'دستور زوين...!'

'دستور زوين...!'

'دستور زوين...!' No

إسماعيل عزام

Monday, June 20, 2011

لا
حديث في الأيام الأخيرة إلا عن الدستور،فبعد الخطاب الملكي الذي وضع
البنود العريضة للمراجعة الدستورية،قامت الدنيا ولم تقعد وهي تتحدث عن
الدستور المغربي الذي قالوا عنه بكونه دستور جديد يعطي دفعة ديمقراطية
جديدة للمملكة..

المشكل
في المسألة الدستورية بالمغرب هو أنها لا زالت في برج عالي عن فئات هامة
من المجتمع المغربي،فمن كانت قدراته الدراسية والمعرفية متطورة بشكل
ما،فقد استطاع على الأقل فهم أهم ما جاء في هذا الدستور،أما الغالبية
الكبرى من الشعب،حيث الأمية تنتشر بشكل مهول،وحيث تتحول المفاهيم السياسية
الى كلمات ملغومة حتى عند من تخرجوا من الجامعات المغربية،فالدستور ظل في
واد وهم في واد آخر،وعوض ان تفسر لهم الدولة هذا الدستور الجديد بشكل
يتفهم وضعية المجتمع المغربي،طالبتهم بالاستفتاء وبقول نعم على أشياء لم
يفهمونها..

كان
من الأجدى،ان يتم وضع مسافة طويلة شيء ما من الزمن بين مشروع الدستور وبين
الاستفتاء عليه،حتى يتم تقديم تبسيط لأهم مضامينه للناس بدل حثهم على قول
نعم لشيء لا يفهمون حتى معناه،وهذا الأمر هو ما عاينته ليلة الخطاب الملكي
حين سألت احد الناس ممن خرجوا للتعبير عن فرحتهم بالخطاب الملكي عن رأيه
في المشروع الدستوري الجديد،فأجابني بأنه "دستور زوين والله ينصر
سيدنا...!"

وبنظرة
متأنية على أهم بنود ومواد هذا الدستور،يتضح جليا وجود عديد من النقاط
الايجابية،فمثلا الفصل 22 الذي ينص على مناهضة التعذيب وعلى احترام
الكرامة الإنسانية،وكذلك الفصل 23 الذي يجرم الاعتقال التعسفي،ويحث على
ظروف اعتقال إنسانية،بالإضافة الى فصول الباب التاسع حيث يتم التنصيص على
استقلال القضاء..

طبعا
هذه نصوص متزنة من حيث التنظير،لكن يبقى التحدي المطروح هو في
تطبيقها،فمثلا هل سيتخلى الأمن الوطني عن كلمات السب والشتم التي يقذف بها
في وجه المغاربة بسبب وبدونه؟هل ظروف الاعتقال الإنسانية ستصير واقعا ان
نحن لم نذهب بعيدا وشاهدنا حالة رشيد نيني الذي منع من ابسط أدوات الكتابة
في زنزاته؟

من
جهة أخرى،كان لدي أمل في ان يتم تصحيح احد بنود الدستور القديم الذي يتحدث
عن إسلامية الدولة ويتم تغييرها بإسلامية البلد،وهو الأمر الذي كان قريبا
من التحقق بالنظر الى المسودة الأولى من الدستور التي تحدثت عن مدنية
الدولة المغربية ،لكن نظامنا أبى مرة أخرى إلا وان
يقوم بسياسة جبر الخواطر لمن يسميهم بالإسلاميين المعتدلين،فبقي الفصل كما
هو لأن "سي بنكيران" هدد بمقاطعة الدستور،كما لو هذا المغاربة فوضوا هذا
الرجل ليتحدث باسمهم،في حين ان خطاباته الغير المتزنة ومعارضته الصورية
لسياسة الدولة تجعل من شرعيته ضعيفة حتى عند الكثير من المنتسبين لحزب
المصباح..

ثم
أين هي المطالب السياسية التي رفعها الشارع المغربي منذ انطلاق
الاحتجاجات؟أين هو التنصيص على الانتقال الى الملكية البرلمانية التي
طالبنا بها مرارا وتكرارا؟أين هو إصلاح الجزء العلوي من الدستور المتعلق
بالصلاحيات المطلقة للملك؟كنت أتمنى شخصيا ان تتم الإشارة ولو بشكل مضمن
على ان المغرب في طريقه للانتقال الى هذا النوع من الحكم،وحتى لو كان
الأمر صعبا في هذه النسخة الحالية من الدستور،فلا مانع ان تتم الإشارة الى
ان مؤسسات الدولة ستبدأ عملية الانتقال التدريجي نحو الملكية البرلمانية
التي كانت أملنا منذ انطلاق حركة 20 فبراير،لكن خلافا للمتوقع،تم التنصيص
على نوع جديد من الحكم حاولت جاهدا فك طلاسمه دون
جدوى،فما معنى هذه التركيبة الرباعية لنظام الحكم بالمغرب حيث هناك ملكية
دستورية،ديمقراطية،برلمانية واجتماعية؟أليست هذه المادة فيها الكثير من
الجدل الذي كنا نراهن على اختفائه تماما كما حدث مع الفصل 19 الذي لم
يتغير بقدر ما تم تقسيمه الى فصلين جديدين؟؟

هناك
عدد من الأسئلة التي تطرح حول هذا الموضوع،وهي هل بمقدور المغاربة قول
"لا" فعلا لهذا الدستور؟؟هل يمكن للشعب المغربي معارضة أعلى سلطة سياسية
في البلاد والتي عبرت عن دعمها للدستور الحالي وحثت الشعب على قول كلمة
"نعم"؟هل وضعت الدولة في حسبانها إمكانية رفض هذا الدستور بحيث وضعت
برنامجا تعويضيا لصياغة دستور آخر؟؟هل تلك الاحتفالات الهائلة التي شهدتها
مدن المملكة مجرد احتفالات عفوية أم أنها رسالة الى من يهمه الأمر بكون
الدستور تم إقراره فعلا وان الاستفتاء مجرد إطار شكلي يصور للعالم ان
عملية وضعه كانت عملية ديمقراطية؟؟

في رأيي،أرى ان كل شيء قد حسم،فالدستور المعروض على الاستفتاء سيتم إقراره كدستور للمملكة
المغربية،وسيصوت اغلب المغاربة عليه بنعم ما دام قول "لا" غير موجود في
الثقافة المغربية وما دامت الدولة لم تلتزم بالحياد في عملية
الاستفتاء،أما من يعارض المشروع الحالي للدستور من 20 فبراير ومجموعة من
الأحزاب الداعمة وبعض الأشخاص هنا وهناك،فالأكيد ان الدولة لن تستمع إليهم
وستبقى معارضتهم مجرد ديكور يعطي الأمل بأنه لا زال هناك في المغرب من لا
يساير رغبة المخزن،وهو الأمل الذي سيجعلنا ننتظر لسنوات طويلة عسى ان يأتي
يوم تصرخ فيه غالبية الشعب"لا للدستور الممنوح.."
أما الآن ف"الدستور زوين..والله يزين أيام المغاربة أجمعين!".

» البشير: دستور السودان سيكون اسلاميا بنسبة 100 في المئة
» دستور "100 درهم"!!
» أربع سنوات بعد دستور 2011 .. هل تحسنت أحوال المغاربة؟
» دستور مغربي جديد: هل هو كاف للخروج من الأزمة
» الشعب يسود ويحكم.. دستور جديد في المغرب يقلص صلاحيات الملك

'دستور زوين...!'

'دستور زوين...!' :: تعاليق

'دستور زوين...!'

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة