصوُّر المنظمات الدوليّة والشعور بالحاجة إليها- في ظلّ شروط
دراماتيكية (الحربان العالميتان، وتعارض المُعسكرين الرأسمالي والشيوعي…)-
من قِبَل دولٍ استندت على الديمقراطيَّة. مع ذلك فإنّ هذه المؤسسات،
ولأسبابٍ جليَّة، ليست بمؤسساتٍ ديمقراطيَّة، أي أنها على الأقلّ ليست
مُنصفة، ولكنها بالأحرى، ولنجرأ على قول ذلك، مؤسسات تحكمها الأقلية
oligarchiques (أُفكِّر هنا بالتأكيد بوجود أعضاءٍ دائمين في مجلس الأمن و
‘ "حقّ الفيتو" الذي يسيطرون عليه). هل يُمكن ممارسة سياسة تستند إلى
الديمقراطيَّة بأُسلوب غير ديمقراطيّ؟ ذلكم هو السؤال السياسيّ قبل أن
يكون القانونيّ الذي يطرح نفسه برأيي على المجموعة الدوليَّة، وعلى أولئك
الذين يملكون فيها دوراً رفيع الشأن.



ما
هو برأيك الدور الذي تستطيع أوروبا أو يكون عليها أن تلعبه في وجه
الأصوليَّة الدينيَّة من جهة والسياسة المُحافظة للولايات المُتحدة
الأمريكيَّة من جهةٍ أُخرى؟



فيما يخصّ السياسة
المُحافظة الأمريكيّة، فلنرَ ما يحمله المُستقبل! بدون الإغراق في التفاؤل
الساذج، إلا أنه من المحتمل أن يُترجَم انتخاب السيّد أوباما لرئاسة
الولايات المُتحدة بتغيّراتٍ مهمّة على صعيد سياسة أمريكا الخارجية وعلى
الرؤية "القتالية" للعالَم التي كانت أساس سياسة سلفه. لكن من السابق
لأوانه جدَّاً تقدير مدى هذه التغيرات وطبيعتها الواقعية. أُلاحظ، مثل
عددٍ كبيرٍ من المُراقبين، أنّ حالة ضعف الرئيس المُنتهية ولايته قد سمحت
مؤخَّراً، وللمرّة الأولى تقريباً، للإتحاد الأوروبي بدورٍ مهمٍّ أثناء
الأزمات الدولية قريبة العهد مثل أزمة جورجيا. في المقابل، فإنّ أوروبا لم
تكن أثناء أزمة غزة- رغم نشاط الرئيس الفرنسيّ، قادرةً على أن تفرض نفسها
بطريقةٍ حاسمة على مجرى الأحداث، وبخاصة على تلك السياسة المُتبعة من قِبل
إسرائيل. آمل من ناحيتي ألا تكون قوة أوروبا السياسيّة متوقّفة في
المُستقبل على ضعف الولايات المُتحدة، وإنما على قدرتها الخاصة أيضاً على
طرح حلولٍ مُتصوَّرة ومُنصفة للمشاكل الخطيرة التي تواصل فرض نفسها على
المستوى الدولي وبخاصة في الشرق الأوسط (فلسطين-إسرائيل، لبنان، سوريا،
والعراق)، تلك المشاكل البعيدة عن أن تُختصَر إلى مُجرَّد صدامٍ للحضارات،
بحسب الصياغة الصادمة، ولكن الاختزالية لصموئيل هنتنغتون.




أما فيما يتعلق
بالأصولية الدينيّة- (أفضل مِن قِبلي أن أتحدّث عن الاحتوائية1
intégralisme)، وهي مُشكلة لا تتعلَّق مرَّة أُخرى فقط بالدين الإسلامي
(هناك "احتوائيون" مسيحيون، وهندوس، ويهود)- فسيكون من المأمول فعلاً أن
تتبنى أوروبا السياسيّة موقف السياسات المُشتركة وأن تضعه موضع التنفيذ.
نحن نعرف أنّ هذا الأمر غير مُتحقِّق اليوم أبداً، كما أنّ النقاش بين
خَيار التعدُّد الثقافيّ الذي تتبنّاه بريطانيا و، إلى حدٍّ ما، ألمانيا
وبين الخَيار "الجمهوري" سواءً أكان بالمعنى الفرنسي الكلاسيكي أو بالمعنى
الجديد الذي تتخذه اليوم هذه الكلمة في الفلسفة السياسية (انطلاقاً من
أعمال J.G.A. Pocock, Quentin Skinner و Philip Pettit) هو خَيار غير
محسوم (لا فلسفياً ولا سياسياً). من ناحيتي، فإنّ عندي نزعة لاعتبار
سياسات التسامح (كالتسامح مع ما يخص طريقة اللباس على سبيل المثال) هي
الوسيلة الأنجع لمقاومة النزعة الاحتوائية الراديكالية. إذاً فلنعط هؤلاء
الاحتوائيين حقوقاً سياسيّة، كما قال هيغل في عام 1820 (ولكن ذلك كان بصدد
اليهود حينها!) و(يجب أن نضيف اليوم: وحقوقاً اجتماعيّة وثقافيّة أيضاً)،
وعندها سيتوقفون تدريجيَّاً عن الشعور بضرورة تأكيد اختلافهم بطريقة
استعراضيَّة. من الواضح أنه، وبالإصرار على المبادئ الدستوريَّة (غير أننا
نعلم أن أوروبا لا تملك أو ليس لديها بعد دستوراً [موحداً]….)، فسيكون
طبعاً من المناسب أن نُعيِّن الحدّ الذي لا يتعلَّق الأمر من بعده
بالتعبير عن حقّ الاختلاف (كطريقة اللباس، والطقوس الدينيّة، …الخ)، وإنما
بانتهاك الحقوق التي تُعتبر أوليَّة مثل حق السلامة البدنية intégrité
corporelle أو الاستقلال الذاتي.



أما بالنسبة
للأصولية بالمعنى الدقيق، أي الراديكاليّة السياسيّة المُدَّعية بأنها
مؤسَّسة على أُسس دينية، فإنّ من المناسب محاربتها ببسالة، لأنها تُهدِّد
أولئك الذين تدَّعي التعبير عن آمالهم، بقدر ما تُهدِّد المجتمعات التي
تسعى تلك الاحتوائية بكلّ الوسائل إلى مُحاربةِ مسارها والقيم التي
اختارتها. ولكن يجب أن نتذكّر أيضاً أن المعركة الأجدى ضدّ الأُصوليّة
وضدّ الإرهاب المُرتكزين على الإيمان الديني، تتمثّل في المعركة القائمة
ضدّ أسباب وجودهما. إنّ مُحاربة نزعات التمْييز، عندنا وفي العالَم أجمع-
التي يبقى ضحاياها تلك الجماعات ذات الخصوصية الثقافيّة (وعلى الأخص
الدينيّة) هي برأيي الوسيلة الأنجع في محاربة هذه الراديكاليّة المُقلِقة،
التي يكون أوّل ضحاياها في نهاية المطاف الأهالي الذين يسقطون تحت سطوتها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

جان-فرانسوا كيرفيغانJean-François Kervégan: سياسات التسامح هي الوسيلة الأنجع لمقاومة النزعة الاحتوائية الراديكالية :: تعاليق

ة المعايير في المعهد الجامعي في فرنسا،
ويشغل منصب رئيس قسم فلسفة المعايير والاجتماع في جامعة السوربون باريس1.
كان كيرفيغان أُستاذاً زائراً في جامعات برلين وفيينا ونابولي، وباحثاً
زائراً في معهد ماكس بلانك في ف
 

جان-فرانسوا كيرفيغانJean-François Kervégan: سياسات التسامح هي الوسيلة الأنجع لمقاومة النزعة الاحتوائية الراديكالية

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: