كلمة المحرّر:[ كان ملفّ " المثليّة الجنسيّة " الذي فتحناه على صفحات موقع ( الأوان
) دعوة للكتّاب والمفكّرين للتداول المعرفيّ والنقديّ حول ظاهرة مغيّبة من
حقل الدراسات، وإن كانت حاضرة في مقاربات سِمَتها الإثارة والعَجَلة
والأحكام المسبقة. دعوة ( الأوان ) استجاب لها كتّاب متميّزون في مجالات
بحثهم بموادّ حرّكت سواكن القرّاء وذوي الاختصاص على حدّ السواء.
فقد وصلنا في الأيّام الأخيرة تعليق من الأستاذ إبراهيم محمود على مقال الدكتور عبد الصمد الديالمي ( المثليّة الجنسيّة [ 13 ]
الاجتهاد أمام المثلية الجنسية)، يأخذ فيه على الكاتب عدم الإشارة إلى كتاب له في الموضوع ( المتعة
المحظورة: الشذوذ الجنسيّ في تاريخ العرب )، ويتّهمه فيه بأخذ بعض نقاط
مقاله من كتابه المذكور.
ونحن، من موقع الموضوعيّة والحرص على الأخلاق العلميّة، ومع تسجيل
احترامنا للأستاذ إبراهيم محمود وإسهاماته المهمّة في البحوث التي تصدّى
لها، فإنّنا لم نجد في تلك الإشارات التي بعث بها ما يدعم حجّية الاتّهام
بالأخذ أو السرقة أو ما شابه. بل إنّ الأستاذ إبراهيم محمود نفسه قال شيئا
من هذا القبيل في تعليقه " هل أتّهم الكاتبَ بسرقة أفكاره الرئيسة عموماً
من كتابي السالف الذكر؟ والجواب قطعاً لا ..".
ورغم موقفنا المبدئيّ الرافض للاتّهام المجّاني لأيّ من كتّابنا،
فإنّنا أردنا أن نعرض الرأييْن معا، لعلّ عيْنا ثالثة ترى ما لم نر.]
- تعليق إبراهيم محمود:في مقال الكاتب عبدالصمد الديالمي ( الاجتهاد أمام المثلية الجنسية )
والمنشور في موقع( الأوان) بتاريخ 30-9/2009، ثمة العديد من النقاط
الرئيسة والمباشرة، مأخوذة من كتابي( المتعة المحظورة" الشذوذ الجنسي في
تاريخ العرب")، والمنشور عن شركة رياض الريس، بيروت، 2000، دون أي إشارة
إليه:
في الحديث عن الغلمان، في الفقرة الأولى، ومن يكون الغلمان، وصلتهم
بالجواري وحور العين، وحقيقتهم الجسدية، وما يخص الطبري وتفسيره لموقعهم
قرآنياً، وقول يحيى بن أكثم.. الخ، تعرضت لذلك مطولاً في كتابي السالف
الذكر، وذلك في الفصل الأول تحت عنوان( متعة الولدان)، من خلال الآيات
الدالة وهي ثلاث( ص149)، وسلطت الضوء عليها ( ص 150-151-154)، ومن ذلك ما
يتعلق بجسد الغلام الجنتي وتقديمه المتعة للفائز بالجنة، وكيف( يكون جسد
الخادم نفسه داخلاً في الخدمة المتعية.)، كيف ( تحل المتعة الأبدية محل
الشقاء)، ولاحقاً يأتي ربطهن بالخمر والنساء، عندما يحلَّل المحرَّم
كثيراً( كما في حال الخمر، والاستمتاع بالنساء( فهن كثيرات يتجاوزن الأربع
هذه المرة… ص154).
أما استشهادي بابن أكثم فيأتي لاحقاً( ص156)، ولا أظن أن الديالمي
استشهد به من خلال مطالعة" برانية، إنما من خلال قراءته لمجمل المدوَّن عن
هذا الموضوع، كما هو سياق كتابته المذكورة.
في الفقرة الثالثة، ثمة أكثر من نقطة لها صلة باللواط الأصغر، وحكمة
تجنب الدبر، وقد تعرضت لذلك في أكثر من نقطة، ومن ذلك: استمرارية الحياة
عبر النسل( ص 56-76- 139..الخ)، أما الجانب الديموغرافي، فقد ورد في سياق
التركيز على ضرورة النسل إسلامياً أكثر( حيث الرجال قليل والنساء كثير،
وهذا من شأنه أن يسرّع في وتيرة النمو الديموغرافي، ويقوي( الجسد)
الإسلامي الجديد. ص 138)، وما جاء بصدد( قذف المني في غير موضع الحمل)،
فإنه ورد بصيغة أخرى، كما أعتقد، ومن خلال ربطه باستمرارية الحياة، وهو
جزء من مقتبس طويل نسبياً من ميشيل فوكو، ورد في كتابي( ص 89).
بصدد النقاط الأخرى، والتي يمكن مناقشتها أيضاً، وتحديداً في الجانب
الاجتهادي الفقهي، ولماذا ارتبطت اللواطة بلوط، ومناقشتها، فقد تعرضت لذلك
في الفصل الثالث( اللواط مفهوماً ومجالاً وموقفاً)، أما عن اللواط الأصغر
ومحاذيره، فقد تعرضت له في الفصل الرابع( اللواط الأصغر: متعة الدبر
الأنثوي المحظورة)، دون إغفال الموقف الفقهي من ذلك، وموقف الرسول، وما
أورده الطبري عن ذلك في ( تفسيره)، يمكن فتح ملف كبير هنا، لأن ثمة
تاريخاً طويلاً تابعته سابقاً، مثلما حاولت ربط اللاحق به في سياقه
الاسلامي المتعدد الأبعاد.
أنهي تعليقي على مقال الديالمي، بسؤال: هل أتهم الكاتبَ بسرقة أفكاره
الرئيسة عموماً من كتابي السالف الذكر؟ والجواب قطعاً لا، إنما في النقاط
التي أوردتها في البداية، لا أجد بداً من هذا الاتهام، بما أنه لم يشر
إليه، وكون الصياغة لا تدخل في باب توارد الأفكار أوتشابهها، ولأن التقديم
والتأخير لبعض منها على البعض الآخر، من خلال المقال، يفصحان عن هذا
الإجراء، ليس الاقتباس طبعاً، وإنما السطو حرفياً.
ولعلي ما كنت أعلِم المعنيين بالموقع بما ذكرت، إلا لأن ضرورة قصوى دفعتني
إلى ذلك!
- تعقيب عبد الصمد الديالمي:فيما يتعلق بإبراهيم محمود، أجيب باندفاع ودون أدنى تردد أو تفكير ما يلي:
أولا، أصرّح بشرفي أنّي لا أعرف هذا الاسم ولا أعرف حتّى عنوان الكتاب المشار إليه.
ثانيا، أذكّر إبراهيم محمود بأنّ الأبحاث عن الجنس والإسلام لم تبدأ مع
كتابه سنة 2000. إن اهتمامي بموضوع الجنس والتراث الإسلامي يعود إلى بداية
السبعينيات من القرن الماضي، بالإضافة إلى دكتوراه سلك ثالث سنة 1980
ودكتوراه دولة سنة 1987 في موضوع الجنس والإسلام، مع كل ما يعني ذلك من
قراءات وأبحاث.
ثالثا، ما الذي يسمح لمحمود إبراهيم الإقرار بأن كل من يستشهد بالطبري
يمر حتما عبر وساطة إبراهيم محمود؟ كيف يسمح إبراهيم محمود لنفسه بالتشكيك
في عدم مطالعتي للطبري مباشرة؟ ما هي أدلته؟ هل يعتقد إبراهيم محمود أن له
الحق لوحده في استعمال الطبري وفي الاستحواذ عليه؟
ثم إن الإقرار "حيث الرجال قليل والنساء كثير" إقرار خاطئ لا سند علمي
له، وهو إقرار يستعمله الإسلامويون لتبرير تعدد الزوجات. وهو أيضا إقرار
يتناقض مع تفضيل الرجل للرجل جنسيا… فعلى إبراهيم محمود أن يهضم جيدا ما
يقول، في انتظار أن أحكم على ما يكتب (بعد الاطلاع عليه).
تعقيب من إبراهيم محمودوصلنا هذا التعقيب يوم 7/10/2009، و اتفقنا مع صاحبه على نشره باعتباره
تعليقا، لكن طوله حال دون ذلك، فأرفقناه بالنّصّ (هيئة التحرير)
والآن بعيداً عن الاندفاع- حول رد عبدالصمد الديالميإبراهيم محمود
بداية أقدّر" اندفاع" الدكتور عبدالصمد الديالمي في رده علي، وليس لدي
الحق، أي حق، في أن " أسحب" منه أو سواه اعترافاً بأنه يعرفني أو يكون
مطلعاً على كتابي المذكور في تعليقي على مقاله السالف الذكر أيضاً، وأنا
أتلمس فيه ممارساً الاستصغار لي في البداية والاستخفاف بي لاحقاً ولغة
التهديد والوعيد معي في النهاية، لكن- ومن خلال قراءتي لرده الاندفاعي
أولاً، يمكنني مناقشته، ودون اندفاع، في النقاط التالية:
في أحدث كتاب له، كما أظن،( سوسيولوجيا الجنسانية العربية) والصادر عن
دار الطليعة، بيروت،2009، وفي معرض جوابه على سؤال وجّه إليه، في نص حواري
معه بصدد( العمل الجنسي الرجالي)، حول مدى إمكانية الحديث( عن دعارة
رجالية؟)، كان جوابه( شخصياً، أفضّل ألا أستعمل كلمة" دعارة"، لأنها كما
وسبق أن قلت مراراً كلمة أخلاقية يخفي بفضلها المجتمع نفاقه… وبصفتي عالم
اجتماع، أفضل استعمال كلمة" العمل الجنسي" كمفهوم محايد. ص 86)!
هنا أسأل باحثنا، عفواً: عالمنا الاجتماعي: هل التصريح بالشرف له دخل
بموضوعه- موضوعنا معاً؟ وهو الدقيق، كما يقول، في اختيار كلماته الدالة.
أليس الشرف بالمقابل كلمة أخلاقية تدخل في خانة" الهبة الانفعالية"؟ أهكذا
يتعامل الخبير لدى الهيئات الدولية ومعتمد ثلاث لغات في مؤلفاته مع
منتقديه، وللدقة: مع من يوجّه إليه اتهاماً ما من خلال حيثيات مكتوبة،
ودون تردد؟ لندع الألقاب العلمية جانباً إذاً، فالمادة العلمية هي المحك!
أما عن التالي، وبصدد عدم معرفته لي ، ولا للكتاب الموسوم بالإشارة
إليه في معرض رده، فليس لدي ما يثبت العكس مباشرة، ولكن، وكونه المتابع
لما يحدث في حقله البحثي والميداني الواسع فعلاً، وهو مشكور طبعاً على ما
أنجزه معرفياً حتى الآن، وكونه الخبير لدى أكثر من هيئة دولية، يمكنني أن
أذكّره بمقاله المدرج في كتابه السالف الذكر( الجنس واليسار والإعلام)،
وتحديداً في الفقرة المعنونة بـ( الجنس في الجرائد المغربية- ص167-169)،
أذكّره هنا بحقيقة ما يشير إليه، وطبيعة عمله البحثية من جهة الدقة، وما
يخصني أنا بالذات، فأقول: إن ما نشر عني في المغرب" بلد الباحث" ربما يكون
أكثر مما نشر عني في أي بلد عربي آخر، وأنا أتحدث على الأقل، عن أحداث
شبكة المثليين الجنسيين التي عرفت في تطوان قبل خمس سنوات، عن الملف
الكامل الذي أعِد لهذا الغرض، من قبل( الصحيفة المغربية)، ولها نسخة
بالفرنسية Le journal، وقد أجريَ معي حوار حول الموضوع وما يخص المثلية
الجنسية، عبر اتصال انترنتي، من أحد أعضاء هيئة التحرير، ومراسلها الأخ"
جمال وهبي"، ونشر في صفحة كاملة، وبتاريخ(9-6/2004)،ولن أتحدث عن صدى
الحوار السالف مغربياً عما دار في الحوار، كما أعلمني المراسل، وقد أغلِقت
لاحقاً من قبل الدولة. تُرى هل كان الباحث الديالمي بعيداً عن هذا الحدث
اللافت وغير مطَّلع عليه حقاً؟
لاحقاً، وعلى مدى أربعة أعداد، نشرت مجلة( نيشان) الأسبوعية المغربية،
سنة 2006، أربعة ملفات، كل ملف خصّص له عدد كامل، عن أربعة كتب تمحورت حول
الجنس، حيث تمحور العدد الثاني، وهو( 81) حول كتابي( الجنس في القرآن)،
وقد أغلقت من قبل الدولة بدورها، على إثر شكاية من أحدهم، كما أوردتها
الصحف آنذاك، ولا أقول عن إن إغلاقها متعلق بكتابي هذا، فقد كان هناك
ثلاثة كتب أخرى، وفي ظرف معين يعرفه المطَّلعون عليه، وهنا أتساءل أيضاً:
هل كان باحثنا الديالمي بعيداً عما حدث، غير مطَّلع عليه حقاً؟
بصدد اجتهادات الديالمي ومؤلفاته المنشورة، لم أمسها بكلمة، وليس من
أحد بقادر على احتكار أي موضوع لنفسه، سواء أكان تراثياً أو غيره، وهو في
رده سعى إلى إظهاري وكأنني أعكّر عليه صفوه البحثي العائد إليه وحده وفي
مجاله. ليطمئن جيداً، هو باحث بكل معنى الكلمة، وله باعه الطويل في ذلك،
وما تحدثت فيه تركَّز على جملة نقاط في التشابه، وتلك التي وجَّهتُ إليه
إصبع الاتهام، من خلال التوثيق، وتبعاً للصياغة الواردة عنده، وكما تسلسلت
في كتابي( المتعة المحظورة)، وهو يستند إلى كم وافر من المصادر المباشرة:
التراثية في الدرجة الأولى، لمن يريد التأكد، وليس من قبيل الدعاية، أو
دفع التهمة المضادة، أو التجني الموجَّه، وقد جاء رد الديالمي في
العموميات، وبعيداً عن لغة الباحث المتأنية، وفي استعلائيتها، كما لو أنني
أبحث عن مكانة لاسمي بجوار اسمه العلمي، وما في ذلك من شعور بـ( الإهانة)،
وهذا ما لم يرد في ذهني، ولن أفكّر فيه، حسبي أن أقول، إن الذي نشرته كان
له حضوره العربي، بغض النظر عن ردود أفعال الغوغائيين والمنافقين هنا
وهناك.
أما فيما يخص مفهوم الإقرار والمتعلق بـ( بقلة الرجال وكثرة النساء)،
وما أشيرَ عبر ذلك إلى الطبري، فهذا مردود حرفياً، ودفعة واحدة على الباحث
الاندفاعي، حيث إنني لم أقره، لا في كتابي، ولا في أي مصدر آخر، وكما ذكرت
في تعليقي المنشور، بل جاء ذلك في سياق عرض وجهة النظر الإسلامية،
ومناقشتي لفكرة الطبري، والباحث نفسه كان متصرفاً بالطريقة ذاتها، ولو
ببعض الاختلاف في الصيغة( أي الحديث الذي يتعلق بتبرير تعدد الزوجات وما
يدخل في عداد الاتصال الجنسي مع ما تملكه أيمان المسلمين، وخصوصاً في
الإسلام الباكر ولاحقاً، بزعم دعم الدولة الإسلامية الحديثة العهد نسلياً،
لأن ثمة خسارة في الأرواح: أرواح الرجال، جرَّاء حروب المسلمين مع
الآخرين)، وحتى طبيعة المكافآت المتعية: الجنسية الطابع في الجنة،
ومقاماتها المتفاوتة، وهي تقوم على خلفية من هذا التوجه في بعديه المادي
والمعنوي. لقد لبَّسني الديالمي، بسبب اندفاعه ذاك، ما أنا بعيد عنه كل
البعد، وهو يتحدث لاحقاً عن منطق الإسلامويين حيث لا دخل لي به إطلاقاً،
ولأسال مجدداً: أهكذا يدير عالم الاجتماع الحوار مع الآخر، وإن ظهر عليه
استفزاز، أم أن الذي انطلق منه استند إلى فكرة التمحور على الذات، على أن
الحقيقة، كل الحقيقة التراثية، والجنسية منها حصراً، تكون معتمدَة لديه؟!
ما يخص النهاية المكتوبة، وهي تستشرف أكثر من فراغ، في لغة التهديد
والوعيد، وهو- كما يظهر- يعد عدته الاندفاعية لذلك، يتابع ما يمكن أن يسفر
عنه رده وردود قرائه وما يبايعون عليه ما يقوله اندفاعياً، ولعله ينتظر
مني إقراراً، وبالعشرة، على أنني أخطأت الخطأ الجسيم في حقه، وأبدي
اعتذاراً له ولقرائه" مريديه" وسواهم، وإلا فسوف يحصل لي، كما هي طبيعة
لغته، ما لا أتوقعه سوءاً حتى خارج حدوده المحلية والإقليمية.
ثمة نقطتان أنهي بهما ردي المتواضع، رد ساع إلى البحث المعرفي دون"
عراضة": أهلاً بالصديق المعرفي: الديالمي، وإن لم تشأ رغبة في لعبة
المفارقات والتمايز، فذلك قرارك وما يقوده قرارك الاندفاعي إليه.
النقطة الأخرى، تخص موقع" الأوان" ومن باب الحرص، أتساءل: هل حقاً
التزم الحياد فيما حدث، ويحدث في مواجهات/ سجالات من هذا القبيل؟ وقد أطلق
حكماً على طبيعة ردي منذ البداية، ثم فتح الباب للقراء، لأي شيء، ليصطف
القراء وراء هذا الحكم؟ ولأحصَر بين مطرقة الموقع وسندان الكاتب مباشرة،
والموقع لا علاقة له بالمنشور، وإنما يدع الآخرين من خلاله يتواجهون
ويمارسون اختلافهم، وحتى" هواهم" المعرفي أحياناً، وفي المنحى العقلاني،
سعياً إلى الأفضل، وللموقع أجر محسوب ومعضود في ذلك، وهذا يخص طبيعة
المنشور في الأسفل، في إطار ما يسمى بالتعليقات، والأسماء الناقصة وذات
الشبهة، وما أكثرها، وكيف تطلق أحكام، هي أقوال دون القول المسئول، إذ لو
أن أياً منهم كان واثقاً من نفسه لأورد اسمه كاملاً، ليفيد ويستفيد، ولأن
موقع" الأوان"، كما هو المعرَّف به، ليس ساحاً ليتبارى فيها أهل السوء من
طفيليي المعرفة ومنافقيها!!
"ردا على تعقيب إبراهيم محمود الأخير،عبد الصمد الديالمي
أصرح بشرفي مرة ثانية أنني لم أكن أعرف اسمه قبل هذا السجال المؤسف،
ولم أكن أعرف بالتالي ما نشر. وأصرح بشرفي أيضا أني لم أسمع بالملفات التي
خصصها للصحافة المغربية، الإلكترونية والمكتوبة، ولم أطلع عليها بتاتا.
على سبيل المثال، كنت أستاذا زائرا في جامعة فرنسية سنة 2004. ليس في هذا
التصريح بالشرف أدنى إرادة تجاهل أو استصغار أو تجريح لإبراهيم محمود.
إنها الحقيقة، حقيقة بسيطة على إبراهيم محمود أن يتقبلها دون أن يشعر بأية
إهانة. فليخصص طاقته لأشياء أهم من البرهنة على أنني كنت أعرف اسمه
وأعماله. إنه مجهود مجاني.
من جهة ثانية، صحيح أني أرفض توظيف مفردات أخلاقية في تسمية وتحليل
ظواهر اجتماعية لأن عالم الاجتماع مضطر لأن يقطع مع لغة اليومي وأن يبني
مفاهيم خاصة. وهذا ما فعلت بصدد كلمة "دعارة" حين رفضتها سوسيولوجيا
وتبنيت مكانها مفاهيم العمل الجنسي أو العنف الجنسي أو الاستغلال الجنسي.
وهي مفاهيم ذات توجهات نظرية مختلفة. إن ذلك الفعل السوسيولوجي لا يمنعني
كمواطن من تبني أخلاق مدنية تؤمن بالشرف وتقوم عليه في المعاملات اليومية.
لا تعارض بين رفض الأحكام الأخلاقية المبطنة في بعض المفردات على صعيد
البحث العلمي وبين العمل بالأخلاق في العلاقات مع الآخر. ثم إن الأخلاق
ليست بالضرورة أخلاق دينية أو تقليدية أو أبيسية. في الواقع، ما رأى فيه
إبراهيم محمود تناقضا من طرفي ينم في نهاية التحليل عن خلطه بين الفعل
البحثي-العلمي وبين الأخلاق الشخصية. بكل صراحة، أستغرب وقوع إبراهيم
محمود في هذا الطرح الساذج. لكن ذلك لن يمنعني مستقبلا من الاطلاع على
أعماله، ولا شك في أن قراءتها ستغني معارفي الناقصة في حقل الجنس
والإسلام".