تعد سيارة تويوتا Prius (في اليمين) ـ وهي سيارة معدّلة ذات محرك احتراق داخلي يعمل بالگازولين ومعزز بمحرك كهربائي ـ مكافئة للسيارة SUV التجريبية للشركة نفسها (في اليسار) التي تعمل بخلايا وقودية هدروجينية. |
ويمكن الحصول على الهدروجين من الكهرباء الناجمة عن
إحراق الفحم، الذي يعد أرخص مصدر للطاقة في معظم أنحاء البلاد (الولايات
المتحدة). إلا أن النقاد يبدون خشيتهم من أن اعتبار الفحم المكون الأول
لاقتصاديات الهدروجين سيؤدي إلى تفاقم مشكلة الاحترار العالمي
global warming، من
خلال زيادة كميات ثنائي أكسيد الكربون المنطلقة إلى الجو، كنتيجة حتمية لاحراق
هذا الفحم.
يمكن الحصول على الهدروجين أيضا من ميثان الغاز
الطبيعي، ومن الميثانول أو سواهما من أنواع الوقود الهدروكربونية (انظر الشكل
في الصفحة 25). فالغاز الطبيعي يتفاعل مع بخار الماء معطيا الهدروجين وثنائي
أكسيد الكربون. لكن تغذية الخلايا الوقودية بهذا الهدروجين سوف تعيق استخدام
الغاز الطبيعي في أفضل مجال لاستخدامه في هذه الأيام وهو إحراقه في عنفات (توربينات)
الدورة المركّبة combined-cycle
turbines ذات الكفاءة العالية لتوليد الكهرباء،
مما يؤدي بدوره إلى استخدام مزيد من الفحم. ويمكن لمنشآت (وحدات)
plants الدورة المركبة أن تحول 60 في المئة من
الحرارة الناجمة عن إحراق الغاز الطبيعي إلى كهرباء، في حين تحول المنشأة التي
تعتمد على الفحم 33 في المئة فقط. كما ينجم عن إحراق الغاز الطبيعي ما يزيد
قليلا على نصف كمية ثنائي أكسيد الكربون التي تنجم عن إحراق الفحم لإنتاج كل
وحدة حرارية، إذ ينجم عن إحراق الغاز الطبيعي لإنتاج مليون وحدة حرارية
بريطانية 117 (Btu) رطلا من ثنائي أكسيد الكربون
مقابل 212 رطلا من هذا الغاز تنتج عند إحراق الفحم لإنتاج الكمية ذاتها من
الحرارة. وهكذا يؤدي إنتاج كيلوواط/ ساعة من الكهرباء، باستخدام منشأة حديثة
للغاز الطبيعي، إلى إطلاق ما يزيد قليلا على ربع كمية غاز ثنائي أكسيد الكربون
الناجم عن إنتاج هذا القدر من الكهرباء عن طريق إحراق الفحم. (يلاحظ أن
الگازولين يحتل موقعا وسطا بين الفحم والغاز الطبيعي، حيث ينطلق عن إحراقه 157
رطلا من ثنائي أكسيد الكربون لإنتاج مليون وحدة حرارية بريطانية). وخلاصة القول،
إنه من الأفضل بيئيا استخدام الغاز الطبيعي لإنتاج كهرباء الشبكات، وتوفير
الفحم، عوضا عن تحويله إلى هدروجين ولتوفير الگازولين.
هناك نوعان آخران من الوقود يمكن إنتاج الهدروجين
منهما بتحسينهما
(1) بالبخار steam
reformed وهما نفط ڤنزويلا أو الخليج العربي،
والفحم المستخرج من مناجم أپالاشيان Appalachian.
أما إنتاج الهدروجين من الوقود الأحفوري fossil
fuels وعلى نحو لا يسبب زيادة في إطلاق غاز ثنائي
أكسيد الكربون في الجو فيتطلب حبس هذا الغاز وعدم السماح له بالانطلاق إلى الجو.
ويفترض أن يكون هذا الإجراء أسهل من التقاط الكربون من ملايين مواسير (أنابيب)
السحب tailpipes، أو البديل من ذلك هو إحراق هذه
الأنواع من الوقود بصورة مباشرة.
مردود الطاقة الكلي: من البئر إلى العجلات
(****) إن الكفاءة الكلية للطاقة لا تتضمن فقط تلك اللازمة لتشغيل محرك السيارة، بل أيضا الطاقة اللازمة لإنتاج الوقود. ويُرى من هذا المنطلق أن استخراج النفط وتكريره ونقل الگازولين إلى محطات تزود به محركات السيارات ذات الاحتراق الداخلي هي في مجموعها أكثر كفاءة من إنتاج الهدروجين لاستخدامه في الخلايا الوقودية.
|
يقول
[الباحث
في مجال الطاقة بمختبر آرگون الوطني] "إن نظرة شمولية للموضوع تتعدى رؤيته فقط
من أحد جوانبه، قد ترى أن من الأفضل التخلص من منشآت الطاقة القائمة على حرق
الفحم، ذلك أنه وقود عالي المحتوى الكربوني." ويشكل الفحم مصدر توليد ما يزيد
على نصف كمية الكهرباء المنتجة في الولايات المتحدة، في حين يعد الغاز الطبيعي
مصدرا لعشرين في المئة منها تقريبا. أما ما تبقى فيتأتى من استخدام مصادر طاقة
أخرى خالية من الكربون، في مقدمتها المفاعلات النووية والكهرباء الناجمة عن
مساقط المياه hydroelectricity. وهكذا، فإن أي
جهد يبذل في اتجاه استبدال منشآت توليد الكهرباء التي تعمل على الفحم سوف
يستغرق على الأغلب عقودا من الزمن.
هذا ولو تحققت زيادة في إنتاج الهدروجين، فإن
الخلايا الوقودية لن تكون الاستخدام الأفضل لهذا الغاز. وقدّم شينّار> [أستاذ الهندسة الكيميائية في City
College بمدينة نيويورك] بحثا استعرض فيه بدائل
إنتاج الطاقة والوقود، واقترح بدلا من استخدام الهدروجين وقودا شيئا آخر أكثر
بساطة، ألا وهو زيادة استخدام عمليات التكسير الهدروجيني
hydrocracking والمعالجة الهدروجينية
hydrotreating التي تتيح للولايات المتحدة، وفق الحسابات التي أجراها،
توفير ثلاثة ملايين برميل من النفط يوميا. يُستخدم في كل من المعالجتين جزيئات
من النفط الخام التي لا تصلح لإنتاج الگازولين، نظرا إلى كبرها وارتفاع نسبة
الكربون إلى الهدروجين فيها لدرجة تجعل الكربون مكونها الأساسي. وعلى الرغم من
ارتفاع تكلفة هاتين المعالجتين، فإنهما مجديتان؛ إذ تتيحان لمصافي النفط المجال
لاستخدام مكوناته التي تعد عادة مصدر منتجات زهيدة الثمن مثل الأسفلت (القار)
asphalt ووقود المراجل
boiler fuel، وتحويلها إلى گازولين؛ وهو
ما يشبه تحويل شرائح لحم الرقبة chuck
steak الأقل جودة إلى شرائح لحم الخاصرة
sirloin steak
الشهية.
ماذا عن تكلفة التحويل؟(*****)
ونتساءل: إذا كان إنتاج الهدروجين عملية قذرة ومكلفة،
فهل يمكن لكفاءته الطاقية الكبيرة في موقع استخدامه أن تعوض عن هذه المساوئ؟
ومرة أخرى تبدو الإجابة عن هذا التساؤل معقدة.
يحتوي كل كيلوغرام من الهدروجين على كمية الطاقة
ذاتها التي يحتويها گالون من الگازولين العادي الخالي من الرصاص، وهذا يعني
الحصول على كمية الحرارة ذاتها تقريبا عند حرق هذين المقدارين من نوعي الوقود.
لكن محركات الاحتراق الداخلي والخلايا الوقودية تختلف في مقدرتها على استخلاص
العمل الفعال (القابل للاستخدام usable) من طاقة
الوقود هذه، حيث يتدفق معظم هذه الطاقة في المحرك عبر مواسير السحب على شكل
حرارة، يفقد بعضها بسبب الاحتكاك في داخل المحرك. ويتفق المؤيدون والمعارضون
على أن بوسع الخلية الوقودية أن تنتج من كيلوغرام من الهدروجين ضعف كمية العمل
(الشغل) التي ينتجها محرك من گالون من الگازولين. (أما في معدات الاستخدام
الثابت، مثل معدات الطوابق السفلى من الأبنية التي تستخدم الهدروجين المأخوذ من
الغاز الطبيعي وتحوله إلى كهرباء لتشغيل الأدوات المنزلية، فإن مردود هذا
التشغيل قد يزداد بسبب الاستفادة من الحرارة المتولدة من عمل الخلايا الوقودية
لتأمين احتياجات أخرى مثل تسخين ماء الحنفيات).
هناك في الحقيقة طريقة نظامية لتقييم موقع الاستخدام
الأمثل لكل نوع من أنواع الوقود، من خلال معيار جديد لتحليل الطاقة يطلق عليه:
من المنبع (البئر) إلى العجلات well-to-wheels،
ويتم بدلالته مقارنة مردود تحويل الطاقة في كل طريقة معروفة لتشغيل محرك
السيارة ودفع عجلاتها (انظر الشكل في الصفحة 23). يعد هذا المردود حجر الزاوية
في أداء هذا المعيار، لأن الطاقة الكامنة للوقود تفقد بعضا من قيمتها في كل
مرحلة من سلسلة عملية التحويل بدءا من ضخ النفط من باطن الأرض مرورا بتكريره
وانتهاء بإحراقه في المحرك.
الانبعاثات الكلية من السيارات(******)
تختلف انبعاثات غازات الدفيئة (ثنائي أكسيد الكربون وما يعادله) تبعا لتأثيرات العمليات التي تحصل في المحرك، ولمصدر الوقود. فالسيارات التي تعمل بالخلايا الوقودية لا تصدر بذاتها غازات دفيئة، لكن إنتاج الهدروجين يُعد مسؤولا عن انبعاثات كلية تزيد على انبعاثات محركات الاحتراق الداخلي التي تعمل بالگازولين. [وقد أظهرت حسابات وزارة الطاقة أن استخدام الإيثانول المأخوذ من الذُّرة corn لا يتسبب في إطلاق أي غاز دفيئة تقريبا، لأن الكربون الناتج منه تمتصه نباتات الذرة الجديدة].
|
يعرّف المهندسون أول مرحلة في عملية تحديد هذا
المعيار بعبارة: من المنبع إلى الخزان well-to-tank،
ويعنون بها مردود عملية تصنيع الوقود ونقله؛ فالغاز الطبيعي مثلا يفقد عند
تكسيره لإنتاج الهدروجين نحو 40% من كفاءة طاقته الأصلية؛ وذلك وفق حسابات مكتب
كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة (DOE)؛ في حين
تفقد كفاءة الطاقة الكهربائية التي تنقلها شبكات التوزيع 78% من قيمتها عند
استخدامها لتحليل الماء لإنتاج الهدروجين. وعلى الرغم من انخفاض كفاءة عملية
الكهرلة، فإن من المتوقع أن يغلب استخدامها في المراحل الأولى لإنتاج الهدروجين،
نظرا إلى سهولتها، حيث تنتج الهدروجين أينما دعت الحاجة إليه، متجنبة بالتالي
مشكلات نقله. ومقابل ذلك، فإن ضخ گالون من النفط الخام من باطن الأرض ونقله إلى
المصفاة وتحويله إلى گازولين ونقل هذا الأخير إلى محطات الوقود يفقده نحو 21%
من كفاءته الطاقية. أما إنتاج الغاز الطبيعي وضغطه في خزانات فيؤدي إلى فقدان
نحو 15% من هذه الكفاءة.
أما المرحلة الثانية من عملية تحليل الطاقة الكلي
فتعرّف بعبارة: من الخزان إلى العجلات tank-to-weels،
ويتم فيها تحديد ذلك الجزء من طاقة وقود خزان السيارة الذي يستخدم فعلا
في إدارة العجلات. فالگازولين، في محركات الاحتراق الداخلي التقليدية، يفقد 85%
من طاقته الموجودة في الخزان، عند إدارة هذه العجلات؛ وهكذا تبلغ قيمة الفاقد
الكلي في مرحلتي عملية تحليل الطاقة: من المنبع إلى الخزان ومن الخزان إلى
العجلات، 88% من الكفاءة الطاقية الأساسية للوقود.
أما الخلايا الوقودية فتحول نحو 37 في المئة من قيمة
طاقة الهدروجين إلى قوة محركة تدفع العجلات. فإن تأتى الهدروجين من تحسين الغاز
الطبيعي بالبخار، كان الفاقد في مرحلتي تحليل الطاقة نحو 78 في المئة؛ أما إن
كان مصدر الهدروجين تحليل الماء بالكهرباء المتولدة من حرق الفحم، فإن الفاقد
من المنبع (وهو هنا المنجم) إلى الخزان يبلغ 78 في المئة؛ كما يبلغ بعد مرور
الهدروجين عبر الخلية الوقودية نسبة أخرى تبلغ 63 في المئة، وبذلك يصل مجمل
الفاقد إلى 92 في المئة.
إنتاج الهدروجين(*******)
هناك طريقتان رئيسيتان معروفتان لاستخلاص الهدروجين (غير الموجود حرا بصورة طبيعية على الأرض). إحداهما الكهرلة (وهي تحليل الماء بالتيار الكهربائي) (في اليمين)، وتستخدم التيار الكهربائي لشطر جزيئات الماء، حيث تتجمع جزيئات الهدروجين على المهبط وجزيئات الأكسجين على المصعد وتُلتقط عنهما؛ أما الأخرى فهي التحسين ببخار الماء (في اليسار) ويجري فيها تسخين مركب هدروكربوني، مثل الميثانول CH3OH وتبخيره في غرفة احتراق مسخّنة. يعمل وسيط في تيار البخار المحسن على تكسير جزيئات بخار الماء والوقود، مشكلا مركبات جديدة منها الهدروجين الذي يُفصل ويؤخذ إلى خلية وقودية.
|
ويعرض [وهو
مهندس باحث في الشركة Aero
Vironment بمدينة مونروڤيا بولاية كاليفورنيا، الذي أسهم في تطوير
السيارة الكهربائية EV-1 التي أنتجتها شركة جنرال
موتورز وكذلك طائرة هيليوس الكهربائية الشمسية لناسا
NASA] طريقة أخرى لمقاربة الموضوع، إذ تظهر حساباته الخاصة بالسيارة
التي تستخدم محركا كهربائيا لتسييرها، أن كل كيلوواط/ ساعة يستخدم في إعادة شحن
بطاريتها يجعلها تسير ثلاثة أضعاف المسافة التي يمكن أن تقطعها إذا ما استخدمت
كمية الكهرباء هذه لإنتاج الهدروجين للخلايا الوقودية.
يظهر مجمل هذه الحقائق عدم جدوى استخدام الكهرباء
لإنتاج الهدروجين، ومن ثم العودة ثانية به لتوليد الكهرباء في خلية وقودية تعمل
تحت غطاء محرك السيارة under-the-hood.
ومع ذلك يبقى هناك دافع قوي يبرر اتباع عمليات التحويل المتعددة غير الكفؤة،
وهو دافع اقتصادي، وبخاصة أن موضوع التكلفة يظل العنصر الذي يتحكم في سوق
الطاقة حتى الآن. وذلك يعني أنه على الرغم مما يرافق النظام الهدروجيني من
فَقْدٍ كبير للطاقة، فلا يزال التفاوت كبيرا بين تكلفة الطاقة الناجمة عنه وتلك
الناجمة عن مصادر مختلفة، مما يبرر التوجه نحو النظام القادر على توفير الطاقة
بأقل تكلفة.
ويفسر [رئيس
الشركة Proton Energy
Systems، رئيس هيئة المديرين فيها، وهي شركة في
ولاية كونيكتكت تقوم ببناء آلات التحليل الكهربائي للماء] المنطق الاقتصادي كما
يلي: يبلغ السعر الحالي للفحم (وهو سعره الذي يتوقع أن يبقى على حاله لسنوات
قادمة) أكثر بقليل من 80 سنتا لإنتاج مليون وحدة حرارية بريطانية (Btu)؛
في حين يبلغ السعر الحالي للگازولين اللازم لإنتاج الكمية ذاتها من الوحدات
الحرارية 15.40 دولار (وفق سعر گالون الگازولين الذي يبلغ حاليا 1.75 دولار
أمريكي، والذي قد يبدو مرتفعا الآن، ولكنه سيكون سعرا رخيصا خلال أشهر أو سنين
قليلة). ومع أن عملية تحويل الطاقة الحرارية الكامنة في الفحم إلى طاقة حرارية
تحرك السيارة هي عملية بطيئة ومعقدة، فإنها تعطي في النهاية "خمرا وليس ماء،"
كما يقول <شرودر>. وهو يُشبِّه جهازه الذي يحلل الماء معطيا الهدروجين بآلة
المراجحة arbitrage
machine. ويطلق اسم "المراجحة" على ما تقوم به بنوك الاستثمار أو تجار
الأسهم أو السلع من الشراء بثمن بخس والبيع بسعر مرتفع؛ ولكنها تشير عادة إلى
الفروق الصغيرة بين سعر الأسهم أو قيمة العملة ما بين سوق وآخر. ويقول <شرودر>:
"لا يمكنك أن تضع سياسة معقولة من دون فهم مقدار الفروق الكبيرة في سوق الطاقة
عندنا."
كمية واحدة من الهدروجين بحجوم مختلفة(********)
يثير حمل الهدروجين (وهو أخف الغازات) في السيارات صعوبات عدة، كما يبدو من الحجوم المختلفة لبعض البدائل التي تؤمن تخزين 4 كيلوغرامات من هذا الغاز. وهو مقدار من الوقود يمكّن السيارة من قطع مسافة 250 ميلا. [تحمل هذه الكمية من الهدروجين مقدار الطاقة ذاته الذي تحمله أربعة گالونات من الگازولين. ولأن كفاءة الخلية الوقودية تبلغ ضعف كفاءة محرك الاحتراق الداخلي، فإن كمية الهدروجين هذه تتيح للسيارة قطع المسافة التي تقطعها بثمانية گالونات من الگازولين]. أما البدائل الحالية، بما فيها الخزانات التي يمكن تعبئتها بغاز الهدروجين المضغوط أو المُسيّل، فذات حجوم كبيرة. وقد يمكن لتقانات جديدة تستخدم هِدْريدات فلزية، أو سواها من مركبات الحالة الصلبة، أن تطلق الهدروجين بحسب رغبة المستخدم، ثم تعاد تعبئتها ثانية. ويرافق هذه الترتيبات فاقد طاقي بسبب التحولات الكيميائية التي تحدث فيها.
|
كيف ننقل الهدروجين؟(*********)
هناك مشكلة في توفير الهدروجين بتكلفة ملائمة وبخاصة
إن كان مصدره واحدا من مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة
المياه أو طاقة الرياح التي تتوافر في بعض مناطق البلاد فقط.
يعتبر <گارمان> [من مكتب كفاءة الطاقة والطاقة
المتجددة DOE] الهدروجين المنتج من طاقة الريح،
على سبيل المثال، منافسا للگازولين، إذا لم تتعد تكلفة إنتاج الكيلوواط/ ساعة
منها ثلاثة سنتات، وهو أمر ممكن في المناطق التي تهب الريح فيها على الدوام.
ويضيف: "إلا أن هذه الأمكنة غير مأهولة." ففي الولايات المتحدة تهب هذه الرياح
في حزام يمتد من مونتانا وداكوتا الشمالية والجنوبية إلى تكساس. وإذا ما أريد
نقل طاقتها إلى المستهلك فيجب حملها عبر مسافات طويلة تفقد خلالها قسطا منها من
جراء حملها في الشبكات. ويخلص <گارمان> إلى القول: "إنك لن تستطيع نقل
الإلكترونات خارج داكوتا الشمالية والجنوبية بسبب تقييدات هذا النقل. ويمكن لخط
أنابيب هدروجين أن يحمل طاقة الريح هذه إلى شيكاگو" وهي أقرب سوق لوقود
المحركات.
يمكن تحقيق ذلك إن أمكن عمليا بناءُ مثل خط الأنابيب
هذا. وإذا ما أخذنا بالاعتبار ضآلة كثافة الهدروجين، كان نقله أكثر صعوبة من
نقل الغاز الطبيعي مثلا. إن نقل حجوم كبيرة من أي غاز يتطلب ضغطه، وإلا فإن قطر
خط الأنابيب المستخدم سيكون مساويا قطر جسم طائرة. وتحتاج عملية الضغط إلى بذل
عمل يستهلك بدوره مزيدا من الطاقة يؤخذ من مجمل الطاقة المنتجة. وحتى مع هذه
الاعتبارات، فإن التعامل مع نقل الهدروجين يحتاج إلى عناية أكبر مما يتطلبه
التعامل مع غازات الوقود الأخرى. إن الهدروجين المضغوط لنحو 790 "ضغط جوي" ينتج
أقل من ثلث الطاقة التي ينتجها ميثان الغاز الطبيعي الواقع تحت هذا الضغط، وفق
ما أظهرته دراسة حديثة أجراها ثلاثة باحثين أوروبيين هم بوسيل> و و تيلر>.
وقد كشف <بوسيل> ورفاقه عن مشكلة أخرى، تتمثل في أن
الشاحنة التي تنقل 2400 كيلوغرام من الغاز الطبيعي إلى المستهلك لا تحمل له
أكثر من 288 كيلوغراما من الهدروجين المعرض للضغط ذاته. أو بتعبير آخر، إن نقل
الهدروجين، اللازم لتشغيل عدد السيارات التي يمكن تشغيلها بحمولة صهريج واحد من
الگازولين، يحتاج إلى 15 شاحنة إن كان الهدروجين في حالته الغازية وثلاث شاحنات
إن كان سائلا؛ ولكننا في هذه الحالة نحتاج إلى طاقة إضافية لإسالته. وقد تسْهل
عملية نقل الهدروجين على شكل ميثانول، يتم استخلاص الهدروجين منه في موقع
استخدامه في السيارة (انظر الشكل في الصفحة 25)، مما يتطلب بدوره بذل مزيد من
الطاقة، وبالتالي مزيد من التكلفة. وهذه الاعتبارات كلها تدفع إلى استخدام
الهدروجين في مواقع إنتاجه التي قد تكون بعيدة عن أسواق وقود المحركات الرئيسية.
وأيا كانت وسيلة إيصال الهدروجين إلى مواقع استخدامه،
فليس من السهل تجاوز الصعوبات التي تصاحب التعامل مع هذا الغاز المخادع الذي،
من مساوئه، سرعة اشتعاله. فالوقود الغازي يشتعل في مجال من تراكيزه يتراوح بين
حدين، أدنى وأعلى، وهذا المجال واسع جدا في حالة الهدروجين؛ إذ يراوح بين تركيز
أدنى قدره 2% وتركيز أعلى قدره 75%؛ في حين يشتعل الغاز الطبيعي فيما بين
التركيزين 5 و 15 في المئة. لذلك فإن تسرب الهدروجين أكثر خطورة من تسرب الغاز
الطبيعي بسبب سرعة اشتعاله في مجال واسع من تراكيزه؛ كما أن الطاقة الدنيا
اللازمة لهذا الاشتعال أقل كثيرا مما يلزم لإشعال الغاز الطبيعي.
وعندما يشتعل الهدروجين، فإنه يفعل ذلك بلهب غير
مرئي. وقد نشرت الوكالة ناسا دليل سلامة يوصي بالكشف عن هذا اللهب بحمل مِقشة
ذات يد طويلة، ومراقبة القش إذا ما اشتعل. ويقول أميريديس> [رئيس قسم الهندسة الكيميائية في جامعة كارولينا الجنوبية، حيث يُجري
القسم أبحاثا حول الخلايا الوقودية بتكليف من العديد من الشركات] "إنه لأمر
مخيف، أنك لا تستطيع رؤية اللهب. إن على سيارة الخلية الوقودية الناجحة التزود،
على الأقل، بمستويات الأمان والسلامة التي لديّ الآن." لذلك فإن قسطا رئيسيا
مما بذل من جهد في مجال تطوير عملية التزود بوقود الهدروجين، تركَّز على صنع
أجهزة إنذار تكشف أي تسرب لهذا الغاز.
دور مرتقب للهدروجين(**********)
غير أن عصر اقتصاديات الهدروجين قد يكون في طريقه
إلينا، على الرغم مما يعترضه من عقبات تقنية ومن صعوبات في البنية التحتية.
وستكون هذه الاقتصاديات عندها شبيهة باقتصاديات العطور التي يتميز سوقها بقلة
كمياتها على نحو لا يؤثر في سعر وحدتها. والفرصة ملائمة لينطلق هذا العصر من
خلال الهواتف الخلوية والحواسيب المحمولة، حيث لا يتأثر المستهلك من دفع 10
دولارات ثمنا لكل كيلوواط/ ساعة من الكهرباء التي تولدها الخلايا الوقودية.
وتتوقع دراسة حديثة عن صناعة هذه الخلايا أن تباع مثل هذه التجهيزات في
الحواسيب المحمولة في هذا العام (2004)؛ وقد تجد طريقها بعد ذلك إلى البيوت
التي يمكن تأمين احتياجاتها بخمسة كيلوواط من الكهرباء أو نحوها، وحيث يصبح
تحسين كفاءة الكربون أمرا مرغوبا فيه نظرا إلى وجود طلب كبير على الكهرباء في
كل ساعة من ساعات اليوم تقريبا. لكن خلايا الهدروجين قد لا تظهر بأعداد كبيرة
في الطرقات، حيث تحتاج السيارة الواحدة إلى نحو 50 كيلوواط لتشغيلها ساعتين فقط
في اليوم، مما يتناقض تماما مع ما يسعى إليه مهندس جيد عند تركيبه جهازا مثل
خلية وقودية، ذات تكلفة تشغيل منخفضة، لكن كلفتها عالية إذا ما حسبت على أساس
وحدة الإنتاج. ومع أن معظم الناس سمعوا عن الخلايا الوقودية بوصفها مصدرا بديلا
لتشغيل السيارات، فإن هذه الأخيرة ستكون الموقع الأخير الذي تغزوه هذه الخلايا
على نطاق تجاري.
وإذا كنا نريد إيجاد بدائل للنفط في مجال النقل،
فعلينا أن ننظر إلى مواقع أخرى قبل النظر إلى الهدروجين. أول هذه المواقع الغاز
الطبيعي المتوافر بمقادير كبيرة، والذي لا يحتاج استخدامه إلا إلى تقانات
محدودة؛ تليه الكهرباء، حيث العقبات التي تواجه تقانة البطاريات، على أهميتها،
أيسر حلا ومعالجة من مشكلات الخلايا الوقودية. ويمكن كذلك استخدام الميثانول
المستخرج من الفحم؛ وقد فعل الألمان ذلك في الأربعينات من القرن الماضي، ولا
ريب في أننا قادرون على فعل ذلك حاليا.
وأخيرا، إذا كنا، كمجتمع، نرغب حقا في دعم تطوير
مصادر بديلة للطاقة، مثل طاقة الرياح والخلايا الشمسية، فقد يوفر ذلك جزءا
كبيرا من الوقود الأحفوري الذي نستخدمه اليوم في نظام الشبكات الكهربائية. وإذا
ما عمدنا أيضا إلى ترشيد الاستهلاك، فإن مقادير كبيرة من الطاقة ستتوافر لنا
لاستخدامها في قطاع النقل الذي يعد المستهلك الأكبر للنفط في اقتصادنا والذي
يدفعنا للبحث عن بديل مثل الهدروجين.